أيها الربانيون
السَّلامُ
عَلَيکُم أيُّهَا الرَّبّانِيّونَ، أنتُم خِيَرَهُ اللّهِ، اختارَکُمُ اللّهُ
لِأَبي عَبدِ اللّهِ عَلَيهِ السَّلامُ.
«عالم
ربّاني»، قال في القاموس: الربّاني: المتألّه، العارف باللّه عزّوجلّ، والحبر
منسوب إلي الربّان، و فعلان يبني من فَعِل کثيراً کعطشان وسکران، و من فَعَل
قليلاً کنعسان، أو منسوب إلي الرَّبّ، أي اللّه تعالي، فالربّاني کقولهم: إلهيّ، و
نونه کلحياني، أو هو لفظه سريانيّه ([1]).
و في
الصحاح: الربّاني: المتألّه العارف باللّه تعالي، و قال سبحانه: کونوا ربّانيّين ([2])،
إنتهي.
و في
مجمع البحرين: الربّانيّون: الکاملون العلم والعمل، قال أبوالعبّاس أحمد بن يحيي:
إنّما قيل للفقهاء الربّانيّون، لأنّهم يربّون العلم أي يقومونه.
و في
الکشّاف: الربّاني شديد التمسّک بدين اللّه و طاعته. و قال الطبرسي: الّذي يربّ
أمر الناس بتدبيره و إصلاحه.
إلي أن
قال: قيل: منسوب إلي الربّ بزياده الألف و النون للمبالغه، و قيل: هو من الربّ
بمعني التربيه کانوا يربّون المتعلّمين بصغار العلوم قبل کبارها ([3]).
أقول:
والأصحّ أنّه منسوب إلي الربّ بزياده الألف و النون للمبالغه، أو إلي الربّان و هو
أيضاً مبنيّ من الربّ کما عرفت من القاموس، و علي کلّ حال لا دخل للربّي في هذا
المعني، قال في الصحاح: الربّي واحد الربّانيّين و هم الألوف من الناس، قال تعالي:
«وَ کَأَيِّنْ مِنْ نَّبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ کَثِيرٌ ([4])»
([5]).
السلام عليكم
أيها الربانيون
هذه
العبارة الوجيزة ليست تحيةً فحسب، بل شهادة ووسام، أطلقها الإمام المعصوم بحق
أصحاب الإمام الحسين عليه السلام، وفيها من المعاني والعقائد والدلالات التربوية
والروحية ما يَفيض على القلوب المؤمنة بالأنوار.
الرباني:
منسوب إلى "الرب"، وهو من تربّى وتألّه في معارج القرب حتى صار مربّيًا
بإذن الله.
في
القرآن: (كونوا ربانيين) أي العلماء بالله، العاملين بعلمه، المربّين لغيرهم.
في
زيارة آل ياسين: "السلام عليك يا رباني آياته" وصفٌ خالصٌ للإمام المهدي
عجل الله فرجه.
وصف
أصحاب الحسين بـ"الربانيين" يعني أنهم تربّوا في مدرسة الحسين حتى صاروا
قادرين على تربية المنتظرين.
هم
ليسوا فقط شهداء، بل قدوات تربوية وروحية.
"الربّاني"
من "ربّ": إشارة إلى التربية، والسيادة، والتوجيه، والرعاية "ألف
ونون": في اللغة العربية تدلّ على المبالغة والتمكّن والرسوخ.
الرباني
هو من يُربّي الناس على السير إلى الله من خلال حضوره في كربلاء وذوبانه في نور
الإمام.
وهناك
معنى رمزي الربّاني قائد للسفينة
إذا
أخذنا من كلمة "الربّان" (قائد السفينة)، فحينها الربّاني هو:"الذي
يقود النفوس في بحر الفتن والمخاطر، ويُمسك بدفّة القلوب، ويوجهها نحو ميناء
النجاة، حيث الله ووليه."
الرباني عبر
الزمان:
الربّانيون لم ينتهوا في كربلاء"لم يكن
أصحاب الحسين عليه السلام ظاهرة تاريخية، بل هم منارات أبدية في عالم الأرواح،
يربّون القلوب العاشقة على الانتظار الحقيقي."
ليست
تحيةً فقط، بل شهادة:
بل جاء في أنسب وقتٍ علّمنا فيه:أنّ باب الحسين
لا يُغلق،
وأنّ الحرّيّة الحقيقية تبدأ عندما تخطو بقدمك
إلى حيث يقول لك الحسين:"أنت حرّ كما سمّتك أمك."
حب حبيب معلما للحب
حبّ حبيب هو طريقٌ لحبّ الحسين،
وحبّ الحسين طريقٌ لحبّ الله،
وحبّ الله هو سرّ وجودك.
عبودية جون معلما للعبودية
جون لم يكن تابعًا، بل كان رائدًا.
لم يكن عبدًا، بل ربّانيًا.
لم يكن هامشًا، بل صار سطرًا خالدًا في ملحمة
الخلود.
وهو الآن يعلّمنا:
أنك كلّما سجدت بروحك في العبودية،
علوت في سماء القرب.
ومضة عن وهب النصرانيّ:
لم يكن شيعيًا، ولا مسلمًا منذ ولادته...
لكنّه ولد من جديد في لحظة ولاء.
يوم رأى الحسين، رأى الله معه.
ترك أمّه وزوجته، وذهب إلى الأبد.
عشق الحسين يصنع الإنسان من جديد،
ويهزم كل الحدود: الدين، الزمن، الأصل، وحتى
الموت.
ومضة عن عابس بن أبي شبيب الشاكري:
وقف وقالها صادحةً:"حب الحسين أجنّني."
وصدق...من يحبّ الحسين بصدق، يخرج عن طقوس العقل
الظاهري،
ويدخل في جنون العشق الإلهي.
ألقى درعه وسلاحه وذهب بجسده فقط،
لأنّه لم يكن يبحث عن قتل أحد، بل عن اللقاء
بربّه من بوابة الحسين.
ومضة عن مسلم بن عوسجة:
شيخ كبير، لكنه كبير باليقين أكثر من السنين.
أول من قدّم البيعة في كربلاء.
وفي لحظاته الأخيرة،
اقترب منه الحسين، ففتح عينيه بصعوبة،
وقال لحبيب :"أوصيك بهذا – وأشار إلى الحسين – أن تموت بين يديه."
حتى في آخر نَفَس،
كان مسلم يُوصي بالحسين لا بنفسه.
فمن أحبّ الحسين حقًّا،
نسي نفسه وتذكّر إمامه فقط.
ومضة عن زهير بن القين:
لم يكن تردّده جبنًا، بل كان لحظة صدق مع النفس،
فلما التقى عينُه بعين الحسين، سقط الحجاب
الأخير...
فاختار الإمام، وترك الدنيا،
وصار من قادة الملحمة، أمير الميمنة، ووجهًا من
وجوه النور.
لم يكن متلوّناً، بل كان صاحب بصيرة نمت في لحظة
اللقاء،
ونضجت في نار الولاء.
وزهير يعلّمنا:
أن ساعة صدق واحدة مع الحسين،
تكفي لأن تُصنَع لك الخلود.
أنتم
مربّو المنتظرين
أنتم
المدارس الحيّة التي لم تمت في كربلاء، بل حيّة إلى الظهور
إذاً
الربّاني:
يُوجّه
العقول نحو الفكر الإلهي
يُشعل
القلوب بمحبة الله وأوليائه
يُقوّم
الأخلاق ويربطها بالتوحيد
ويقود
المسيرة البشرية إلى إمام الزمان، لا خارجًا عن وصاياه بل ممهدًا له.
بل جاء في أنسب وقتٍ علّمنا فيه:أنّ باب الحسين
لا يُغلق،
وأنّ الحرّيّة الحقيقية تبدأ عندما تخطو بقدمك
إلى حيث يقول لك الحسين:"أنت حرّ كما سمّتك أمك."
حب حبيب معلما للحب
حبّ حبيب هو طريقٌ لحبّ الحسين،
وحبّ الحسين طريقٌ لحبّ الله،
وحبّ الله هو سرّ وجودك.
عبودية جون معلما للعبودية
جون لم يكن تابعًا، بل كان رائدًا.
لم يكن عبدًا، بل ربّانيًا.
لم يكن هامشًا، بل صار سطرًا خالدًا في ملحمة
الخلود.
وهو الآن يعلّمنا:
أنك كلّما سجدت بروحك في العبودية،
علوت في سماء القرب.
ومضة عن وهب النصرانيّ:
لم يكن شيعيًا، ولا مسلمًا منذ ولادته...
لكنّه ولد من جديد في لحظة ولاء.
يوم رأى الحسين، رأى الله معه.
ترك أمّه وزوجته، وذهب إلى الأبد.
عشق الحسين يصنع الإنسان من جديد،
ويهزم كل الحدود: الدين، الزمن، الأصل، وحتى
الموت.
ومضة عن عابس بن أبي شبيب الشاكري:
وقف وقالها صادحةً:"حب الحسين أجنّني."
وصدق...من يحبّ الحسين بصدق، يخرج عن طقوس العقل
الظاهري،
ويدخل في جنون العشق الإلهي.
ألقى درعه وسلاحه وذهب بجسده فقط،
لأنّه لم يكن يبحث عن قتل أحد، بل عن اللقاء
بربّه من بوابة الحسين.
ومضة عن مسلم بن عوسجة:
شيخ كبير، لكنه كبير باليقين أكثر من السنين.
أول من قدّم البيعة في كربلاء.
وفي لحظاته الأخيرة،
اقترب منه الحسين، ففتح عينيه بصعوبة،
وقال لحبيب :"أوصيك بهذا – وأشار إلى الحسين – أن تموت بين يديه."
حتى في آخر نَفَس،
كان مسلم يُوصي بالحسين لا بنفسه.
فمن أحبّ الحسين حقًّا،
نسي نفسه وتذكّر إمامه فقط.
ومضة عن زهير بن القين:
لم يكن تردّده جبنًا، بل كان لحظة صدق مع النفس،
فلما التقى عينُه بعين الحسين، سقط الحجاب
الأخير...
فاختار الإمام، وترك الدنيا،
وصار من قادة الملحمة، أمير الميمنة، ووجهًا من
وجوه النور.
لم يكن متلوّناً، بل كان صاحب بصيرة نمت في لحظة
اللقاء،
ونضجت في نار الولاء.
وزهير يعلّمنا:
أن ساعة صدق واحدة مع الحسين،
تكفي لأن تُصنَع لك الخلود.
[1] / القاموس المحيط: 1/ 70.
[2] / الصحاح: 1/ 130.
[3] / مجمع البحرين: 2/ 128.
[4] / آل عمران: 146.
[5] / الصحاح: 1/ 132.
تعليقات
إرسال تعليق