القائمة الرئيسية

الصفحات

لماذا البكاء على الامام الحسين عليه السلام (3)

 




السبب السابع :  برنامج تربوي روحي

يقول أمير المؤمنين (عليه السلام  ) يا أبا عبد الله أسوة أنت قدماً يعني أن الحسين (عليه السلام ) تأثيره ليس فيما بعد واقعة عاشوراء بل قبل، حيث علم به الأنبياء والأوصياء، فماذا صنع بهم الحسين لكي يكون لهم أسوة؟!

حيث أن الله عز وجل كان يوحي ويقص على الأنبياء ما يجري على سيد الشهداء (عليه السلام ) في واقعة عاشوراء لكي يعضهم ويربيهم على الصبر وعندما يستعرض لهم واقعة عاشوراء كان يأخذهم البكاء، وهذا نوع من الآلية والبرنامج التربوي من الله عز وجل لأنبيائه كي يكامل بهم إلى المعالي، ومن هنا كانت مواقف سيد الشهداء في الطف التي هي بالقياس للأنبياء مستقبل.

وبذلك أصبح سيد الشهداء (عليه السلام) بهذا التقدير من الله عَزَّ وَجَلَّ منذ القدم إماماً للأنبياء والرسل لما سيقوم به، وليس يقتصر ذلك على جانب الصبر والتحمل في الدين وجانب الإخلاص والخلوص وغير ذلك من الكمالات العظيمة، ولكن أيضا أحد الجوانب الأخرى وهو أن بكاء الأنبياء على سيد الشهداء (عليه السلام) نفسه هو برنامج تربوي روحي، فكما يبكون خوفاً من الله فبكائهم حزناً على الحسين يكامل ذلك البكاء( [1]).

 

السبب الثامن: اعلى درجات القرب

وما نال ما ناله الأنبياء والمرسلون ، وملائكة الله المقربون من المقام عند الله والجاه الكبير لديه الا بالارتباط بالإمام الحسين ×   والبكاء عليه والمواساة معه ، ولعل هذا كان هو السر الكامن وراء ما جاء في الروايات من أن الله تبارك وتعالى كان يبين لانبيائه ورسله ، وكذلك لملائكته واهل سماواته ، مصائب الإمام الحسين عليه السلاموما يجري عليه قبل أن يتحقق شيء منها في الخارج حتى يحصل لهم الارتباط بالإمام الحسين عليه السلامعبر البكاء عليه والتوسل به والمواساة معه ، فينالوا بذلك القرب عند الله والمقام الرفيع لديه ، وقد اخبر جبرئیل وبأمر من الله تعالى الرسول الكريم جد الامام الحسين عليه السلام  مرارا بخبر شهادة الإمام الحسين عليه السلامحتى انه عندما جاء جبرئيل هو والملائكة يبشرونه بولادة سبطه الإمام الحسين عليه السلامعزوه في نفس الوقت بشهادته ايضا . وفي كل مرة ينقلب حال الرسول |   وينكسر قلبه ويفيض دمعه ، كل ذلك حتى يحصل الرسول | على مقام ارفع وقرب أقرب من بقية الأنبياء والمرسلين لدين الله تبارك وتعالى ، وكذلك كان بيان رسول الله ان مصائب الإمام الحسين عليه السلام   وما يجري عليه في يوم عاشوراء لكل من امير المؤمنين وفاطمة الزهراء والحسن المجتبى عليه السلاممرات عديدة لينقلب حالهم وينكسر قلبهم ويفيض دمعهم ، فينالوا بذلك مقامات ارفع وجاه اكبر عند الله تعالى ، ويكون لهم نصيب من هذه العبادة الجليلة التي هي اشرف العبادات وأجلها .

 


مقام البكاء على سيد الشهداء عليه السلام  مقام جزاء المقربين

فاعلم أن ما ذكر من كثرة بكاء الصديقة المعصومة المظلومة وكثرة بكاء المقربين من الأنبياء والملائكة يكشف عن سر عظيم من أسرار الشهادة ، وهو ان مقام البكاء على سيد الشهداء مقام جزاء المقربين من الأنبياء والمرسلين والملائكة والصديقين ، وهو مقام رضوان الله تعالى ، وقد عرفت انه أكثر  المقامات وأعظم الدرجات واشرف المثوبات والنعم والآلاء الظاهرية والباطنية .

وبعبارة أخرى أن الباكين والباكيات على سيد الشهداء (روحي له الفداء)

مستغرقون ومستغرقات حين البكاء في بحر الكافور من رضاء الله تعالى وينبوع رحمته ومحبته ، في أي نشأة ودار كان ذلك البكاء ، ولا تتوهم من هذه العبارة أنا نقول أن بکاء نشأة الآخرة يكون خاليا عن الحزن والألم والكآبة واللوعة واحتراق القلب ، لأن هذا مما يرده الاخبار الواردة في بكاء فاطمة الزهراء ممتلأة بالأشجان والأحزان وحرقة القلب ، ومساعدة المقربين من الأنبياء والأوصياء والملائكة لها بالبكاء مثل بكائها في الإنبعاث عن الأحزان والأشجان واحتراق القلوب ولوعتها ، على ان البكاء الخالي عن الحزن واحتراق القلب ليس حقيقة من البكاء .. : بل نقول : إن هذه الأمور - أي الحزن واحتراق القلب والبكاء - إذا كانت بابا إلى رضوان الله تعالى ومفتاحا له ، تكون حسنة بالذات وبالصفات في كل نشأة من النشآت ، غاية ما في الباب أن نشأة الآخرة ليس فيها تكليف إلزامي ، والحاصل أن سيد الشهداء (روحي له الفداء) قتیل العبرة ، وما فيه رضوان الله تعالى هو البكاء عليه .

السبب التاسع: ان البكاء فضّل أمّة محمّد |  على سائر الأمم

في حديث مناجاه موسى عليه السلام وقد قال: يا ربّ، لمَ فضّلتَ أُمّه محمّدٍ |  علي سائر الأُمم؟ فقال الله (تعالي): «فضّلتُهم لعشر خصال». قال موسى: وما تلک الخصال الّتي يعملونها حتّي آمر بني إسرائيل يعملونها؟ قال الله (تعالي): «الصلاة، والزكاة، والصوم، والحجّ، والجهاد، والجمعة، والجماعة، والقرآن، والعلم، والعاشوراء». قال موسي: يا ربّ، وما العاشوراء؟ قال: «البکاء والتباکي علي سبط محمّدٍ |  والمرثية والعزاء علي مصيبه ولد المصطفي. يا موسي، ما مِن عبدٍ من عبيدي في ذلک الزمان بکي أو تباکي وتعزّي علي ولد المصطفي، إلّا وکانت له الجنّه ثابتاً فيها، وما مِن عبدٍ أنفق من ماله في محبّه ابن بنت نبيّه طعاماً وغير ذلک درهماً أو ديناراً، إلّا وباركت له في دار الدنيا الدرهم بسبعين، وکان معافاً في الجنّه، وغفرتُ له ذنوبه. وعزّتي وجلالي، ما مِن رجلٍ أو امرأة سال دمع عينيه في يوم عاشوراء وغيره قطرة واحدة ، إلّا وکتبتُ له أجر مئة شهيد» ([2]).

النبي موسى بن عمران عليه السلامكان ينعت بكليم الرحمن، وكانت له عصا تتجلى فيها عظمة البارئ، ومعاجزه ورثها عن آدم أبي البشر صلى الله عليه واله أحد أنبياء أولي العزم، وأعظم أنبياء بني إسرائيل، وكان كريما راسخ الإيمان، مخلصا في رسالته، مجدا في إنقاذ قومه من العصيان والتمرد، وكان وجيها عند الله، كثير التواضع.

 

 

 

الله عزوجل ذكر(( الصلاة، والزكاة، والصوم، والحجّ، والجهاد، والجمعة، والجماعة، والقرآن، والعلم، والعاشوراء))والنبي موسى عليه السلام مع سماع العشرة أمور ولكن لم يسأل عن التسع كلها ولكن سأل عن العاشوراء لأنه عرف ان العاشوراء اختزلت جميع التسع بل ان العاشوراء هي الحافظة للتسع ولولا وجود عاشوراء لكانت التسع في ضياع .

يقول الشيخ حسين گنجي نقرأ في زيارة عاشوراء: {اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ اللَّهِ}، سلام على دم الله. ليس لله دم إذاً ماذا تعني هذه الجملة؟ يعني مثلما أنّ الدم هو عامل للحياة في البدن وإذا اتسخ هذا الدم سوف يتسخ هذا العضو وسيوجَد مرض وإذا لم يصل إلى مكان في البدن سوف يموت هذا العضو، الإمام الحسين عليه السلام أيضاً دم التوحيد والنبوة والإمامة، ودم في عروق كلّ آية قرآنية، ودم في كل عرق دقيق في الأصول والقيم العقائدية والأخلاقية والعبادية والسياسية والعسكرية ومجموع الدين. لو يرفع هذا الدم سوف لن يكون لها حياة!

هذه الحرارة التي لن تبرد أبداً هي هذا الدم والثار الإلهي ودم الله الذي هو عامل حياة التوحيد وكل أغصان وورق التوحيد. ألسنا نقول في زيارة عاشوراء: {طَلَبَ ثاري مَعَ إمامٍ مَهديٍّ ظاهِرٍ ناطِقٍ بِالْحَقِّ مِنْكُمْ؟}؟ هنا نقول: لأجل طلب ثار نفسي كيف يكون الإمام الحسين عليه السلام هو دمي؟ بمعنى أنّ الإمام الحسين عليه السلام موجود في ديني وتفكيري وأخلاقي وعقائدي وحياتي الفردية والإجتماعية، وهو الذي يعطيني الحياة([3]).

فقال موسى عليه السلام : يا ربّ، وما العاشوراء؟ قال: «البکاء والتباکي علي سبط محمّدٍ عليه السلام  والمرثية والعزاء علي مصيبه ولد المصطفي.



[1] / أسرار زيارة الأربعين، ص: 29.

[2] / مجمع البحرين للطريحي: 3/ 405.

[3] /استعدوا أنصار الإمام صاحب الزمان × ص205.

تعليقات