لماذا
السبب الأول: المصاب عند الله
تعالى عظيم وجليل
لمعرفة
ان المصاب عظيم وجليل عند الله عزوجل يكفي ذلك في مراجعة النصوص الوحيانية ونحن
نستعرض بعضها .
وعلى ذلك
شواهد كثيرة ونشير الى بعضها
الشاهد
الاول:«أَشْهَدُ اَنَّ دَمَکَ سَکَنَ فِي الْخُلْدِ، وَاقْشَعَرَّتْ لَهُ اظِلَّهُ
الْعَرْشِ، وَبَکي لَهُ جَميعُ الخلائق، وَبَکَتْ لَهُ السَّمواتُ السَّبْعُ،
وَالْأَرَضُونَ السَّبْعُ، وَما فيهِنَّ وَما بَيْنَهُنَّ، وَمَنْ يَتَقَلَّبُ في الجنة
وَالنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنا، وَما يُري وَما لا يُري»([1]).
الشاهد
الثاني: في زيارة الناحية الشريفة: «وأُقيَمتْ لك المآتم في أعلى عليّين، ولطمت
عليك الحور العين، وبكت السماء وسكّانها، والجنان وخزّانها، والهضاب وأقطارها،
والأرض وأقطارها والبحار وحيتانها، ومكّة وبنيانها، والجنان وولدانها، والبيت
والمقام، والمشعر الحرام، والحلّ والإحرام».
الشاهد
الثالث: في كامل الزيارات :عن زُرارَةَ «قال : قال أبو عبدالله × : يا زُرارَة إنَّ السّماء بكت على الحسين
أربعين صباحاً بالدَّم ؛ وإنَّ الأرض بَكَتْ أربعين صباحاً بالسَّواد ؛ وإنَّ
الشَّمس بَكَتْ أربعين صباحاً بالكُسوف والحُمرَة ؛ وإنَّ الجبال تَقَطعتْ
وانْتَثَرتْ؛ وإنَّ البحار تَفجَّرت ؛ وإنَّ الملائكة بَكَت أربعين صباحاً على
الحسين × ، وما اخْتَضبتْ منّا امرءةٌ ولا
ادَّهَنتْ ولا اكْتَحَلتْ ولا رَجَّلتْ حتّى أتانا راس عبيدالله بن زياد ، ومازلنا
في عَبرةٍ بعده ، وكان جدِّي إذا ذكره بكى حتّى تملأ عيناه لحيته ، وحتّى يبكي
لبكائه ـ رحمة له ـ مَن رَآه ، وإنَّ الملائكة الَّذين عند قبره ليَبكون ، فيبكي
لبكائهم كلُّ مَن في الهَواءِ والسَّماء من الملائكة ، ولقد خرجتْ نفسه عليه
السلام فزَفَرَتْ جهنَّمُ زَفْرَةً كادتِ الأرض تنشقّ لزَفْرَتها ، ولقد خَرَجتْ
نفسُ عبيدالله بن زياد ويزيدَ بن معاويةَ [لعنهم الله] ، فشَهِقَتْ جهنَّم شَهْقَة
لولا أنَّ الله حبسها بخزّانها لاُحْرقتْ مَن على ظهر الأرض مِن فَورها ، ولو يؤذن
لها ما بقي شيء إلاّ ابْتلَعتْه ، ولكنّها مأمورةٌ مصفودَةٌ ولقد عَتَتْ على
الخُزَّان غير مرَّةٍ حتّى أتاها جبرئيل فضربها بجناحِه فَسَكَنتْ ، وإنّها لتبكيه
وتَنْدُبه ، وإنّها لتتلظّى على قاتِله ، ولولا مَن على الأرض مِن حُجَج الله
لنقضتِ الأرض وأكفأتْ [بـ]ـما عليها ، وما تكثر الزَّلازل إلاّ عند اقتراب
السّاعة؛..([2]).
الشاهد
الرابع: ولم تُعرف الحمرة في السّماء إلاّ يوم قتْل الحسين ×.
قال ابن
الجوزي: كلّ واحد من النّاس إذا غضب أثر الغضب في وجهه. ولمّا تنزّه الحقّ جلّ
شأنه على الجسميّة أظهر تأثير غضبه على مَن قتل الحسين × بحمرة الأُفق؛ إظهاراً لعظيم الجناية.
البكاء على الحسين × سنّة
إلهيّة تكوينيّة
من
الامور التي تخبرنا بها كتب الفريقين، وهي حصول بعض الظواهر في الكون المرافقة
لبعض الأحداث، فهذا ابن عساكر ينقل لنا، بأسانيد متّصلة الكثير من الروايات التي
تدلّ على أنّ السماء بكت دماً عبيطاً، وتغيير لونها حتّى أصبح أشدُّ حمرة ببكائها
على الحسين × ، وأنّ جدران المدينة، وبيوت العراق كانت تصطبغ باللون الأحمر، وتبقى
لشهور تدمي على سيّد الشهداء، وما رفع حجر في أرض فلسطين إلّاووجد تحته دماً
عبيطاً ، فهذه الظواهر تدلّ بوضوح على أنّ البكاء والندبة على سيّد الشهداء إنّما
هو سنّة إلهيّة. وكذلك الطبري في تفسيره في ذيل سورة الدخان عند قوله تعالى: (فَما
بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ)
ولا
يلتفت لقول القائل كيف يصحّ بكاء السماء والأرض على شخص، لأنّهنّ عديمات الشعور،
وإنّما البكاء يختصّ بمن له هذه الصفة؟
وكأنّ
هذا القائل قد تجاهل الكثير من الآيات القرآنيّة المباركة التي تبيّن لنا أنّ جميع
الموجودات تحمل شعوراً خاصّاً بها، وإن خفي علينا، فيقول تعالى: (وَ إِنْ مِنْ
شَيْ ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) ،
فلا يصحّ وصفها بالتسبيح إذا لم تكن تحمل شعوراً معيّناً، فالمقتضي إذاً موجود
ولكن المانع موجود أيضاً- وهو عدم القدرة البشريّة للاطّلاع على هذا التسبيح- وهذا
ما تؤكّده الروايات الواردة عن بيت العصمة والطهارة ^ .
السبب الثاني: الثواب المعقود
لأجل البكاء والتباكي
ان
الحديث عن روايات البكاء كثيرة جدا حتى قال شيخنا المحقق السند دامت بركاته: البكاء
: أحد أقسام الشعائر الحسينيّة ، ولأهمّيّته عقدَ المرحوم الشيخ المجلسي (قدِّس
سرّه) ـ في كتابه بحار الأنوار ـ باباً خاصّاً للبكاء على مصيبة سيّد الشهداء ،
وقد جمعَ في ذلك الباب ما يزيد على الخميس طريق أو رواية ، وأيضاً عقدَ باباً آخر
، وهو باب (ثواب مَن أنشدَ في الحسين عليه السلام شِعراً).
وقد عقدَ
الشيخ الحرّ العاملي بدوره في كتاب وسائل الشيعة ، كتاب المزار ، آخر كتاب
الحجّ ، باباً جمعَ فيه بالتحديد عشرين
رواية أو طريق في ثواب البكاء ، وهناك أبواب أُخرى ذَكرها صاحب الوسائل تقرب من
أربعين باباً (في أبواب المزار) ، اشتملت على أقسام عديدة في الحثّ على الشعائر
الحسينيّة ، من قبيل : زيارته (عليه السلام) ، وإقامة المأتم عليه ، والبكاء ،
وإنشاء الشِعر وإنشاده وغيرها.
وهذه
الروايات ـ التي جَمعها صاحب الوسائل في باب 66 ـ ليست هي الروايات الوحيدة التي
وردت في البكاء ، بل الأبواب الأخرى أيضاً متضمّنة لذلك ، حيث فيها روايات عديدة
متعرّضة لأمور أخرى ، ثُمّ تُعرّج على البكاء نحوٍ أو بآخر.
وكمحاولة
لجمع الروايات في هذا الباب فهي تقرب من خمسمائة رواية.
أمّا
كتاب مُستدرك الوسائل للمحقّق الشيخ النوري (قدِّس سرّه) ، فقد نقلَ في أبواب
المزار روايات تطرّقت لموضوع البكاء بطرق
عديدة ، سواء كانت تحت عنوان البكاء مباشرة ، أو تحت عناوين أخرى أيضاً واردة
لمناسبة أو أخرى ، إلاّ أنّها تتعرّض للبكاء.
ومن
الكتب التي تطرّقت لهذا البحث : كتاب كامل الزيارات لابن قولويه ، شيخ الطائفة في
عصره (جعفر بن محمد القمّي) المعروف ، وهو أستاذ الشيخ المفيد ([3]).
ونحن
نذكر على نحو الاختصار لبعض الروايات
عن أبي
هارون المكفوف، قال: قال أبو عبد الله (× ): «مَن ذُكِرَ الحسين عنده فخرج من عينه
من الدمع مقدار جناح ذباب كان ثوابه على الله، ولم يرضَ له بدون الجنة» [[4]]
وعن
الإمام الرضا (×): «فعلى مثل الحسين فليبكِ الباكون، فإنَّ البكاء عليه يحطُّ
الذنوب العظام» [[5]].
وعن
بكربن محمّد الأزدي، عن أبي عبداللّه × قال للفضيل: «تجلسون وتتحدّثون»؟
قال:
نعم، جعلت فداك.
قال:
«إنّ تلك المجالس أُحبّها، فأحيوا أمرنا يا فضيل، فرحم اللّه من أحيى أمرنا، يا
فضيل من ذَكرنا أو ذُكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبة
ولو كانت أكثر من زبد البحر»([6]).
في
(المنتخب) رُوي أنّه لمّا أخبر النبيّ | ابنتَه فاطمه بقتل ولدها الحسين وما يجري عليه
من المحن، بکت فاطمة عليها السلام بکاءاً شديداً، وقالت: «يا أبي، متي يکون ذلک؟»،
قال صلي الله عليه وآله: «في زمانٍ خالٍ منّي ومنکِ ومِن عليّ». فاشتدّ بکاؤها،
وقالت: «يا أبه، فمَن يبکي عليه؟ ومَن يلتزم بإقامة العزاء له؟»، فقال النبي | :
«يا فاطمة، إنّ نساء أُمّتي يبکون علي نساء أهل بيتي، ورجالهم يبکون علي رجال أهل
بيتي، ويجدّدون العزاء جيلاً بعد جيل في کلّ سنة، فإذا کان يوم القيامة تشفعين
أنتِ للنساء وأنا أشفع للرجال، وکلّ مَن بکي منهم علي مصاب الحسين أخذنا بيده
وأدخَلْناه الجنّة. يا فاطمة، کلُّ عينٍ باکية يوم القيامة، إلّا عين بکت علي مصاب
الحسين، فإنّها ضاحکة مستبشرة بنعيم الجنّة» ([7]).
وفي
(المنتخب) أيضاً، رُوي أنّ فاطمه الزهراء عليها السلام ندبت ولدها الحسين من قبل
أن تحمل به، ولقد ندبته بالغريب العطشان، البعيد عن الأوطان، الظامي اللهفان،
المدفون بلا غُسلٍ ولا أکفان، ثمّ قالت لأبيها: «يا رسول الله، مَن يبکي علي
وَلديالحسين مِن بعدي؟»، فنزل جبرائيل من الربّ الجليل يقول: إنّ الله (تعالي)
يُنشئُ له شيعهً تندبه جيلاً بعد جيل. فلمّا سمعَت کلام جبرائيل سکن بعضُ ما کان
عندها من الوجل ([8]).
السبب
الثالث: بكاء الأنبياء ^ على سيد الشهداء ×
روى في
«الدر الثمين» في تفسير قوله: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} أنّه رأى ساق العرش وأسماء النبي | والأئمّة ^ ، فلقّنه جبرئيل × : قل يا حميد بحقّ
محمّد، يا عالي بحقّ علي، يا فاطر بحقّ فاطمة، يا محسن بحقّ الحسن والحسين ومنك
الإحسان. فلما ذكر الحسين × ، سالت دموعه، وانخشع قلبه، وقال: يا أخي يا جبرئيل،
في ذكر الخامس ينكسر قلبي ويسيل عبرتي.
قال
جبرئيل × : ولدك هذا يصاب بمصيبة، تصغر عندها المصائب. فقال: أخي ما هي؟
قال:
يقتل عطشاناً غريباً، وحيداً فريداً، ليس له ناصر ولا معين، ولو تراه يا آدم وهو
يقول: واعطشاه، واقلّة ناصراه، حين يحول العطش بينه وبين السماء كالدخان، فلم يجبه
أحد إلّا بالسيوف وشرب الحتوف، فيذبح ذبح الشاة من قفاه، وينهب رحله أعداؤه وتشهر
رؤوسهم هو وأنصاره في البلدان، ومعهم النسوان، كذا سبق في علم الله الواحد
المنّان، فبكى آدم وجبرئيل × بكاء الثكلى
([9]).
ورُوِيَ
أنّ نوحاً (× ) لمّا ركب في السفينة
طافت به جميع الدنيا، فلما مرَّت بكربلاء أخذته الأرض، وخاف نوح الغرق فدعا ربّه
وقال: إلهي طفت جميع الدنيا، وما أصابني فزع مثل ما أصابني في هذه الأرض. فنزل
جبرائيل وقال: يا نوح، في هذا الموضع يُقتل الحسين (× ) سبط محمّد خاتم الأنبياء،
وابن خاتم الأنبياء، فقال: ومن القاتل له يا جبرئيل؟ قال: قاتله لعين أهل سبع
سموات وسبع أرضين، فلعنه نوح أربع مرات فسارت السفينة حتى بلغت الجوديّ، واستقرّت
عليه»([10]).
الفضل بن
شاذان، قال: سمعت الرضا × يقول: «لما أمر
الله عزّ وجلّ إبراهيم × أن يذبح مكان ابنه اسماعيل، الكبش، الذي أنزل عليه، تمنّى
إبراهيم أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده، وأنّه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه، ليرجع
إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعزّ ولده عليه بيده، فيستحقّ بذلك
أرفع درجات أهل الثواب على المصائب.
فأوحى
الله إليه: يا إبراهيم، من أحبّ خلق إليك؟
فقال: يا
رب، ما خلقتَ خلقاً هو أحب إليّ من حبيبك محمّد | فأوحى الله إليه: أفهو أحبّ
إليك، أم نفسك؟
قال: بل
هو أحبّ إليّ من نفسي.
قال:
فأوحى الله إليه: فولدك أحبّ إليك، أم ولده؟ قال: بل ولده.
قال:
فذبح ولده ظلماً على يد أعدائه أوجع لقلبك؟ أم ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟
فقال: يا
رب، بل ذبح ولده ظلماً على يد أعدائه أوجع لقلبي. قال: يا إبراهيم، فإنّ طائفة
تزعم أنّها من اُمّة محمّد | ، ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلماً وعدواناً، كما
يذبح الكبش، ويستوجبون بذلك سخطي.
فجزع إبراهيم
لذلك، وتوجّع قلبه، وأقبل يبكي، فأوحى الله إليه:
يا
إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك، بجزعك على الحسين × وقتله،
وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب»([11]).
رُوي أنّ
عيسى (× ) كان سائحاً في البراري، ومعه الحواريّون، فمرّوا بكربلاء فرأوا أسداً
كاسراً قد أخذ الطريق، فتقدّم عيسى إلى الأسد فقال له: لِمَ جلست في هذا الطريق؟..
فقال الأسد بلسان فصيح: إنّي لم أدع لكم الطريق حتى تلعنوا يزيد قاتل الحسين (× )...
فرفع عيسى (× ) يديه ولعن يزيد ودعا عليه وأمَّن الحواريّون على دعائه فتنحَّى
الأسد عن طريقهم ومضَوْا لشأنهم([12]).
وروى
انّه لمّا أمر موسى (× ) بلقاء خضر (× ) والتّعلّم منه كان أوّل ما تذاكروا فيه هو
انّ العالم حدّث موسى (× )بمصائب آل محمّد (× ) فبكيا واشتدّ بكاؤهما.
سر
بكاء الأنبياء ^
على الامام الحسين ×
الحب لا
يعرف البعيد والقريب ولا الزمان والمكان بمجرد ما يتحقق ما يتلأم مع النفس في طلب
كمالها تجد القلب يتوجه الى ذلك المحبوب وعلى هذا شواهد من التاريخ
النبي إبراهيم × من شيعة أمير
المؤمنين ×
ورد عن
الصادق × في تفسير قوله تعالى: وَ إِنَّ
مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ على ما رواه
في تأويل الآيات بالإسناد: «إنّ اللّه لما خلق إبراهيم × كشف له عن بصره، فرأى أنوار النبي | و الأئمة ^ فقال: إلهي! ما هذه الأنوار؟ فقيل له: إنها
أنوار صفوتي من خلقي و خيرتي من بريتي، ثم قال إبراهيم: الهي و سيدي! أرى أنوارا
قد أحدقوا بهم لا يحصي عددهم إلّا أنت، قيل: يا إبراهيم! هؤلاء شيعتهم، شيعة أمير
المؤمنين × ، قال إبراهيم: اللهم اجعلني من شيعة أمير المؤمنين × ، قال: فأخبر
اللّه تعالى في كتابه فقال: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ ([13]).
يا زليخا كيف تؤمنين به و لم
تريه؟
عن
الائمة ^ انّ زليخا أرادت ان تقف يوما على
طريق يوسف تشكو اليه الحاجة فقالوا لها: انّك فعلت ما فعلت معه و نحن نخاف عليك
منه فقال زليخا: لكنى لا أخاف منه لانّى رأيته يخاف اللّه و أنا لا أخاف من يخاف
اللّه فوقفت على طريقه فلما قرب منها قالت: يا يوسف بحق اللّه الذى جعل العبيد
بطاعتهم له ملوكا و جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا (قف ظ) فوقف لها يوسف فقال لها: ما
حملك على الامر الذى أردته منى؟ فقال: حسنك و جمالك و إنه ليس كان فى مصر مثلى فى
الحسن و كان زوجى عنّينا فقال لها يوسف: يا زليخا كيف لو رأيت نبيا يكون فى آخر
الزمان اسمه محمّد صلى اللّه عليه و اله يكون أحسن منى وجها و أسمح كفّا فقالت:
آمنت بذلك النبى و صدّقت به فقال: كيف تؤمنين به و لم تريه؟ قالت: لانّك لما ذكرت
إسمه وقع حبّه فى قلبى فاوحى اللّه سبحانه جبرائيل عليه السّلام الى يوسف لما صدقت
زليخا نبيى و لم تره أعطيتها ما تسئل فقال لها يوسف: يا زليخا هذا جبرئيل يقول
اسئلينى ما أردتنى فقالت: اسئل خصالا ثلاثا الاولى ان يرجع الىّ شبابى الثانية أن
تكون أنت زوجى الثالثة أن أكون معك فى الجنة فمسح جبرائيل
جناحه عليها فصارت إلى شبابها فزوّجها جبرائيل يوسف و تكون فى الجنّة معه ([14]).
يقول العاشق والمحب لسيد الشهداء × کربلائی أحمد
ميرزا حسين علي الطهراني +:للبكاء على الإمام الحسين × آثار عجيبة إذا كان بإخلاص.
إن أثر البكاء الأول هو أنه يزيد في الحب والبغض، وليس الدين إلا الحب والبغض([15]).
و يقول الشيخ حسين خوش لهجة حفظه الله:بدايةً البكاء
على أربعة أوجه:
1_ البكاء عن وجود مشكلة والتي ليس لها ثمرة ونتيجة،
وهو عن غصة باطنية!
2_ البكاء عن عجز وحاجة أهل البيت ^، وهذا كفر
بالولاية!
لماذا؟ لأن أمر الخليقة بيد ولي الله وهو على ما سوى
الله أمير. الخليقة في كفه الكافية، والقول بأن الإمام الحسين × عاجز ومحتاج هذا
لأجل عدم المعرفة.
3_ البكاء عن حب النفس. إذا كان البكاء لأجل مغفرة
الذنوب أو لقضاء الحاجات، هذا البكاء ليس له كثير من الثمرة والنتيجة بل هو ناشئ
عن حب النفس وليس باعثاً على رشدك وتكاملك، لماذا؟
لأن بكاءك ليس إعلاناً عن حبك بل لأجل مغفرة الذنوب
أو لقضاء الحاجات، وهذا البكاء ليس ثمرة لحبك ومعرفتك.
4_ البكاء عن حب ومعرفة أيْ البكاء الذي بمعرفة
وإدراك، وهو الذي يطفئ نار جهنم. ولنعلم أن الولاية هي هدف ومقصد الله وهي عَلَمُ
هداية الخلق، وهي صراط الله المستقيم وولي الله، وببيان الزيارة الجامعة:
{مَنْ أَرادَ اللَّهَ بَدَأَ بِكُمْ، وَمَنْ
وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ، وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ بِكُمْ}.
هكذا كانوا وقد وجهوا إهانة لمقام الولاية الشامخ في
هذه الدنيا ونحن نبكي لأنه لماذا لم تعرف الناس قدر وقيمة الأئمة ^ ووجهوا الإهانة
للولاية صاحبة المقام الشامخ؟!
بمعنى أن البكاء هو الباعث والموجب لرشدك وكمالك
الذي يكون عن معرفة ويقين وهو مظهر لاتصالك. نعم، هذا البكاء هو مطفئ نار غضب وقهر
الله وموجب لمغفرة الذنوب. نعم، هذا البكاء مترافق مع بكاء الإمام صاحب الزمان #،
لماذا؟ لأن القيمة والشيء المهم في الحقيقة هو إظهار عظمة الولاية في الخليقة.
إذاً خلاصة البكاء هو بكاء، وهو مورد تأييد الآيات
والروايات الذي هو عن معرفة وإدراك، وهو إعلام حب لمقام الولاية الشامخ. وبالمعرفة
وبحرقة عشق القلب وتبلوره تجري الدموع من العين، طبعاً هذا هو البكاء الذي يطفىء
نار غضب وقهر الله([16]).
[1] /الزيارة المطلقة للأمام
الحسين × الأولى مفاتيح الجنان
[2] / كامل الزيارات - جعفر بن
محمد بن قولويه - الصفحة ١٦٨
[3] / الشعائر الحسينية بين
الأصالة والتجديد الصفحة 255
[4] / وسائل الشيعة: ج 14، ص
507، ح 14.
[5] / وسائل الشيعة، ج 14، ص
504، باب استحباب البكاء لقتل الحسين وما أصاب أهل البيت (عليهم السلام) وخصوصًا
يوم عاشوراء واتخاذه يوم مصيبة، وتحريم التبرك به، ح 8.
[6] / - بحار الأنوار 44: 282،
حديث 14.
[7] / المنتخب للطريحي: 1/ 29
المجلس 2.
[8] / المنتخب للطريحي: 1/ 107
المجلس 6.
[9] / بحار الأنوار 44: 245
حديث 44.
[10] /لمجلسي، بحار الأنوار،
ج44، ص243.
[11] / بحار الأنوار 44: 225
حديث 6، عن عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام 1: 209 باب 17.
[12] /لمجلسي، بحار الأنوار،
ج44، ص244.
[13] / تفسير الصراط المستقيم،
ج 3، ص: 252.
[14] / لئالى الأخبار، ج 1، ص:
262.
[15] / ملكوت الحسين صلوات الله
عليه في المعارف الإلهية الحسينية العرفانية ص147
[16] / ملكوت الحسين صلوات الله
عليه في المعارف الإلهية الحسينية العرفانية ص136
تعليقات
إرسال تعليق