في بصائر الدرجات ((ان الدين واصل الدين هو رجل
وذلك الرجل هو اليقين وهو الايمان وهو امام أمته وأهل زمانه فمن عرف عرف الله ومن
أنكره أنكر الله)). بصائر الدرجات - محمد بن الحسن الصفار - الصفحة
٥٤٩
بصائر الدرجات للصفّار رحمة الله عليه
من جملة أقدم كتب الأصحاب بصائر الدرجات لمحمد
بن الحسن بن فروخ الصفّار، والمتوفّى سنة 290 في
مدينة قم، كتاب يمكن أن يُقال فيه: إنّه من أوسع وأشمل الكتب التي تحدّثت عن
المعصومين (عليهم السلام) من جهات كثيرة، فهو يشتمل على أكثر من خمسمائة صفحة،
معظم أخباره في حال المعصومين (عليهم السلام) في حياتهم وبعد مماتهم وأنّهم معدن
العلم، وورثة الأنبياء، وأنّهم أهل الذكر وورثة الكتاب، وأنّهم حجة الله وباب
الله، وأنّهم شهداء الله على خلقه وغيرها من الأبواب الكثيرة الدالّة على عظم
شأنهم وعلوّ مرتبتهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
الإشكال الأول - أي أنّ الموجود هو كتاب الصفّار أو عدمه - فيمكن دفعه بشهرة
الكتاب وأنّ الكلينيّ قد روى عنه وكذا الصدوق في كتبه والعيّاشي وفي الاختصاص،
وأنّ أخباره على النحو الغالب مرويّة في تلك الكتب وغيرها إمّا لفظا وإمّا معنى،
وأنّه ما من علمائنا من شكّك بنسبة الكتاب إلى صاحبه، حتّى أنّ الحرّ قد روى عنه
في وسائله، ووصفه في البحار بأنّه من "الأصول المعتبرة" بعدما قال بحق
الكتاب والكاتب: "كتاب بصائر الدرجات للشيخ الثقة العظيم" فشهرة الكتاب
عند القدماء وروايتهم عنه والعمل بمضمون أخباره إلى أيامنا هذه دون نكير من أيّ من
علمائنا يكفي للاطمئنان بكون الموجود بين أيدينا هو كتاب الصفّار، وعلى من راجع
الكتاب وتصفّحه يرى أنّه ما من أخبار فيه شاذّة، فهو مميّز في ترتيبه، صحيح في
مضامينه، قوي سبكه، صحيحة أسانيده - أي: لا اضطراب فيها. فهو كتاب مشهور قوي كافٍ
للاعتماد عليه.
الإشكال الثاني -: إعراض ابن الوليد عن الكتاب - فلوضوح أنّ ابن الوليد كان
متشدّداً بما يحتمل فيه الغلو، ولذا كان يرى أنّ من يقول بعدم سهو النبي (صلى الله
عليه وآله) فهو مغالٍ، فالغلو بدايته - على رأيه - نفي السهو عن النبي (صلى الله
عليه وآله)، وهذا ما لم يركن إليه أحد في أيامنا هذه، بل اعترض عليه وعلى تلميذه
الصدوق الأصحاب كالمفيد وغيره في كتابة كتاب في الرد على شيخه، وبما أنّ كتاب
البصائر من بدايته إلى نهايته - على نحو الغالب - فيه أخبار عن فضائل المعصومين
(عليهم السلام) ومكانتهم وما يقدرون عليه من إحياء الموتى من الإنس والحيوان
وأنّهم يرجعون إلى الدنيا حيث يشاؤون وأنّ [أمير المؤمنين] عليا (عليه السلام) كان
يحاجج أبا بكر وعمر بالرسول الأعظم (صلوات الله عليه وآله) بعد وفاته وكان الرسول
يخاطبهم ويكلّمهم من قبره، وأنّ بعض الأصحاب للمعصومين كانوا يشتاقون لبعض الأئمة
(عليهم السلام) فكان الإمام الحاضر يريهم الإمام المتوفّى حاضراً وماثلا أمامه،
وأنّ الإمام المتوفّى كان يأتي الإمام الحي ويعظه أو يذكّره وهكذا، فلهذا كان ابن
الوليد يرى ذلك غلوّاً فأعرض عن خصوص كتابه هذا دون بقيّة كتبه، وليس ذلك للتشكيك
بنسبة الكتاب لصاحبه أبدا، ولذا روى النجاشيّ والشيخ الكتاب من غير طريق ابن
الوليد إليه، ولو كان هناك أدنى شك لظهر وبان، واشتهر أمره ولما صحّت روايته من
غير طريق ابن الوليد كما هو بيّن.
وقد تلخّص من كل ذلك أنّ كتاب البصائر من الكتب المشهورة والمعوّل عليها،
وقد اعتمده القدماء والمتأخّرون، وإعراض ابن الوليد لا يضرّ لما ذكرنا.
فَائِدَةٌ مُفِيدَةٌ كِتَاب بَصائِر الدَّرَجَات لِلشَّيْخ
الصَّفَّار
يَقُول آيَة اللَّه العضمى
السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ سَعِيد الْحَكِيم أَدَامَ اللَّهُ ظِلُّه
عَلَى أَنَّ كِتَابَ بَصائِر
الدَّرَجَاتِ مِنْ الْكُتُبِ الْمَعْرُوفَة الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى إسْنَادٍ ،
وَإِنَّمَا يُذْكَرُ السَّنَد لَهَا لِمَحْض التَّعَبُّد ، أَوْ التَّبَرُّكَ
بِاتِّصَال السَّنَد بالمعصومين عَلَيْهِمُ السَّلامُ . وَلَا سِيَّمَا مَعَ
تَأَيَّد الصَّحِيح بِبَقِيَّة الْأَخْبَار خُصُوصًا خَبَر عَلَاء بْنِ
الْفُضَيْلِ الَّذِي لَا يَخْلُو عَنْ اعْتِبَارِ ، لِأَنَّ ابْنَ سِنَانٍ وَإِنْ
ضَعُفَ إلاَ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ وثاقته فِي نَفْسِهِ وَإِنْ مَنْشَأَ الطَّعْنِ
فِيهِ رِوَايَتِه لمضامين تَوَهُّم الْغُلُوّ ، وَلَا سِيَّمَا مَعَ وُقُوعِهِ قي
أَسَانِيد كَثِيرٍ مِنْ رِوَايَاتٍ الْأَعْيَان الطَّاعِنِين عَلَيْه وَغَيْرِهِم
، إذْ لَا أَقَلَّ مِنْ وثوقهم بِالرِّوَايَات الْمَذْكُورَة لِقَرَائِن خاصة([1]).
عَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ
(عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ
:ثم انى أخبرك ان الدين واصل الدين
هو رجل وذلك الرجل هو اليقين وهو الايمان وهو امام أمته وأهل زمانه فمن عرف عرف
الله ومن أنكره أنكر الله ودينه ومن جهله جهل الله ودينه وحدوده وشرايعه بغير ذلك
الامام كذلك جرى بان معرفة الرجال دين الله والمعرفة على وجهه معرفة ثابتة على
بصيرة يعرف بها دين الله ويوصل بها إلى معرفة الله فهذه المعرفة الباطنة الثابتة
بعينها الموجبة حقها المستوجب أهلها عليها الشكر لله التي من عليهم بها من من الله
يمن به على من يشاء مع معرفة الظاهرة ومعرفة في الظاهرة فأهل المعرفة في الظاهر
الذين علموا أمرنا بالحق على غير علم لا يلحق باهل المعرفة في الباطن على بصيرتهم
ولا يضلوا بتلك المعرفة المقصرة إلى حق معرفة الله كما قال في كتابه ولا يملك
الذين يدعون من دونه الشفاعة إلى من شهد بالحق وهم يعلمون.
بصائر الدرجات - محمد بن الحسن الصفار - الصفحة
٥٤٩
تعليقات
إرسال تعليق