الرسالة الثالثة
{ إنَّ في صاحِبِ هذا الْأَمْرِ
لَشَبهاً مِنْ يُوسُفَ}([1])
احاديث اهل بيت العصمة عليهم
السلام في ذلك
عن محمد بن مسلم قال: دخلت على أبي
جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) وأنا أريد أن أسأله عن القائم من آل محمد
(صلى الله عليه وآله) فقال لي مبتدئا: يا محمد بن مسلم، إن في القائم من أهل بيت
محمد (عليه السلام) سنة من خمسة من الرسل: يونس بن متي ويوسف بن يعقوب، وموسى،
وعيسى، ومحمد صلوات الله عليهم.
فأما سنة من يونس بن متي فرجوعه من
غيبته وهو شاب بعد كبر السن.
وأما سنة من يوسف بن يعقوب فالغيبة
من خاصته وعامته، واختفاؤه من إخوته وإشكال أمره على أبيه يعقوب النبي (عليه
السلام) مع قرب المسافة بينه وبين أبيه، وأهله وشيعته.
وأما سنة من موسى (عليه السلام)
فدوام خوفه، وطول غيبته، وخفاء ولادته، وتعب شيعته من بعده، مما لقوا من الأذى
والهوان إلى أن أذن الله عز وجل في ظهوره، ونصره وأيده على عدوه.
وأما سنة من عيسى فاختلاف من اختلف
فيه حتى قالت طائفة ما ولد، وطائفة منهم قالت: مات، وطائفة قالت: قتل وصلب.
وأما سنة من جده المصطفى محمد (صلى
الله عليه وآله) فتجريده السيف وقتله أعداء
الله تعالى وأعداء رسوله (صلى الله عليه وآله)، والجبارين والطواغيت وأنه ينصر
بالسيف والرعب، وأنه لا يرد له راية، وإن من علامات خروجه (عليه السلام) خروج
السفياني من الشام، وخروج اليماني، وصيحة من السماء في شهر رمضان، ومناد ينادي من
السماء باسمه واسم أبيه([2]).
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال في
صاحب هذا الأمر سنة من موسى، وسنة من عيسى، وسنة من يوسف، وسنة من محمد (صلى الله
عليه وآله).
فأما من موسى فخائف يترقب.
وأما من عيسى فيقال فيه ما قيل في
عيسى.
وأما من يوسف عليه السلام فالسجن
والغيبة.
وأما من محمد (صلى الله عليه وآله)
فالقيام بسيرته وتبين آثاره ثم يضع سيفه على عاتقه ثمانية أشهر بيمينه، فلا يزال
يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عز وجل.
قال أبو بصير: قلت: وكيف يعلم أن
الله تعالى قد رضي؟ قال: يلقي في قلبه الرحمة([3]).
عن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا
عبدالله الصادق(عليه السلام) يقول: " إن في صاحب هذا الامر لشبها من يوسف،
فقلت: فكأنك تخبرنا بغيبة أو حيرة، فقال: ما ينكر هذا الخلق الملعون اشباه
الخنازير من ذلك؟ إن إخوة يوسف كانوا عقلاء الباء اسباطا أولاد انبياء دخلوا عليه
فكلموه وخاطبوه وتاجروه وراودوه وكانوا إخوته وهو أخوهم لم يعرفوه حتى عرفهم نفسه، وقال لهم: " أنا
يوسف " فعرفوه حينئذ فما تنكر هذه الامة المتحيرة أن يكون الله عزوجل يريد في
وقت من الاوقات أن يستر حجته عنهم، لقد كان يوسف إليه ملك مصر، وكان بينه وبين
أبيه مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد أن يعلمه بمكانه لقدر على ذلك، والله لقد
سار يعقوب وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر، فما تنكر هذه الامة أن
يكون الله يفعل بحجته ما فعل بيوسف، وأن يكون صاحبكم المظلوم المجحود حقه صاحب هذا
الامر يتردد بينهم، ويمشى في أسواقهم، ويطأ فرشهم ولا يعرفونه حتى يأذن الله له أن
يعرفهم نفسه كما أذن ليوسف حين قال له إخوته: " ء إنك لانت يوسف؟ قال: أنا
يوسف "([4]).
سدير الصيرفي قال: دخلت أنا
والمفضل بن عمر وأبان بن تغلب على الصادق عليه السلام فقال: إن الله تعالى إذا آن لقائمنا
قدر ثلاثة لثلاثة: قدر مولده بمولد موسى، وغيبته بغيبة عيسى، وإبطاءه بإبطاء نوح،
وجعل له بعد ذلك عمر العبد الصالح يعني الخضر دليلا على عمره.
ثم قال بعد ذلك: وأما غيبة عيسى،
فإن الكتابيين اتفقوا على قتله فكذبهم الله بقوله: (وما قتلوه) وغيبة القائم تنكرها
الأمة لطولها، فمن قائل لم يولد، وقائل ولد ومات، وقائل إن حادي عشرنا كان عقيما،
وقائل يتعدى الأمر عن اثني عشر وقائل: إن روح القائم تنطق في هيكل غيره([5]).
المسألة
الثانية :القصص فكرة وعبرة
نحن نقرأ في القرآن الكريم في
موارد عديدة حول الأنبياء، مثلًا: ما في آخر سورة يوسف عندما يستعرض لنا القرآن
الكريم السنن والتقادير والأقضية الإلهية التي جرت على يعقوب ويوسف، ويخبرنا
القرآن الكريم: (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ) بصورة الجمع، أي إنَّها لجميع
الأنبياء، بل هذا في الحقيقة قالب ومعادلة قرآنية عامة لكلّ الأنبياء عليهم
السلام، (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ)([6]). إذن ليس هو الإيمان
والتصديق بالأنبياء فقط وفقط، بل هناك بُعد آخر مهمّ جدَّاً، وهو أن نعتبر بما
استعرضه لنا القرآن الكريم من قصصهم، وسيرهم وأحوالهم، وسنن الله عز وجل فيهم، أن
نعتبر ونتَّعظ فيما يفترضه علينا القرآن الكريم، وتفترضه علينا الديانة الإسلاميّة
من عقائد، لأنَّ المفروض أنَّ الذي استعرضه لنا القرآن الكريم هو محطّات عقائدية
في الأنبياء، حيث نريد أن نستخلص منها عبرة، هي ليست عبرة في فروع الدين، وإنَّما
هي عبرة في أصول الدين، وعبرة في عقائد الدين إذن معنى العِبرة أن يُعتبر من هذه
العقيدة كَمَثَل لعقيدة أخرى راهنة إسلاميّة معاصرة. وهي آخر الأمم مبعثاً.
فالعبرة في الواقع عبور من شي ء إلى آخر موازٍ ومكافئ ومعادل له، حيث إنَّ ما جرى
في الأنبياء عموماً وغالباً، وجُلَّ ما يستعرضه لنا القرآن الكريم من الجانب
العقدي والاعتقادي هي مواقف ومحطّات
عقائدية واعتقادية في الأنبياء وهي ليست محلّ نسخ بين الشرائع، لأنَّ العقيدة
واحدة، والدين واحد، وهو دين الإسلام المتقوّم بحوزة ودائرة أصول الدين، هذه
الدائرة يستعرضها لنا القرآن الكريم مؤكّداً في جملة من السور وجملة من الآيات
أنَّ هذه المحطّات يجب أن نعتقد بها، مثل كتب الله ورسله وأنبيائه وملائكته، إلى
جانب كونها عِبَراً يعبر المكلَّف من هذه المحطّة العقائدية إلى محطّة عقائدية
أخرى راهنة، ثمّ ينتقل بها إلى المحور العقائدي الاعتقادي الراهن في الأمّة
الإسلاميّة. فهناك قاعدة قرآنية محكمة أصيلة شريفة مفادها ومؤدّاها (لَقَدْ كانَ
فِي قَصَصِهِمْ)، في قصص الأنبياء والرسل والحجج الإلهية السابقة (عِبْرَةٌ)، أي
مضافاً إلى وجوب الإيمان والتصديق بهم هناك عبرة، أي إلى جانب كونه ذا بصمةٍ ولون
ومسحة عقائدية هو أيضاً عبرة لأمرٍ عقائدي آخر.
المسألة
الثالثة : مشابهة الاجتباء للظهور والتمكين في الأرض
نشاهد في ظاهرة النبيّ يوسف عليه
السلام أنَّ هناك بشارة إلهية لتمكينه وظهوره للإصلاح، وهي تُعبّر عن نوع من
الظهور والغلبة والتمكين، وإن كان لها تأويل خاصّ ذُكر في روايات أهل البيت عليهم
السلام ) كما في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: (تأويل هذه
الرؤيا أنَّه سيملك مصر ويدخل عليه أبواه وإخوته، أمَّا الشمس فامّ يوسف راحيل،
والقمر يعقوب، وأمَّا أحد عشر كوكباً فإخوته، فلمَّا دخلوا عليه سجدوا شكراً لله
وحده حين نظروا إليه وكان ذلك السجود لله). قال علي بن إبراهيم: فحدَّثني أبي، عن عمرو
بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام: (إنَّه كان من خبر يوسف عليه السلام
أنَّه كان له أحد عشر أخاً، فكان له من امّه أخ واحد يسمّى: بنيامين، وكان يعقوب
إسرائيل الله ... ، فرأى يوسف هذه الرؤيا وله تسع سنين فقصَّها على أبيه ... )([7]).
وقد ذُكر في ذيل هذه السورة وهو
قوله تعالى: وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَ
قالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا
وَ قَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَ جاءَ بِكُمْ مِنَ
الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَ بَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ
رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ* رَبِّ قَدْ
آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ
السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ تَوَفَّنِي
مُسْلِماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ([8]).
إذن هناك اجتباء للظهور والتمكين
في الأرض، وكما اجتُبي النبيّ يوسف لذلك. فكذلك اجتُبي الإمام المهدي بنصّ حديث
النبيّ المتواتر، وقال تعالى: (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَ إِخْوَتِهِ آياتٌ
لِلسَّائِلِينَ)([9]).يعني
هناك عِظات وعبر تمرُّ عليكم في ظاهرة النبيّ يوسف يجب أن لا تعبروها بغفلةٍ.
المسألة
الرابعة :الجُبّ و سرداب الغيبة
هناك نوع من التشابه في تغييب يوسف
عليه السلام في الجُبّ مع غيبة الإمام المهدي عليه السلام في سرداب الغيبة.
كثير من الأقلام الرخيصة والألسن
الخفيفة تستهزئ بغيبة الإمام المهدي في السرداب (سرداب الغيبة)، في الواقع هذا
السؤال كأنَّما يسأله نفس السائل القارئ للقرآن فيقول: ما صلة غيبة النبيّ يوسف عن
أبيه وذويه إلى أن ظهر للإصلاح في الأرض، بالجُبّ والبئر؟ وهل النبيّ يوسف عليه
السلام عندما غاب عن ذويه بقي في الجُبّ والبئر؟ كلَّا، بل هي في الواقع حدث
تاريخي حدث للنبيّ يوسف في الجُبّ والبئر، وقد بدأت غيبته من محاولة تصفيته في
الجُبّ، ومن ثَمَّ ذكرها القرآن الكريم كأوّل محطّة لبدء الغيبة، وهكذا الحال جرى
في شأن الإمام المهدي عليه السلام، حيث إنَّ بيت أبيه وجدّه كان هناك وكانت تُبنى
السراديب للبرودة في الصيف، ولا زال في كثير من البلدان كالعراق وإيران وبلدان
كثيرة تُبنى السراديب تحت البيوت وقاية من الحرّ الشديد ولأجل البرودة، فجلاوزة
النظام العبّاسي وصلت إليهم الأنباء أنَّ ولد الإمام الحسن العسكري وهو المهدي في
سرداب بيت أبيه، فكبسوا ذلك السرداب لتصفية الإمام المهدي عليه السلام كما صنع
أولئك الظالمون للنبيّ يوسف، إلَّا أنَّ الله عز وجل كما أحبط مخطَّط إخوة يوسف في
يوسف وجعل كيدهم هباءً منثوراً، كذلك جعل الله عز وجل كيد جلاوزة النظام العبّاسي
في مداهمة الإمام المهدي في سرداب بيت أبيه، حيث أعمى الله وأغشى أبصارهم كما في
خروج النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم عندما أرادت قريش أن تداهم النبيّ
وتقتله في بدء الهجرة من مكّة إلى المدينة، فخرج النبيّ من بين أيديهم بغشاوة من
الله على أبصارهم فلم يبصروه، كذلك خروج الإمام في ذلك الوقت عندما كبسوا السرداب
في بيت أبيه وكان هو فيه، فأغشى الله أبصارهم، فخرج وبدأت غيبته، ففي الحقيقة هذه
محطّة أخرى بارزة ظاهرة ناصعة في حياة النبيّ يوسف، أنَّ بدء غيبته بدأت من
الجُبّ.
المسألة
الخامسة :الغيبة في صغره
ويوسف حصلت له الغيبة وهو في صغره،
قبل أن يبلغ أشدّه، وهي كما مرَّت بنا في النبيّ موسى عليه السلام أيضاً فقد حصل
له الخفاء والغيبة في صغره، وهذا ما حصل للإمام المهدي عليه السلام، وهذا تدبير
الله لوليّه المصلح المنقذ الذي يريد أن يظهره الله على الدين كلّه ولو كره
المشركون.
(وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ
آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) ([10]).، و (المحسن) مقام عالٍ
يأتي من الإحسان فوق مقام التقوى والورع.
المسألة
السادسة :عدم الشعور بالغائب، لا عدم وجود الغائب
(وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ)([11]). فإذن الغيبة في المصطلح
القرآني والمفهوم القرآني وفي الحقيقة القرآنية التي تتكرّر في ظواهر القرآن
المتّصلة بالعقيدة بالإمام المهدي هي أنَّ الغيبة بمعنى عدم الشعور بالغائب، لا
عدم وجود الغائب، عدم الشعور بوليّ الله المصلح، عدم المعرفة بوليّ الله المنقذ
المنجي مع كونه حاضراً في ساحة الحدث، إذن الغيبة يتابعها القرآن بإمعان وعمق
ودقّة ليُفهمها المسلمين ويفهمها القرّاء للقرآن الكريم، أنَّ معنى الغيبة لأولياء
الله والحجج بمعنى عدم شعوركم بهم، عدم معرفتكم بهويتهم، لا عدم وجودهم، لا
مزايلتهم لساحة الحدث، لا مزايلتهم لتدبير الأمور، هم حاضرون، لكن أنتم لا تشعرون
بهم، لا تشعرون بهويتهم، حجّية الإمام مع غيبة شخصه:
مرَّ بنا أنَّ القرآن الكريم في
سورة يوسف يذكّر المسلمين والمؤمنين بأنَّ جهل البشرية بوجود النبيّ يوسف لم يزعزع
ولم يزلزل
عنوان نبوّته، ولم يبعده عن
الاضطلاع بمسؤولية الرسالة وبمسؤولية الإمامة، وأنَّه معدّ مصلحاً ومنقذاً بشرياً
في تلك الحقبة.
وكلّ هذه المقامات كان يزاولها
النبيّ يوسف في غيبته، ويقوم بتلك الأدوار الخطيرة في مسار البشرية التي تعصف
بالنظام البشري، والتي ربَّما تؤدّي به إلى سحيق الهاوية، وهو ينتشلها ويقوم بهذا
الدور الإلهي من دون أن يعرفوا نبوّته ولا رسالته ولا حجّيته، ولا كونه الموعود
المُبشّر من قبل الله، ولا إمامته ولا كونه خليفة لله في أرضه، لكن ذلك لم يُبطل
حجّيته ولا إمامته ولا نبوّته ولا رسالته كما أسلفنا، ولم يكن هناك أيّ شرطية وأيّ
توقّف بين معرفة الناس له بنعت الحجّة ونعت النبيّ ونعت الرسول بالنبوّة والرسالة
والحجّية والإمامة والخلافة، وقيامه بتلك الأدوار من قبل الله تعالى.
وفي الحقيقة فإنَّ هناك مغالطة في
قول البعض: إنَّه ليس هناك ارتباط، بل الارتباط قائم بين النبيّ يوسف وأهل زمانه
حيث يتفاعل مع ساحة الحدث الأساسي الرئيس عندهم من دون أن يشعروا بذلك الارتباط.
فعدم معرفتهم به لا يعني عدم ارتباطهم به، ولا يعني عدم قيامه بالدور، فالإنسان
الآن في وجوده يتعاطى مع كثير من الأشياء المحيطة به من المادة لكن لا يشعر بها،
فهل يعني ذلك عدم وجودها؟
يحدّثنا القرآن الكريم فإنَّ أهل
مصر وكثيراً من البشر آنذاك كانوا يتعاطون مع النبيّ يوسف ومرتبطين به لكن لا
يشعرون به، لا يعرفون الاسم حتَّى على مستوى النظرية، فضلًا على مستوى التطبيق،
يعني ليس على مستوى الفكرة فضلًا عن مستوى تشخيص الفكرة على وجود خارجي، فالخفاء
في ظاهرة النبيّ يوسف أشدّ، ومع ذلك لم تبطل نبوّة النبيّ يوسف وحجّيته وإمامته
وخلافته ومُصلحيته، فهذا درس اعتقادي عظيم يسطّره لنا القرآن الكريم في سورة يوسف،
وليس سمراً ولا ثرثرة، بل عِظَة وعبرة عقدية واعتقادية قبل أن تكون عبرة أخلاقية
أو أدبية، (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى)([12]). ليست هذه مفتريات، بل
(إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ* وَ ما هُوَ بِالْهَزْلِ)([13]). هو قول الله عز وجل،
فإنَّ هذا درس عقائدي عظيم يجابه به القرآن الكريم ويصدّ اكذوبة المكذّبين بالإمام
المهدي ودعواهم في المنافات بعدم شعور البشر بالارتباط وبالتالي تبطل حجّيته، فأيّ
معنى لمثل هذه المقولة الزائفة؟
المسألة
السابعة :انقاذ البشرية في المنعطفات الحادّة
أزمة اقتصادية ستحلُّ بالبشرية
يُراد لها تدبير نافذ، يُراد لها نظام اقتصادي صارم، يُراد لها نوع من البرمجة والتقشف
الاقتصادي كي يواجهوا الأزمة الاقتصادية الحادّة التي ستعصف بهم، من الذي سينجي
البشرية من هذه الأزمة؟ من الذي أعدَّه الله عز وجل للحيلولة دون وقوع هذه الأزمة
التي ستجتاح البلاد؟
الجواب: النبيّ يوسف عليه السلام
هو الذي ينقذ البشرية في منعطفات حادّة يمرُّ بها النظام البشري وهو خفي عنهم، وهم
لا يشعرون به، وهم لا يشعرون بأنَّ هذا التدبير الصالح إنَّما انبثق من هذا
النبيّ، من هذا الموعود بظهوره وبتمكينه.
المسألة
الثامنة : عدم معرفته بسبب الذنوب
والرذيلة
إخوة يوسف عليه السلام رأوا يوسف
عليه السلام لكن لم يعرفوه، بسبب الذنوب، بسبب الرذيلة الأخلاقية والحسد، جاء
الذنب، ووضع حجاباً وستاراً على الفطرة، وعلى التفرُّس والفطنة والكياسة، لم
يستطيعوا أن يعرفوا حضرة يوسف عليه السلام ، لكن حضرة يوسف عليه السلام بنور
الإيمان وتفرُّس النبوة بفطنة التقوى وعبودية الله، عرفهم في بداية دخولهم ولقائهم
ورؤيتهم.
عندئذ قال الإمام جعفر الصادق عليه
السلام عندما كان إخوة يوسف عليه السلام أبناء النبي، وكانوا علماء، ومن أبناء
الأنبياء عليهم السلام ، وقبل ذلك رأوا النبي يوسف عليه السلام ، ولم يعرفوه، ماذا
تنتظر من هكذا أناس، مع كل هذه الذنوب، مع كل هذه الرذائل الأخلاقية، يريدون أن
يروا الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه
ويعرفوه؟
قال: الناس كإخوة يوسف عليه السلام
الإمام صاحب الزمان عليه السلام في مسجد جمكران، يرونه في السوق، يرونه في
مجالسهم، يرونه في الشوارع والمدن، قال: والله إنَّ الإمام صاحب الزمان عليه
السلام يطأ فرش الناس ويسير عليها، ويسير بين الناس في الأزقة والممرَّات والشوارع
والأسواق، ترى الناس الإمام صاحب الزمان عليه السلام لكن لا يعرفونه، والإمام صاحب
الزمان عليه السلام يعرفهم يقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام: عندما يظهر الإمام
صاحب الزمان عليه السلام سيشير الناس إليه بإصبعهم، ويقولون: إنَّ هذا السيد
رأيناه في المدينة، وزرناه، رأيناه في مسجد جمكران، رأيناه في الحرم، رأيناه في
مكة، رأيناه في المدينة، رأيناه في النجف, والكاظمين, وكربلاء, وسامراء، لكن لم
نعرفه!
المسألة
التاسعة :الدنيا بسعتها والأرض برحبها سجنا له
يوسف: ابتلي بالسجن قال: * (رَبِّ
السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ )القائم (عليه السلام) مر
في حديث أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال:
في صاحب هذا الأمر سنة من موسى، وسنة من عيسى، وسنة من يوسف، وسنة من محمد (صلى
الله عليه وآله)، الى أن قال: وأما من يوسف فالسجن والغيبة.
أقول: اعتبر أيها المحب الموالي،
وتأمل في عظمة مصيبة مولاك، وشدة محنته، كيف صارت الدنيا بسعتها، والأرض برحبها
سجنا له، بحيث لا يأمن أن يظهر لجور المعاندين، ومعاندتهم إياه نسأل الله تعالى أن
يعجل فرجه، ويسهل مخرجه.
يوسف (عليه السلام) لبث في السجن
بضع سنين. القائم (عليه السلام): ليت شعري كم يلبث في السجن ولا يخرج.
يوسف: غاب زمانا طويلا * (دَخَلُوا
عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ) القائم (عليه السلام): غاب عن
الخلق، وهو مع ذلك يسير فيهم ويعرفهم ولا يعرفون.
المسألة
العاشرة : التشرّف لبعض المؤمنين
هذا التشرّف حصل لأخيه من دون
بقيّة الناس، حتَّى من دون النبيّ يعقوب عليه السلام.
هل يفيد اللقاء بالإمام نوعاً من
الحجّية؟
من الواضح التشرّف لبعض المؤمنين
أو لبعض العلماء والصالحين لا يدوم، وإنَّما يكون مقدار لقاء وفترة وجيزة، فهل هذا
بالنسبة إلى بقيّة الناس له مؤدّى اعتبار وحجّية كأن يقوم بدعوى الوساطة مثلًا بين
وليّ الله الغائب وبين بقيّة الناس؟
إذاً يقول هذا الحديث: باب اللقاء
وزيارة الإمام صاحب الزمان × مفتوح؛ يراه الناس، لكن لابد أن يعملوا شيئاً حتى
يصلوا إلى معرفته. هو إمامهم، يتحدثون معه، ويطلبون منه، ويريدون منه حاجة.
المسألة
الحادية عشر :هل طول الغيبة مدعاة لليأس
اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ
يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ
مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) ([14]).
طول الغيبة مدعاة لليأس عند ضعاف
القلوب:
في هذه السورة محطّة أخرى مهمّة
وهي أنَّ تطاول غيبة وليّ الله الموعود بالبشارة لكونه مصلحاً ومنقذاً للبشرية،
هذا التطاول في الغيبة مدعاة لليسأس عند ضعاف الإيمان أو ضعاف العقول التي لا تدرك
مدى قدرة الله، ولا تستيقن بحقيقة المعرفة والإدراك من أنَّ الله غالب على أمره
مهما تطاولت الدهور والعصور، فيحصل لهم اليأس، لذا تؤكّد هذه الآية أنَّه من عظائم
الإيمان الانتظار والأمل بمجي ء الفرج، لأنَّ اليأس من روح الله جعل في لسان هذه
الآية على لسان النبيّ يعقوب في مصاف الكافرين.
المسألة
الثانية عشر: وظائف المنتظرين في الغيبة
(يا بَنِيَّ اذْهَبُوا
فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ
إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ)، كما
يعلّمنا النبيّ يعقوب عليه السلام وظيفة المؤمن تجاه حجّة الله الغائب، ووليّ الله
الموعود بأنَّه المصلح المنقذ للبشرية، لا بدَّ أن تكون هناك شدّة تعلّق وشدّة
تذكّر وشدّة ندبة للحقّ والإيمان؛ لأنَّ هذا الإيمان بوليّ الله الغائب ومعرفتنا
به لا يبقى ولا يستمرّ إلَّا في ظلّ التشديد والتركيز من التعلّق والأمل، لذلك نرى
هنا الآيات الكريمة تركّز على هذه النقطة من مواقف النبيّ يعقوب عليه السلام في
ظلّ غيبة النبيّ يوسف، وهنا يعلّمنا القرآن الكريم الموقف تجاه وليّ الله الغائب
ومعرفتنا به، الغائب شعورنا به وبهويته، أنَّه لا يدعونَّكم ذلك إلى الانقطاع
والفتور عن ذكره والتعلّق به والدعاء له بالفرج، فلا بدَّ من كلّ ذلك، فقد ورد عن
مدرسة أهل البيت عليهم السلام دعاء الندبة الذي يستحبّ قراءته كلّ جمعة، بل كلّ
عيد، بل كلّ يوم، لماذا؟ لأنَّ الندبة دعاء وشكوى وتعلّق. وإذا كان لكلّ إمام من
الأئمّة عليهم السلام مجلس عزاء لما انتابه من مصائب وقتل وظلم وتشريد وأنواع
المصائب، فإنَّ مجلس مصاب الحجّة عليه السلام هو شدّة معاناة الغيبة، فدعاء الندبة
يحمل عدّة معانٍ في طيّاته، فهو مجلس عزاء لهذه المصائب التي ابتلي بها إمامنا
المهدي الحجّة ابن الحسن عليه السلام، فيجب أن نقيم مثل هذا العزاء في الواقع.
يعلمنا القرآن الكريم هنا ما قام
به النبيّ يعقوب تجاه النبيّ يوسف الغائب: (قالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ)، يظهر
التحسّر، كما نقرأ في دعاء الندبة من إظهار الشكوى وإظهار التأسف:
(هل قذيت عين فساعدتها عيني على
القذى، هل إليك يا ابن أحمد سبيل فتلقى)
بل هذه عبر وسنن أرادها الله عز وجل أن يستنّ بها الآخرون، إذ هو أن نقتدي بها من النبيّ يعقوب في كيفية تعلّقه وحبّه بالوليّ الغائب الموعود وهو وليّ الله وحجّته في ذلك الزمن وفي تلك الحقبة لإنجاء البشرية، وهذا درس تربوي، وهو أنَّ هذا الإنشداد ولو بلغ إلى ابيضاض العين فهو محمود وهذه فضيلة وهذه مكرمة وكرامة، فكيف بالمودّة التي قد أعظم الله في بيانها حيث جعلها عدل الرسالة التي فيها التوحيد وفيها النبوّة وفيها المعاد وفيها أصول الدين حيث جعلها في كفّة وجعل مودّة أهل البيت عليهم السلام في كفّة([15])
المسالة
الثالثة عشر : حزن سبعين ثكلى .
في تفسير علي بن
ابراهيم أن ابا عبد اللّه الصادق(عليه السلام) سئل : «ما بلغ من حزن يعقوب على
يوسف ؟ قال : حزن سبعين ثكلى باولادها .
في تفسير العياشي
عن الباقر عليه السلام في حديث له قال واشتد حزن يعقوب حتى تقوس ظهره وأدبرت الدنيا عنه.
في مستدرك سفينة
البحار أنّ يعقوب بلغ من الهمّ والحزن حدّاً من الكبر بحيث يظنّه الناس أنّه
إبراهيم
عن حنان بن سدير،
عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) أخبرني عن يعقوب حين قال لولده (اذهبوا
فتحسسوا من يوسف وأخيه) كان علم أنه حي وقد فارقه منذ عشرين سنة وذهبت عيناه من
الحزن والبكاء؟ قال: نعم علم أنه حي؛ أنه دعى ربه في السحر أن يهبط عليه ملك الموت
فهبط عليه ملك الموت في أطيب رائحة وأحسن صورة، فقال له: من أنت؟ قال: أنا ملك
الموت، أليس سألت الله أن ينزلني عليك؟ قال: نعم. قال: ما حاجتك يا يعقوب؟ قال:
اخبرني عن الأرواح تقبضها جملة أو تفاريق؟ قال: يقبضها أعواني متفرقة وتعرض عليّ
مجتمعة. قال يعقوب: فأسألك بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب هل عرض عليك في الأرواح روح
يوسف؟ فقال: لا؛ فعند ذلك علم أنه حي.
فقال لولده:
(اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تياسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا
القوم الكافرون(
المسألة
الرابعة عشر :وكيف اخترت هذه الأسماء
في المجمع
والعياشي عن الصادق عليه السلام وقد كان هيأ لهم طعاما فلما دخلوا عليه قال ليجلس
كل بني ام على مائدة قال فجلسوا وبقي بنيامين قائما فقال له يوسف مالك لا تجلس قال
له إنك قلت ليجلس كل بني ام على مائدة وليس لي فيهم ابن ام فقال أما كان لك ابن ام
قال له بنيامين بلى قال يوسف فما فعل قال زعم هؤلاء إن الذئب أكله قال فما بلغ من
حزنك عليه قال ولد لي أحد عشر ابنا كلهم اشتققت له اسما من إسمه فقال له يوسف أراك
قد عانقت النساء وشممت الولد من بعده قال له بنيامين إن لي أبا صالحا وإنه قال
تزوج لعل الله أن يخرج منك ذرية تثقل الأرض بالتسبيح فقال له تعال فاجلس معي على
مائدتي فقال إخوة يوسف لقد فضل الله يوسف وأخاه حتى أن الملك قد أجلسه معه على
مائدته وفي رواية اخرى أنه حين أجلسه معه على المائدة تركوا الأكل وقالوا إنا نريد
أمرا ويأبى الله إلا أن يرفع ولد ياميل علينا. والقمي فخرجوا وخرج معهم بنيامين
وكان لا يؤاكلهم ولا يجالسهم ولا يكلمهم فلما وافوا مصر دخلوا على يوسف وسلموا
فنظر يوسف إلى أخيه فعرفه فجلس منهم بالبعيد فقال يوسف أنت أخوهم قال نعم قال فلم
لا تجلس معهم قال لأنهم أخرجوا أخي من امي وأبي ثم رجعوا ولم يردوه وزعموا أن
الذئب أكله فآليت على نفسي أن لا اجتمع معهم على أمر ما دمت حيا قال فهل تزوجت قال
بلى قال فولد لك ولد قال بلى قال كم ولد لك قال ثلاثة بنين قال فما سميتهم قال
سميت واحدا منهم الذئب وواحدا القميص وواحدا الدم قال وكيف اخترت هذه الأسماء قال
لئلا أنسى أخي كلما دعوت واحدا من ولدي ذكرت أخي قال لهم يوسف اخرجوا وحبس بنيامين
فلما خرجوا من عنده قال يوسف لأخيه أنا أخوك يوسف فلا تبتئس بما كانوا يعملون......
المسألة
الخامسة عشر :الظهور بعد الغيبة
بعد ذلك تتواصل ظاهرة النبيّ يوسف،
قال تعالى: (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَ
أَهْلَنَا الضُّرُّ وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَ
تَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ* قالَ هَلْ
عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ* قالُوا
أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ
عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ
الْمُحْسِنِينَ)([16]).
هذه المحطّة من ظاهرة النبيّ يوسف التي هي نهاية الغيبة وبداية الظهور المعلن
واكبت مرفقاً مهمّاً جرى بين النبيّ يوسف وإخوته والملأ العامّ، حيث إنَّ النبيّ
يوسف استهلَّ ظهوره وابتدأه بتذكير إخوته بالذي جرى منهم من قبل، هذا التعبير
يشاكل ما ورد في الروايات عن ظهور المهدي عليه السلام، حيث يذكّر الأمّة بما قد
جرى على سيّد الشهداء وما جرى على أهل البيت عليهم السلام من ظلامات وجرائم ونهب
حقوق وجرأة على مقامهم ودفعهم عن المقامات التي رتَّبها الله لهم، واستعراض لمصائب
وظلامات أهل البيت عليهم السلام.
يوسف: أصلح الله تعالى أمره في
ليلة واحدة، حيث رأى فيها ملك مصر في المنام ما رأى. القائم (عليه السلام): يصلح
الله تعالى أمره في ليلة واحدة فيجمع له فيها أعوانه من أقاصي البلاد.
المسألة
السادسة عشر :إني لا أخاف ممن يخاف الله
روى محمد بن علي بن بابويه مرفوعا
إلى الصادق ع قال استأذنت زليخا على يوسف فقيل لها يا زليخا إنا نكره أن نقدم بك
عليه لما كان منك إليه قالت إني لا أخاف ممن يخاف الله فلما دخلت قال لها يا زليخا
ما لي أراك قد تغير لونك قالت الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا و جعل
العبيد بطاعتهم ملوكا.
المسألة
السابعة عشر : الذكر طريق للمحبة وان كان
غائبا
قالت زليخا المحبة للغيب المحمدي
[قالت لأنك حين ذكرته وقع حبه في قلبي] فلاتلومن من يكثر ذكر المغيب فهو يبحث عن
الحب المهدوي
في علل الشرائع: عن أبي عبد الله
عليه السلام قال إستأذنت زليخا على يوسف فقيل لها إنا نكره أن نقدم بك عليه لما
كان منك إليه قالت إني لا أخاف من يخاف الله فلما دخلت قال لها يا زليخا مالي أراك
قد تغير لونك قالت الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا وجعل العبيد بطاعتهم
ملوكا فقال لها ما الذي دعاك إلى ما كان منك قالت حسن وجهك يا يوسف فقال كيف لو
رأيت نبيا يقال له محمد صلى الله عليه وآله يكون في آخر الزمان أحسن مني وجها
وأحسن مني خلقا وأسمح مني كفا قالت صدقت قال وكيف علمت أني صدقت قالت لأنك حين
ذكرته وقع حبه في قلبي فأوحى الله عز وجل إلى يوسف أنها قد صدقت وإني قد أحببتها
لحبها محمدا صلى الله عليه وآله فأمره الله عز وجل أن يتزوجها([17]).
عاتبوا زُليخا لعشقها لغلامها حتى
وما إن رأوا يوسف قطعوا أصابعهم،
نواحي زليخا لو رأين جبينه
لأثرن بالقطع القلوب على الايدي
ولو سمعوا في مصر أوصاف وجهه
لما بذلوا في سوم يوسف من نقد
[1]/ غيبة النعماني:
163 الباب العاشر
[2]/ بحار الأنوار / جزء 51 / صفحة [218]
[3]/ بحار الأنوار / جزء 51 / صفحة [218]
[4]/ الغيبة للنعماني ص 163
[5]/ الصراط المستقيم ج2 : 227
[6]/ يوسف: 111
[7]/ تفسير القمي ج 1 ص339
[8]/ يوسف: 100 و 101
[9]/ يوسف: 7
[10]/ يوسف: 22
[11]/ القصص: 9
[12]/ يوسف: 111
[13]/ الطارق: 13 و 14
[14]/ يوسف: 87
[15]/ اقول
اغلب ماتقدم مستفاد من كتاب الإمام المهدي والظواهر القرانية للمحقق اية الله
الشيخ السند دامت بركاته
[16]/(يوسف: 90 88)،
[17]/ علل الشرائع: 30.
تعليقات
إرسال تعليق