في معنى مقالة
السيدة زينب عليها السلام أللّهُمَّ تَقَبَّلَ مِنّا قَليلَ الْقُربانِ
قال الامام أمير المؤمنين عليه السلام
تَكَلَّمُوا تُعْرَفُوا، فَإنَّ المَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسانِهِ([1])
قاعدة
عامة تجري في كل شيء في الحياة، فدائماً: الأثر يدل على المؤثِّر ..
شخصية الإنسان مخبؤ تحت لسانه وقلمه، وتلعب المكتوبات والمقولات دوراً
أساسياً في التعريف بعقائد الشخص وروحياته.
قال الإمام علي ×: "تكلّموا تُعرفوا فإنّ المرء مخبوءٌ تحت
لسانه"([2]).
عندما يتكلّم الإنسان ويتحدّث في موضع ما يُعرف ما ينطوي عليه من العلم
والمعرفة، وما ينطوي عليه من طبائع وأخلاق.
يبقى الموضوع ملكاً لنا ما لم نكتب أو نتحدث فإذا كتبنا وتحدثنا خرج من
عندنا إلى المخاطبين الذين سيقومون بتلقّيه.
قال الإمام علي × : "الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به، فإذا تكلّمت
به صرت في وثاقه"([3]).
القرب:
هو ما يقابل البعد، و هو أعمّ من مادّىّ أو معنوي و مفهوم القرب في كلّ منها
بمناسبة الموضوع.
و أمّا
قرب العبد من اللّه عزّ و جلّ: فهو قرب معنوي، و يتوقّف على نفى الصفات الرذيلة
المخالفة و نفى الأنانيّة و حصول التسليم الصرف و الفناء الكامل و العبوديّة
التامّة.
ومعنى
القربان : القربان: فعلان من القربة و هو كل ما يتقرب به الى اللّه تعالى من نعم و
غيرها.
يدلّ
قوله تعالى: إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ
يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ، على مشروعيّة تقديم القرابين، بل هو من الفطريات، و لم
تخلو شريعة من الشرائع السماويّة منها، و إن اختلفت في بعض الخصوصيات، إلّا أنّها
اتّفقت على أن يكون القربان خالصا لوجهه الكريم، و لا يختصّ بنوع خاصّ، فيشمل كلّ
ما يصحّ التقرّب به إليه عزّ و جلّ.
القربان
في اللغة من القرب وهو وسيله التقرب وهو أعمّ من التوسّل إلى غرض راجح أو مرجوح.
مثال:
إذا أراد المؤمن أن يكون تقيّا فستكون الصلاة وسيلته، لذلك حين يقايس بين الهدف
والوسيلة فقد يتوسل ـ أحيانا - بالإتيان بعمل أو تقديم شيء لنيل هذا المقام
"الصلاة قربان كل تقيّ" وأحيانًا قد لا يتحقّق له القرب إلّا برفع أو
دفع شيء يحول بينه وبين غايته التي يريدها، فإنه لن تقبل أعمالكم حتى تزكوا
أموالكم فتكون الرغبة من الإنسان في القربى بعمله بدفعه من ماله لغيره لأنّ المال
يكون حاجبًا ومانعا.
هذا قانون جارِ في كلّ أحوال الإنسان ما دام
موجودًا في دار التزاحم. فمن أحبّ العلم - مثلا- وتعلّق قلبه به فلا شك يجب ألّا
يحبّ الراحة والكسل والشبع، ولا بدّ له من دفع قيمة لشراء الأهم، وسيربح في الدنيا
أناس وسيشقى آخرون، وهذه المعادلة تشمل الشقيّ أيضا فالذي يريد أن يقترب إلى هدفه
ـ شهواته وأهوائه ـ فلا بدّ أن يقايس
الأمور الفاصلة بينه وبينها فيبعدها ويرى ما يمكن أن يفعله ليقترب إلى هدفه.
القربان
في نظام الخلقة قانون أصيل. والقاعدة في الآية مطلقة ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ
لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ﴾ وإن كانت الآية التالية لها تتحدث عن مثال في حق الكافر
﴿يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ﴾ ولكن القاعدة تبقى مطلقة لاستحالة اجتماع
المتزاحمين في وقت واحد. فالحياة قائمة على تقديم القرابين وفداء شيء مقابل آخر.
قال
تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا
قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآَخَرِ))
تفسير
العياشي: عن سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد الله × : جعلت فداك إن الناس يزعمون
أن آدم زوج ابنته من ابنه، فقال أبو عبد الله × : قد قال الناس ذلك، ولكن يا
سليمان أما علمت أن رسول الله | قال: لو
علمت أن آدم زوج ابنته من ابنه لزوجت زينب من القاسم، وما كنت لأرغب عن دين آدم؟
فقلت: جعلت فداك إنهم يزعمون أن قابيل إنما قتل هابيل لأنهما تغايرا " على
أختهما، فقال له: يا سليمان تقول هذا؟! أما تستحيي أن تروي هذا على نبي الله آدم؟
فقلت: جعلت فداك ففيم قتل قابيل هابيل؟
فقال:
في الوصية. ثم قال لي: يا سليمان إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى آدم أن يدفع
الوصية واسم الله الأعظم إلى هابيل، وكان قابيل أكبر منه، فبلغ ذلك قابيل فغضب،
فقال: أنا أولى بالكرامة والوصية، فأمرهما أن يقربا قربانا " بوحي من الله
إليه ففعلا فقبل الله قربان هابيل فحسده قابيل فقتله، فقلت له: جعلت فداك فممن
تناسل ولد آدم؟
هل كانت
أنثى غير حواء؟ وهل كان ذكر غير آدم؟ فقال: يا سليمان إن الله تبارك وتعالى رزق
آدم من حواء قابيل، وكان ذكر ولده من بعده هابيل، فلما أدرك قابيل ما يدرك الرجال
أظهر الله له جنية وأوحى إلى آدم أن يزوجها قابيل، ففعل ذلك آدم ورضي بها قابيل
وقنع، فلما أدرك هابيل ما يدرك الرجال أظهر الله له حوراء وأوحى الله إلى آدم أن
يزوجها من هابيل، ففعل ذلك فقتل هابيل والحوراء حامل، فولدت حوراء غلاما "
فسماه آدم هبة الله، فأوحى الله إلى آدم: أن ادفع إليه الوصية واسم الله الأعظم،
وولدت حواء غلاما فسماه آدم شيث بن آدم، فلما أدرك ما يدرك الرجال أهبط الله له
حوراء و أوحى إلى آدم أن يزوجها من شيث بن آدم ففعل، فولدت الحوراء جارية فسماها
آدم حورة، فلما أدركت الجارية زوج آدم حورة بنت شيث من هبة الله بن هابيل فنسل آدم
منهما، فمات هبة الله بن هابيل فأوحى الله إلى آدم: أن ادفع الوصية واسم الله
الأعظم وما أظهرتك عليه من علم النبوة وما علمتك من الأسماء إلى شيث بن آدم، فهذا
حديثهم يا سليمان.
عن
الحسن بن الجهم قال: «سمعت أبا الحسن (يقول: إن رجلاً في بني إسرائيل عبد الله
أربعين سنة ثم قرَّب قرباناً فلم يقبل منه، فقال لنفسه: ما أتيت إلا منك وما الذنب
إلا لك، قال: فأوحى الله عزوجل إليه ذمك لنفسك أفضل من عبادتك أربعين سنة»
تلقيبه
بالذبيح
نذر عبد
المطّلب ـ حين لقي من قريش ما لقي عند حفر زمزم ـ لئن ولد له عشرة أولاد، ثمّ
بلغوا معه حتّى يمنعوه، لينحرنّ أحدهم لله عند الكعبة، فلمّا رُزق ذلك، جمع أولاده
وأخبرهم بنذره، ودعاهم إلى الوفاء لله لذلك فأطاعوه، فذهب بهم إلى الكعبة، فقال:
اللّهم إنّي كنت نذرت لك نحر أحدهم، وإنّي أقرع بينهم، فأصب بذلك مَن شئت، فأقرع
بينهم، فصارت القرعة على عبد الله، وكان أحبّ ولده إليه، فقال: اللّهم هو أحبّ
إليك أو مئة من الإبل؟ ثمّ أقرع بينه وبين مئة من الإبل، فصارت القرعة على مئة من
الإبل، فنحرها عبد المطّلب مكان عبد الله، وحينها لُقّب بالذبيح، كما هو معروف في
الكتب التاريخية(
الامر الثالث: منية
السيدة زينب ÷
قالت زينب (÷): اللهمّ تقبّل منّا هذا القربان،
ماهي
دلالة قولها (منّا)وبعبارة اخرى الحسين × هو القربان كيف نسبته زينب ÷لنفسها التضحية
الحقيقيّة والألم الحقيقي لم يتحمّله غيره ولم يشعر به غيره، فما تفسير كلامها
(سلام الله عليها)؟
أغلب
روايات المعصومين (^ ) ليست عَلَى الانتساب مِنْ جهة الآباء أو العشيرة، بلْ عَلَى
الانتساب للمنهج.
وكما في
رواية أبي حمزة قال: «دخل سعد ابن عبدالملك فقال أبو جعفر (× ): ما يبكيك يا سعد؟
فقال: وكيف لا أبكي وأنا مِنْ الشجرة الملعونة في القُرآن، فقال له: لست منهم أنت
أموي منّا أهل البيت أما سمعت قول الله عَزَّ وَجَلَّ يحكي عَنْ إبراهيم (× )
فَمِنْ تبعني فإنَّه مني».
كان
النبيّ | يساوي بين بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وبين غيره من العرب،
بل إنّه قد فضل سلمان الفارسي في الكثير من المواطن حيث قال: «سلمان منّا أهل
البيت»
وهذا
التفضيل لا لعنصره وإنما للمستوى الروحي الذي ملكه وتميّز به.
وروى
الكشي بسنده عن ربعي بن عبدالله، قال حدثني غاسل الفضيل بن يسار قال إني أغسل
الفضيل بن يسار وإن يده لتسبقني إلى عورته، فخبرت بذلك أبا عبدالله (× )، فقال لي:
«رحم
الله الفضيل بن يسار وهو منا أهل البيت»
(يا
هشام: ليس منّا من لم يحاسب نفسه في كلّ يوم، فإن عمل حسناً استزاد منه، وإن عمل
سيئاً استغفر الله منه وتاب إليه)
{| }
(ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا)
لإمام
الصادق عليه السلام: "من غشّنا ليس منّا"
عن
مولانا الصادق × قال: ليس منّا من لم يؤمن
بكرتنا ولم يستحلّ متعتنا.
حيث قال
العسكري (× ):"ليس منّا من استخفّ بصلاة الليل"
ومن هنا
يعرف ان الانتساب بالعقيدة والروح أوسع واعظم من الانتساب بالدم والسيدة زينب ÷
منتسبة للامام الحسين × بكل الانتسابات التي بيناها في كتابنا في شرح حديث الكساء.
الامر الرابع: المتولية
لأمر الحسين ×
والسيدة
زينت ÷هي الوريثة لأهل البيت ^ وهي
المتولية لامر الحسين ×
قالت
زينب (÷): " الحَمْدُ لله الذي أَكْرَمَنا بِنَبِيِّهِ (| ) وَطَهَّرَنَا
مِنَ الرِجْسِ تَطْهِيراً، إِنَّمَا يُفْتَضَحُ الفَاسِقُ وَيُكَذَّبُ الفَاجِرُ
وَهُوَ غَيْرُنَا " فقال ابن زياد: كيف رأيت صنع الله بأخيك وأهل بيتك؟!
فقالت: " مَا رَأَيْتُ إِلاَّ جَمِيلاً "!
جوابُ
ذلك: إنّ التضحية العظيمة من هذا القبيل، أو أيّة تضحية أخرى مهمّة، لا تكون ذات
مستوى واحد، بل على مستويات متعدّدة؛ لأنّ انطباعها في نفس صاحبها وفي نفوس
الآخرين يكون متعدّداً لا محالة، وفي حدود ما نستطيع أن نستفيد منه هنا من
المستويات نذكر ثلاثة منها:
المستوى
الأوّل: التضحية بمعنى تحمّل الألم والجروح والقتل والصبر عليه طواعية، وهذا
المستوى خاصّ بصاحب التضحية، ولا يمكن أن يكون شاملاً لغيره كما قال السائل.
المستوى
الثاني: التضحية بمعنى الإعانة لصاحب التضحية بكلّ ما يمكن من جهدٍ وجهاد، وتحمّل
كلّ بلاء في سبيله، مضافاً إلى تحمّل فراقه كشخص محبوب أُسريّاً ودينيّاً
واجتماعيّاً، وتحمّل الحرمان عن فوائده وتوجيهاته ولطفه.
وهذا
المستوى خاصّ بمَن كان مع الحسين × ، من الركب المُعاوِن له في الحياة والموافِق
له في الأهداف، فإنّهم رجالاً ونساءً وشيباً وشُبّاناً، أتعَبوا أنفسهم في سبيله
تماماً، وتحمّلوا شظفَ العيش وبلاء الدنيا لأجل رضاه الذي يكون سبباً لرضاء الله
عزّ وجل، كما قال: «رضا الله رضانا أهل البيت» ومن هذه الناحية وعلى هذا المستوى
كانت التضحية تشملهم، فكأنّهم هم اللذين رفعوا الحسين × قرباناً لله عزّ وجل.
ولا شكّ
أنّ العقيلة زينب سلام الله عليها بنت علي عليه السلام، من ذلك الرَكب المُضّحي في
سبيل الحسين عليه السلام، ولعلّها أهمّ النساء
المستوى
الثالث: الموافقة مع الحسين × نفسيّاً
وقلبيّاً وعاطفيّاً، وبالتالي الموافقة الحقيقيّة على عَمل الحسين × وتضحيته، وعلى هدف الحسين × ورسالته، حتّى أنّ الفرد المُحبّ له يحسّ كأنّه
أعطى قطعة من قلبه أو كبده، وأنّها قُتلت فعلاً بمقتل الحسين × .
وأنّهُ
ـ أعني المُحبّ ـ وإن كان حيّاً يُرزق في هذه الدنيا وفي كلّ جيل، إلاّ أنّ
التضحية تضحيّته والعمل عمله. ويكفينا من ذلك ما وردَ: «إنّما الأعمال بالنيّات
ولكلّ امرئ ما نوى» «إنّ نيّة المؤمن خيرٌ من عَمله» وما ورد: «إنّ الراضي بفعل
قوم كفاعله» ، وما وردَ:
«إنّ
الفرد يُحشر مع مَن يُحبّ» ، إلى غير ذلك من المضامين التي تجعل التضحية التي قام
بها الحسين × ، منتشرة فعلاً لدى كلّ محبّيه والمتعاطفين معه على مدى الأجيال،
وإنّ كلّ واحدٍ منهم يستطيع أن يقول:
اللهمّ
تَقبّل منّا هذا القربان، وليس العقيلة زينب فقط.
الامر الخامس: شريكة
الإمام الحسين عليها السلام
السيدة
زينب ÷ شريكة الإمام الحسين ÷
عندما
يصل آية الله العظمى السيد الخوئي إلى هذا
الأمر في كتابه الرجالي لحالات السيدة زينب عليها السلام ، يقول هكذا:
{وِإِنَّها
شَريكَةُ أَخيها الْحُسَيْنِ عليها السلام }.
السيدة
زينب ÷كانت شريكة في نتائج وعظمة كربلاء مع أبي عبدالله الحسين × ، ولذلك عندما قال ابن عباس للإمام الحسين ÷:
"فَما مَعْنى حَمْلِكَ هؤُلاءِ النَّساءِ؟ لا تأخذ معك السيدة زينب ÷وبقية
النساء"، يقول الإمام الحسين × :{إِنَّ اللهَ قَدْ شَاءَ أَنْ يَراهُنَّ
سَبايا}.
"
تقبل منا هذا القربان " الإقرار بالعجز وتصغير النفس أمام عظمة الخالق
وقفت
زينب (÷) على جسد أخيها بخشوع وتأمل وبسطت يديها تحت الجثمان المقدس والمقطع إربا
إربا ورفعته نحو السماء وقالت:" إِلَهي تَقَبَّلْ مِنَّا هَذَا القُرْبَان
"!! (2)
وفي
رواية أخرى أنها قالت: " اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا هَذَا القَلِيلَ من
القُرْبَان " (3).
وورد في
ناسخ التواريخ أنها قالت: " إِلَهي، تَقَبَّلْ هذا قَلِيلَ مِنَ القُربانِ
مِنَّا أهلَ البَيت ".
هذا
التعبير الذي ورد على لسان العقيلة زينب (÷) إن دل على شيء فإنما يدل على عظيم
مقام الشكر والثناء على قدَر الله وقضائه، والإقرار بالعجز وتصغير النفس أمام عظمة
الخالق وجلاله، وتلك من صفات المتقين الذي قال في وصفهم إمام المتقين أمير
المؤمنين عليه أفضل صلوات المصلين: " عَظُمَ الخَالِقُ في أَنْفُسِهِم
فَصَغُرَ مَا دونَهُ في أعْيُنِهِم "!!
على
الرغم من الظروف القاسية التي أحاطت بزينب (× ) وعلى الرغم من بكائها المستمر الذي
لم يتوقف، وإن كان بكاؤها ونحيبها أحد أسباب النهضة والثورة بعد مقتل أخيها الحسين
(× ) إلا أنها لم تنس دورها الذي أنيطت به فكان جُلُّ اهتمامها ونشاطها هو توسيع
دائرة التبليغ عن رسالة الشهداء وبيان سمو أهدافهم من ثورتهم ضد البغاة الظالمين،
وأرغمت بدعائها هذا أنوف المعتدين المستكبرين حينما قالت بلسان حالها:
نحن
قدمنا هذه الضحايا من أهل البيت الكرام إلى الساحة القدسية لا غير، وعلى الرغم من
عظمة الحسين (× ) ومكانته الرفيعة عند ربه إلا أنه صغير في ذات الله وعظمته،
فالعظيم بالعَرَض لابد أن يفنى في العظيم بالذات، ولابد أن نستصغر أنفسنا وإيثارنا
في ذات الله في سبيل نيل الأهداف الإلهية السامية.
الامر السابع:
فنائها في جنب اللّه تعالى
السيدة
زينب الكبرى ÷شريكة الحسين × حيث رفعت الجهالة من أذهان الناس، من مقتل الإمام
الحسين × في كربلاء وفي الكوفة وبعد ذلك
في الشام وبعد ذلك في كربلاء والمدينة. من الممكن أن مجموعة تظن أو ستظن في
المستقبل أن كربلاء كانت حرباً بين طائفتين ومجموعتين من المسلمين، ومجموعة غَلبت
وأخرى غُلِبت بحسب الظاهر.
لا بدّ
أن السيدة زينب الكبرى ÷ترفع هذه الجهالة عن أذهان الناس. ماذا رأى الأعداء السيدة
زينب ÷تفعل؟ وهي عند مقتل الإمام الحسين × سمعوها تقول: {أللّهُمَّ تَقَبَّلْ قَليلَ
الْقُربانِ}. رأوا أنّ هذه السيدة ÷وهي في أوج وعمق المصائب والبلاء مشغولة مع
الله. ينسى الناس كل شيء عند الصعاب لكن السيدة زينب الكبرى عليها السلام لها مناجاة؛ يعني أن السيدة زينب عليها
السلام عارفة بالله. وواضح ومعلوم أن
حركتهم لله وليسوا خارجيين؛ لأنهمٍ كانوا يقولون في الشام: مجموعة قامت وخرجت على
خليفة ووصي رسول الله ' وقتلوا في كربلاء. هذا درس توحيد السيدة زينب الكبرى عليها
السلام . لما كان يوم الحادي عشر من محرم
وبعد أن حضنت أرض كربلاء جثث الزواكي من آل أحمد (| ) جاءت زينب (÷) إلى مصرع
أخيها الحسين (× ) فرأته مقطعا إربا إربا، هنالك تجلت حقيقة العبودية لله والتسليم
لأمر الله والرضا بقضاء الله حينما بسطت يداها تحت جثمانه المقدس ورفعته إلى
السماء وقالت: " إِلَهِي تَقَبَّلْ مِنَّا هَذَا القُرْبَان " (1).
وارتفعت
زينب (÷) بمقام الرضا بقضاء الله والتسليم لأمره إلى مقام الشكر.
بدأت
دروس السيدة زينب عليها السلام من مكان مقتل الإمام الحسين × ، عندما كانت السيدة صفية خاتون تريد الذهاب إلى
قرب جنازة حضرة حمزة (رضوان الله عليه). قال النبي الأكرم ': لا تدعوها، أخاف على
عقلها. على أن الرسول الأكرم ' وضع عباءته على بدن حضرة حمزة (رضوان الله عليه)
وغطَّى رجله ببعض البرسيم. وكانت السيدة الزهراء ÷قرب السيدة صفية وقالت: سوف لن
تجزع. عندما جاءت أخذها البكاء لكن النساء كنّ يراعينها، لكن من كان يراعي السيدة
زينب ÷؟ جاءت قرب البدن العاري لوحدها، بدن ليس له رأس، ليس له إصبع، ليس له
خاتمه، بصدر مكسَّر، عموده الفقري مكسوراً، مع كل هذا، في هذه الحالة الطبيعية لا
يمكن أن يُعرف هذا البدن؛ ولذلك قالت السيدة زينب ÷وهي متعجبة: {أأنْتَ أَخي؟
أأنْتَ ابْنُ أُمّي؟}.
وضعت
السيدة زينب ÷يدها أسفل البدن ورفعته إلى الأعلى قليلاً.
نظر
الأعداء إلى السيدة زينب ÷، وهم يقولون: ماذا تفعل؟ قالت فجأةً:
{أللّهُمَّ
تَقَبَّلَ مِنّا قَليلَ الْقُربانِ}.
هذا
أجمل درس في التوحيد وفي معرفة الله؛ بمعنى أننا جئنا لأجلك أنت، لأجلك قدّمنا
الدم! على ذلك نرى أنفسنا مُطالَبين ومَدْيونين لأننا نرى أنفسنا لا شيء في مقابلك
ونطلب منك القبول.
الامر التاسع:
انه دعاء العقيلة
وهو
دعاء منسوب لعقيلة الطالبيين زينب بنت أمير المؤمنين (× )، دعاء لا يصدر إلّا عن
لسان عارف بأسرار الربانيّين ومطّلع على خفايا وخبايا الأولياء وقد حلم دهرًا
بأحلام تتناسب وقمم الرسل والنبيين. ولا يمكننا حمله على المبالغة لأن سياق الأحداث الزمني الذي صيغت كلماته فيه
ليست من ساعات المبالغة، وليست من لحظات الأماني الكاذبة، يؤكّد ذلك طبيعة القربان
ومقامه وخصائصه ـ الحسين (× ) ـ والحال التي هو غارق فيها بدمه، ثم إن وضع السيدة العقيلة زينب أخت
الحسين (× ) ومواقفها كلّها شواهد صدق على عمق هذه المقولة وقبول هذا القربان.
عبارة السيدة زينب "اللهم تقبل منا هذا
القربان" إشارة قوية واضحة ولها دلالاتها الرمزية والفلسفية الغائرة
والمفتوحة على عشرات الآلاف من القراءات والتحليلات، ولقد قدّمت عبارتها كنزاً
معرفياً غاية في الأهمية ومثلت مركزية في الدعوة إلى قراءة ما هو خلف الواقعة.
الامر العاشر: وصول
الإنسان إلى درجة الفناء.
لا حظوا
إذا واجه الإنسان الحدث، إنسان أصيب بحادث سياره وبدأت تنزف الدماء من بدنه وهو
ينظر إلى نفسه وهو في حالة خطر هو الآن دخل في حدث، كيف يتصرف؟ هنا درجات للعروج
إلى الله من خلال الحدث كيف تعرج إلى ربك من خلال الحدث؟
الدرجة الأولى: التوكل على
الله.
بمعنى أن أثق بأن ما كتب لي لا يضيع وهو بعين
الله، أن أثق بأن الله لن يكتب لي إلا ما هو صلاح لي ((قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا
إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا
وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون ))وهذا الحسين يوم عاشوراء «إني توكلت
على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم».
الدرجة الثانية: الرضا بالحدث
أن تتحول من التوكل إلى الرضا فهذه تحتاج إلى
شحنه روحيه عاليه أن ترضى بما حدث أن تعتبر ما حدث نعمه وليست نقمه، الرضا بقضاء
الله مرتبة عظيمه من مراتب العروج إلى الله، الحسين يتحدث عن هذه المرتبه «اللهم
رضاً بقضائك وتسليماً لأمرك» ويقول عندما خرج من مكه «رضا الله رضانا أهل البيت
نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين» وسرت هذه المعنويه حتى لأصحاب الحسين ،
برير في صباح يوم العاشر إستعدوا للقتال والسهام بدأت تترى عليهم برير يمازح عبد
الرحمن الأنصاري قال: يا برير ليس هذا الوقت وقت باطل، فقال برير لقد علم القوم أني
ما أحببت الباطل لا شاباً ولا كهلاً ولكننا مستبشرون بما نحن لقون فما بيننا وبين
الحور العين إلا أن تأتي علينا هؤلاء الطغاة بأسيافهم» الرضا بالحدث يحتاج إلى
شحنه روحيه عاليه عبر عنها الحسين وأصحابه.
الدرجة الثالثة: درجة
التسليم.
والمقصود بها أن لا يرى الإنسان لنفسه منية أمام
الله عزوجل لا يأتي إنسان ويقول أنا لي سمعه ومكانه وثروه أنت أمام الله لا إنية
لك، كثير من الناس يعيش هذه الحاله إنسان يعيش وجاهه إجتماعيه لكنه في المسجد يكون
كأي إنسان متواضع، يأتي إنسان يخدم في المسجد أو في المأتم يخدم في الموكب هذا الإنسان
الذي لا يشعر بأنية له لا يشعر بأن له موقعيه في مقام خدمة المبادئ، خدمة القيم
السماويه، وهذا الذي يعيش مرتبة التسليم، التسليم أن لا ترى لنفسك نفسية ولا إنيه
فليس هناك ثنائيه بأن تقول أنا وأنت بل ليس هناك إلا أنت والله رب العالمين.
الحسين وصل إلى درجة التسليم وعبر عنها يوم عاشوراء
عندما قال «اللهم رضاً بقضائك وتسليماً لأمرك، يا غياث المستغيثين» وكان يعبرعن
هذا التسليم في كل موقع عندما ذبح الرضيع على يديه قال «هون مانزل بي أنه بعين
الله» هذا تسليم.
الدرجة الرابعة: الفناء.
والمقصود بها أن يبذل الإنسان كل ماعنده في سبيل
رضا الله، بمعنى أنا لا أنتظر الحدث يأتي لكي أرضى به أنا أبادر ولا أنتظر،
المبادرة بالبذل والعطاء، عطاء كل شئ عندي في سبيل الله هذا هو المحقق لمرتبة
الفناء كل ماعندي لله، وهذه المرتبه تجلت يوم عاشوراء بصور حيه بصور عظيمة.
ومن
أروع صور الفناء ما تجسد في العقيلة زينب، زينب امرأة عظيمة، زينب شريكة الحسين في
نهضته، زينب التي قال عنها الإمام زين العابدين وهو امام معصوم والإمام المعصوم لا
يقول كلام مجاملة «عمه أنت بحمد الله عالمه غير معلمه» امرأة عالمه رزقت العلم من
لدني من أمها الزهراء ومن ابيها المرتضى «أنت بحمد الله عالمه غير معلمة وفاهمة
غير مفهمه» هذه المرأة العظيمة كيف تجلت فيها صور الفناء في الله يوم عاشوراء؟
زينب التي كانت عند جسد الحسين ليس هي زينب العقيلة هذه أختها الصغرى زينب، بنات
الإمام علي زينب الكبرى وزينب الوسطى وزينب الصغرى، زينب الكبرى هي العقيلة هي
شريكة الحسين، زينب الصغرى زوجة مسلم بن عقيل هي التي كانت عند الجسد الشريف وقت
مصرعه، وأما زينب العقيلة كانت نائب الحسين ، هي التي تدير وضع الخيام بعد خروج
الحسين إلى المعركة ماخرجت من الخيمة حتى قتل الحسين بن علي.
زينب
العقيلة يقول حميد بن مسلم «رأينا امرأة خرجت من الخيمه تجر أذيالها خفراً وصونا
تمشي بإطمئنان بثقة إلى أن وصلت إلى جسد أخيها مدت يديها تحت الجسد رفعته قليلا
وقالت «اللهم تقبل منا هذا القربان» نحن ما جئنا من المدينة إلى هنا لنخوض قتالا
جئنا لنتقرب إليك بأزكى وأغلى دم ألا وهو دم الحسين سيد شباب أهل الجنة «اللهم
تقبل منا هذا القربان» امرأة واعية تعرف أهداف الثورة أهداف الحركة «اللهم تقبل
منا هذا القربان» هذه المرأة العظيمة كانت جالسه مع الإمام زين العابدين فهبت
الرياح السوداء وتغير الجو فقال زين العابدين «عمه ارفعي طرف الخيمه، رفعت طرف
الخيمه ثم الفت إليها قال: عمه زينب عظم الله لكي الأجر أحسن الله لك العزاء لقد
حلت الفاجعة الكبرى والمصيبة العظمى، قالت: ماذا حدث يابن اخي قال لقد قتل والدي
الحسين، قالت: أرني ذلك أخذ بيدها» أراها فإذا هي ترى رأس الحسين يتلوى على رأس
رمح طويل.
الدرس الحادي
عشر: الدور الأهمّ والأعظم في كربلاء
كانت
تمثل دور الرسول | وابيها وامها عليهم
السلام
ولاشك
أن لكل واحد من أهل بيت وأصحاب الإمام الحسين صلوات الله عليه مقاما خاصا ودورا
عيّنه صلوات الله عليه لهم، ويمكن أن تبرز لنا عظمة السيدة زينب عليها السلام
وقيمة موقفها في كربلاء وأن دورها كان الأهم والأعظم من خلال أمور كثيرة أختصرها
بما يأتي:
ماقام
به الإمام الحسين ليلة العاشر حيث أعطى الإذن الشرعي للجميع بالانصراف، حتى لأهل
بيته، فقال صلوات الله وسلامه عليه: (أمّا بعد: فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا
خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي فجزاكم الله عنّي خيراً،
ألا وإنّي لأظنّ أنّه آخر يوم لنا من هؤلاء، ألا وإنّي قد أذنت لكم فانطلقوا
جميعاً في حلٍّ ليس عليكم منّي ذمام، هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملا، وليأخذ
كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي فجزاكم الله جميعاً خيراً، ثمّ تفرقوا في البلاد
في سوادكم ومدائنكم حتّى يفرج الله، فإنّ القوم يطلبوني ولو أصابوني لهوا عن طلب
غيري)
وليس
هناك خطاب وأذن بالتعذير للجميع أعظم من هذ الخطاب، إلّا أنه لم يلحق أخته عقيلة
الطالبيين بهذا التعذير، فقد كان يدّخرها لأهم المواقف، لذا كان يصبّرها على تحمل
الدور، واختارها من أوّل الأمر لذلك، لم يقل لها: أنت امرأة ولست مقصودة ولايريدك
القوم، بل أقامها مقاما لا يستطيع القيام به حتى حامل رايته أخيه العباس ولا ابنه
علي الأكبر .
ففي مثل
هذه المعركة الغير متكافئة الأطراف والتي تكون النتيجة فيها حتميّة منذ البداية
ولا يشكّ فيها أحد، في مثل هذه المعركة التقدم الزماني في البراز لا يعني فضيلة بل
العكس، كلما كان الفرد ثابتا ومصرّا وتأخّر موقفه ودوره من حيث الزمان كان أثبت
وأصدق وأصبر وأوسع ظرفيّة ومكنة، تقدّم الأصحاب مثلا ليس دليلا على أفضليّتهم على
أهل البيت (× ) بل العكس هو الصحيح، إذ نرى أصحاب الحسين(× ) وأهل بيته كل منهم
يكرّر كلمة بنفس المضمون وإن كانت الألفاظ والتعابير تختلف، كلّ منهم إنما يأذن له
الإمام الحسين (× ) عندما يقول كلمة: لقد ضاق صدري وأريد أن أبرز لعدويّ. الإمام
الحسين إنما يلزمهم بالبقاء ويعطيهم وقتا أطول لعدّة أسباب منها أن يتحمّل الواحد
منهم أكثر وليستطيع أن يرى من المصائب أكثر، التأخر هو الفضيلة. إذن ضيق وسعة
الظرفية هي التي تؤمّن البقاء والثبات والاستمرار والتحمّل للدور الأصعب والأشقّ،
فكان الإمام يصبّرهم، ولكن عندما يرى أنهم قد وصلوا إلى عدم القدرة على احتمال هذه
الكارثة والمصيبة أكثر كان يأذن لهم بالجهاد.
ولكن
زينب (× ) كانت الأربط جأشا والأصبر والأقدر على كسر شوكة بني أمية وإركاس نصرهم
المزعوم، لذا كانت هي الموكلة لأن تقدّم هذا القربان، لأنه إنما يقدمه أقوى القلوب
وأصلبها في ذات الله ومن كان (مكدودا في ذات الله) كما تصف الصديقة الزهراء (× )
أمير المؤمنين (× ) .
هذا
الموقع المحوري يجعلها ÷م لا تحيد عن الهدف ولا تخطئ في تشخيص الواقع الخارجي فهي
صلوات الله عليها المحور الذي يجاهد في الله وليس في سبيل الله.
الدرس الثاني عشر:
التوحيد وتقبّل القربان
التوحيد
بالمعنى الواقعي شرط لكي يحقّق الإنسان القربى واقعًا وعقلا، يجب أن يقبله الله لا
أن يقبله الناس {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ} فليس العمدة أن نقبل - نحن - العمل
أوأن نراه أخلاقيًا وقيميًا وأن نتعاطف مع آثاره، إنّ تدّخل اجتهاداتنا وتصوراتنا
وتحليلاتنا لا تضفي على العمل مقبولية، وبالدقة أقول: من هو فاعل القبول في العمل؟
نحن؟ أم المجتمع والعرف أم ذوقنا؟!
الآية
هنا تؤكد أن فاعل القبول هو الله {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ} ونحن في هذا
الكون لسنا فاعلًا مستقلًا في شيء، وهنا يتجلى التوحيد والفهم التوحيدي الخالص،
فنحن إذا ما تساهلنا وتسامحنا وأغمضنا عن هذا البعد الذي يعطي للعمل أهميته وقيمته
فإنّ تسامحنا - الإنساني بزعمنا - لن يضيف للعمل حُسنا ويجعل العمل مقبولاً ومقربا
من الله، إلا بإحراز المطلوبية والمحبوبية لله. لأن القبول المقرب منحصر في الله
فقط {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ}، فقبولنا لا يغير هوية العمل.
الدرس الثالث عشر:
الإمام الحسين × هو القربان
الأعظم!
الوصول
لعالي الدرجات هو بمقدار تقوى الإنسان وما يقدّمه من قرابين، فإن ذلك يكشف عن مدى
حب الله سبحانه وتعالى والإخلاص له والدفاع عن شرعه ومنهجه. وبلا شك ليس هناك
قربان أعظم من قربان يقدمه محمد بن عبد الله (| )، ليس هناك قربان أعظم من قربان تقدمه
الصديقة الزهراء (÷) ويقدمه علي (× ) ويقدّمه الإمام الحسين ابن علي (× )، ولذلك
قالت: اللهم تقبل (منا) ـ منهم جميعا ـ هذا القربان. ولذلك هو سيد الشهداء، سيد
القرابين، وسيد الأضحيات في سبيل الله. منذ ولد صلوات الله وسلامه عليه كان مشروع
رسول الله (| ) ومشروع الصديقة الطاهرة وأمير المؤمنين (× ). جبرائيل (× ) أخبر
النبي (| ) بذلك والنبي أخبر الصديقة الزهراء (× ) بل أخبر الإمام الحسين (× )
نفسه بذلك. ولكن هذا القربان حتى تكتمل سماته كان لا بدّ من أن يمرّ بمراحل عبر
التاريخ، أوضاع، أحداث، ملابسات، لا لنقص في الحسين صلوات الله وسلامه عليه، لأنه
منذ نعومة أظفاره كان يبكيه رسول الله (| ) وكان يعامله رسول الله (| ) على أنه
القربان الذي سوف يقدمه لله، ولكن الشرط الذي يجب أن يتحقّق ـ حتى يعطى هذا
القربان ـ هو أن تبلغ الأمة إلى مستوى واستعداد ونضج تفهم وتقرأ رسالة هذا
القربان. فما الفائدة في أن يقدّم رسول الله (| ) قربانًا سوف يذهب دمه هدرًا وسوف
لا تقرأ الأمة هذا القربان الإلهي وما يتلوه من سائر القرابين؟!
الدرس الرابع عشر:
تقديم القرابين لدفع البلاء
قد يكون
للقرابين والتضحية والأعمال الصالحة التي يقوم بها الإنسان دوافع أخرى غير صرف
التقرب من الله سبحانه وتعالى، فإن دواعي تقديم القرابين كثيرة منها دفع البلاء.
نحن الآن عندما نريد أن ندفع سوءا عن مريض ـ مثلا ـ نقدم قرابينا في سبيل ذلك،
ندفع ذلك بالصدقة أو بالصلاة أو بالتوسل أو بالدعاء أو بزيارة مؤمن أو بزيارة أهل
البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
إن
الأعمال والسيئات التي يقع فيها الفرد لها صدى في هذا الكون ولها آثار سلبية سوف
تقع على الإنسان، لذلك نقرب صدقات حتى ندفع البلاء ونقدم أعمالا وحقوقا ومواقف
وآراء وقناعات كثيرة حتى ندفع البلاء الذي نتوقع أنه سوف يقع علينا. أضرب لكم
مثالا:
كثير من
الناس يشكو من الكآبة ومن الضيق مع أنّه يملك كل الإمكانيات. الأمراض، الكآبة،
المشاكل الاجتماعية والأسريّة تنتشر أكثر، كلها من السيئات التي تقع على المظلومين
في شرق العالم أو في غربه وهذه لها تردّدات وآثار كثيرة، من ذا ينكر ذلك؟ على
الأقل من ذا يستطيع أن يقيم الدليل على إنكار ذلك؟!
الدرس الخامس
عشر: قيادة الاحداث بصلابة
أنها
قادت تلك الأحداث ولم تكن مستسلمة خاضعة لقدرها
نوّهتْ
بأن الأحداث التاريخية لم تعرف عزيزًا مثل زينب ،التي لم تتحدّث بلسان نبي الله
موسى × حين قال :"اللهم اجعل لي
وزيرًا من أهلي " ولم تطلب حين دخلت في أعباء ومشّقة الرسالة ، وزيرًا من
أهلها ، كالعباس مثلاً ليبقيه الله لها ، بل كانت عبارتها "اللهم تقبّل منّا
هذا القربان" ذات معنىً عميق يدلّ على أنها قادت تلك الأحداث ولم تكن مستسلمة
خاضعة لقدرها ، لأنها لو خضعت لقالت "رضيت " أمّا "تقبّل "
فإنها تدلّ على فعل زينب ، وأمّا "القربان" فيُعطى عربونًا للمحبة
والعشق .
فلم تكن
الأحداث تجري بقرارات عليا من "فوق رأس" السيدة زينب وهي تسلم بهذا
القضاء والقدر الإلهي ولها اجر التسليم بقضاء الله ، وثواب الصابرين فقط ...بل
كانت تجري بين يديها وباختيارها ولهذا يصح أن تقول "اللهم تقبل منا هذا
القربان"
الدرس السادس
عشر: المأخوذ عليها الميثاق بتلك
شاء
الله ان يراها
إنّ
حديث الرواة لمّا وقفت على جسد أخيها وقالت: " اللهمّ تقبّل منّا هذا القربان
"يدلّنا على تبوّئها عرش الجلالة، وأنّها المأخوذ عليها الميثاق بتلك النهضة
المقدّسة كأخيها الحسين، وإن كان التفاوت محفوظاً بينهما، حتّى إنّ أحدهما لمّا
أتمّ النهوض بالعهد وخرج عن العدة بإزهاق نفسه المطهّرة، نهض الآخر بما وجب عليه
ومنه تقديم (الذبيح) إلى ساحة الجلال الربوبي والتعريف به، ثُمّ طفقت سلام اللّه
عليها ناهضة ببقية الشؤون التي وجبت عليها، ولا استبعاد في ذلك بعد وحدة النور،
وتفرّد العنصر.
أقول
أحببت ان انقل حديث كأس البلاء لتعميم الفائدة
قال اية الله حبيب الله الكاشاني قدس سره
قبول أبي عبد الله الحسين × الشهادة في عالم الذر
ان الله الودود خلق حقائق المخلوقات وأودع فيها قابلياتها تمننا منه ورحمة،
فأوجدها كالذرات وخاطبها فقال: ألستُ بربكم؟ وقد خلقتكم بلطفي وعنايتي؟ فأجابته
تمام الذرات: بلى، فأظهرت المخلوقات ما في مكنونها من القابليات، وسألوه كل ما
يحتاجونه (وآتاكم من كل ما سألتموه).
وكان أول من نهل رحيق التصديق وأجاب على الحقيقة والتحقيق وشرع سُنّة
السبق الى قول (بلى) هو: الحقيقة المحمدية، فهو أول ما خلق الله وهو في هذا العالم
أول ما أجاب الله.
إنّ بعض قريش قال لرسول الله | بأي شئ سبقتَ الانبياء وفُضّلتَ عليهم
وأنت بُعثتَ آخرهم وخاتمهم؟ قال |: اني كنت أول من أقرّ بربي وأول من أجاب حيث أخذ
الله ميثاق النبيين (وأشهدهم على أنفسهم ألستُ بربكم قالوا بلى) فكنتُ أول نبي قال:
بلى، فسبقتهم الى الأقرار بالله عزوجل.
ولما سبق محمد وال محمد | الخلائق في اجابة نداء الحق تعالى غمرهم النور
الألهي فسطعت جميع ذرات وجودهم في غيبهم وشهودهم، فأمر الله جميع الخلق ان يقروا
بجلالتهم وعظمتهم، فلما رأت الاستعدادات الخبيثة مقام آل محمد | ومرتبتهم غلب
عليهم الحسد وامتلأت قلوبهم بغضا وعداوة لهم كما قال الباقر × في قوله تعالى
(أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) : نحن الناس المحسودون .
ومن هذا الحسد والعداوة تراكمت الظلمة وطبقت على ذلك العالم ، فنادى
منادي الحق : من يرفع هذه الظلمة لا بالقهر والغلبة بل بالمظلومية والمقهورية ،
يعني بالشهادة الكلية ،فقالوا الهنا وما الشهادة الكلية ؟ قال :
قال : الغربة عن الوطن ، وتحمل البلايا والمحن ، وتحمل القتل عطشا ،
والنظر الى مصارع الأصحاب والاولاد والأخوة ، وسماع السبّ من الأعداء ، وسلب
الأموال ، وسبي النساء والذرية يطاف بهم في الأسواق وينظر اليهم الأجانب ، ويوضع
الرأس في طشت من ذهب في مجلس الشراب ويقرع بعود الخيزران ، وتستوهب ابنته لتكون
أمة ، وسلب الخمار من رأس الأخوات ، وموت الاطفال من العطش ، واصابة الطفل الرضيع
ـ لستة اشهر ـ بسهم في النحر ، والنظر الى أيدي الأخ مقطوعة ، وهامة الشاب ذي
الثمانية عشر سنة مفلوقة ، وسماع أنين الأطفال وهم ينادون : العطش العطش ، وفصل
الرأس عن البدن من القفا بأثني عشر ضربة ، وسلب البدن وتركه عريان تصهره الشمس ،
وإجالة الخيل عليه.
فلما سمع أهل الجمع هذا التفسير خافوا وارتعدوا وأبوا ان يقبلوا لأنهم لا
يتحملون ذلك.
وروي عن الامام محمد التقي أنهم سكتوا ولم يردوا جوابا، فنودوا مرة اخرى
فلم يجيبوا، فجاء نداء عظيم في المرة الثالثة: من لهذا العمل؟ ومن المشتري والحامل
لهذا الثقل؟ أي من المتقبل لهذه الشهادة الكلية؟ لأعطيه لواء الشفاعة الكلية يوم
القيامة فيُخرج العصاة من نار جهنم ويدخلهم الجنة؟ فلم يجب أحد الّا صاحب القبا
المطرز بالدماء في صحراء كربلاء الامام ابي عبد الله عليه السلام فقال: يا إلهي
أنا أحمل هذا العبئ وأنجز هذا العمل ، أي اني أقدم في سبيلك الروح والمال والعيال
والاولاد وأتحمل كل المحن والبلاء وافتدي هؤلاء المذنبين فلا يدخلوا جهنم .
وفي رواية: لما قال: أنا أشتريهم،
جاء النداء: يا حسين بم تشتريهم وتشفع لهم وتعتقهم من النار؟ قال: بكل ما هو أعز عندك.
فجاء النداء: لا شئ أعز عندي من الروح، فقال: أقدم روحي وأشتري الأمة.
فجاء الخطاب: بروحك تشتري الرجال، فبما تشتري النساء؟ قال: أقدم نسائي
وبناتي للأسر في سبيلك يطاف بهن في البلدان.
فجاء الخطاب: بما تشتري شبابهم؟ قال: أقدم شباني ليقتلوا في سبيلك.
فجاء الخطاب: بما تشتري أطفالهم؟ فقال: أقدم طفلي الرضيع ليقتل عطشانا
بسهم يذبحونه به من الوريد الى الوريد.
فأخذ رب الأرباب ميثاقا منه وكُتِب الميثاق في صحيفة ودفعت الى رسول الله
ص ليختمها ، فلما قرأها النبي ص تغيرلونه حتى بان أثرالدم في وجهه ، وبكى بكاءا
شديدا ، وقال : رضيت بما رضي الله لنا نصبر على هذه المصيبة لان فيها ترويج الدين
وشفاعة المذنبين ، فختم تلك الصحيفة وعيناه تهملان دموعا ...
ثم دفعت تلك الصحيفة إلى أبيه علي ×
فبكى وقال : مالي ولآل أبي سفيان ،
ثم قال : رضيت بما رضى به الله ورسوله، ثم ختم تلك الصحيفة بخاتمه الشريف، ثم دفعت
الصحيفة إلى أمه فاطمة ، فلما اطلعت على ما فيها بكت بكاء شديدا حتى أغمي عليها ،
فلما أفاقت حنت وأنت من أعماق قلبها المجمور وصرخت: وا ولداه وا حسيناه، ولكنها
لما رأت ان عوض هذه المصيبة العظمی ترویج الدين والشفاعة الكبرى قالت : رضيت برضى
الله ورسوله وعلي، ثم دفعت الصحيفة إلى الأمام الحسن × فبكى
ثم رضی وختمها ، ثم ختمها جميع الأنبياء والأوصياء والملائكة، ثم اثبتت في الصحف
الملكوتية .
ثم نادى منادي الحق: یا معاشر الخلق، هذا الحسين بن علي بن أبي طالب هو
حبيبي ووليي وصفوتي ووديعتي فيكم أحبوه وأعزوه ولا تخالفوه ولا تنكروا عليه .
هذا الحسين بن علي اشتراكم مني بنفسه وماله وولده وعياله فأحبوه وأعزوه ،
فكان أول من أجاب هذا النداء محمد وآل محمد | ، ومن بعدهم شيعتهم ومحبيهم، ولهذا
قال : أن للحسين في قلوب محبيه محبة.
فلما رأى المنافقون هذه المنزلة الرفيعة للحسين ازداد بغضهم وحسدهم
وعداوتهم، فقالوا : هل هذا تكليف جبري - يعني حب الحسين × واطاعته فلا محيص عنه أو انه اختياري ؟ فجاء
الخطاب : اننا لا نكلف أحد جبرا . فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر . فقالوا: يا رب
اذا كان ذلك كذلك فانا لا نرضى أن يكون الحسين علينا حاكما وأميرا، بل أن لم ينزل
على طاعتنا قتلنا فتزلزلت أركان الوجود هذا الكلام وبكى الملائكة والأنبياء
والأولياء، وهجم الهم والغم على القلوب، وضاقت الصدور، وبانت آثار الخشوع والانكار
والتغير والتكدر في كل شيء، فجاء الخطاب : أيها المنافقون والأشقياء، یکم سيتولى
هذا العمل الشنيع ويشتري لعنتي الابدية وعذابي السرمدي ، فقال یزید بن معاوية -
لعنه الله أنا قاتل الحسين ومتحمل اللعنة الأبدية ، سافتح ابواب خزائني وارسل جيش
ال كربلاء ليفرقوا بين رأس الحسين وبدنه ويرفعوه على الرمح، ويسبوا عياله ويدخلوهم
مجلسي واضرب ثغره وثناياه بقضيب الخيزران، فلما رأى أهل الجمع في تلك العرصة هذه
الجرأة من ذاك الشقي وسمعوا مقاله بكوا على الحسين ولعنوا قاتله ، وارتفع الحنين
والبكاء من الملائكة وسألوا الله أن يبعد هذه البلية عن الحسين × ، فجاء الخطاب للحسين × : اذا
اردت رددنا عنك هذه البلية ولم ننقصك من قدرك ومقامك شيء، فقال : الهي أحب أن أقتل
في رضاك الف مرة في كل يوم ليتم دينك وتنتشر شريعة جدي وأكون في القيامة شافع
المذنبين. وبعبارة أخرى : اريد أن أجعل جسم الولاية فداء لروح الولاية، واجعل هذا الظاهر
فداء للباطن ، واقدم هيكل التوحيد فداء لحقيقة التوحيد .
ولهذا سارعت جميع أصناف الخلق من الجن والملائكة لاغاثته واستأذنوه في
مساعدته ، ولكنه أبي وقال : أريد أن أفي بعهد الله ، فوقعت حينئذ في يده صحيفة ،
ففتحها وقرأها فاذا بها صحيفة الميثاق التي كتبت في عالم الذر وكان فيها
((ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لالهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه
حقا في التوراة والإنجيل والقران ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكيم الذي
بایعتم به وذلك هو الفوز العظيم التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون
الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين»
. فنظر خلف الصحيفة فوجد مكتوبا عليها بخط واضح جلي: «یا حسين نحن ما
حتمنا عليك الموت وما ألزمنا عليك الشهادة فلك الخيار ولا ينقص حظك عندنا فان شئت
نصرف عنك هذه البلية، فاعلم انا قد جعلنا السماوات والارضين والملائكة كلهم في
حكمك فامر فيهم بما تريد من اهلاك هؤلاء الكفرة الفجرة».
فاذا بالملائكة قد ملؤوا بين السماء والأرض بايديهم حراب من النار
ينتظرون حكم الحسين وأمره. فلما رأى الامام المظلوم ذلك رمي بالصحيفة إلى السماء وقال:
یارب وددت أن أقتل واحیی سبعين إلف مرة في طاعتك ومحبتك واني قد سأمت الحياة بعد
قتل الأحبة.
فلما ظهر ثبات امام الكائنات لأهل عالم الذر جميعا نادى منادي الحق: يا
معشر الخلائق، عرفتم مقام حبيبي الحسين وثباته ومنزلته، فاعلموا أن أنصاره أنصاري
وجنده جندي، فهل فيكم من ينصره ويذب عنه ويثبت على نصيرته ؟ ويكون مثله يعرض عن
نفسه وماله وعياله؟ فقام من بين الخلائق نیف وسبعون واقدموا على علم وقالوا:
الهمنا وسیدناها نحن ننصر حبيبك ونبذل أنفسنا في حضرة وليك، فجاء الخطاب: هنيئا
لكم أنتم انصار الله وانتم خيل الله، فانظروا إلى درجاتكم التي اکرمتكم بها،
فنظروا الى مقاماتهم وفرحوا بها وبانت منزلتهم وجلالة مرتبهم لأهل الذر، وكتبت
اسماؤهم وانسابهم في الصحيفة الالهية، فلا يزدادون واحدة ولا ينقصون واحدا، کا ورد
في بعض الأخبار ([4]).
الدرس السابع
عشر: تقبل من الجميع
اللهم
تقبل منا هذا القربان هذه لها بعد تاريخي، هذا القربان القربان الموعود من الازل
وابراهيم لما امره الله عزوجل ان يذبح اسماعيل هذا هو القربان الموعود فرفع عنه
الذبح وجعل الذبح رمزي وفداه بكبش، في قربان موعود ثأر الله في ارضه من ابراهيم
والانبياء السابقين لما يأتي وقته، النبي صلى الله عليه وآله لما اخبره جبرئيل ان
القربان الموعود لله في الارض ثأر الله هو ولدك الحسين، زينب رضوان الله عليها
عاشت في هذا الجو في بيت امير المؤمنين البيت كله كلهم عاشوا هذا الجو ان الحسين
هو قربان الله في ارضه فزينب رضوان الله عليها مدركة ما حصل في كربلاء فاول ما
خاطبت سلام الله عليها وتقول
يا ربي
هذا القربان الذي انت جعلته اخي الحسين والذي اعددنا له يا ربي تقبله منا، لاحظوا
ما قالت تقبل من اخي، الكل مشاركين فيه، يعني يا ربي جدي رسول الله ابي امير
المؤمنين امي الزهراء اخي الحسن نحن كلنا قدمنا هذا القربان واخي الحسين هو قدم
نفسه فتقبل منا جميعاً، هذه الاسرة المختارة المصطفاة تقبل منا القربان الذي جعلته
انت منا، هذا بعد وهناك بعد آخر انه في المعركة والمأساة التي وقعت والثكل
والاطفال وشماتة العدو وانتصاره في ذلك الجو هي ما حاضرة ان تعيش منطق انتصار
الاعداء ولاتعيش حالة الانهزام، هي تعيش حالة عبادة ربانية ياربي نحن استطعنا ان
نعبدك اليوم عبادة وقدمنا لك قرباناً حالة الصلاة هذا ايضاً يدلنا على روحيتها
ومستواها ان هي تعيش صلاة شهادة الامام الحسين × ، بعض الناس يعيشون مع المحسوس مع
الالام مع المفرح مع المحزن مع الجوع مع العطش مع الامور التي مضت ذلك اليوم في
عاشوراء وخاصة لما تودعه، زينب رضوان الله عليها أين تعيش تعيش في جو اللهم تقبل
منا هذا القربان، هذا القربان له ايضاً مستتبعات ونحن شركاء في صنعه ونتحمل، هذا
شكر لله سبحانه وتعالى، منطق زينب سلام الله عليها هي تعيش منطق ابيها، اجواء جدها
اهل البيت عليهم السلام حتى لو لم تكن زينب من المعصومين ولكنها تلميذة هؤلاء
العظماء وتعيش في جوهم.
[1])) نهج البلاغة، ق 392.
[2])) نهج البلاغة، ق 392.
[3])) نهج البلاغة، ق 381.
[4] /تذكرة الشهداء
ص14.
تعليقات
إرسال تعليق