القائمة الرئيسية

الصفحات

قلب الامام عجل الله فرجه يتألم حين رؤية اعمالنا





 

قلب الامام # يتألم حين رؤية اعمالنا

فعن سماعة قال: سمعت الإمام أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ما لكم تسوؤن رسول الله؟ فقال رجل: كيف نسوؤه؟ فقال: أما تعلمون أنّ أعمالكم تعرَضْ عليه، فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك، فلا تسوؤا رسول الله وسرّوه([1]).

إنّ الإمام عجل الله فرجه يفرح لله، ويغضب لله، ويحزن لله، ويحب في الله، ويبغض في الله. فكيف به وهو يقرأ في صحيفة أحدنا سيئة أو ذنباً ارتكبه، فهو يعيش تلك الجبال من الآلام. هذا الألم يأتي إضافياً لتلك الآلام، هذا ألم ذوي القربى، هذا ألم المقربين الأحبة الأعزة، فلماذا هذه الذنوب؟ ولماذا هذه الجرأة على المعاصي؟ ولماذا لا نرأف بذلك القلب الذي أفعمته الآلام وملأته الجراح؟

لماذا لا نكون السبب في إدخال السرور عليه(عليه السلام) حينما يطّلع على أعمالنا فيجدها متطابقة مع ما يريده الله تعالى منّا.

فلنجدد العهد معه، ولنتب على يديه حباً له، ونعقد العزم على أن نقاطع ونهجر كل الذنوب، ونتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يعصمنا ببركة إمام زماننا من كل ذنب، حباً وشفقة وحناناً لسيدنا صاحب الأمر(عليه السلام) ومحبة له.

فالتوبة لا تكون دائماً خوفاً من النار، وإن كان الخوف حقيقياً، والنار حقيقة فلابد أن نخشاها، والجنة حقيقة من الحقائق فلابد أن نطمع فيها. ولكن شفعاءنا إلى الجنة، ومنقذينا من النار هم أهل البيت (عليهم السلام)، فلنؤكد ارتباطنا وانتماءنا وتلاحمنا واهتمامنا بأئمتنا صلوات الله عليهم في طاعتنا لله حباً لهم، من أجل أن يفرح مهدي هذا العصر(عليه السلام).

 

قصة أنا إمام زمانک فماذا تريد؟

قال السيد الأبطحي: کانت المدارس في إيران - إبان العهد الملکي الطاغوتي - شديده الفساد .. من الوجهه الأخلاقيه والتربويه.

في تلک الأيام، تحدثت مره بمحضر عدد من المدرسين وأساتذه

الجامعه، فقلت: إذا کان فرعون قد قتل أبناء بني إسرائيل واستحي؟؟ نساءهم .. إذا کان فرعون قد قتل أبناءنا وبناتنا روحياً - وهو أخطر من التقتيل البدني - ويسوق الجيل الجديد إلي الفساد. وکانت عاقبه هذا الکلام أن أحضرت إلي مقر الشرطه السريه، حيث ذقت کثيراً من التعذيب النفسي.

ليس لأحد - في ذلک الوقت - حق الاعتراض. وما ثمه من خطوه للإصلاح لکي يطمئن أولياء التلاميذ علي سلامه تربيه أبنائهم .. کان الوضع - بلا ريب - يجر الناشئه واليافعين إلي الفساد جرّاً. وعلي أي حال .. فقد انطوت صفحه تلک الأيام السوداء - لا أعادها الله.

ومن جهه أخري .. فإن عمليه السفور الإجباري التي تولي کنزها المقبور (رضا شاه البهلوي) قد أسقطت المجتمع في وهده من الفساد والإفساد، فلم يبقَ من الإسلام إلا اسمه.

في أعتي أيام تجبّر الأسره الملکيه الفاسده .. تحدث السيد توکلي، فقال: کنت ضيفاً في منطقه (تُرکُمَن) علي عالم هذه المنطقه. وبعد تناول الغداء استلقيت علي الفراش للاستراحه. کانت عيني ما تزال مفتوحه لم أنم .. إذ أحسست أن باب الغرفه قد فتح، ودخل الإمام بقيه الله (روحي فداه)، وسلم عليّ. رددت تحينه، وعزمت علي النهوض. لکنه (سلام الله عليه) أشار بيده أن: لا تقم. وتصرف بي، بحيث أني عجزت عن الحرکه. اقترب مني (عليه السّلام)، وقال: اثنتان قصمتا ظهري، الأولي: وضع المدارس والثقافه في هذا البلد. والثانيه: سفور النساء. ثم قال (عليه السّلام): قلب أمي الزهراء (سلام الله عليها) أشد انکساراً من انکسار ضلعها. ثم بکي ... وبکيت أنا مع بکائه .. وما إن رفعت يدي أمسح الدموع حتي غاب عني (عليه السّلام).

وذکر هذا الرجل - في سياق حديثه - أنهم في أوائل تسلط (رضاه شاه) کانوا يسوقون الناس سوقاً إلي الجنديه الإجباريه، ويؤذونهم في الخدمه العسکريه أذي کثيراً، بل أنهم ربما يرغمونهم علي الخروج من الدين الإسلامي المقدس. في ذلک الوقت .. ما کان أبي قد تزوج، أو أنه کان حديث عهد بالزواج ولم يرزق ذريه بعد. في حينها فکر في نفسه: أنه إذا أنجب أولاداً فإنهم سيرسلونهم کرهاً إلي العسکريه. کان في حيره من أمره: فهو أمره أن يتزوج (أو ينجب أولاداً)، وأما أن يظل أعزب لا يتزوج، لکيلا يجنّد أبناؤه

 

لخدمه النظام.

ثم أنه نقل عن أبيه أنه قال: في وقتها کنت أخرج إلي بريه قريبه من دارنا مده أربعين ليله، أتوسل بالإمام بقيه الله صاحب العصر والزمان (عليه السّلام) ... طالباً منه أن يخرجني من حيرتي، وأن يرشدني: أنجب ذريه. أم لا؟

في الليله الأربعين - وکانت ليله قد اشتد بردها - وسوس الشيطان في صدري ألا أذهب فيها إلي البريّه. لکني - علي أي حال - ذهبت ... ورحت أتوسل ... وبعد دقائق من التوسل .. إذا بي أري، في تلک الظلمه ألحالکه، نوراً أبيض يقبل إليّ. دققت النظر .. فشاهدت رجلاً في قلب النور ... وهذا النور الذي رأيته کان يشع؟؟ الرجل.

 

ثم أنه دنا مني، وأنا ما أزال عاکفاً علي توسلاتي وضراعاتي .. فناداني باسمي، قائلاً: عزيز الله! ما الذي جاء بک إلي هنا؟

قلت: أريد إمام زماني.

قال: أنا إمام زمانک .. فماذا تريد؟قلت: إذا کنت أمام زماني فإنک تعلم ما أريد.

قال: صحيح، إنک تريد أن تعرف: أيجوز لک إنجاب ذريه أم لا. وإني لأقول لک: سيکون لک خمسه أولاد ذکور، فإذا تعهدت ألا يتأثروا بثقافه النظام البهلوي - بأن لا تبعث بهم إلي المدارس ... فأنا أتعهد لک ألا يجندوا اللعسکريه.

يقول السيد توکلي: وکما قال الإمام بقيه الله (روحي له الفداء) .. رزق الله والدي خمسه أولاد ذکور، فلم يُدخل أياً منهم إلي المدرسه، وعُني هو بتعليمهم في الدار. والمعجزه في الموضوع أنه لم يؤخذ أي منهم إلي العسکريه.

وروي السيد توکلي حکايه کل واحد من الأبناء الخمسه في طريقه خلاصهم من الجنديه، أعرض عن ذکرها هنا رعايه للاختصار.

وهنا ينبغي التذکير أن المسلمين فيما مضي .. کانوا يُعنون أشد العنايه بتربيه أبنائهم علي طباق الآداب والمعايير الإسلاميه؛ فلا يدعونهم ينفعلون بالبيئات البعيده عن الأخلاق وعن الإنسانيه. فإذا قُدر أنهم کانوا يعيشون في بيئه غير إسلاميه، فإنهم يعکفون علي تربيه أبنائهم وبناتهم في المنزل؛ خشيه أن تلوث اطهارتهم عوامل المحيط الفاسد .. ذلک أن الله (عز وجل) کما أمر المسلمين بوقايه أنفسهم من الشقاء وعذاب النار، أمرهم أن يقوا أهلهم ومن يرتبط بهم من نار جهنم: «قُوا أَنْفُسَکُمْ وَأَهْلِيکُمْ نَارًا» .

 

والحقيقه التي لا ريب فيها: أن «کل مولود يولد علي الفطره». فإذا کان يحيي في بيئه صالحه مبرأه من الرذائل الحيوانيه .. فإن المولود ينمو ويدرج علي صراط الله المستقيم، وتظل نفسه في حاله نقاء وطهر يغدو معها أمر التزکيه والتهذيب عملاً متسماً بالسهوله واليسر.

وأما إذا نشأ المولود في محيط فاسد ملوث لا تراعي فيه الآداب والقيم الإسلاميه، وتشيع فيه الرذائل الحيوانيه .. فإن تهذيب النفس وتزکيتها يُمسي في غايه المشقه والعسر، بل ربما يکون أمراً من المتعذر الذي لا يُنال .. وهذا يعني أن علي الآباء والأمهات السعي الجاد لإنقاذ أبنائهم وبناتهم - في المنزل والمدرسه والجامعه - من التلوث والأدناس. وعليهم ألا يسمحوا بأن يکون المعلمون والمعلمات ممن يفتقدون اللياقه التربويه الکافيه لإعداد الناشئه واليافعين.

قصة فيها كشف آلم قلب امام الزمان #

يذكر الشيخ حسين المظاهري أحد رفقائي ذكر لي بأن أحد الأشخاص كان مستأجراً في الأراضي التابعة لأوقاف حرم الإمام الرضا (ع)، وكان يذهب كل سنة مرة إلى مدينة مشهد لدفع الإيجار وللزيارة أيضاً، وكان لهذا الشخص كلبة تفيده في الحراسة، وفي سنة ولدت تلك الكلبة وانشغلت بصغارها ولم ترع الحراسة جيداً، فحمل الرجل صغارها إلى قرية أخرى، وبقيت الكلبة منطوية على نفسها عدداً من الأيام وتئن، حتى عادت إلى حالتها الأولى شيئاً فشيئاً.

يقول هذا الشخص: عندما ذهب إلى الزيارة في ذلك العام وبعد زيارة حضرة الإمام، أخذتني غفوة ورأيت في المنام وكأني تشرفت بزيارة الحرم ورأيت الإمام الرضا (ع)، وعندما تقدمت وسلمت ولكن الإمام أشاح بوجهه عني فكررت السلام مرة ثانية وثالثة وقلت: سيدي أنا من رعيتكم ولم أخن، فلماذا أنت لست براضٍ عني؟

فأجابني حضرته وبحدة: أنين ذلك الكلب آلم قلبي.

ان الذي يؤلم قلب صاحب الزمان (ع)، آهات الآخرين، حق الناس. حتى ولو كان تفريقاً بين كلب وصغاره([2]).



[1] / الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٢١٩.

[2] /الفضائل والرذائل

تعليقات