الرسالة الرابعة

إن حبنا أهل البيت ينزله الله من السماء من خزائن تحت العرش ([1]).

 

المسألة الاولى : بيانات نورية

 

الاول : أساس الإسلام حبنا أهل البيت

عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده )عليهم السلام(، قال لما قضى رسول الله )صلى الله عليه و آله( مناسكه من حجة الوداع، ركب راحلته و أنشأ يقول لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما. فقام إليه أبو ذر الغفاري )رحمه الله( فقال يا رسول الله، و ما الإسلام فقال )صلى الله عليه و آله( الإسلام عريان لباسه التقوى، و زينته الحياء، و ملاكه الورع، و جماله الدين، و ثمره العمل الصالح، و لكل شي ء أساس، و أساس الإسلام حبنا أهل البيت([2]).

 

 

 

الثاني : يا رسول الله ما علامة حبكم

عن أبي بردة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لاتزول قدم عبد حتى يسأل عن حبنا أهل البيت، قيل: يا رسول الله ما علامة حبكم ؟ قال: فضرب بيده على منكب علي عليه السلام([3]).

الثالث : الحسنة معرفة الولاية حبّنا أهل البيت

في رواية عن الإمام الباقر(عليه السلام) أنّه دخل أبو عبدالله الجدلي على أمير المؤمنين(عليه السلام) فقال: يا أبا عبدالله ألا أخبرك بقول الله عزّوجلّ: (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النّار هل يجزون إلاّ ما كنتم تعملون ) قال: بلى يا أميرالمؤمنين جعلت فداك، فقال: «الحسنة معرفة الولاية حبّنا أهل البيت، والسيئة إنكار الولاية وبغضنا أهل البيت ثمّ قرأ (عليه السلام) » ([4]).

الرابع : النعيم حبنا اهل البيت و موالاتنا

في عيون الاخبار باسناده إلى ابراهيم بن عباس الصوفى الكاتب قال :كنا يوما بين يدى على بن موسى الرضا عليه السلام فقال : ليس في الدنيا نعيم حقيقى ، فقال له بعض الفقهاء ممن يحضره : فيقول الله عزوجل : " ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم " اما هذه النعيم في الدنيا وهو الماء البارد ؟ فقال له الرضا عليه السلام وعلا صوته : كذا فسرتموه انتم وجعلتموه على ضروب ، فقالت طائفة : هو الماء البارد ، وقال غيرهم : هو الطعام الطيب ، وقال آخرون : هو طيب النوم ، ولقد حدثنى ابى عن ابيه ابى عبدالله عليه السلام ان اقوالكم هذه ذكرت عنده في قول الله عزوجل : " لتسئلن يومئذ عن النعيم " فغضب وقال : ان الله عزوجل لا يسأل عباده عما تفضل عليهم به ، ولا يمن بذلك عليهم ، ولامتنان بالانعام مستقبح من المخلوقين فكيف يضاف إلى الخالق عزوجل ما لا يرضى المخلوقين به ؟ ولكن النعيم حبنا اهل البيت و موالاتنا ، يسأل الله عنه بعد التوحيد والنبوة ، لان العبد اذا وفى بذلك اداه إلى نعيم الجنة الذى كان لا يزول ولقد حدثنى بذلك ابى عن ابيه عن محمد بن على عن ابيه على بن الحسين عن الحسين بن على عليه السلام انه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : اول ما يسئل عنه العبد بعد موته شهادة ان لا اله الا الله ، وان محمدا رسول الله ، وانك ولى المؤمنين بما جعله الله وجعلته لك . فمن اقر بذلك وكان معتقده صار إلى النعيم الذى لا زوال له ([5]).

الخامس : انك مع من احببت

 (إن رجلا من أهل البادية أتى النبي (فقال: يارسول الله، متى الساعة قائمة؟ قال: (ويلك، ما أعددت لها؟  قال: ما أعددت لها الا أني أحب الله ورسوله, قال: (إنك مع من أحببت (فقلنا: ونحن كذلك؟ قال: (نعم (. ففرحنا يومئذ فرحا شديد)([6]).

المسألة الثانية :اطلالة على الحب

الحب: كلمة تكونت من حرفين تبدء من تباعد الشفتين وتنتهي باجتماع الشفتين بشدة وقوة.

منشأ كل الحركات والسكنات هو طلب الكمال والميل إلى السعادة الحقيقية، وقيل: الحب هو طلب الكمال والميل للسعادة.

الذي يجمعنا مع بعض ويباعدنا عن بعض آخر هو الحب، نتواجد في أماكن ولا نتواجد في أماكن أخرى بسبب الحب، نلبس ثوباً ونترك آخراً علته الحب و .... الخ .

اللذة الحقيقية لجميع الماديات والمعنويات بتفاصيلها مع العائلة، مع الأصدقاء، مع الآخرين، مع المعارف، مع التوحيد، مع الدين، المسموعات المشمومات المبصرات جوهرها وصميمها ولبها الحب

ترتقي كل هذه الامور إلى اعلى اعاليها  حينما نعيش بصدق مع كلمة (أحبك يامهدي) .

 

الضمان في الغيبة والظهور، في الرجعة والبرزخ، في الآخرة والجنة، حب حقيقي وصادق يكوّن رابطة لا تنفك أبداً فتكون بمثابة الضمان المخول لك في التعامل به مع الآخرين في سفرٍ، وبيع، وما شاكل ذلك فلنبحث عن الأمل والمأمول وهو (احبك يامهدي )..

عن ربعي بن عبد الله قال: قيل لابي عبد الله عليه السلام  جعلت فداك إنا نسمي بأسمائكم وأسماء آبائكم فينفعنا ذلك ؟ فقال: إي والله وهل الدين إلا الحب ؟ قال الله: " إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم " ([7])  . 

المحبة كيمياء عجيبة تقلب حقيقة الأشياء، تجعل من الشياطين حوراً ومن الظلمات نوراً! أضرب مثالاً عامياً: الطفل ذو العين الحولاء، وفتحة أنفه واسعة، وشفاهه منتفخة، ولونه أسود كالفحم، ويده ست أصابع، ورأسه أقرع! ولديه ألف عيب، وماء عينه وأنفه وفمه متصل ببعضه! وعندما ننظر له نصاب بحالة استفراغ وتقيء، صورته في نظرنا أخسُّ من الشيطان!

أمُّ هذا الطفل تحبه! على ذلك تأخذه إلى حضنها وتضمّه، وتشمّه وتقبّله، وتكون فداءً له، محبة هذا الطفل كريه المنظر تجعل صورته في نظر الأم أحلى من جمال الحور العين، وهو كالقمر في الليلة الرابعة عشر من الشهر، تأخذه وتضمه إلى صدرها وتقبِّله في وجهه.

اذن الحب يصنع من الجبان  شجاعا ومن البخيل سخيا ومن ومن لاشيء كل شيء.

 

*ان الحب امر وجودي وكل موجود في اعماقه الحب .

فالحب ليس امرا موهوم وانما مجعولا بجعل بسيط بكينونة كل موجود .

 *لما كان الوجود ذو مراتب فالحب على مراتب .

فالحب يبدء من اضعف الموجودات المادية الى اعلى اعاليها وهو الوجود المطلق .

 *اعلى مراتب الحب الحب الالهي .

اما تفسير الحب الالهي فله حديث خاص سيأتي في طيات هذه الوريقات

*اضعف الحب هو المادي والطبيعي.

وبروز الحب المادي في الحركة التي هي الخروج من القوة الى الفعل .

*اعظم لوازم الحب واثاره افاضة الكمال من الكامل وطلب الكمال من الناقص .

والكمال هو الرابط بين المحب والحبيب ([8]).

المسألة الثالثة : اجمل الجمال واكمل الكمال الرحمة الواسعة

ايها العزيز المحب بالضرورة الفطرية حبك النابع من وجودك لابد من ان يكون له موجود كامل هو اجمل الجمال واكمل الكمال والسعادة المطلقة .

يقول الشيخ جواد ملكي التبريزي وهو يخاطب  امام الزمان (عجل الله فرجه) 

جمالك مظهر جمال الله الجميل ، وجمال غيرك من مظاهر جمالك ، وهكذا جلالك مظهر جلال (الله) الجليل ، وجلال غيرك مقتبس من جلالك ، وأنت أصل كل ّجمال وجلال ، وأنت المراد بأبهى البهاء ، وأجمل الجمال ، وأجلّ الجلال في دعاء السحر ، وأنت نور الله الأنور ، وضياؤه الأزهر ([9]).

اقول ايها العزيز تأمل في دعاء السحر

(اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ جَمالِكَ بِاَجْمَلِهِ وَكُلُّ جَمالِكَ جَميلٌ، اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ بِجَمالِكَ كُلِّهِ،)

جمالك جلالك بهائك رحمتك اسمائك .....

ماذا يعني هذا ؟

  يعني كلمة واحدة  يعني محمد وال محمد يعني مهدي ال محمد

 

المسألة الرابعة : الميزان في معرفة الحب 

انجذابك نحو ذكره ومناجاتك في قلبك لامام زمانك دليل على حبك له وحسرتك عليه وتلهفك وشوقك تأكيد على تهلقك به فقلب قلبك واطلاع عليه لترى باي شي تعلق فهو محبوبك .

ولقد ذكر الكبار من العلماء مثلا يبين حقيقة حالنا

كان رجل جالساً في بيته فجاءت قطة وسرقت قطعة اللحم ثم هربت، ولشدة حب الرجل إلى اللحم أخذ يطاردها ولكن القطة خرجت من البيت هاربة إلى الزقاق فتركها ولم يتابعها أكثر من ذلك لان حبه إلى اللحم لم يكن أكثر من هذا. ولو جاء ثعلب وسرق دجاجة منه فانه يطارد الثعلب من زقاقٍ إلى آخر حتى يذهب إلى الصحراء فيتركه، كذلك فحبه للدجاجة وبغضه إلى الثعلب بهذا المستوى. أما إذا جاءه ذئب واخذ منه كبشاً فانه كذلك يطارده حتى ولو وصل إلى الصحراء لعله يدرك كبشه المسروق. ولكن إذا صعد الجبال فانه يتركه لأن حبه إلى كبشه لم يكن أكثر من ذلك، أما إذا جاء، حيوان مفترس وأخذ ابنه الصغير فانه يتبع ذلك الحيوان المفترس في الصحراء والجبال ويطارده ليلاً ونهاراً عله يحصل على ابنه. ويقول في نفسه لا أتركه حتى ولو أحصل على جنازته فيجب إن اتبعه.

وبهذا المثال نرى انه كلّما ازداد حب الإنسان إلى شيءٍ ازداد تعلقه بذلك الشيء، وكلما ازداد بغضه إلى شيء ازداد ابتعاده وكراهيته لذلك الشيء.