اين يسكن الإمام عليه السلام
في صاحب هذا الامر لشبه من يوسف
الحديث الاول: عن سدير الصيرفي قال:
سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول: إن في صاحب هذا الامر لشبه من يوسف فقلت: فكأنك
تخبرنا بغيبة أو حيرة؟ فقال: ما ينكر هذا الخلق الملعون أشباه الخنازير من ذلك؟ إن
إخوة يوسف كانوا عقلاء ألباء أسباطا أولاد أنبياء دخلوا عليه فكلموه وخاطبوه
وتاجروه ورادوه وكانوا إخوته وهو أخوهم، لم يعرفوه حتى عرفهم نفسه، وقال لهم: أنا
يوسف فعرفوه حينئذ فما ينكر هذه الامة المتحيرة أن يكون الله عزوجل يريد في وقت
[من الاوقات] أن يستر حجته عنهم، لقد كان يوسف إليه ملك مصر، وكان بينه وبين أبيه
مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد أن يعلمه مكانه لقدر على ذلك [والله لقد سار
يعقوب وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر]. فما تنكر هذه الامة أن يكون
الله يفعل بحجته ما فعل بيوسف أن يكون صاحبكم المظلوم المجحود حقه صاحب هذا الامر
يتردد بينهم ويمشي في أسواقهم ويطأ فرشهم، ولا يعرفونه حتى يأذن الله له أن يعرفهم
نفسه، كما أذن ليوسف حتى قال له إخوته: إنك لانت يوسف قال: أنا يوسف ([1]).
خاصة مواليه
الحديث الثاني: عن إسحاق بن عمار
قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام يقول: للقائم غيبتان إحداهما طويلة والاخرى
قصيرة، فالأولى يعلم بمكانه فيها خاصة من شيعته، والاخرى لا يعلم بمكانه فيها
[إلا] خاصة مواليه في دينه ([2]).
الجبال إلا وعرها، ومن البلاد إلا
قفرها
الحديث الثالث: فقال (#) لي: يا ابن
المازيار لتملكونهم كما ملكوكم، وهم يومئذ أذلاء فقلت: سيدي لقد بعد الوطن وطال
المطلب، فقال: يا ابن المازيار أبي أبو محمد عهد إلى ألا اجاور قوما غضب الله
عليهم ولهم الخزي في الدنيا والآخرة ولهم عذاب أليم، وأمرني ألا أسكن من الجبال
إلا وعرها، ومن البلاد إلا قفرها، والله مولاكم أظهر التقية فوكلها بي فأنا في
التقية إلى يوم يؤذن لي فأخرج. فقلت: يا سيدي متى يكون هذا الامر فقال: إذا حيل
بينكم وبين سبيل الكعبة، واجتمع الشمس والقمر، واستدار بهما الكواكب والنجوم ... ([3]).
رضوى
الحديث الرابع: عن عبد الاعلى مولى
آل سام قال: خرجت مع أبي عبد الله عليه السلام فلما نزلنا الروحاء نظر إلى جبلها مطلا عليها،
فقال: لي: ترى هذا الجبل؟ هذا جبل يدعى رضوى من جبال فارس أحبنا فنقله الله إلينا،
أما إن فيه كل شجرة مطعم، ونعم أمان للخائف مرتين أما إن لصاحب هذا الامر فيه
غيبتين واحدة قصيرة والاخرى طويلة ([4]).
ونعم المنزل طيبة
الحديث الخامس: عن أبي بصير، عن أبي
جعفر عليه السلام قال: لابد لصاحب هذا الامر من عزلة ولابد في عزلته من قوة، وما بثلاثين من
وحشة، ونعم المنزل طيبة ([5]).
قال المجلسي في مرآه العقول: وما
بثلاثين من وحشه: أي هو × مع ثلاثين من مواليه وخواصّه، وليس لهم وحشه لا ستيناس
بعضهم ببعض، أو هو عليه السلام داخل في العدد، فلا يستوحش هو أيضا، أو الباء بمعني
«مع» أي لا يستوحش × لکونه مع ثلاثين. وقيل: هو مخصوص بالغيبة الصغرى.
وما قيل من أنّ المراد أنّه ^ في
هيئه من هو في سنّ ثلاثين سنه، ومن کان کذلک لا يستوحش، فهو في غاية البعد.
- طيبه - بالفتح ثمّ السکون ثمّ
الباء الموحده -: هو اسم لمدينه رسول اللّه | يقال لها: طيبه، وطابه من الطيب، وهي
الرائحه الحسنة، لحسن رائحة تربتها. (معجم البلدان: 4/ 53). وطيبه أيضا: اسم ضيعه
کانت للإمام الصادق ×، ذکرها معتب مولاه في حديث له مذکور في بصائر الدرجات: 1/
455 ح 3. وممّا يؤيّد أنّها المدينه المنوره ما رواه في الکافي: 1/ 328 ح 2
بإسناده إلي أبي هاشم الجعفري أنّه قال لأبي محمّد عليه السلام : «فإن حدث بک حدث فأين أسأل
عنه؟ قال ×: بالمدينه.
عن المفضّل بن عمر، قال: سمعت أبا
عبداللّه عليه السلام يقول: إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين: إحداهما تطول حتّي يقول
بعضهم: مات! ويقول بعضهم: قتل! ويقول بعضهم: ذهب! حتّي لا يبقي على أمره من أصحابه
إلاّ نفر يسير، لا يطّلع على موضعه أحد من ولده ولا غيره، إلاّ المولي الّذي يلي
أمره.
اقول في الحديث الاول شبهه الإمام
بالنبي يوسف عليه السلام ثم قال (يتردد بينهم ويمشي في أسواقهم ويطأ فرشهم، ولا يعرفونه)
وهذا يدل انه في الارض.
وفي الحديث الثاني قسم العلم به
لمجموعتين خاصة واحدة في الغيبة الصغرى والاخرى في الكبرى وهذا فيه اشعار لتواجده
في الارض.
وفي الحديث الثالث يذكر # سكناه في
الارض لكن المكان الصعب منها (وأمرني ألا أسكن من الجبال إلا وعرها، ومن البلاد
إلا قفرها)
فذكر الجبال والبلاد وهذه صراحة على
السكنة في الارض.
وفي الحديث الرابع عين الإمام × اسم
الجبال (رضوى) الذي يتخذه مكانا لغيبته.
وفي الحديث الخامس: يحدد الإمام عليه السلام اسم المدينة التي يسكنها (ونعم المنزل طيبة).
وهذه الأحاديث وغيرها تذكر ان الإمام
# في الارض يسكن، ولكن يرى الناس ويرون، ولكن لا يعرفونه.
الاحتمال الأول: إنه يسكن المدينة
المنورة (طيبة)
وذلك اعتماداً على رواية ذكره الشيخ
الطوسي في غيبته عن أبي جعفر (عليه السلام ) قال: لابد لصاحب هذا الامر من عزلة...ونعم المنزل
طيبة.
ولكن الرواية قالت: إن نعم المنزل
طيبة، أي أن طيبة من المنازل المفضلة، ولم تحصر منزله بها، فلعل له مسكناً آخر غير
طيبة، لكن أفضلها هو طيبة أثناء الغيبة.
الاحتمال الثاني: بيت الحمد
عن المفضل قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام )
يقول:
إن لصاحب هذا الأمر بيتا يقال له:
بيت الحمد، فيه سراج يزهر منذ يوم ولد إلى يوم يقوم بالسيف، لا يطفأ.
وهذه الرواية لم تحدد مكان بيت الحمد
هذا، فما زال محل سكناه مجهولاً لدينا.
الاحتمال الثالث: مسجد السهلة:
عن أبي عبد الله (عليه السلام ) حينما ذكر مسجد
السهلة فقال:
أما إنه منزل صاحبنا إذا قدم بأهله.
وهذه الرواية صريحة في أن مسجد
السهلة منزله عند ظهوره، ونحن نتساءل عن منزله اليوم، في غيبته الكبرى.
الاحتمال الرابع: الجزيرة
الخضراء:
اعتقد البعض بان سكن الامام المهدي ×
في جزيرة تسمى الخضراء وهذا القول والاعتقاد لم يرجع الى أصل روائي، وانما دخل في
كتبنا من القرن الثاني عشر في بعض كتب العلامة المجلسي رحمه الله حيث نقل قصة
طويلة عن دخول رجل يسمّى بعلي بن فاضل المازندراني الى هذه الجزيرة وما جرى له
فيها وانّما ذكره لما فيه من الغرائب وان لم يظفر به في الاصول المعتبرة.
فاعتقد البعض اعتماداً على هذه
القضية المشكوكة بان سكن الامام المهدي # في هذه الجزير.
وجزم بعضهم على ان مثلث برمودا هو
المكان الذي يسكن فيه الامام المهدي عليه السلام حيث طبقوا الجزيرة على هذا المثلث
من دون أي دليل وبرهان
واستدل أحدهم على ما يعتقده بانه ما
استطاعت الدول العظمى الوصول الى هذا المكان رغم محاولاتهم في الوصول اليه وذهبت
اتعابهم ادراج الرياح.
نَحنُ مُشَرَّدِينَ فِي
الصَّحَارِي
يقول الشيخ علي رضا نعمتي دامت
بركاته: كنت قد ذهبت إلى منطقة دزفول في محرم للتبليغ سنة 1415 هجري قمري،
وتَشَرَّفتُ في أحد الأيام لزيارة ابن الإمام السيد غريب -رضوان الله عليه-،
ومجموعة من منطقة دزفول، وقد كان ينقل خادم الحرم -وهو رجل عجوز نوراني- كرامات عن
ابن الإمام السيد غريب -رضوان الله عليه-: سألته هل لديك قضية حول الإمام صاحب
الزمان عجل الله فرجه تذكرها لي؟
نقل هذه القضية الآتية:
تشرَّفت لزيارة العراق أيام شبابي،
وتشرَّفت في أحد الأيام إلى مقبرة وادي السلام في النجف، وكان يوجد إنسان عظيم،
التفتُّ أنَّه الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه، وقد قال لي: مُنذُ أَنْ
أستُشهِدَ جَدُّنَا فِي كَربَلاءَ وُقُتِلَ نَحنُ شُرِّدنَا فِي الصَّحارِي).
نَعَم، صُرِّحَ في رواياتنا بصورة
مكرَّرة لهذه الحادثة الأليمة؛ أي غربة أهل بيت العصمة والطهارة ^ وخاصة الإمام
بقية الله -أرواحنا فداه-.
يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في رواية:
(صَاحِبِ هَذَا الأَمْرِ الطَّرِيدِ
الشَّرِيدِ الفَرِيدِ الوَحِيدِ) ([6]).
أحد الأصدقاء سأل حضرة آية الله بهجت
-رضوان الله عليه- حول الجزيرة الخضراء، قال حضرة آية الله بهجت-رضوان الله عليه-:
الجزيرة الخضراء هو القلب الذي يحمل الإمام صاحب الزمان عجل اهه فرجه، إذا جاء
الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه إلى قلبك، ذلك القلب هو الجزيرة الخضراء، لابد
على الناس أن تدور حول هذا القلب، أين تبحث عن الجزيرة الخضراء؟! الإمام صاحب
الزمان عجل اهه فرجه معك، لماذا نحن نحصره في الجزيرة الخضراء؟! اعلم يقيناً أنَّ
الإمام صاحب الزمان عجل اهه فرجه أقرب من حبل الوريد لي ولك.
إنَّ المرحوم حجَّة الإسلام السيد
إسماعيل شرفي + من الشخصيات العاشقة، وقد تشرَّف لمحضر الإمام بقية الله الأعظم
أرواحنا فداه عدَّة مرات، وقد نقل لي إحدى هذه التشريفات هكذا:
كنت قد تشرَّفت بزيارة العتبات
المقدسة، وكنت أزور في الحرم المطهر لسيد الشهداء ×؛ ولأنَّ دعاء الزائرين مستجاب
عند الرأس في الحرم المطهر للإمام الحسين ×، طلبت من الله أن يشرِّفني بالحضور في
المحضر المبارك لمولاي الإمام المهدي #، ويقرَّ عيني بجمال هذا العظيم # الذي لا
نظير له.
وأنا أزور، وإذا فجأةً تظهر شمس
الوجود المشعة بجمالها، على أني لم أعرفه في ذلك الوقت، لكن وجدت انجذاباً شديداً
لهذا العظيم، بعد السلام سألته مَنْ تكون؟ قال:
أَنَا أَكبرُ مَظلُومٍ فِي العَالَم!
لم ألتفت، وقلتُ في نفسي: لعلَّه من
علماء النجف الكبار؛ ولأنه لا تميل له الناس يرى نفسه: أَكبرُ مَظلُومٍ فِي
العَالَم!، فجأةً التفت أنه لا يوجد شخص.
عندئذٍ فهمتُ أنه لا يوجد أَكبرُ
مَظلُومٍ فِي العَالَم! غير الإمام صاحب الزمان أرواحنا فداه، وقد فقدت نعمة شرف
حضور هذا العظيم # سريعاً.
النتيجة:
أولاً: لا يمكن الجزم بمكان معين
يسكن فيه الإمام (×)، بل إن تعيين مكانه كذلك يتنافى مع الغيبة.
ثانياً: علينا أن نسعى لنجعل قلوبنا
محلاً معنوياً يسكن فيه الإمام (×) ليزهر قلب كل واحد منا بالإيمان.
ثالثاً: ومن هذا سنعرف حجم الألم
الذي يعتصر الروح حينما يناجي المنتظِر مولاه الغائب فيقول:
ليت شعري، أين استقرت بك النوى، بل
اي ارض تقلك أو ثرى، أبرضوى أو غيرها من ذي طوى، عزيز علي ان أرى الخلق وأنت لا
ترى.
هَل تُوجَد لَك رَغْبَةٍ إنْ تَرَى
كَيْفَ يَعِيش إمَام زَمَانِك كَيْف حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ وَمَأْكَلُهُ
وَمَشْرَبُهُ وَأُمُور أُخْرَى كُلُّ هَذَا يَتَحَصَّل لَو عَمِلْنَا بِقَوْلِ
الْإِمَامِ الْحِجَّة عَجَّلَ اللَّهُ فَرْجَه: أَكْثِرُوا الدُّعَاء بِتَعْجِيل
الْفَرْجِ فَإِنْ ذَلِكَ فرجكم. وَعِنْدَهَا نَرَاه ويرانا وَنَحْن نَحُف بِه
ونرتوي مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِ.
من كتاب
نفحات
مهدوية للمنتظرين
في حديث الكساء
الجزء الرابع
الشيخ عباس
الحلفي
تعليقات
إرسال تعليق