أنّ الضيافة الإلهيّة تختلف عن الضيافة البشريّة
لا يخفى أنّ الضيافة الإلهيّة
تختلف عن الضيافة البشريّة ، فإنّ النّاس في ضيافتهم يقومون بأمور الضيف وجلب رضاه
بألذّ الأطعمة وأجود الأشربة وأفضل المبيت وغير ذلک من الآداب والإكرام ، ولكن
الله سبحانه في ضيافته الرمضانية ، يأمر ضيوفه بالإمساک عن المفطرات من الأكل
والشرب والشهوة وغير ذلک ، إلّا أن ضيافته بعد الإمساک عن الطعام المادي هو ذكره
الجميل من الأدعية والقرآن الكريم (ولكلّ شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان)
والعلوم والمعارف العرشية بإلهامات ربانيّة ، فطعام الصائمين ذكر ربّ العالمين .
الضيافة الإلهيّة ملكوتية روحيّة أبدية
أن الضيافة الإلهيّة بدوائرها
المختلفة وبأقسامها المتفاوتة ليست ضيافة الأكل والشرب والنوم كما في الضيافة
البشريّة ، بل من جهة الأكل والشرب إنّما هي من الضيافة الإمساكيّة ، كما في الصوم
. وباعتبار النوم من ضيافة اليقظة (قائم ليله صائم نهاره).
والسّر في ذلک : إن الأكل والشرب
إنّما هما لتقوية الجسد ونموّه ورشده ، فضيافتهما ضيافة جسدية كما عند عامّة
النّاس ، وأمّا الضيافة الإلهيّة فهي من الضيافة الروحيّة التي هي من أمر الله
(قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) فتكون
الضيافة من عالم الأمر والغيب ، ومن عالم اللاهوت ، الجبروت والملكوت . من الذات
والصفات والأفعال والأسماء، ومن الإسم وإسم الإسم وإسم الإسم الإسم .
فالضيافة الإلهيّة ملكوتية روحيّة
أبدية تتصل بنعيم الجنان وجنّة الأسماء (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ
الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّکِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي
فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي) .
من احب الله تعالى لبى هذه الدعوة المباركة .
هذه الدعوة الإلهية دعوة تشريف وتكامل للإنسان
فمن احب الله تعالى لبى هذه الدعوة المباركة .
من خلال هذه الدعوة الإلهية للضيافة علينا أن نتعلم كيف نحب
الضيافة أولا ؟ ، وكيف يراعي أدابها ثانيا سواء كان ضيفا او مضيفا ؟
وقد استضافنا الله تعالى ضيافة خاصة في شهره المبارك : (
شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله ).
يقول احد العلماء : ( في هذا الشهر الجميع ضيوف عند الله
فما عليكم الا أن تفكروا في إصلاح انفسكم ، وتتوجهوا الى خالقكم ، استغفروا الله
من زلاتكم إذا كنتم لا سمح الله قد ارتكبتم ذنبا فتوبوا اليه ، وإياكم أن تصدر
منكم غيبة او تهمة او نميمة او اي ذنب لأنكم تسيئون آداب الضيافة ، وتدنسون أنفسكم
بالمعاصي، وانتم ضيوف الله سبحانه ، لقد
دعيتم الى الضيافة فهيئوا أنفسكم لهذه الضيافة الإلهية ، وتعلموا الآداب الصورية
الظاهرية على الأقل ، التزموا بهذه الآداب الآولية على الأقل فكما تمسكون عن
الطعام والشراب فأمسكوا عن الذنوب والمعاصي ، واحفظوا ألسنتكم عن الأقوال السيئة ،
واخرجوا من قلوبكم كل الصفات القبيحة .
لقاء المضيف
مادام لم يلتق الضيف بالمضِّيف، ولم يره، لا
يعتقد بأنه ضيف أبداً،
ويعتقد بأنه جاء سرقة، لذلك مادام لم يعرف صاحب
المنزل، لابد يحتاط كثيراً، لكن عندما يعرف صاحب المنزل ويراه، يصبح أي شيء يريده
يأكله، ووظيفة الضيف الوحيدة هي إنه أي شيء قاله صاحب المنزل يعمل به، وأن يأخذ أي
شيء أعطاه إياه، وأن لا يقول قليل، أو يقول أريد شيئاً آخر.
ضيوفاً بصورة كاملة
عندما نصبح ضيوفاً من الجميل أن
نصبح ضيوفاً بصورة كاملة.
شهر رمضان شهر الله وشهر ضيافة
الله، إذا كانت معاملتك بصورة دائما مع الله، ستكون كل الشهور بالنسبة لك هي شهر
الله،
وستجدوا أن نفوسكم دائما في ضيافة
الله، وأنفاسكم فيه تسبيح ونومكم عبادة وأعمالكم مقبولة ودعائكم مستجاباً.
تعليقات
إرسال تعليق