قراءة معرفية في رواية الأسماء التسعة
لِفاطِمَةَ عليها السلام تِسعَةُ أسماءٍ
عِندَ اللّهِ عز و جل
الحديث الشريف
روى يونُسُ بنُ ظَبيانَ، قالَ: قالَ أبو عَبدِاللّهِ عليه السلام: لِفاطِمَةَ عليها السلام تِسعَةُ أسماءٍ عِندَ اللّهِ عز و جل: فاطِمَةُ، وَالصِّدّيقَةُ، وَالمُبارَكَةُ، وَالطّاهِرَةُ، وَالزَّكِيَّةُ، وَالرَّضِيَّةُ، وَالمَرضِيَّةُ، وَالمُحَدَّثَةُ، وَالزَّهراءُ.( أمالي الصدوق: ص529 المجلس السادس والثمانون ح18).
مقدمة
الكتاب
لا يخفى أنّ لكل لفظ معنى ودلالة،
وأخصّها الأسماء، فإنها تحمل في طياتها معاني عميقة ومقاماً رفيعاً، وهي كاشفة عن
خصائص الذات ومميّزة لها عن سائر الخلق، خصوصاً إذا كان الاسم صادرًا عن جهة عليا،
لا عن مجرد الوضع البشري للألفاظ.
فكل اسمٍ من أسماء السيدة الزهراء
عليها السلام يشعّ معنى حقيقياً ويكشف مقامها الرفيع، ويعكس شمائلها وصفاتها،
ويُظهِر ما ميزها الله به من خصائص وروحانية متفردة. ومن البديهي أنّه يجب أن يكون
هناك انسجام تامّ بين الذات والاسم الموضوع لها، بحيث يعكس الاسم صفات الذات ويكون
متناغماً معها، ويكون كاشفاً عن حقيقتها ومميّزاً لها عن بقية الخلق.
إنّ الذي يعلم ذوات النبي الأكرم صلى
الله عليه وآله، وذوات أصحاب الكساء عليهم السلام، وصفاتهم الكاملة هو الله سبحانه
وتعالى وحده، فهو العارف الحقيقي بهم وبمقامهم، ولذلك اختار لهم أسماءً كاشفةً عن
صفاتهم ومميّزاتهم الروحية والحقيقية.
وقد ورد في بعض الروايات المأثورة عن
أهل البيت عليهم السلام ما يدلّ على هذا المعنى، عن الإمام علي بن الحسين عليه
السلام، قال:«حدّثني أبي عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله عز
وجل: قال اللَّه تعالي: ياآدم هذه الأشباح أشباح أفضل خلائقي وبريّاتي، هذا محمّد
وأنا المحمود في أفعالي، شققت له اسماً من اسمي، وهذا علي وأنا العليّ العظيم شققت
له اسماً من اسمي، وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والأرض، فاطم أعدائي من رحمتي
يوم فصل القضاء، وفاطم أوليائي مما يبيرهم ويشينهم، شققت لها اسماً من اسمي، وهذا
الحسن وهذا الحسين وأنا المحسن المجمل ومنّي الاحسان، شققت اسميهما من اسمي.
وهؤلاء خيار خلقي وكرائم بريّتي، بهم
آخذ وبهم أعطي، وبهم أعاقب وبهم أثيب، فتوسل بهم إليّ ياآدم، وإذا دهتك داهية
فاجعلهم إليّ شفعائك فإني آليت علي نفسي قسماً حقّاً لا أُخيّب لهم آملًا ولا أردّ
لهم سائلًا ([1]).»
وبهذا المعنى، تصبح أسماء السيدة
الزهراء عليها السلام مصابيح مضيئة تكشف عن حقيقة وجودها، وتعرّف الناس بمقامها
وخصوصياتها، وتربط بين عالم المعنى والاسم الذي يحمله، فتفتح أمام الدارسين أبواب
التأمل الروحي والمعرفي في عوالم النور الفاطمي..). روى يونس بن ظبيان عن أبي عبد
الله عليه السلام قوله:«لفاطمة تسعة أسماء عند الله: فاطمة، والصدّيقة، والمباركة،
والطاهرة، والزكيّة، والراضية، والمرضيّة، والمحدّثة، والزهراء.»
كلّ من هذه الأسماء يحمل سرّاً
عميقاً وإشارة إلى مقام من مقاماتها الرفيعة:
فاطمة: رمز للانفصال عن كل ما يبعد
عن الحق.
الصدّيقة: تجسيد للحق والصدق في
القول والعمل.
المباركة: نبع الخيرات والبركات لكل
من ارتبط بها.
الطاهرة: رمز للنقاء الكامل في الروح
والجسد.
الزكيّة: علامة على الصفاء والسمو
الروحي.
الراضية: تجسيد للقبول والتسليم لأمر
الله عز وجل.
المرضيّة: شاهدة على محبة الله ورضاه
عنها.
المحدّثة: التي يجري عليها الوحي
الإلهي في علمها وفضائلها.
الزهراء: المضيئة بنورها الذي أشرق
على السماوات والأرض، كاشفة أسرار الخلق والوجود.
تمهيد
هل الأسماء مجرد ألفاظ تُلفظ فحسب،
أم هي منظومة معرفية تكشف عن المقامات الحقيقية لمن تحملها؟
هل الأسماء والصفات توقيفية خالصة لا
يُدرَك معناها إلا بالوحي الإلهي، أم أن العقل والقلب يمكن أن يدركا شيئًا من
أسرارها وفيوضاتها؟
المحور
الأول: حقيقة الأسماء ومراتبها
مع أن الاسم في اللغة عبارة عن
السّمة والعلامة، واسم الشيء هو سمته وعلامته وصفته الدالة عليه، إلا أن أسماء أهل
البيت عليهم السلام ليست أسماءً مألوفة منسوجة من ألسنة البشر، ولا محض ألفاظ وضعت
على هواهم، بل هي أسماء سماوية المنشأ، أودعها الله تعالى لتكون انعكاساً
لمقاماتهم العُليا وصفاتهم الرفيعة. بمعنى آخر، فكل اسم من هذه الأسماء لا يقتصر
على كونه لفظاً، بل هو تجسيد لمقام إلهي، وحامل لمراتب معرفية وروحية عالية، تحدد
مكانة من حمله في دائرة الكمال الإلهي. فالسماء هي مصدر هذه الأسماء، والله تعالى
جعلها مُعبّرة عن الذات والصفات والشمائل الحقيقية لأهل البيت، فلا يكتفي الاسم
بالتمييز اللفظي، بل يفتح نافذة على حقيقة المقام والولاية والإشراف الروحي.
وتشهد لذلك الايات المباركة
والاحاديث الشريفة
الآية :(يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ
وَسِرَاجًا مُّنِيرًا)([2]).
الرواية:
عن جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وآله يا فاطمة أتدرين لم سميت فاطمة؟ فقال علي عليه السلام يا رسول الله لم سميت؟ قال: لأنها فطمت هي
وشيعتها من النار([3]).
نعتقد
تبعا للوحي الإلهي إن أسماء أهل البيت عليهم السلام ليست مجرد الألفاظ وأصوات كما
يتصور البعض وإنما هي صفات وادوار للمعصوم ×
الحديث الشريف: عن جابر بن يزيد قال
قلت لأبي جعفر عليه السلام: لأي شئ سمي المهدي؟ فقال: لأنه هدى لأمر خفي، ليبعث
إلى الرجل أحد أصحابه لا يعرف له ذنب فيقتله)([4]).
اقول وهذا ما سنقف عليه في هذا
الكتاب ان شالله تعالى .
المحور
الثاني: التوقيفية في الأسماء
المراد من توقيفية الاسماء توقف
اطلاقها على الاذن فيه
يستدل على التوقيفية بقوله سبحانه :
( وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ
فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) ([5]).
والاستدلال مبني على أمرين :
1 ـ إنّ اللام في الأسماء الحسنى
للعهد تشير إلى الأسماء الواردة في الكتاب والسنّة.
2 ـ إنّ الالحاد هو التعدي إلى غير
ما ورد فيهما.
لا تُطلق إلا بما ورد في القرآن
والحديث.
من يلحد في الأسماء بغير علم يقع في
الشرك دون أن يشعر (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون).
فعن محمد بن حكيم قال : كتب أبو
الحسن موسى بن جعفر عليه السلام إلى أبي : « إنّ الله أعلى وأجل وأعظم من أن يبلغ
كنه صفته ، فصفوه بما وصف به نفسه وكُفّوا عمّا سوى ذلك » ([6]).
والشاهد في قوله : « كفّوا عمّا سوى
ذلك ».
قال السّيّد المرتضى قدس سره:«و ليس
لنا أن نبدع في الدّين بما نظنّ أنّ فيه مصلحة، لأنه لا خلاف في أنّ ذلك لا يسوغ
ولا يحلّ» ([7]).
الأسماء والصفات هي باب الدخول إلى
معرفة الله وأوليائه.
النتيجة: ضرورة التمسّك بالوحي كمرجع
نهائي، مع الاعتراف بدور العقل في إدراك المبادئ لا في تفاصيل المعارف.
واعادة قراءة أسماء النبي والأئمة
وفاطمة (عليها السلام ) كمنظومة معرفية تكوينية، لا ألفاظ عابرة.
ومسألة الاسم من المسائل المحورية في
التراث الإسلامي، إذ الاسم ليس مجرّد علامة اعتباطية أو أصوات وألفاظ، بل هو كاشف
عن حقيقة المسمّى، كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: «الاسم ما أنبأ عن
المسمى» ([8]).
ومن هنا فإنّ دراسة الاسم الفاطمي
الشريف تفتح لنا بابًا لمعرفة مقامات السيدة الزهراء عليها السلام، لأنّ هذا الاسم
ـ بحسب الروايات ـ لم يكن اجتهادًا بشريًا بل نزل بالوحي الإلهي.
"العقل والوحي بين التكميل والتوقيف من
الأسماء الإلهية إلى الحروف الفاطمية"
بيّنا أنّ الأسماء والصفات ليست
ألفاظًا اعتباطية بل حقائق تكوينية، واخترنا توقيفيتها.
وهنا سنقف عند العلاقة بين العقل
والوحي في إدراك هذه الحقائق، ثم ننطلق إلى باب أوسع: أسماء الأئمة والحروف الإلهية
التي تكشف عن مقاماتهم.
العقل والوحي (العين والنور)
العقل هو العين الباصرة، والوحي هو
النور الكاشف، فلا يغني أحدهما عن الآخر.
{إِنَّ فِي ذَالِكَ لَأيَات لِّقَوم
يَتَفَكَّرُونَ} وأمثالها، والتي تعتبر العقل مُشخِّصًا للحقّ ومعيِّناً لمسير الحركة
ومحدِّدًا لاتجاه الإنسان نحو الرقي والتكامل.
إنكار حجيّة العقل إنكارٌ لحجيّة
كلام الأنبياء
وبشكلٍ عامٍّ، بدون هداية العقل
سيكون من الممتنع السير والحركة بشكلٍ معتدلٍ. ولن يكون هناك أيّ مفهومٍ لحجيّة
كلام الأنبياء الإلهيّين والرسل؛ لأنّ إثبات الحجيّة إنّما تمّ وثبتَ من خلال
البرهان العقلي، ومع انهيار هذا الصرح فلن يكون هناك أيّة قيمةٍ لإرسال الرسل
وإنزال الكتب.
فالعقل مع حجيته الذاتية، لكن
محدودية أدوات الإنسان تجعله محتاجًا للوحي والوحي ليس بديلًا عن العقل، بل هو
مكمّل وهادي، يكشف له ما يعجز عنه.
في الكافي : ((يا هشام إن لله على
الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة عليهمالسلام
وأما الباطنة فالعقول))([9]).
القواعد المستفادة
القاعدة
الأولى: الأسماء ليست ألفاظًا مجردة
أسماء أهل البيت عليهم السلام ليست
وضعًا بشريًا ولا مجرد أصوات للتعريف، بل هي انعكاس لمقاماتهم الواقعية وصفاتهم
التكوينية.
الاسم إذن هو منظومة معرفية وروحية،
يفتح بابًا على المقام الإلهي الخاص بمن حُمّل به.
القاعدة
الثانية: التوقيفية في إطلاق الأسماء
الأصل في الأسماء والصفات أن تكون
توقيفية، أي متوقفة على إذن الوحي والكتاب والسنّة.
الخروج عنها إحداث وابتداع يُفضي إلى
الانحراف والشرك الخفي.
واجبنا: الاقتصار على ما ورد عن الله
ورسوله وأهل بيته الطاهرين.
القاعدة
الثالثة: حدود العقل في إدراك المعنى
العقل والقلب يمكنهما أن يدركا شيئًا
من إشعاعات الاسم وفيوضاته، لكن الكنه والحقيقة لا يُنالان إلا بالوحي.
المعارف الاسمية إذن لها بعدان:
ما يكشفه الوحي تفصيلًا.
وما يمكن للعقل أن يتذوقه إجمالًا في
حدود طاقته.
القاعدة
الرابعة: الأسماء طريق المعرفة والولاية
الأسماء والصفات هي باب الدخول إلى
معرفة الله وأوليائه.
إعادة قراءتها تكوينيًا تكشف أنها
أدوار رسالية ومقامات ولاية، لا مجرد عناوين.
التمسك بها يعني الارتباط بجذور
الهداية، والابتعاد عنها يعني الالتحاق بالملحدين في الأسماء.
القاعدة
الخامسة : العقل يثبت حجية الوحي، والوحي يهدي العقل
الأسماء الإلهية والحروف الفاطمية
حقائق تكوينية توقيفية، لا تُنال إلا بتكامل العقل الباصِر الذي هو الحجة الباطنة،
والوحي الكاشِف الذي هو الحجة الظاهرة؛ فالعقل يثبت حجية الوحي، والوحي يهدي العقل
إلى ما وراء حدوده، ومن اجتماعهما يُدرَك سرّ الاسم ويفتح باب المقام.
اثبات
الارتباط بين الأسماء الفاطمية والمقامات المعنوية
إنّ التأمل في النصوص المأثورة عن
أهل العصمة عليهم السلام يكشف لنا أنّ أسماء السيّدة الزهراء عليها السلام ليست
مجرّد عناوين للتعريف أو علامات للتمييز العرفي، بل هي مفاتيح لمعرفة مقاماتها
القدسية ودرجاتها السامية. ويمكن إثبات هذا الارتباط من عدّة جهات:
الجهة
الأولى: دلالات الروايات
لقد وردت روايات كثيرة في بيان
أسمائها عليها السلام، ولا نجد فيها طرحًا للأسماء بوصفها مجرّد ألفاظ للتسمية، بل
أُلحق كلّ اسم ببيان عميق يوضّح مضمونه المعنوي، ويربطه بجانب علمي أو عملي من
مقاماتها. وبهذا خرج الاسم عن سياقه العرفي ـ الذي يهدف عادةً إلى التعريف ـ إلى
أن صار دالًا على مقام معرفي أو رتبة سلوكية. ومن أوضح الشواهد على ذلك رواية
الإمام الصادق عليه السلام: «لفاطمة تسعة أسماء عند الله: فاطمة، الصديقة،
المباركة، الطاهرة، الزكية، الرضية، المرضية، المحدثة، الزهراء»، حيث يتبين أنّ كل
اسم يعبّر عن بُعد مخصوص في شخصيتها القدسية.
الجهة
الثانية: الإرادة الإلهية المباشرة
تؤكد مجموعة من الروايات أنّ تعدد
أسمائها وعناوينها لم يكن ناشئًا عن إرادة نبوية أو اجتهاد بشري، بل كان تعيينًا إلهيًا
محضًا. فهي أسماء أُعطيت لها عند الله تعالى، قبل أن يجري ذكرها على لسان رسول
الله صلى الله عليه وآله. وهذا يكشف عن بُعد غيبي في التسمية، وأنّ الأسماء ليست
وليدة الحاجة العرفية إلى التعريف، بل هي إفاضة من مقام العندية الإلهية، تكشف عن
موقعها في عالم القرب والولاية.
الجهة
الثالثة: المدلول المقامي للأسماء
من الخطأ أن نقيس أفعال النبي صلى
الله عليه وآله على نمط الأفعال العرفية للناس. فبينما يقصد الأب في المجتمع
البشري من التسمية التعريف أو التمييز وربما التفاؤل بمستقبل الولد، نجد أنّ إطلاق
الأسماء من قبل النبي على أهل بيته عليهم السلام لا ينفكّ عن وظيفة رسالية ومعنوية
للأمة. إنّ كل اسم من أسمائهم تعريف مقامي ومعنوي، يراد به بيان موقعهم في النظام
الإلهي، ودورهم في هداية البشرية. وعليه، فإنّ أسماؤها الكثيرة هي إشارات إلى
مراتبها الوجودية، لا مجرد ألقاب شخصية.
الجهة
الرابعة: توجيه تعيين الاسم المعصوم للمعصوم قبل ولادته
إنّ من الشواهد البارزة على خصوصية
الأسماء المعصومية، أنّها قد تُعيَّن للمعصوم قبل ولادته. وهذا يبيّن بوضوح الفرق
بين اللحاظ العرفي في وضع الأسماء والألقاب ـ وهو الغالب في حياة البشر ـ وبين اللحاظ
المقامي في الأسماء التي جُعلت أعلامًا على ذوات الأئمة عليهم السلام.
ففي العرف البشري، لا يُلحظ في
التسمية إلا جانب التعريف والتمييز، وربما اقترن ذلك ببعض التفاؤل بمستقبل الولد
أو صفاته المحتملة. أما في شأن الأسماء المعصومية، فإنّ الوضع يجري بلحاظ المقام
الروحي والملكة النفسانية التي حباهم الله بها، أو بلحاظ الدور الرسالي الذي
سيضطلعون به في حياتهم من نشر للعلم، أو تجسيد للصبر، أو كظم للغيظ، أو الاجتهاد
في العبادة، أو غيرها من المقامات التي تُشكّل هويتهم الرسالية.
وما يؤكد هذه الحقيقة أنّ النصوص
النبوية الشريفة تخبر مرارًا عن تسمية الأئمة عليهم السلام بأسمائهم قبل أن
يولدوا، بل وتحضّ الأمة على تلك التسمية بلفظ معين. ومن الواضح أن هذا التعيين لا
يمكن أن يكون بقصد التعريف الشخصي، إذ إنّ الولد لم يُولد بعد ليحتاج إلى اسم
للتشخيص أو بطاقة تعريفية. فلا يبقى مجال لتفسير هذا التعيين إلا بكونه إخبارًا من
النبي الأعظم صلى الله عليه وآله عن مولود قادم قد أُعدّ من قبل الله تعالى ليكون
إمامًا في زمانه، مستجمعًا لكل الصفات والفضائل بإذن الله وخلقه.
وعليه، فإنّ الاسم في مثل هذا السياق
لا يُعبّر عن مجرد وظيفة لغوية للتمييز، بل عن مقام قدسي مُقدَّر، وحقيقة وجودية
حتمية، تكشف عن مضمون الإمام قبل أن يظهر إلى الدنيا، وتُعلن دوره ومقامه قبل أن
يُباشر مسؤوليته الرسالية([10]).
[1] / المسائل العكبرية: ص28.
[4] / دلائل الإمامة: ص 249.
[5] / الأعراف / 180.
[6] / الكافي ج 1 باب النهي عن الصفة بغير ما وصف
الله به نفسه الحديث 6.
[7] / شرح نهج البلاغة 12/ 283
[8] / الكافي، ج١، ص٢٩٩.
[9] / الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ١٦.
[10] /استفدنا البحث من كتاب فاطمة عليها السلام
تجليات النبوة والامامة.
تعليقات
إرسال تعليق