يقول الحاج
محمد علي فشندي + في تشرُّفه، إنَّ الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه قال:
>لاَ يُرِيدُنَا شِيعَتُنَا
حَتَّى بمقدارِ شَربَةِ ماءِ -لَيسُوا عُطَاشَى لَنا- لَو يُرِيدُوننَا لَدَعَوَا
وَلَوَصَلَ الفَرَجُ<.
شيعتنا، لا تريدنا...
المرحوم الحاج محمد علي فشندي
الطهراني ( الذي هو من أخيار المجتمع الشِّيعيِّ، وحديثاً رحل عن الدُّنيا، كان قد
نقل لبعض العلماء ـ يعني جناب حجة الإسلام والمسلمين الشَّيخ القاضي زاهدي دامت
توفيقاته ـ :
أديت أعمال مسجد جمكران قم، وذهبت مع
زوجتي، رأيت بأن سيِّداً نورانيّاً يدخل الصَّحن، ويقصد جهة المسجد، قلت: هذا
السَّيِّد في هذا الصَّيف الحارِّ عطشانٌ، فناولته كأس ماءٍ في يده ليشرب، وبعد أن
أعطيته كأس الماء، قلت:
سيِّدنا! ادعوا، واطلبوا من الله فرج
الإمام صاحب الزَّمان عجل الله فرجه حتى يكون فرجه قريباً.
قال:
شيعتنا لا يريدوننا حتى بمقدار شربة
ماء، لو كانوا يريدوننا لدعوا، ولوصل فرجنا}.
يعني لو كان بمقدار إنسان لديه عطش،
واشتياقٌ لشرب مقدارٍ من الماء، لو كان لدى الشِّيعة عطشٌ لنا هكذا، ولأجل الوصول
إلى الظُّهور والفرج وحكومتنا، يجرون إلى هنا وإلى هناك، ويبحثون عن ماء الحياة،
يقيناً سيصلون إلى الظُّهور والفرج.
بعد ذلك قال المرحوم السيِّد فشندي
بعد أن سمعت هذه الجملة، ما أن نظرت
لم أره، فهمت أنَّ هذا هو الوجود المقدَّس الإمام صاحب الزَّمان أرواحنا فداه وقد
زرته، وقد أمر بالدُّعاء ([1]).
يقول سماحة السيد حسن الابطحي (حفظه
اللّه): حدثني جناب حجة الاسلام والمسلمين السيد القاضي الزاهدي الگلبايگاني قال:
سمعت في طهران من جناب السيد الحاج محمد علي فشندي وهو من اخيار طهران قال:
في ايام شبابي كنت ملتزما حدّ
الامكان بعدم ارتكاب الذنوب، وان أذهب الي الحج مرارا حتي اتشرف برؤية مولاي بقيّة
اللّه روحي فداه، ولذا تشرفت سنوات عديدة بزيارة مكة المعظمة.
وفي احدي تلك السنين وكنت متعهدا
بامور جمع من الحاج، وفي ليلة الثامن من ذي الحجة ذهبت الي صحراء عرفات مع
الاثاثية واللوازم وما يحتاجه الحاج، وكان قصدي ان اصل الي هناك قبل بقية الحجيج
بليلة واحدة لانتخب المكان الانسب لقافلتي.
وصلت الي صحراء عرفات عصر اليوم
السابع، فانزلت الاثاث واللوازم ووضعتها في خيمة كانت قد أعدَّت لنا (و قد وجدت
بان احدا من الناس لم يصل بعد الي عرفات فكنت وحيدا فيها). في هذه الاثناء، جاءني
احد الشرطة الذين كانوا موكلين بحفظ الخيام هناك وقال لي: لماذا جئت بكل هذه
الوسائل والاثاث في هذه الليلة، الم تعلم بانه يمكن ان تتعرض للسرقة في هذا
الصحراء الواسعة؟! وعلي اي حال، الآن وقد جئت، عليك ان تبقي يقظاً حتي الصباح
لتحرسه.
في تلك الليلة، وفي ذلك المكان،
اشتغلت بالعبادة والمناجات مع ربّي وبقيت مستيقظ، الي ان كان منتصف الليل، فرأيت
سيدا جليلا علي رأسه شال أخضر، جاء الي خيمتي وناداني باسمي وقال: السلام عليك يا
حاج محمد علي!
قلت: و عليك السلام، وقمت من مكاني،
فدخل ذلك السيد الي الخيمة.
وبعد عدة لحظات، جاء جمع من الشبّان
الذين نبتت لحاهم للتوّ، وكانوا كالخدم لذلك السيد.
في البدء خفت منهم، ولكن بعد ان
تكلمت عدة كلمات مع ذلك السيد ذهب الخوف من روعي ودخل حبُّه في قلبي فوثقت بهم
واطمئننت اليهم.
كان الشبّان يقفون بباب الخيمة،
وامّا السيد فقد دخل الي داخل الخيمة.
قال لي ذلك السيد: يا حاج محمد علي
هنيئا لك …هنيئا لك.
قلت: ولم ذاك؟
قال: لانك تبيت في صحراء عرفات في
هذه الليلة التي بات في مثلها جدي الامام الحسين (عليه السلام) فيه.
قلت: وماذا عليّ ان افعل في هذه
الليلة؟
قال: تصلي ركعتين تقرأ في كل منهما
بعد الحمد سورة قل هو اللّه احد، احد عشرمرة.
ولذ، قمنا وصلّينا مع السيد وبعد
الفراغ من الصلوة قرأ السيد دعاء بمضامين لم اكن قد سمعت بمثلها، وكان يقرأها
بتوجه وخشوع والدموع تجري من عينيه.
حاولت ان احفظ ذلك الدعاء، فقال
السيد: هذا الدعاء خاص بالامام المعصوم: و انك ستنساه!
ثم قلت للسيد: اريد منك ان تسمع الي
عقائدي في التوحيد وهل هي صحيحة؟
قال: قل.
فشرعت بالاستدلال علي وجود اللّه
بالآيات الآفاقيّة والآنفسيّة، وقلت: انني اعتقد بوجود اللّه لهذه الادلة.
قال: يكفيك هذا المقدار من معرفة
اللّه.
ثم عرضت بخدمته اعتقادي بمسألة
الولاية.
فقال: اعتقادك حسن.
فسألت منه قائل: بنظرك اين الامام
الحجة (عجل اللاه تعالي فرجه الشريف) الآن؟
قال امام الزمان في الخيمة الآن!
سألت منه: يقولون بان حضرة ولي العصر
(عجل اللّه تعالي فرجه الشريف) يكون في عرفات يوم عرفة، ففي ايّ مكان من صحراء
عرفات يقف؟
قال: في حدود جبل الرحمة.
قلت: فلو ذهب احد الي ذلك المكان فهل
سيراه؟
قال: نعم يراه ولكن لا يعرفه.
قلت: غدا مساء ليلة عرفة، فهل يأتي
حضرة ولي العصر (عجل اللّه تعالي فرجه الشريف) الي خيام الحجّاج ويتلطف عليهم؟
قال سيأتي الي خيمتكم، لانكم
ستتوسلون بعمي ابي الفضل العباس (عليه السلام) في الليلة القادمة.
وفي هذه الاثناء قال لي السيد: يا
حاج محمد علي هل عندك شاي؟
(وفجأة التفت الي اني جئت بكل
الوسائل الاّ الشاي)
قلت: سيدن، اتفاقا لقد نسيت ان اجلب
الشاي معي، والحمد لله ان ذَكَّرتَني، فانّي ساذهب غدا واجلب الشاي للمسافرين.
قال السيد: الشاي عليّ الآن.
فخرج من الخيمة وجاء بشيء ظاهره انه
شاي ولكن عندما قمنا بتحضيره كان معطرا وحلوا بحدٍّ تيقنت معه انه ليس من شاي
الدني، فشربت من ذلك الشاي.
ثم قال لي: هل عندك طعام ناكله؟
قلت: نعم، عندي خبز وجبن.
قال: انا لا آكل الجبن.
قلت: و عندي لبن ايض.
قال: هاته.
فقدمت له مقدارا من الخبز واللبن،
فاكل شيئا منهما ثم التفت اليّ وقال: يا حاج محمد علي، ساعطيك مئة ريال (سعودي)
لتأتي بعمرة نيابة عن والدي.
قلت: سمعا وطاعة، فما اسم ابيك؟
قال اسم أبي (سيد حسن).
قلت: وما اسمك انت؟
قال: سيّد مهدي.
فاخذت المال، وفي هذه الاثناء قام
ذلك السيد ليخرج من الخيمة، ففتحت ذرّاعي وعانقته مودعا وعندما اردت ان اقبّل وجهه
شاهدت علي وجنته اليمني خالا أسوداً جميل، فوضعت شفتي علي ذلك الخال وقبلت وجهه. وبعد
لحظات من افتراقن، تفحّصت الصحراء يمينا وشمالا فلم أرَ احد، وفجأة انتبهت من
غفلتي وعرفت ان ذلك السيد هو حضرة بقية اللّه ارواحنا فداه، خاصة وانه;
كان يعرف اسمي!
ويتكلم الفارسية!
واسمه مهدي!
وابن امام الحسن العسكري!
وعلي اي حال، جلست تلك الليلة ابكي
وانحب وانشج نشيجا عاليا حتي اسمعني الشرطة فظنوا ان السرّاق سرقوا متاعي،
فاجتمعوا حولي وسألوني فقلت لهم: كنت مشغولا بالمناجات، فاشتد بكائي!
وفي اليوم التالي وعندما وصلت
مجموعتي، وذكرت القصة لروحانيّ المجموعة، نقل بدوره ذلك الي الحجّاج، فازداد شوقهم
وحنينهم للمولي (عجل اللّه تعالي فرجه الشريف).
وفي اوائل وقت الغروب من ليلة عرفة،
صلّينا صلوة المغرب والعشاء، وبعد الصلوة (ومع اني لم اكن قد قلت لهم انَّ الامام
(عجل اللّه تعالي فرجه الشريف) كان قد ذكر لي باننا سنتوسل بعمه العباس (عليه
السلام) وانّه سيتلطف ويشرفنا بقدومه الي الخيمة) قام روحاني المجموعة وبدأ بقراءة
مصيبة أبي الفضل العباس (عليه السلام) وكان البكاء والنحيب والتوجه يسيطر علي
أجواء المجلس، ولكنني كنت دائما اترقب مجيء الامام بقية اللّه روحي وارواح
العالمين لتراب مقدمه الفداء.
وعلي اي حال، كاد مجلس العزاء ينفض
ويُختِم، فنفذ صبري وقمت وخرجت من الخيمة، فرأيت حضرة ولي العصر روحي فداه، واقف
بباب الخيمة يستمع الي مجلس العزاء ويبكي، فاردت ان اُعلِمَ الناس بوجوده الشريف
فاشار بيده المباركة اليّ ان اسكت، فكأنّ يدا قد تصرفت بلساني فلم استطع ان اتفوه
بحرف واحد ولذا وقفت بجانب باب الخيمة والامام بالجانب الآخر وكنّا نبكي علي مصائب
ابي الفضل العباس (عليه السلام)، ولم أقدر ان اتحرك خطوة واحدة باتجاهه (عجل اللّه
تعالي فرجه الشريف) وعندما انتهت قراءة المصيبة، ترك بقية اللّه الأعظم (عجل اللّه
تعالي فرجه الشريف) المكان وانصرف.
إشارة:
يستفاد من هذه الحكاية امور;
منه: ما ذكرناه سابقا من تشرف الديار
المقدسة بزيارة الامام (عجل اللّه تعالي فرجه الشريف) لها في كل عام، فهو يقف مع
الحجيج في عرفة ويطوف حول البيت ويسعي بين الصفا والمروة مع الناس، ولذا فان
الكثير من الناس يكرر السفر الي بيت اللّه الحرام للحج وللتشرف بخدمة المولي
مخصوصا في صحراء عرفات فانه قطعا يكون موجودا من الزوال الي الغروب يدعو للمؤمنين
ويؤمِن علي دعاء الصالحين.
ومنه: علاقة الامام (عجل اللّه تعالي
فرجه الشريف) الخاصة بمصيبة عمّه ابي الفضل العباس (عليه السلام) ولذا ينبغي علي
المؤمنين الاكثار من التوسل بساحة ابي الفضل العباس (عليه السلام)فان في ذلك ادخال
السرور علي قلب الامام الحجة (عجل اللّه تعالي فرجه الشريف).
ومنه: جواز النيابة بالعمرة عن
الائمة عليهم الصلوة والسلام، بل ان في ذلك ثواب عظيم حتي للنائب، وقد وجدنا كيف
ان الامام (عجل اللّه تعالي فرجه الشريف) استناب الحاج فشندي للزيارة عن ابيه
الامام العسكري (عليه السلام)، وحريّ بالمؤمنين ان يعتمروا نيابة عن ائمتهم فان في
ذلك عظيم الثواب لهم.
تعليقات
إرسال تعليق