القائمة الرئيسية

الصفحات

الرسالة الاولى من رسائل الامام الصادق عليه السلام للمنتظرين

 

الرسالة الأولى

 

ولو أدركته لخدمته أيام حياتي([1]).

 

((ولو أدركته لخدمته أيام حياتي))([2]).

انها لغة الدقة والتشويق

نجد مولانا الإمام الصادق عليه السلام ينبه المؤمنين بلغة غاية في الدقة والتشويق على ضرورة التمسك بإمامة بقية الله في أرضه وخليفته في عباده عندما يقول وهو الإمام المعصوم وجد المهدي: "لو أدركته لخدمته أيام حياتي". فكيف بسائر الموحدين من غير المعصومين عليهم السلام؟.

انه الطموح والتمني

إنَّ الإمام الصادق عليه السلام يعلم المنتظر كيف  يطمح ويتمنّى ويرجو خدمة الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف خدمة تستغرق حياته الشريفة، وكأنها عبادة لا تقاربها عبادة فضلاً وشرفاً، فماذا يبقى لنا غير الجد والمثابرة؟.

انه الاهتمام بأداء الحقوق

ان الإمام يبين الاهتمام بأداء حقوق صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف كلٌّ بقدر استطاعته وعدم التقصير في خدمته. أقول: تأمّل أيُّهَا المؤمن كيف يُجلّ الإمام الصادق عليه السلام قدره، فإن لم تكن خادماً له فلا أقلّ أن لا تُحزن قلبه ليلاً ونهاراً بسيّئاتك، "فإن لم تَجُد بالعسل فلا تعطِ السمّ.

 

 

وفي الحديث عدة أمور

الامر الاول (هل وُلد القائم)

لماذا السوأل عنه عجل الله فرجه من قبل إن يولد ؟

والجواب ومن الإجابات التي تقال انه لأهمية مسألة الأمام المهدي عجل الله فرجه واهمية دوره فقد بينت الايات والاحاديث  ان الدولة الكريمة التي يعز بها الاسلام واهله وينشر فيها المعرفة والعلم ويبسط العدل ويؤخذ بحقوق المظلومين والاهم من ذلك ترفع كلمة الله في ارجاء المعمورة .

وهناك رويات كثيرة على هذا فعن يونس بن عبد الرحمن، قال: دخلت على موسى بن جعفر (عليه السلام) فقلت له: يا بن رسول الله أنت القائم بالحق؟ فقال: أنا القائم بالحق، ولكن القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله عز وجل ويملأها عدلا كما ملئت جورا وظلما، هو الخامس من ولدي، له غيبة يطول أمدها خوفا على نفسه، يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون.

ثم قال (عليه السلام): طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا، الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا، أولئك منا، ونحن منهم، فقد رضوا بنا أئمة ورضينا بهم شيعة، فطوبى لهم ثم طوبى لهم، هم والله معنا في درجاتنا يوم القيامة([3]).

والحديث عن هذا الامر يستدعي كتابا مستقل ونحن هنا ذكرنا ه على مستوى الاشارة .

 

 

 

 


 

الامر الثاني : في كيفية أن الإمام يخدم الإمام عليهما السلام

 

يقول امامنا الصادق عليه السلام ((ولو أدركته لخدمته أيام حياتي))فكيف يتصور ذلك ان الإمام عليه السلام يخدم الإمام عجل الله فرجه

اقول  هذا التعبير من الأمام عليه السلام  يتصور فيه عدة وجوه  ونحن نقتصر على وجهين هنا .

الوجه  الأول : افضلية الإمام عجل الله فرجه

عندنا مجموعة من الرويات الوارده عن أهل بيت العصمة والطهارة  إن الإمام المهدي عجل الله فرجه يأتي في الرتبة السادسة في الأفضلية من الأربعة عشر عليهم السلام وهذا القول دلت عليه اخبار .

ومنها عن أبي عبد الله عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن الله اختار من الأيام يوم الجمعة ومن الشهور شهر رمضان ومن الليالي ليلة القدر، واختار من الناس الأنبياء واختار من الأنبياء الرسل، واختارني من الرسل واختار مني عليا، واختار من علي الحسن والحسين، واختار من الحسين الأوصياء ينفون من التنزيل تأويل القائلين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، تاسعهم باطنهم ظاهرهم، وهو أفضلهم([4]).

وفي روايَةِ سلمانَ الفارسيِّ:(... تاسِعُهُمْ قائِمُهُمْ، إمامُهُمْ، أعلمُهُمْ، أحْكَمُهُمْ، أفْضَلُهُمْ)([5]).

 

عن جابر الانصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله اختار من الايام يوم الجمعة ومن الليالي ليلة القدر ومن الشهور شهر رمضان و اختارني وعليا، واختار من علي الحسن والحسين، واختار من الحسين حجة العالمين تاسعهم قائمهم أعلمهم أحكمهم ([6]).

وكذلك صرح بعض العلماء في ذلك ومنهم

الكراجكي رضوان الله عليه

قالَ الكراجكيُّ فيما عدَّ منْ عقائدِ الإماميَّةِ: (ويُعتقدُ أنَّ أفضلَ الأئمَّةِ - عليْهِمُ السَّلامُ - أميرُ المؤمنينَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ - عليْهِ السَّلامُ - ... وأنَّ أفضلَ الأئمَّةِ بعدَ أميرِ المؤمنينَ ولدُهُ الحسنُ ثمَّ الحسينُ، وأفضلُ الباقينَ بعدَ الحسينِ إمامُ الزَّمانِ المهديُّ - صلّى اللهُ عليْهِ وآلِهِ - ثمَّ بقيَّةُ الأئمَّةِ بعدَهُ على ما جاءَ بِهِ الأثرُ وثبتَ في النَّظَرِ)([7]).

المجلسي رضوان الله عليه

- وقالَ العلّامَةُ المجلسيُّ فيما علّقَ بِهِ على حديثٍ: (ويدلُّ على أنَّ أميرَ المؤمنينَ - عليْهِ السَّلامُ - أفضلُ منْ سائرِ الأئمَّةِ، ويدلُّ بعضُ الأخبارِ على فضلِ الحسنينِ - عليْهِما السَّلامُ - على سائرِ الأئمَّةِ - عليْهِمُ السَّلامُ -، ويُفهَمُ منْ بعضِها فضلُ القائِمِ - عليْهِ السَّلامُ - على الثَّمانِيَةِ الباقيَةِ) ([8]).

الجزائري رضوان الله عليه

وقالَ السَّيِّدُ نعمةُ اللهِ الجزائريُّ: (قدْ تحقَّقْتُ أنَّ النَّبيُّ - صلّى اللهُ عليْهِ وآلِهِ - والأئمَّةَ - صَلواتُ اللهِ عليْهِمْ - قدْ خُلِقُوا منْ نورٍ واحدٍ، والنَّبيُّ (ص) لهُ فضيلةٌ، وأمّا سيِّدُ الموحِّدينَ أميرُ المؤمنينَ (ع) فقدْ فضَّلَهُ على الأئمَّةِ (ع)، وذَكَرُوا أنَّ لهُ الفضلَ على الأئمَّةِ، ووَجْهُهُ ظاهِرٌ، وأمّا الحَسَنانِ - صلواتُ اللهِ عليْهِما - فالذي يظهرُ منْ أخبارِهِمْ أنَّ لهُما الفضيلةَ أيضاً على باقِيهِمْ ... وأمّا هُما فلا نعرفُ الأفضليَّةَ بَيْنَهُما ... وأمّا بقيَّةُ الأئمَّةِ - عليْهِمُ السَّلامُ - فالأخبارُ قدِ اختلفتْ في أحوالِهِمْ في المُساواةِ والأشرفيَّةِ، فروى الصَّدوقُ مسنداً إلى مولانا أبي عبدِ اللهِ الحسينِ عليه السلام  قالَ: دخلْتُ أنا وأخي على جدِّي رسولِ اللهِ صلى الله عليه واله فأجلسَ أخي على فخِذِهِ الأيمَنِ وأجلسَنِي على فخِذِهِ الأخرى، ثمَّ قبَّلنا وقالَ: بِأَبِي أنْتُما مِنْ إمامَيْنِ صالِحَيْنِ اختارَكُما اللهُ مِنِّي ومِنْ أبِيكُما وأمِّكُما، واختارَ مِنْ صُلْبِكَ يا حسينُ تسعةَ أئمَّةٍ تاسِعُهُمْ قائمُهُمْ، كلُّهُمْ في الفضلِ والمنزلةِ عندَ اللهِ سواءٌ، وفي الرِّواياتِ الأخرى أنَّ أفضلَهُمْ قائمُهُمْ، ولعلَّ أفضليَّتَهُ عليه السلام باعتبارِ تشييدِ أركانِ الدِّينِ، وكثرَةِ جِهادِهِ وإعزازِ المؤمنينَ بِهِ ونَحْوِ ذلِكَ)([9]).

 

السند دام ظله

يقول شيخنا المحقق السند : في أفضلية الأمام المهدي على التسعة قبله

قد استفاض في الروايات مقطع عنه ص أنه قال عن معراجه أنه التفت عن يمين العرش فرأى الأئمة الاثنا عشر (والمهدي في ضحضاح من نور قياما يصلون وهو في وسطهم - يعني المهدي - كأنه كوكب دري فقال: يا محمد هؤلاء الحجج وهو الثائر من عترتك وعزتي وجلالي إنه الحجة الواجبة لاوليائي والمنتقم من أعدائي) وهذا المفاد دال على افضليته من تشعشع نوره من بين التسعة بخلاف أهل الكساء.

ثم إن لفظ ووصف تاسعهم وهو ظاهرهم وباطنهم وقائمهم) يفيد مع التخصيص بالتسعة دون الاثني عشر انه عج يمتاز عنهم بكونه ظاهر هم وباطنهم أي هم كالظهور وهو ابطن منهم، كما أنه أظهر منهم، وقائمهم قائم التسعة ولم يسند ذلك إلى الاثني عشر.

وهناك دلائل كثيرة على تقدم المهدي عجل الله فرجه  رتبة على التسعة يجدها المتتبع في الروايات([10]).

وعليه لايكون محذور في خدمة مولانا الصادق عليه السلام للإمام الحجة عجل الله فرجه بعد بيان افضليته عليه عليهما السلام  .

 

الأمر الثاني: التساوي

وهناك قول يقول  بالتساوي في الأفضلية بينهم عليهم السلام وافضلية الامير علي عليه السلام عليهم ومن بعده الحسنين ومن ثم القول بالتساوي في التسعة المعصومين عليهم السلام والبحث مفص كلمات الاعلام وعليه ادلة مذكورة في محلها .

وعليه لايكون محذورا في الخدمة فيما بينهم فلو راجعنا النصوص الشرعية لوجدنا الامر واضح .

ومنها: لو قرأنا القرآن لوجدنا أن هناك دليل على أن الأنبياء كانوا يتشرفون في خدمة بعضهم البعض، وإليك بعض هذه الآيات في سورة الكهف  : (وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا. . . فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) ([11]). ولو سألنا من هذا الذي يسميه القرآن فتى، لعرفنا أنه يوشع بن نون والذي هو نبي (يوشع بن نون كان يتبعه ويخدمه ويأخذ عنه العلم.) إذن عملية خدمة الأنبياء لبعضها البعض وارد في القرآن، وليس بغريب، وإذا نظرت إلى الآية التي تأتي بعدها بقليل ترى كيف كان نوع هذه الخدمة:( لما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا )والخدمة هنا وتفاوت المقام واضح ولا غبار عليه.

وكلمة (الفتى) تعني: حديث السن، أو تطلق على الذي يتبع ويخدم، ولذا يسمى العبد بالفتى لخدمته مولاه، كما جاء في كتب التفسير  ويقال في كلمة فتى : أنها إما تعني: الشاب أو تعني: الخادم، والعربي يتجه في رأيه إلى أن معنى كلمة (الفتى) هي (الخادم)، استدلالا بآيات أخرى من القرآن، وسواء كان (الفتى) يعني العبودية الحقيقة بمعنى الرق، أو الخدمة تحقق في المعنيين خدمة الأنبياء لبعضهم البعض. إذن لا بأس من أن يكون نبيا خادم (كذا) لنبي آخر بلا جدال، والآية تبين ذلك، ويكفي الاستدلال في هذا الموضوع بآية واحدة، وإن كانت هناك آيات أخرى تبين أن خدمة الأنبياء لبعضهم البعض متحققة مثل قصة نبي الله موسى عليه السلام ونبي الله شعيب عليه السلام (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ )([12]). وغيره من الموارد .


ومن هذا لايكون محذورا لخدمة بين المتساويين فيما بينهم .

 


الامر الثالث : شرف الخدمة لاتنال الا بالدعاء والتوفيق

 

((ولو أدركته لخدمته أيام حياتي))

الإمام لعله اراد  بقوله بيان فضل القائم عليه السلام وشرف خدمته

 فإن ((لو)) حرف شرط غير جازم يفيد التعليق في الماضي أو المستقبل ، يُستعمل في الامتناع أو في غير الإمكان ، أي : امتناع الجواب لامتناع الشرط :- كما في :لو كنتُ غنيًّا لتصدَّقت بنصف مالي ، - { وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ } ([13]).

وإما الاستعمال  لبيان فضل القائم عليه السلام وشرف خدمته وإن خدمته أفضل العبادات، واقرب الطاعات، لان الإمام الصادق عليه السلام الذي لم يصرف عمره الشريف إلا في صنوف طاعة الله وعبادته في يومه وليله بين انه لو أدرك القائم لصرف أيام حياته في خدمته.

فظهر من قوله إن السعي في خدمه القائم عليه السلام أفضل الطاعات لترجيحه واختياره علي سائر أصناف الطاعة والعبادة.

 

ولعلم ان  شرف خدمة الإمام المهدي عجل الله فرجه لاتنال إلا بالدعاء والتوفيق الإلهي .

فقد ورد في دعاء العهد الشريف المروي عن الصادق عليه السلام : «اللهم اجعلني من أنصاره، وأعوانه، والذابين عنه، والمسارعين في قضاء حوائجه، والتابعين إلى إرادته، والمستشهدين بين يديه .. »([14]).

ولهذا تجد التأكيد والعناية والمثوبة وكثرة العطايا فقد ورد استحباب قراءة دعاء العهد في كلِّ يوم والفوز بلقائه كما ورد في فقرات الدعاء فعن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام يقول: من دعا إلى الله أربعين صباحاً بهذا العهد كان من أنصار قائمنا، وإن مات أخرجه الله إليه من قبره، وأعطاه الله بكلِّ كلمة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيّئة.

والأدعية في طلب الحاجات النفيسة مشحونة به الآيات و الأدعية والزيارات وان دل على شيء دل على أنها هبات الإلهية ليست بالأمر السهل اليسير.

والخدمة للإمام منها حيث يكون الإنسان خادما ويجعل نفسه في خدمة الإمام عليه السلام، فعليه أن لا يظهر أي نوع من الإرادة أو يتوقف عند أمر من الأمور، بل عليه أن يأخذ ما يصدر عنه دون تردد ويجعله نصب عينيه! ، بل علينا أن لا نصرف توجهنا عن ذاته وحقيقته إلى التوجه نحو أطواره وتصرفاته وحالاته وظواهره.

والإمام الصادق عليه السلام كشف عن ذلك رداً على من سأله عن ولادة القائم عجل الله تعالى فرجه. "لا ولو أدركته لخدمته مدة حياتي"

الإمام الصادق عليه السلام يطمح ويتمنى ويرجو خدمة الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه خدمة تستغرق حياته الشريفة وكأنها عبادة لا تقاربها عبادة فضلاً وشرفاً، فماذا يبقى لأمثالنا إن يتمنى...

وينبغي التنبيه على أن الخدمة أخص من النصرة فهي تختزن خضوع النفس وتذللها أمام المولى عليه السلام، فالخادم ناصر الإمام وليس العكس، فالنصرة لشخص ربما لا تحتوي على مفهوم التذلل كنصرة القوي للضعيف أو نصرة الله للمؤمنين، وقد جاء في الحديث الشريف عن الصادق عليه السلام قال: (لو أدركته لخدمته أيام حياتي).

يقول صاحب كتاب مكيال المكارم: (تدبر أيها المحب اللبيب في هذا الكلام، أتزعم فيه إغراقاً أو خلاف واقع؟ حاشا، وكلاّ، بل هو عين الحقيقة، ودلالة إلى نكات دقيقة، منها بيان فضل القائم عليه السلام وشرفه، ومنها الإشارة إلى أن خدمته أفضل العبادات وأقرب الطاعات لأن الإمام الصادق الذي لم يصرف عمره الشريف إلاّ في صنوف طاعة الله وعبادته في يومه وليلته بيّن أنه لو أدرك القائم لصرف أيام حياته في خدمته ... )([15]).

 

الامر الرابع :  الخدمه لها مصاديق متعددة ومنها

 

الأول:هداية الناس وتعليمهم

إن المنتظر الواقعي يسعي دائما لخدمه الدين وإمام زمانه، ويكون من الدعاة لدوله الحق وعصر الظهور، وهذا ما يطلبه الداعي في ليالي شهر رمضان المبارك من الله تعالى.

يقول في دعاء الافتتاح: اللهم إنا نرغب إليك في دوله كريمه تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك([16]).

ومن يطمح إن يصبح من القادة في عصر الظهور فلا بد إن يكون كذلك في عصر الغيبة ممن يقود الناس إلى معرفه ربهم وإمامهم والتهيو لدوله الظهور.


وهداية الناس وتعليمهم يتم من خلال عده أساليب ومراحل:

منها: إن يكون التعليم والهداة والإرشاد ورفع جهل الناس باللفظ والكلام والنصيحة مع الترغيب إلى الالتزام بأوامر الله والاشتراك في مجالس أهل العلم.

ومنها: إن يكون التعليم والهداة بالفعل، إي إن يكون حال الفاعل وكمال أخلاقه وشده التزامه بالشريعة وآدابه الظاهرية عاملا لرغبه الآخرين للدين وترك المحرمات.

وهذا النوع أهم وأفضل من النوع الأول كما قال الإمام الصادق عليه السلام: كونوا دعاه للناس بالخير بغير ألسنتكم.

ومنها: إن يكون التعليم والهداة بالمال، إي إن يسعي صاحب المال في أقامه مجالس الإرشاد والتعليم، ويقدم فيه من المأكولات التي تشجع بعض الناس للحضور.

وكذلك ينفق ماله لتأليف قلوب الناس ويجذبهم إلى الدين والابتعاد عن الفساد والكفر بسبب الفقر. ويهيئ الإمكانات لمن يرغب في تعلم دينه.

ومن ابرز مصاديق خدمه الإمام عليه السلام أرواحنا له الفداء هو التبليغ له، وذكر فضائله، ونشر تعاليمه وأهدافه.

وللتبليغ صور مختلفة منها:

الأولى : ألخطابه: إن يسعي الخطيب إلى تعريف شخصيه الإمام المهدي عليه السلام للناس وتحليل علامات ظهوره، وشرح صفات المنتظرين الحقيقيين وذكر مميزات دوله الظهور.

ثم ذكر مناقب الإمام الاخلاقيه ومقامه المعنوي عند الله، حتى يتعرف الناس علي إمامهم ويشع نور الحب والولاء له في قلوبهم.

 

الثانية: أقامه مجالس الدعاء لتعجيل فرجه:

إن أقامه مجالس الدعاء مثل - دعاء الندبة - أو غيرها، والحضور في هذه المجالس هي خدمه للدين والإمام عليه السلام، وفيها يطلب الداعي من الله تعجيل فرج إمامه، ويبكي لفراقه ويعبر فيها عن شوقه للقائه ولا يكون همه حوائجه الدنيوية فقط وينسي الدعاء لتعجيل فرج إمامه الغائب كما هو حال أكثر عوام الناس.

 

الثالثة: تأليف كتب تتحدث عنه وعن دولته العالمية.

وعن طريق نشر الكتب ننشر الثقافة المهدوية، ونمهد الناس فكريا وروحيا لعصر الظهور، فهذه فريضة العلماء والمولفين، قال الإمام علي عليه السلام: ما اخذ الله علي أهل الجهل إن يتعلموا حتى اخذ علي أهل العلم إن يعلموا .

إن العلماء والمفكرين هم اعلم الناس بمشاكل ألامه وحاجاتها في زمن غيبه الإمام المهدي عليه السلام، وهم يعلمون السبل والطرق لخدمه الدين والتبليغ للإمام عليه السلام.

 

الرابعة: تأسيس المؤسسات

 

إن تأسيس المؤسسات الاسلامية والقرآنية من مصاديق خدمه الإمام لأنها تساهم في تربيه الأجيال من الرجال والنساء لنصره الإمام المهدي عليه السلام وكثره الأنصار له مدخليه في سرعه ظهوره عليه السلام ومن شروطه.

 

الامر الخامس : الخدمة من الانتظار

وانما افردت الانتظار لاهميته وعظمته وان كان هو من الامر الرابع فنقول إن من شروط الانتظار الحقيقي هو خدمه الإمام عليه السلام، وخدمه الإمام مساوق لخدمه الدين.

ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله:( ما من حركه إلا وأنت محتاج فيها إلى معرفه)([17]).

إذا أردنا إن نقوم بأي فعل من الأفعال يجب إن نمتلك المعرفة فيه حتى نكون علي بينه من أمرنا ويكون العمل خالصا من الشوائب لأنه ما من شائبة إلا ومرجعها إلى الجهل، لذلك نحتاج في إي حركه إلى معرفه. وخدمه الإمام المهدي عليه السلام هي حركه ونحتاج فيها إلى معرفه أيضا، فلا يمكن لأحد إن ينال شرف الخدمة لدوله الظهور دون إن يكون مالكا لمعرفه سبيل الخدمة.

ولقد تأذي ويتأذي الإمام المهدي عليه السلام من الجهل والجهلاء ومن عدم فهمنا له وعدم معرفتنا ماذا يريد منا، وقد ورد عنه عليه السلام: (قد آذانا جهلاءُ الشيعةِ وحمقاؤهم، ومَن دينُه جناحُ البعوضة أرجحُ منه)([18]).

إن العلم من شانه إن يوضح الطريق الصحيح وبدونه يدخل الإنسان في المهالك من حيث لا يقصد ومن الممكن لإنسان يسهر الليالي سعيا إلى خدمه إمام الزمان وفي المقابل نرى ولي العصر  عجل الله فرجه يتأذي من إعماله لأنها مبنية علي الجهل.

هذا الإنسان الذي يريد خدمه الإمام إلا انه لم يوفق لذلك بل فعل العكس بسبب جهله بتلك الأمور التي يريدها الإمام، وهذا ما ورد في الرواية:((من عمل علي غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح))([19]).

ليس المقصود منه تلك البينة التي تسبق العمل، إي إن أكون قبل العمل علي بينه من أمري بان هذا العمل هو يخدم الإمام عليه السلام ويمهد لظهوره.

والعلم بهذا المعني هو الذي من عمل بغيره كان ما يفسد أكثر مما يصلح، هذا إن وجد الإصلاح.

علينا دائما إن ننظر إن العمل الذي نقوم به هل يصب في مصلحه الإمام عليه السلام وكسب رضاه؟

يجب علينا إن نطلب العلم لخدمه ولي العصر عليه السلام ومن قضي حياته في تحصيل العلم حتى يصبح عالما فذا ولم يقدم بين يدي إمامه شيئا من الخير فان هذا العلم هو سبب للهلاك لأنه شغل صاحبه عن إمام زمانه، إن خدمه الإمام توفيق عظيم وفوز لمن يفوز به.

والذي يوفق لخدمة الإمام عليه السلام سينصب عمله وفق الشريعة المقدسة وهذا بعينه الانتظار.

 

وهنا تتحقق فلسفة الخدمة و أهدافها ومبادئها بالاتكاء على أمرين:

الأول: قراءة حركة الإمام عجل الله فرجه.

الثاني:تحريك المشاعر بشكل ينسجم مع تلك القراءة.

وفي كتاب العشق المهدوي {إن خدمة الإمام المهدي عجل الله فرجه من معاني الانتظار و انتظار حركي و عملي يساهم في عملية التمهيد لظهوره المبارك و إزالة بعض العقبات التي يمكن إن تؤخر و تؤجل في الدولة الإلهية المنتظرة و المرتقبة لإقامة العدل و العدالة.

روى العلامة الفقيه احمد الاردبيلي في كتابه حديقة الشيعة رواية عن مولانا الإمام الصادق jما مضمونها: (ما من مؤمن يتمنى خدمته و يدعو لتعجيل فرجه إلا أتاه الله على قبره وناداه باسمه: يا فلان قد ظهر مولاك صاحب الزمان فان شئت فقم و اذهب إلى حضرة الإمام و إن شئت فنم إلى يوم القيام)([20]).

فمجرد التمني لخدمة الإمام و عقد النية القلبية لخدمته aهي بحد ذاتها محطة شرف و تقديس الهي لذلك الموالي فيخير الموالي الخدوم لمولاه بين الرجعة مع الإمام المهدي و رؤية طلعته البهية و الوقوف بجانبه و التشرف بنصرته و بين المنام و اللقاء به يوم القيامة. فكل هذا التبجيل الإلهي فقط لأنه تمنى إن يخدم دولة الإمام بقية الله في أرضه و إن يقوم بكل عمل من اجل نصرته و تعجيل ظهوره فكيف بمن تحرك و سعى في خدمته؟ والإمام المهدي من أهل البيت الذين تتشرف بخدمتهم الملائكة و الإمام الصادق في مقام أخر يتمنى بنفسه خدمة ابنه القائم fو إي خدمة يتمناها؟ خدمة ليس بجزء من حياته و إنما خدمة تدوم بدوام عمره الشريف (و لو أدركته لخدمته أيام حياتي) و سأل الله التوفيق لهذه الخدمة: (اللهم اجعلني من أنصاره و أعوانه و الذابين بين يديه و المسارعين إليه في قضاء حوائجه و الممتثلين لأوامره)}([21]).

 


الامر السابع قصص في اهمية الخدمة

 

الاولى : فقير وغني يتنافسان على خدمة الإمام *

قال مولانا الإمام محمد الجواد صلوات الله عليه: إن أبا عبد الله [الصادق] سلام الله عليه كان عنده غلام يمسك بغلته إذا هو دخل المسجد [النبوي الشريف]، فبينما هو جالس ومعه بغلة إذ أقبلت رفقة من خراسان، فقال له رجل من الرفقة:

هل لك يا غلام أن تسأله أن يجعلني مكانك وأكون له مملوكاً وأجعل لك مالي كله؟ فإني كثير المال من جميع الصنوف، اذهب فاقبضه وأنا أقيم معه مكانك.

فقال: أسأله ذلك، فدخل على أبي عبد الله، فقال:

جعلت فداك تعرف خدمتي وطول صحبتي، فإن ساق الله إليّ خيراً تمنعنيه؟

قال: أعطيك من عندي وأمنعك من غيري. فحكى له قول الرجل، فقال الإمام:

إن زهدت في خدمتنا ورغب الرجل فينا قبلناه وأرسلناك. فلما ولّى عنه دعاه ـ الإمام ـ فقال له: أنصحك لطول الصحبة ولك الخيار، فإذا كان يوم القيام كان رسول الله صلى الله عليه وآله متعلّقاً بنور الله، وكان أمير المؤمنين عليه السلام متعلّقاً برسول الله، وكان الأئمة متعلّقين بأمير المؤمنين، وكان شيعتنا متعلّقين بنا، يدخلون مدخلنا ويردون موردنا.

فقال الغلام: بل أقيم في خدمتك وأؤثر الآخرة على الدنيا. وخرج الغلام إلى الرجل فقال له الرجل: خرجت إليّ بغير الوجه الذي دخلت به! فحكى له قوله (أي قول الإمام سلام الله عليه).

إنّنا لم نعرف ذلك التاجر كما لا نعرف من كان ذلك الخادم، ولكن هذه القصّة تدلّ على عظمة شخصيّة التاجر والخادم معاً، حيث كان الأوّل على استعداد للتخلّي عن كلّ أمواله في مقابل خدمة الإمام عليه السلام، فيما وعى الخادم من رحلة قصيرة عميقة الأثر وأعرض عن المال الكثير لأجل الله سبحانه والدار الآخرة.

 

الثانية : مشاق وأعباء خدمة الإمام الحسين سلام الله عليه*

من يتحمّل مشاقَّ وأعباءً أكثر ويضع راحته وسهره في خدمة الإمام الحسين سلام الله عليه، بطبيعة الحال له أجرٌ أعظم، وأحد أوضح الأمثلة على ذلك ما رُئي لاثنين من الفقهاء الأفاضل في المنام أحدهما الشيخ الأنصاري رحمه الله الذي تنهل الحوزات العلمية الدينية منذ 150 عاماً من علمه، والآخر الشيخ الدربندي رحمه الله. هذان العالمان كانا زميلي دراسة في مرحلة الشباب، وكانا من تلامذة المرحوم شريف العلماء المازندراني رحمه الله، وأصبح كلاهما فيما بعد مرجعين للتقليد، وفي ذلك الوقت كان الشيخ الأنصاري هو المرجع العام للشيعة، والدربندي له مرجعية محدودة.

ذات يوم عزم أحد طلاب الشيخ الأنصاري وكان طالباً مجدّاً يحمل صفات العلم والورع ـ على السفر إلى إيران، فقام الشيخ الأنصاري بوداعه حتى مشارف المدينة مشياً على الأقدام، ثم رجع. كان ذلك الطالب يعتزم السفر إلى مدينة كربلاء ثم الكاظمية وسامراء ليعود بعدها إلى إيران، لكنّه في اليوم التالي لم يذهب إلى كربلاء، ورجع من وسط الطريق. وعندما رأى الشيخ الأنصاري تلميذه في النجف الأشرف سأله: «لماذا عدت؟».

أجابه: «ليلة أمس غلبني النوم وأنا في الطريق في جوف الصحراء، فرأيت مَلَكاً في منامي يقول لي: إلى أين أنت ذاهب في هذه الصحراء، إنّك راحل عن هذه الدنيا بعد ثلاثة أيّام. وهذا القصر لك (وأشار الملك إلى قصر) ولم أكن أعلم على وجه اليقين إن كانت هذه رؤيا صادقة أم لا، فقفلت راجعاً إلى النجف، لأكون عند أمير المؤمنين سلام الله عليه وليس في الصحراء فيما لو تحقّقت الرؤيا، وإذا لم تتحقّق أواصل رحلتي من جديد. وبالفعل، تحقّقت الرؤيا وتوفّي الرجل بعد ثلاثة أيّام كما وُعد بذلك.

يروي هذا الشخص نفسه قبل وفاته للشيخ الأنصاري بأنّه قد رأى في ذلك المنام أيضاً قصراً شامخاً فسأل: لمن هذا القصر؟ قيل له: «إنّه للشيخ الأنصاري»، وفي ناحية مجاورة من ذلك القصر رأى قصراً آخر أفخم من القصر الأول فسأل: وهذا لمن؟ قيل له: «هذا قصر الشيخ الدربندي». في ذلك الوقت كان الشيخان لا يزالان على قيد الحياة، كان الشيخ الأنصاري في النجف الأشراف، والشيخ الدربندي في كربلاء المقدسة. وبالإضافة إلى كون هذا الأخير مرجعاً دينياً، كان خطيباً يعتلي المنابر الحسينية وكان له منبر خاص في كل عام، حيث نُقل لي بعض من قصصه تلك بواسطتين عمّن حضر مجلسه، وكانت مجالسه تقام في الصحن الشريف في ظهيرة يوم عاشوراء من كل عام بعد انتهاء المجالس الأخرى حيث كانت تعجّ بجماهير غفيرة، وأحياناً كان يتحدّث قبل ساعة من موعده، ويقول أحياناً: «لا أريد أن أقيم مجلس ندب ونواح فقد سمعتم منها ما يكفي طيلة الليل وحتى الظهيرة، لكنّني أريد أن أوجّه بضع كلمات باسمكم إلى الإمام الحسين سلام الله عليه...» وكان مجلساً مميّزاً حقّاً. كما دوّن المرحوم الدربندي كتاباً مسهباً عن الإمام الحسين سلام الله عليه يحمل عنوان «إكسير العبادات». كان المتحدّث(تلميذ الشيخ الأنصاري) يعرف الشيخين جيداً، ويعلم أنّ مرجعية الشيخ الدربندي لا تضاهي مرجعية الأنصاري، لذلك أثارت فخامة قصر الشيخ الدربندي في تلك الرؤيا السؤال في نفس تلميذ الشيخ الأنصاري ليسأل المَلَك عن سبب ذلك، لأنّه من المتوقع أن يكون قصر الشيخ الأنصاري أكثر فخامة وعظمة، فأجابه المَلَك قائلاً: «هذا ليس جزاء أعمال الدربندي، بل هو هدية له من قِبل الإمام الحسين سلام الله عليه».

 

الثالثة : هذا مقام الخادم 

الحكاية التالية من الحكايات الموثقة التي نقلها عدة من المراجع والعلماء الأعلام منهم آية الله الشيخ محمد حسين الإصفهاني الغروي وآية الله السيد موسى الزنجاني عن والده السيد أحمد الزنجاني وغيرهم، ونحن ننقلها لكم من كتاب حياة آية الله الأراكي عن آية الله العلامة الجليل المولى الزاهد الشيخ محمد باقر الإصطهباناتي؛ قال رضوان الله عليه: عندما كنت مقيما في طهران لتحصيل العلوم الدينية، كنت أدرس أيضا بعض العلوم. وذات يوم جائني أحد العلماء وقال لي: هل يمكنك أن تدرسني كتاب شفاء الصدور على وفق الشريعة الإلهية المقدسة؟ وهذا الكتاب يتناول أصول الدين، ولم يكن لدي متسع من الوقت فاعتذرت، لكن الرجل أصر على طلبه، فقلت: ليس لدي هذا الكتاب ولا أستطيع تدريسه بدون مطالعة مسبقة. قال الرجل: لدي نسخة منه تبقى عندك في الليالي وأستفيد منها نهارا. فوافقت على طلبه وشرعنا في الدرس واستمر الحال على هذا المنوال مدة.

وذات صباح بحثت كثيرا على الكتاب فلم أجده ولم أتذكر أين وضعته وعندما جائني الرجل وأخبرته بالأمر قال: ينبغي البحث عن حل! ثم ذهب وعاد بعد يومين أو ثلاثة، وكانت في حجرتي ثلاث حافظات من قماش أضع فيهما لوازمي، فتوجه الرجل فورا إلى الحافظة الثالثة وفتحها وأخرج منها الكتاب وقدمه لي!.

أدرك العالم الجليل الشيخ محمد باقر أن تلميذه ليس رجلا عاديا فاهتم بالسعي لمعرفة سره، قال رضوان الله عليه في تتمة حكايته: تعجبت كثيرا وسألته: كيف عرفت أن الكتاب في هذه الحافظة رغم أنني بحثت طويلا ولم أجده؟!.

فأخبرني بقصته، قال: لقد درست في حوزات العتبات المقدسة في العراق الفقه والأصول حتى بلغت مرتبة الإجتهاد فعدت إلى بلدتي وصرت مرجعا لأهلها في أمورهم الشرعية، وبقيت على ذلك مدة إلى أن فكرت في نفسي ذات يوم فشعرت أن دراستي لأصول الدين والعقائد غير كاملة فقررت أن أغادر بلدتي طلبا لدراسة العقائد، فاعترض أهل بلدتي على هذا القرار وقالوا: لقد أصبحت أستاذا عالما فلا حاجة لك بالدراسة، فأبيت وقلت: لا لازلت لكي أصبح عالما بحاجة إلى ثمان سنين لدراسة علوم أصول الدين. وجئت إلى طهران بهذه النية أبحث عمن أدرس عنده العقائد، وبقيت مدة في عزلة لا أنيس لي، وخلال هذه المدة ظهرت في فمي جروح آذتني كثيرا فكنت أشده بمنديل. وذات يوم رآني على هذه الحال رجل في الشارع فسماني بأسمي دون سابق معرفة وقال لي: لماذا لا تستخدم الدواء الفلاني لكي تبرأ من هذا المرض؟!!.

وعندما عدت إلى منزلي قلت لا خير من الإستفادة من هذا الدواء، فاستعملته فبرأت جروح فمي، وعلمت أن شفائي من الله به ببركة أنفاس هذا الرجل وعلمت أنه رجل مقدس فاشتقت لرؤيته ثانية وهذا ما تحقق لي إذ التقيته ثانية في الطريق فطلبت مصادقته فوافق، ثم علمت أنه من الأوتاد وقد كلفه مولاي صاحب الزمان وإمام العصر روحي فداه للإقامة في طهران لدفع الأذى عن المؤمنين.

وقد ذهبت إليه للعثور على الكتاب فأخبرني بمكانه، وهو الذي دعاني من قبل لدراسة أصول الدين عندك وأكد علي أن ألتزم الحضور في مجلسك.

فرح الأستاذ العالم الشيخ محمد باقر رضوان الله عليه بما سمع وطلب من تلميذه أن يعرفه بهذا العبد الصالح، فقال: ينبغي أن أستأذنه في ذلك، فذهب إليه وأخبره بطلب أستاذه وعاد إليه بالجواب التالي: لا أأذن بذلك، وإذا تقرر اللقاء فسآتيك بنفسي. فرضي العالم بذلك وأخذ يعرض على العبد الصالح أسئلته بواسطة تلميذه ويحصل منه على الجواب الشافي وبقي على ذلك مدة حتى اختفى تلميذه بعد حين وانقطع خبره عنه!!([22]).



[1]/ الغيبة للنعماني: ص٢٥٢، ب١٣، ح٤٦

[2]/ الغيبة للنعماني: ص٢٥٢، ب١٣، ح٤٦

[3]/ بحار الأنوار / جزء 51 / صفحة [151]

[4]/  بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٦ - الصفحة ٣٧٣

[5]/  مقتصبُ الأثرِ ص9، الاستنصارُ للكراجكيِّ ص9

[6]/ مقتضبُ الأثرِ ص9

[7]/ كنزُ الفوائدِ ص112

[8]/  مرآةُ العقول ج3 ص178

[9]/ [الأنوارُ النعمانيَّةُ ج1 ص21]

[10]/ بصائر عقائد ية ص 169

[11]/ الكهف (60)

[12] / القصص (27)

[13]/  البقرة (20)

[14]/ دعاء العهد

[15]/ مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ -ص ١٩٨

[16]/ دعاء الافتتاح

[17]/  بحار الأنوار / جزء 74 / صفحة [267]

[18]/  الاحتجاج ٢: ٢٨٩؛ بحار الأنوار ٢٥: ٢٦٧/ باب ١٠/ ح ٩.

[19]/ بحار الأنوار / جزء 1 / صفحة [ 208 ]

[20]/ مكيال المكارم ج1

[21]/  دعاء العهد

[22]/  نقلا عن السيد الشوكي دامت بركاته

تعليقات