القائمة الرئيسية

الصفحات

من كتاب الامام المهدي قي منتهى درجات المظلومية واقصى مراتبها

 







من كتاب الامام المهدي قي منتهى درجات المظلومية واقصى مراتبها

 

احزان الائمة ^  على غيبة الامام #

الامام علي × «هَاهْ، شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِ»

قَالَ علي ×  أَوْسَعُكُمْ كَهْفاً وَأَكْثَرُكُمْ عِلْماً وَأَوْصَلُكُمْ رَحِماً ... هَاهْ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ - شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِ.»([1]).

وقد بكى الغيبة حتى الأئمة الأطهار عليهم السلام، لأنها بلاء عظيم،وهذا أخو رسول الله (d ) وأمير المؤمنين، علي بن أبي طالب (× ) يتأوّه شوقاً لرؤية المهدي (# )، وذلك عندما سأله رجل عنه، فبيّن له صفاته، ثم أومأ بيده إلى صدره الشريف قائلاً: «هَاهْ، شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِ»

 

 

الإمام الصادق عليه السلام :سيدي، غيبتك نفت رقادي،

ذكر الشيخ الصدوق قال بعد ذك السند  عن سدير الصيرفي قال: دخلت أنا والمفضّل بن عمرو، وأبو بصير وأبان بن تغلب علي مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، فرأيناه جالساً علي التراب، وعليه مسح خيبري مطوَّق بلا جيب، مقصَّر الكمَين، وهو يبكي بكاء الواله، كالثكلي ذات الكبد الحرّي، وقد نال الحزن من وجنتيه وشاع التغير علي عارضيه، وأبلّت الدموع محجريه، وهو يقول: سيدي، غيبتك نفت رقادي، وضيّقت عليّ مهادي، وأسرت مني راحة فؤادي، سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد، فما أحس بدمعة ترقأ في عيني، وأنين يفتر من صدري، عن دوار ج الرزايا، وسوالف البلايا.

قال سدير: فاستطارت عقولنا ولهاً، وتصدعت قلوبنا جزعاً، وظننا أنه سمة لمكروهة قارعة، أو حلت به من الدهر بائقة، فقلنا: لا أبكي الله يا ابن خير الوري عينيك، لأي حادثة تستنزف دمعتك وتستمطر عيرتك؟ وأي حالة حتمت عليك هذا المأتم؟.

فزفر الصادق عليه السلام زفرة وقال: إني نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم، وهو الكتاب المشتمل علي علم المنايا والبلايا والرزايا، وعلم ما كان وما يكون إلي يوم القيامة، الذي خص الله تقدّس اسمه به محمداً، والأئمة من بعده عليه وعليهم السلام، وتأملت فيه مولد قائمنا وغيبته، وإبطاءه و طول عمره، وبلوي المؤمنين في ذلك الزمان، وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم، التي ألزمهم الله تعالي إياها، فأخذتي الرقة، واستولت عليَّ الأحزانفقلنا: يا ابن رسول الله كرمنا وفضلنا  بإشراكك إيانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.

قال: إن الله تبارك وتعالى أدار للقائم منا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل عليهم السلام قدر مولده تقدير مولد موسى عليه السلام، وقدر غيبته تقدير غيبة عيسى عليه السلام، وقدر إبطاءه تقدير إبطاء نوح عليه السلام، وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح - أعني الخضر عليه السلام - دليلا على عمره، فقلنا له: اكشف لنا يا ابن رسول الله عن وجوه هذه المعاني.

قال عليه السلام: أما مولد موسى عليه السلام فإن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده أمر باحضار الكهنة فدلوه على نسبه وأنه يكون من بني إسرائيل، ولم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود، وتعذر عليه الوصول إلى قتل موسى عليه السلام بحفظ الله تبارك وتعالى إياه، وكذلك بنو أمية وبنو العباس لما وقفوا على أن زوال ملكهم وملك الامراء والجبابرة منهم على يد القائم منا ناصبونا العداوة، ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول صلى الله عليه وآله  وإبادة نسله طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم، ويأبى الله عز وجل أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون.

وأما غيبة عيسى عليه السلام: فإن اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل فكذبهم الله جل ذكره بقوله: " وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم "([2]). ، كذلك غيبة القائم فإن الأمة ستنكرها لطولها، فمن قائل يهذي بأنه لم يلد، وقائل يقول: إنه يتعدى إلى ثلاثة عشر وصاعدا، وقائل يعصي الله عز وجل بقوله: إن روح القائم ينطق في هيكل غيره.

وأما إبطاء نوح عليه السلام: فإنه لما استنزلت العقوبة على قومه من السماء بعث الله عز وجل الروح الأمين عليه السلام بسبع نويات، فقال: يا نبي الله إن الله تبارك وتعالى يقول لك: إن هؤلاء خلائقي وعبادي ولست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فإني مثيبك عليه وأغرس هذه النوى فإن لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص، فبشر بذلك من تبعك من المؤمنين.

فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وتغصنت وأثمرت وزها التمر عليها  بعد زمان طويل استنجز من الله سبحانه وتعالى العدة، فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس من نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد، ويؤكد الحجة على قومه، فأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاثمائة رجل وقالوا: لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف.

ثم إن الله تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كل مرة بأن يغرسها مرة بعد أخرى إلى أن غرسها سبع مرات فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين، ترتد منه طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا فأوحى الله تبارك وتعالى عند ذلك إليه، وقال: يا نوح الان أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرح الحق عن محضه وصفي (الامر والايمان) من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة، فلو أني أهلكت الكفار وأبقيت من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا التوحيد من قومك، واعتصموا بحبل نبوتك بأن أستخلفهم في الأرض وأمكن لهم دينهم وأبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك من قلوبهم، وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل الخوف بالأمن مني لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا وخبث طينهم وسوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق، وسنوح الضلالة فلو أنهم تسنموا مني الملك  الذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعداءهم لنشقوا روائح صفاته ولاستحكمت سرائر نفاقهم  تأبدت حبال ضلالة قلوبهم، ولكاشفوا إخوانهم بالعداوة، وحاربوهم على طلب الرئاسة، والتفرد بالأمر والنهي، وكيف يكون التمكين في الدين و انتشار الامر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب كلا " واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ".

قال الصادق عليه السلام: وكذلك القائم فإنه تمتد أيام غيبته ليصرح الحق عن محضه ويصفو الايمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخاف والتمكين والامن المنتشر في عهد القائم عليه السلام.

قال المفضل: فقلت: يا ابن رسول الله فإن (هذه) النواصب تزعم أن هذه الآية  نزلت في أبي بكر وعمر، وعثمان، وعلي عليه السلام فقال: لا يهدي الله قلوب الناصبة.

متى كان الدين الذي ارتضاه الله ورسوله متمكنا بانتشار الامن  في الأمة، وذهاب الخوف من قلوبها، وارتفاع الشك من صدورها في عهد واحد من هؤلاء، وفي عهد علي عليه السلام مع ارتداد المسلمين والفتن التي تثور في أيامهم، والحروب التي كانت تنشب بين الكفار وبينهم. ثم تلا الصادق عليه السلام " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا " .

وأما العبد الصالح - أعني الخضر عليه السلام - فإن الله تبارك وتعالى ما طول عمره لنبوة قدرها له، ولا لكتاب ينزله عليه، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء، ولا لامامة يلزم عباده الاقتداء بها، ولا لطاعة يفرضها له، بلى إن الله تبارك وتعالى لما كان في سابق علمه أن يقدر من عمر القائم عليه السلام في أيام غيبته ما يقدر، وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول، طول عمر العبد الصالح في غير سبب يوجب ذلك إلا لعلة الاستدلال به على عمر القائم عليه السلام وليقطع بذلك حجة المعاندين لئلا يكون للناس على الله حجة. ([3]) .

مفاصل الحديث

المشهد الأول: الذي ينقل الحديث وشاهد المشهد زعماء المذهب سدير الصيرفي والمفضّل بن عمرو، وأبو بصير وأبان بن تغلب.

المشهد الثاني:حال الامام أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، جالساً علي التراب، وعليه مسح خيبري مطوَّق بلا جيب، مقصَّر الكمَين.

المشهد الثالث: يبكي بكاء الواله، كالثكلي ذات الكبد الحرّي، وقد نال الحزن من وجنتيه وشاع التغير علي عارضيه، وأبلّت الدموع محجريه.

المشهد الرابع:سيدي! غيبتك نفت رقادي وضيقت علي مهادي وأسرت مني راحة فؤادي سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد، فما أحس بدمعة ترقى من عيني، وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا إلا مثل لعيني عن عواير أعظمها وأفظعها وتراقي أشدها وأنكرها ونوايب مخلوطة بغضبك، ونوازل معجونة بسخطك.

المشهد الخامس: قال سدير: فاستطارت عقولنا ولها وتصدعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل، وظننا أنه سمة لمكروهة قارعة أو حلت به من الدهر بائقة فقلنا لا أبكى الله يا بن خير الورى عينيك، من أي حادثة تستنزف دمعتك، و تستمطر عبرتك، وأية حالة حتمت عليك هذا المأتم.

المشهد السادس: فزفر الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه، واشتد منها خوفه، وقال: ويكم إني نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خص الله تقدس اسمه به محمدا والأئمة من بعده عليه وعليهم السلام، وتأملت فيه مولد قائمنا وغيبته وابطاؤه وطول عمره وبلوى المؤمنين (به من بعده) في ذلك الزمان وتولد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الاسلام من أعناقهم، التي قال الله تقدس ذكره: " وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه " يعني الولاية، فأخذتني الرقة، واستولت علي الأحزان.

 

 

 

 

روح الامام حية ماثلة في عوالم سابقة

الامام الصادق (عليه السلام) في خطابه (عليه السلام) للحجة (عليه السلام): وَهُوَ مِنْ خطاب الحيّ للحيّ، مما يشير إلى أن روح القائم (عليه السلام) حية ماثلة في عوالم سابقة يخاطبها الصادق (عليه السلام) قبل تولده في دار الدنيا، وهو ليس من باب المجاز والتمثيل بل من الخطاب الحقيقي، والتوجه من الصادق (عليه السلام) إلى كينونة حقيقية للقائم في عالم سابق. وكذا ما روي عَنْ الرضا (عليه السلام) أنَّهُ كَانَ يقوم قائماً عِنْدَ ذكر القائم (عجّل الله فرجه) ويضع يديه عَلَى رأسه، وَهُوَ مِنْ الإجلال والتعظيم مِنْ الحيّ للحيّ لا للمعدوم.

يقول علي عبدالكريم آل محمد. أقول: وعند قراءتي لهذا الخبر، انكسر قلبي وجرت عبرتي، وقلت: سبحان الله، إمام معصوم يتفجّع من طول الغيبة، ويخاطب الإمام المهدي قبل مولده الجسماني: "سيدي"، إذا كان الإمام يخاطبه: سيدي، فبماذا نخاطبه نحن؟.

ومن هنا أصبح زمن الغيبة هو زمن الغربلة والامتحان والتمحيص، ولا يثبت علي ولايته وإمامته إلا القليل، قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: (يغيب عن شيعته غيبة لا يثبت فيها علي القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه بالإيمان) ([4]).

 

 

 

يقول المحدث النوري رضوان الله عليه:فإذا كان هذا حال الإمام عليه السلام في حزنه على ما يرد على الشيعة في غيبته، فبالحري للمؤمن المبتلى بتلك الهلكة أن يطول حزنه ولا ينام في ليلته، ويتأسف دائما في غيبة إمامه، ويتحسر لفراقه في آناء ليله وأطراف أيامه، ويناجي ربه تارة

ويقول: ....ويخاطب نفسه مرة ويقول:

ويحك يا نفس، إن كنت قد حرمت عن النظرة إلى تلك الطلعة الرشيدة، والغرة الحميدة، ومنعت عن الاقتباس من أنوار علومه الإلهية، وحكمته المحمدية، بمرأى من الناس ومسمع منهم، ومحضر من الخلق ومشهد لهم، لمصالح وحكم تدور عليها نظام العالم، لكن أبواب الوصول إليه مفتوحة، ومناهل الظماء لديه مترعة،

دخلها قوم لم يسلكوا غير طريقتهم، وشرب منها زمرة لم يشربوا من غير آنيتهم، فارجعي البصر كرتين [ترينهم] بين الناس مختفين، وقد أشرنا إلى بعضهم في مطاوي هذا الكتاب، ولعل الله يوفقنا لاستقصاء جماعة منهم في رسالة منفردة تحن إليها قلوب أولي الألباب، فلو شابهتهم في الأعمال والأقوال، وصرت كأحدهم في الأفعال والأحوال، كنت معهم عند تقسيم هذا النوال، لكنك تدثرت بجلباب أعدائه، وأنخت راحلتك بغير فنائه، تصبحين وتمسين ولا يجري ذكره على قلبك ولسانك، وتبتغين مرضاة رب العالمين وفضله ولا تقدميه في امامك، فاتخذته وراءك ظهريا، فكأنه

عليه السلام صار نسيا منسيا، فصرت محرومة من خصائص لطفه، ونفحات رحمته، فابك طويلا، فقد عظم المصاب، وطال العذاب، وإلى الله المشتكى من اتصال الغفلة وسوء المآب ([5]).

إمام معصوم يتفجّع من طول الغيبة

عندما يكون الإمام المعصوم مثل الإمام الصادق (عليه السلام) يسكب الدُّموع على فراق الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، ويندبه وفي عويل، ويخاطبه بسيِّدي ومولاي، إذاً ما الذي يجب علينا فعله؟ وكيف نسكب الدُّموع على سيِّدنا ومولانا؟

ذلك الزَّمان الذي لم يكن زمان مصيبة غيبة الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ونجد الإمام الصادق (عليه السلام) يسكب الدُّموع على هذه المصيبة، إذاً نحن في عمق هذه المصيبة ونمضي في آثارها المؤسفة، كيف لا نسكب الدُّموع ونعول ونندب؟

لماذا نحن لهذه الدرجة نسينا الإمام ولي العصر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) الذي هو في زماننا، ويحيا مثلنا، ولا ندخله في حياتنا أبداً.

مجموعةٌ لا تصدِّق بأنَّه سوف يظهر في زماننا، وتتصوَّر بأنَّ ظهوره سوف يكون في زمانٍ بعيدٍ في المستقبل.

هذا التَّفكير بأنَّه قد بقي الكثير ليظهر الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، هو مِنَ إلقاءات الشَّيطان، وهو أمرٌ بعيدٌ عن عقائد وكلام أهل بيت العصمة (عليهم السلام)؛ الذين يعتبرون ظهور الإمام صاحب الزَّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) قريباً جدّاً، ويقولون: بأنَّ أعدائنا يتصوَّرونه بعيداً.

سبحان الله، إمام معصوم يتفجّع من طول الغيبة، ويخاطب الإمام المهدي قبل مولده الجسماني: "سيدي"، إذا كان الإمام يخاطبه: سيدي، فبماذا نخاطبه نحن؟.

فإذا كان هذا حال الإمام عليه السلام في حزنه على ما يرد على الشيعة في غيبته فبالحرى للمؤمن المبتلى بتلك الهلكة أن يطول حزنه، ولا ينام في ليلته يتأسّف دائماً في غيبة إمامه، ويتحسّر لفراقه في آناء ليله وأطراف أيّامه.

 

 

 

 

 

 الإمام الجواد × : ؟. بكى بكاء شديدا

-إن الإمام بعدي ابني، أمره أمري، و قوله قولي، و طاعته طاعتي، و الإمام بعده ابنه الحسن، أمره أمر أبيه، و قوله قول أبيه، و طاعته طاعة أبيه. (ثم سكت). فقيل له: يا ابن رسول اللّه، و من الإمام بعد الحسن؟. فبكى بكاء شديدا، ثم قال: إن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق، المنتظر. فقيل: يا ابن رسول اللّه، و لم سمّي بالقائم؟. قال: لأنه يقوم بعد موت ذكره، و ارتداد أكثر القائلين بإمامته. فقيل: و لم سمّي بالمنتظر؟. قال: لأن له غيبة يطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون، و ينكره المرتابون، و يستهزى ء بذكره الجاحدون، و يكذب فيه الوقّاتون، و يهلك فيه المستعجلون، و ينجو فيه المسلّمون ([6]).

 

الامام الجواد ×

(فها هوذا الجواد عليه السّلام-على ديدن آبائه و أبنائه-يتكلّم عن الأمر الذي لم يحدث بعد، و يذكر الأسماء، و الحالات، و الظروف التي نكون عليها بعده بألف و مئات السنين .. يقول ذلك و هو في تفتّح شبابه ليبلّغ ما زقّه من العلم قبل أن تدهمه يد الظالم العتلّ، فيذوي ذلك الشباب الريّان و هو يتدرّج ما بين العشرين و الثلاثين من عمره، فيدسّ له السمّ في طعامه!).

ومن هنا أصبح زمن الغيبة هو زمن الغربلة والامتحان والتمحيص، ولا يثبت علي ولايته وإمامته إلا القليل، قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: (يغيب عن شيعته غيبة لا يثبت فيها علي القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه بالإيمان) .

وهناك بعض الروايات والأحاديث التي تشير إلي أن السبب في هذه الغيبة هو سوء الأعمال والأفعال، ومن هذه الأحاديث:

- (في توقيع الحجة عجل الله فرجه إلي الشيخ المفيد: ولو أن أشياعنا وفقهم الله لطاعته، علي اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم، لما تأخر عنهم اليُمن بلقائنا، ولتعجلت لهم السعادة لمشاهدتنا، علي حق المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه ولا نؤثره منهم، والله المستعان) .

- (وفي قضية علي بن إبراهيم بن مهزيار ... ثم قال: ما الذي تريد يا أبا الحسن؟ قلت: الإمام المحجوب عن العالَم، قال: ما هو المحجوب عنكم، ولكن حجبه سوء أعمالكم) .



[1] / الغيبة للنعماني، ص212.

[2] /النساء 157.

[3] /كمال الدين وتمام النعمة - للشيخ الجليل الأقدم الصدوق - ج ١ - الصفحة ٣٨٠.

[4] / الامام المهدي (عجّل الله تعالي فرجه الشريف) مظهرالخلافه الالهيه و تجلي الحقائق الوجوديه ص: 187

[5] /دار السلام فيما يتعلق في الرؤيا والمنام ج4ص42.

[6] / بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥١ - الصفحة ١٥٨.


تعليقات