القائمة الرئيسية

الصفحات

من كتاب علي بن مهزيارمن اعظم مصاديق الانتظار

 





من كتاب 

علي بن مهزيار

من

اعظم مصاديق الانتظار




 

خطابات الائمة %

                         في
                  علي بن مهزيار

 
 

بميلك إلى أهل هذا البيت وبطاعتك لي ولابي ولابائي
محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمد، قال: حدثني أحمد بن محمد، عن علي بن مهزيار، قال بينا أنا بالقرعاء في سنة ست وعشرين ومأتين منصرفي عن الكوفة، وقد خرجت في آخر اليل أتوضأ أنا وأستاك، وقد انفردت من رحلي ومن الناس، فاذا أنا بنار في أسفل مسواكي، يلتهب لها شعاع مثل شعاع الشمس أو غير ذلك، فم أفزغ منها وبقيت أتعجب، ومسستها فلم أجد لها حرارة، فقلت: الذي جعل لك من الشجر الاخضر نارا فاذا أنتم منه توقدون. فبقيت أتفكر في مثل هذا، وأطالت النار المكث طويلا، حتى رجعت إلى أهلي، وقد كانت السماء رشت وكان غلماني يطلبون نارا، ومعي رجل بصرى في الرحل.
فلما أقبلت قال الغلمان قد جاء أبوالحسن ومعه نار، وقال البصري مثل ذلك، حتى دنوت، فلمس البصري النار فلم يجد لها حرارة ولا غلماني، ثم طفيت بعد طول، ثم التهبت فلبثت قليلا ثم طفيت، ثم التهبت ثم طفيت الثالثة فلم تعد، فنظرنا إلى السواك: فاذا ليس فيه أثر نار ولا حر ولا شعث ولا سواد ولاشئ يدل على أنه حرق، فأخذت السواك فخبأته. وعدت به إلى الهادي عليه السلام ودرست وعشرين بعد موت الجوا د عليه السلام فيحم الغلط في السارع قابلا، وكشفت له أسفله وباقيه مغطى وحدثته بالحديث، فأخذ السواك من يدي وكشفه كله وتأمله ونظر اليه، ثم قال: هذا نور، فقلت له نور جعلت فداك؟ فقال: بميلك إلى أهل هذا البيت وبطاعتك لي ولابي ولابائي، أو بطاعتك لي ولابائي أراكه الله([1]).
 
ملأتني سرورا
عن محمد بن عيسى، عن علي بن مهزيار: وفي كتاب لأبي جعفر (عليه السلام) إليه ببغداد: قد وصل إلي كتابك، وقد فهمت ما ذكرت فيه، وملأتني سرورا، فسرك الله ! وأنا أرجو من الكافي الدافع، أن يكفي كيد كل كائد، إن شاء الله تعالى ([2]).
 
مع كثرة عنايتي بك و محبتي لك
«و امّا ما سألت من الدعاء فانّك بعد لست تدري كيف جعلك اللّه عندي و ربما سميتك باسمك و نسبك مع كثرة عنايتي بك و محبتي لك و معرفتي بما أنت إليه، فأدام اللّه لك أفضل ما رزقك من ذلك([3]).
 
 
 
 
 التوقف عند خطاب الامام الجواد عليه السلام  
من اعجب ماقيل   عن الحسن بن شمون قال: قرأت هذه الرسالة على علي بن مهزيار عن أبي جعفر الثاني بخطه: بسم الله الرحمن الرحيم يا علي أحسن الله جزاك، وأسكنك جنته، ومنعك من الخزي في الدنيا والآخرة، وحشرك الله معنا، يا علي قد بلوتك وخبرتك  في النصيحة والطاعة والخدمة، والتوقير والقيام بما يجب عليك، فلو قلت إني لم أر مثلك لرجوت أن أكون صادقا، فجزاك الله جنات الفردوس نزلا، فما خفي علي مقامك ولا خدمتك في الحر والبرد، في الليل والنهار، فأسأل الله إذا جمع الخلائق للقيامة أن يحبوك برحمة تغتبط بها، إنه سميع الدعاء([4]).
 
اربع دعوات لعلي بن مهزيار
أحسن الله جزاك، وأسكنك جنته، ومنعك من الخزي في الدنيا والآخرة، وحشرك الله معنا
الأولى: (احسن الله جزاك) دعاء الامام عليه السلام  اخبار عن النتائج وكشف عن الحقيقة والامام عليه السلام أراد ان يخبر ان بن مهزيار مجازة الله عزوجل له ليس حسنة بل من احسن الجزاء.
الثانية: (أسكنك جنته) نحن نعلم ان الجنان متعددة  وهناك جنة خاصة تسمى (جنتي ) كما ( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي )([5]).
والاعجب في التعبير الامام يقول (أسكنك جنته) الله عزوجل هو المتولي في سكناه.
الثالثة:(ومنعك من الخزي في الدنيا والآخرة)
المنع احدى تعابير العصمة واحد أسماء الله المانع وهذا الاسم اذا ظهر اثره في شخص عصمه من كل خطيئة وخطاء والامام عليه السلام  ذكر الخزي والقران الكريم (رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ  وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)([6]).
وقد استخدم الخزي في السوء والذلّ و الهوان و البعد و الفضيحة و السوء و الحياء.
والامام A رفع يده بالدعاء له واخبره ان الله عزوجل هو المانع لك من الذل والهوان والبعد والفضيحة والسوء والحياء ليس فقط في الدنيا بل حتى في الاخرة.
الرابعة:
( وحشرك الله معنا) وههنا تسكب العيون حدقاتها لهذا الدعاء وهو الحشر مع محمد وال محمد هي غاية الغايات ومنتهى الكمالات وقد وردت في مجموعة خاصة كميثم التمار وغيره رضوان الله عليهم .
 
 
 
 
الابتلاء والاختبار
الامام عليه السلام يقول لابن مهزيار (يا علي قد بلوتك وخبرتك )
الإمتحان الإلهي لا يجري عن طريق الحوادث الصعبة القاسية فحسب، بل قد يمتحن الله عبده بالخير وبوفور النعمة، كما يقول سبحانه: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) ([7]).
ويقول سبحانه على لسان نبيّه سليمان: (هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي ءَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ) ([8]).
 
وهنا ينبغي أن نشير إلى عدة مسائل:
أحدها: أنه ليس من الضروري أن يُخْتَبر جميع النّاس بجميع وسائل الإختبار، بل من الممكن أن يكون إختبار كل فئة بلون من الإمتحان يتناسب مع الوضع الفردي والإجتماعي لتلك الفئة.
والاُخرى: أنه من الممكن أن يجتاز الإنسان بعض الإمتحانات، بينما يفشل في إمتحانات اُخرى.
وقد يكون امتحان فرد من الأفراد موضع امتحان فرد آخر، كأن يكون موت ولد لإنسان موضع امتحان أصدقائه وأقاربه، ليُرى مدى اتخاذهم موقف المواساة من صاحبهم.
وأخيراً، فالإختبار الإلهي كما ذكرنا شامل عام يدخل في نطاقه حتى الأنبياء (عليهم السلام)، بل إن اختبارهم بسبب ثقل مسؤوليتهم أشدّ بكثير من اختبار الآخرين.
القرآن الكريم يعرض صوراً لاختبارات شديدة مرّ بها الأنبياء%وبعضهم مرّ بمراحل طويلة شاقة قبل وصوله إلى مقام الرسالة، كي يكون على أتمّ الإستعداد لتحمل أعباء قيادة أُمّته([9]).
يقول العلامة صاحب الميزان قوله تعالى: "ليبلوكم أيكم أحسن عملا" اللام للغاية والبلاء الامتحان والاختبار، وقوله: "أيكم أحسن عملا" بيان للاختبار والامتحان في صورة الاستفهام والمراد أنه تعالى خلق السماوات والأرض على ما خلق لغاية امتحانكم وتمييز المحسنين منكم من المسيئين. و من المعلوم أن البلاء و الامتحان أمر مقصود لغيره و هو تمييز الجيد من الردي و الحسن من السيىء، و كذلك الحسنة و السيئة إنما يراد تمييزهما لأجل ما يترتب عليهما من الجزاء، و كذلك الجزاء إنما يراد لأجل ما فيه من إنجاز الوعد الحق و لذلك نجده تعالى يذكر كل واحد من هذه الأمور المترتبة غاية للخلقة فقال في كون الابتلاء غاية للخلقة: "إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا:"([10]) ، و قال في معنى التمييز و التمحيص: "ليميز الله الخبيث من الطيب:"([11]) و قال في خصوص الجزاء: "و خلق الله السماوات و الأرض بالحق و لتجزى كل نفس بما كسبت و هم لا يظلمون:"([12]) و قال في كون الإعادة لإنجاز الوعد: "كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين:"([13]) إلى غير ذلك من الآيات، و قال في كون العبادة غرضا في خلق الثقلين: "و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون:"([14]).
و عد العمل الصالح أو الإنسان المحسن غاية للخلقة لا ينافي اشتمال الخلقة على غايات أخرى بعد ما كان الإنسان أحد تلك الغايات حقيقة لأن الوحدة و الاتصال الحاكم على العالم يصحح كون كل واحد من أنواع الموجودات غاية للخلقة بما أنه محصول الارتباط و نتيجة الازدواج العام بين أجزائه فمن الجائز أن يخاطب كل نوع من أنواع الخليقة أنه المطلوب المقصود من خلق السماوات و الأرض بما أنها تؤدي إليه على أن الإنسان أكمل وأتقن المخلوقات الجسمانية من السماوات والأرض وما فيهما صنعا ولئن نمى في جانب العلم والعمل نماء حسنا كان أفضل ذاتا مما سواه وأرفع مقاما وأعلى درجة من غيره وإن كان بعض الخليقة كالسماء أشد منه خلقا كما ذكره الله تعالى ومن المعلوم أن كمال الصنع هو المقصود منه إذا اشتمل على ناقص ولذا كنا نعد مراحل وجود الإنسان المختلفة من المنوية والجنينية والطفولية وغيرها مقدمة لوجود الإنسان السوي الكامل وهكذا و بهذا البيان يظهر أن أفضل أفراد الإنسان - إن كان فيهم من هو أفضل مطلقا - غاية لخلق السماوات و الأرض، و لفظ الآية أيضا لا يخلو عن إشارة أو دلالة على ذلك فإن قوله: "أيكم أحسن عملا" يفيد أن القصد إلى تمييز من هو أحسن عملا من غيره سواء كان ذلك الغير محسنا أو مسيئا فمن كان عمله أحسن من سائر الأفراد سواء كانوا محسنين و أعمالهم دون عمله أو مسيئين كان تمييزه منهم هو الغرض المقصود من الخلقة، و بذلك يستصح ما ورد في الحديث القدسي من خطابه تعالى لنبيه (عليه السلام ): "لولاك لما خلقت الأفلاك" فإنه (عليه السلام ) أفضل الخلق([1]).
أقول ومن هنا نعرف ان بن مهزيار قد امتحن امتحانات وهي بعين الامام عليه السلام وقد تنوعت الامتحانات كما قال الامام عليه السلام
( في النصيحة والطاعة والخدمة، والتوقير والقيام بما يجب عليك)
لقد اختبره الامام عليه السلام  في أمور من الصعب ان ينجو احدنا في بعض تفاصيلها فكيف بتمامها وانا اعرض فقط تعاريفها وانت تدبر ذلك.
النصيحة: هو الخلوص من الغشّ سواء كان في موضوع أو قول أو عمل أو في أمر معنوىّ.
الطاعة: هو العمل بما يقتضيه الأمر و الحكم مع رغبة و خضوع، فله ثلاثة قيود: الرغبة، و الخضوع، و العمل على طبق الأمر. و إذا فقدت الرغبة و التمايل يصدق الكره، سواء حصل خضوع أو عمل أم لا.
الخدمة:بما تحمل من انكسار للاخرين والامتثال لامر الاخرين وقضاء حوائجهم وغيرها من الأمور التي هي من لوازم الخدمة.
والتوقير:  بمعنى جعل ثقالة و وقار للغير وبمعنى اخر  التعظيم للغير.
والقيام بما يجب عليك: وهي الواجبات بكل أنواعها من اعتقادية وفقهية واخلاقية.
والامام عين الله في خلقه مشوف له تفاصيل الخلقة والمخلوقين وهو مطلع على تفاصيل حياة ابن مهزيار واعطاه النتيجة .
ثم الامام يذكر في اخر الرسالة تفاصيل خدمته بقوله
(فما خفي علي مقامك ولا خدمتك في الحر والبرد، في الليل والنهار،)
أقول خدمته في أيام الصيف الحار وايام الشتاء البارد وساعات الليل والنهار كلها بدون كلل وملل عن محبة ونصيحة وتعظيم وتوقيرهذا من جهة .
والامام يراقب بدقة يراقب الحركات والافعال والتكاليف بكل تفاصيلها ويراقب قلبه وعقله والتوقير والنصيحة فوجد شئيا واحدا وهو ((فلو قلت إني لم أر مثلك لرجوت أن أكون صادقا).
 
النتيجة إني لم أر مثلك
(فلو قلت إني لم أر مثلك لرجوت أن أكون صادقا)
وهوتعبير عجيب جدا حينما يصدر من حجة الله على خلقه ان كلمة  (لم ار مثلك) كلمة تطلق على  مقام الانسان الاوحدي الذي حاز على رضا امام زمانه.
واختتم كلامه عليه السلام  .

(فأسأل الله إذا جمع الخلائق للقيامة أن يحبوك برحمة تغتبط بها، إنه سميع الدعاء).


 



[1]/ تفسير الميزان ج 10.



[1] /معجم رجال الحديث ( 8553 ) - علي بن مهزيار

[2] / رجال الكشي: ص 550، ضمن، ح 1040.

[3] / رجال الكشي، ح 1040.

[4] / الغيبة - الشيخ الطوسي - ج ١ - الصفحة ٣٧٠

[5] / الفجر: 27 30.

[6] / سورة آل عمران - الآية 192

[7]/ الأنبياء: 35.

[8]/ النمل: 40.

[9]/ ألأمثل : الجزء الاول : صفحة - 442 -

([10]) الكهف: - 7.

([11]) الأنفال: - 37.

[12] / الجاثية: - 22

([13]) الأنبياء: - 104.

([14]) الذاريات: - 56.




تعليقات