القائمة الرئيسية

الصفحات

 

أعلى مرتبة في الضيافة

 

إن أعلى مرتبة في الضيافة وأشدها تأدبا هو أن يتعرف الضيف على المضيِّف، وأفضل ما نخرج به في شهر رمضان ومن ضيافة الله هو التعرف أكثر على الله.

للضيافة مستويات ودرجات متفاوتة، غير أن الله يتعامل مع الجميع بمنطق (والخلق كلهم عيالك) وفق دعوة عامة من غير تفاوت: (أيها الناس إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، ... هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله ... ) فنحن في هذا الشهر العظيم أمام مأدبة القرآن التي يغمرنا فيها القنوت لله فيغرقنا في توحيد الله وجلاله ومعرفته، وتلك هي الثمرة الطبيعية للتأدب.

ضيافة اللّه

{أكرموا الضيف ولو كان كافراً} إذا رأيت نفسك إنك ضيف الله، سواءً أي شيء كنت، فإن الله الكريم سيأخذك بيده الكريمة، ويكرمك.

 

ورد في الحديث إنّ مجوسيّا استضاف إبراهيم (ع) فقال له: بشرط إن تسلم، فمضى المجوسيّ، فاوحى اللّه إليه انا اطعمه منذ خمسين سنة على كفره، فلو ناولته لقمة من غير أن تطالبه بتغير دينه، فمضى إبراهيم (ع) على أثره فاعتذر إليه، فسأله المجوسي عن السّبب! فذكر له ذلك، فأسلم المجوسيّ.

 

والضيافة بالترک

لقد قال الإمام الخميني (ره): «کلکم ضيوف الله، والضيافة بالترک. فإن کانت في الإنسان ذرة من هوى النفس، فهو لم يدخل في هذه الضيافة وإن دخلها فلم يستفد من هذه الضيافة.» ثم أضيفوا کلام الإمام هذا إلى حکمة النبي سليمان بن داوود (ع) حيث قال: «إِنَّ الْغَالِبَ لِهَوَاهُ أَشَدُّ مِنَ الَّذِي يَفْتَحُ الْمَدِينَةَ وَحْدَه». [مجموعة ورام/ ج 1/ ص 60] فاعرف أنت مدى صعوبة الطريق أمامنا. ولا شک بأننا لا نريد أن نحرم من برکات هذا الشهر. ثم يضيف الإمام ويقول: «کل هذه الجعجعة التي تشاهدونها في العالم فهي لعدم انتفاع الناس بهذه الضيافة، وعدم دخولهم في هذه الضيافة، وعدم تلبيتهم لدعوة الله»

 

أدب الضيافة على ثلاثة محاور

 

أورد السيد الروايات المتقدمة ركز في بيان أدب الضيافة على ثلاثة محاور:

الأول: معرفة أهمية هذه الضيافة.

الثاني: معرفة حقيقة علاقة الضيف بالمضيف.

الثالث: معرفة الباب الذي يناسب الدخول منه حال الضيف.

 

 

 

اسباب عدم الحضور للضيافة

 

عدم الإهتمام:

وقد يمنعني من الحضور أمر آخر، وهو أنِّي لستُ مُهتمّاً بهذه الدعوة، -أنا لم أُرتِّب الموانع، عدَّدتُها فقط-، ولستُ مكترثاً بها وهي ليست ذات بال عندي، لذلك لن أحضر.

المشاغل الأخرى

ثمة مانع رابع يمنع من الحضور، وهو أنِّي مشغول، ولديَّ ارتباطات كثيرة، ولديَّ التزاماتٌ كثيرة. ولهذا فإني لن أحضر، وسوف أُرجِّح الإلتزام بما أنا مرتبط به، بعلائقي، بمصالحي.

اتساخ الثياب

مانعٌ ثالث عن التأهُّل لحضور هذه المأدُبة التي دُعيتُ إليها من قِبَل ذلك الرجل الكريم، وهو أنَّه ليست عندي ثيابٌ تؤهِّلني للحضور، ثيابي بالية، مُتَّسخة، ممزَّقة، ومَن سيحضرون هم رجال عليهم أُبَّهة النعيم، وأنا أحضر بهذه الثياب، فأكون بينهم ذليلا وضيعا؟! لذلك فإني لن أحضر كي لا أُمتهن.

 

رواسب الخلاف:

ثمة مانع آخر يمنع من الاستجابة لهذه الدعوة والضيافة، وهو أنَّ بيني وبين صاحب الضيافة خلافاً وشقاقاً، فإنَّه لا يُحبِّني ولا أحبُّه، وإن تكرَّم ودعاني فإنَّ قلبه مُغتاظٌ منِّي، وأنا مغتاظٌ منه، فلا أستجيب له وإن دعاني، فهذا مانع آخر.

ثقل الديون

لو كان عليَّ دينٌ ثقيل لهذا الرجل، فإني سأستحي من حضور مأدُبته, أو لن أحضر خشيةَ أن يطالبني بدينه، أو أن ينظر إليَّ نظرةً استشعر منها عدم الرِّضا وأنا في ضيافته، فأستحي من ذلك, ولهذا فإني لن أحظى بتلك المأدُبة؛ لأنِّي مدينٌ لصاحب تلك المأدُبة.

تعليقات