القائمة الرئيسية

الصفحات

من كتاب شرح زيارة صاحب الزمان عجل الله فرجه يوم الجمعة المقام الثاني عَينَ الله في خَلقِهِ

 




من كتاب شرح زيارة صاحب الزمان عجل الله فرجه يوم الجمعة المقام الثاني عَينَ الله في خَلقِهِ






المقام الثاني

عَينَ الله في خَلقِهِ

 السَّلامُ عَلَيكَ يا عَينَ الله في خَلقِهِ

الفقرة الثانية تكشف عن مقام اخر من مقامات الامام عليه السلام :السلام عليك يا عين الله في خلقه .

هل لله عين ويبصر ومامعنى انه عين الله وما هي الفوائد المترتبه على على اعتقادنا ان الامام عين الله وغيرها من الاسئلة في هذا المقام .

إنّ لقب "عين الله في خلقه" ليس مجرد مجازٍ بل هو مُلتقى معانٍ عقائدية، قرآنية، حديثية وروحية؛ ينبثق منه فهمٌ للعلاقة بين الإمام والربوبية الإلهية، ويدعو المؤمن إلى سلوكٍ متحوّلٍ داخليًا يقوده الوعي برؤية الله ورؤية وليّه. حفظ النصوص وتحقيق معانيها يقودان إلى هدايةٍ عقليةٍ وروحيةٍ تثمر عطاءً عمليًا في حياة الفرد والأسرة والمجتمع.

مسالة توحيدية:

قال تعالى: إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [البقرة: 244] [المجادلة: 1]

وقال تعالى لموسى وهارون (عليهما السلام) : إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَ أَرى [طه: 46]

سبب تسمية الله بالسميع والبصير:

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) :«إنّما يُسمّى تبارك وتعالى بهذه الأسماء؛ لأنّه. . . لا تخفى عليه خافية، ولا شيء مما أدركته الأسماع والأبصار»

قال الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) :«وسمّى ربّنا سميعاً. . . أخبر أنّه لا يخفى عليه الأصوات. . . الله بصير لا يجهل شخصاً منظوراً إليه»(2)

النتيجة:إنّ الله تعالى سميع، أي: لا يخفى عليه شيء من المسموعات.

إنّ الله تعالى بصير، أي: لا يغيب عنه شيء من المبصرات.

أنّ جميع العوالم الإمكانية حاضرة لديه سبحانه، فالأشياء على الاطلاق، و المسموعات و المبصرات خصوصا، أفعاله سبحانه، و في الوقت نفسه علمه تعالى، فالعالم بجواهره و أعراضه حاضر لدى ذاته و على هذا فعلمه بالمسموع كاف في توصيفه بأنه سميع كما أنّ علمه بالمبصر كاف في توصيفه بأنه بصير.

نعم ليس علمه بالمسموعات أو المبصرات مثل علمه سبحانه بالكليات.

 قال الإمام محمد الباقر (عليه السلام): «إنّه سميع بصير، يسمع بما يبصر، و يبصر بما يسمع»(توحيد الصّدوق، 140 و 144.).

و الحديث الأخير يشير إلى اتحاد صفاته سبحانه مع ذاته. و اتحاد بعضها مع البعض الآخر في مقام الذات. فليست حقيقة السّمع في ذاته سبحانه غير حقيقة البصر، بل هو يسمع بالذي يبصر و يبصر بالذي يسمع، فذاته سمع كلّها و بصر كلّها.

مسالة قرانية :

قال تعالى:﴿قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (التوبة: 105).

 

مفادات الآية المباركة

الإيمان بهذه الآية يورث الحياء، إذ يوقن العبد أن أعماله معروضة على الله ورسوله والمؤمنين، فيدعوه ذلك إلى الورع والتقوى.

الإيمان بها يورث البهجة والانشراح، لأن العبد إذا عمل صالحاً تيقّن أن عمله مرئيٌّ عند ربّه ومثبّت عند رسوله والمؤمنين.

الإيمان بها يورث النشاط والجدّ في الطاعة، إذ يرى العبد أن كل جهدٍ في سبيل الله محفوظ مشهود.

الإيمان بها يكشف عن سلامة الاعتقاد، فإن الاعتراف بانكشاف الأعمال على الله تعالى ورسوله والمؤمنين هو من معالم العقيدة الصحيحة.

 

 

بيان في معنى الرؤية

إنّ الله تعالى يرى أعمال عباده على حقائقها، لا يحجب عنه حجاب، فهي منكشفة لديه انكشافاً تامّاً. وهذا ثابت بالقرآن الكريم، ومؤكَّد ببيانات أهل بيت العصمة عليهم السلام، ومؤيَّد بالعقل والفطرة.

الآية نصّت على أنّ الرؤية ثابتة أيضاً لرسول الله الأعظم صلى الله عليه واله  وللمؤمنين، واقتران رؤيتهم برؤية الله تعالى يكشف عن نوع من المسانخة، أي أنّ رؤيتهم ليست رؤيةً عاديّةً كسائر الناس، بل رؤية شاملة نافذة تامّة، لكل ما يصدر عن العباد من أعمال.

وإطلاق الرؤية في الآية يدلّ على شمولها لجميع الأعمال:

سرّية كانت أو علنية،

صالحة أو طالحة،

أو حتى ما يكون ظاهره حسناً وباطنه قبيحاً.

مصدر علم النبي والأئمة بأعمال العباد

من المعلوم أنّ علم النبي صلى الله عليه وآله والأئمّة المعصومين عليهم السلام بهذه الأعمال لا يكون بالطرق الطبيعية المألوفة، بل هو بالتعليم الإلهي المباشر، وهو من مباحث العقيدة في أنواع علوم أهل البيت عليهم السلام.

وقد بسطت الأحاديث القول في هذا المعنى، وأفاض في بيانه الشيخ الصفّار في كتابه بصائر الدرجات، الذي خصّص فصولاً لبيان كيفيات علوم الأئمة عليهم السلام وما أفاض الله عليهم من معارف غيبية.

 

 

 

 

 

كل الائمة عليهم السلام هم عين الله في خلقه

ورد في زيارة الامام المهدي عليه السلام في يوم الجمعة ( السلام عليك ياعين الله في خلقه ) فما معنى ان الامام المهدي عليه السلام عين الله في خلقه ؟

وقبل الجواب على ذلك اقول مسالة ان الامام عين الله ليست مسالة خاصة في الامام المهدي عليه السلام بل ان كل الائمة عليهم السلام هم عين الله في خلقه كما وؤرد عن اسود بن سعيد قال كنت عند أبي جعفر عليه السلام فانشاء يقول ابتداء من غير أن يسئل نحن حجة الله ونحن باب الله ونحن لسان الله ونحن وجه الله ونحن عين الله في خلقه ونحن ولاة امر الله في عباده .

وكان امير المؤمنين عليه السلام في كثير من المناسبات يصرح بانه عين الله ففي مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي النمازي الشاهرودي - ج 3 - ص 98

معاني الأخبار : عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في خطبته : أنا الهادي ، أنا المهتدي . وأنا أبو اليتامى والمساكين وزوج الأرامل . وأنا ملجأ كل ضعيف ومأمن كل خائف . وأنا قائد المؤمنين إلى الجنة . وأنا حبل الله المتين . وأنا عروة الله الوثقى وكلمة ( الله - معاني الأخبار ) التقوى . وأنا عين الله ، ولسانه الصادق ، ويده . وأنا جنب الله الذي يقول : * ( أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله ) * . وأنا يد الله المبسوطة على عباده بالرحمة والمغفرة . وأنا باب حطة ، من عرفني ، وعرف حقي ، فقد عرف ربه - الخ

مسالة عقائدية معاني ان الامام عين الله

 

1- معنى ان الامام عين الله أي الحافظ لدين الله فالامام هو الناضر الى المصالح الكلية والجزئية والمعاهد لاذهان الخلق فيما يصلح لها من العقائد الدينية والمرشدون لنفوسهم الى الاخلاق والقوانين الشرعية وهذا المعنى ورد في القرآن الكريم قال تعالى ( تجري باعيننا ) أي بحفظنا وقال تعالى ( ولتصنع على عيني ) أي على حفظي .

2- معنى عين الله أي ان الامام خاصة من خواص الله وولي من اوليائه وفي هذا اضافة تشريفية للامام عليه السلام كما في قوله تعالى ( وطهر بيتي ) والمعنى ان لله سبحانه اعين تضاف اليه اضافة تشريفية وهم الائمة عليهم السلام والملاحظ هنا ان الامام اضيف الى اغلى شيء الى الله سبحانه وهو العين والانسان دائما يحافظ على عينه من أي مكروه مما يدلل على ان الامام واقع تحت رعاية الله وحفظه دائما وفي كل وقت.

3- معنى ان الامام عين الله أي الشاهد على عباده وهو بمعنى العين الباصرة فكما ان الرجل ينظر بعينه ليطع على الامور كذلك خلق الله الامام ليكون شاهدا على الخلق ناضرا في امورهم قال المرحوم المجلسي في الخصائص الفاطمية - الشيخ محمد باقر الكجوري - ج 2 - ص 240في شرح قوله ( عليه السلام ) « أنا عين الله الناظرة: أي الشاهدة على عباده والصادة لهم عن مخالفة الأوامر والنواهي الإلهية ، ومن الواضح أن إحاطته دون مرتبة الإلوهية ، لأنها ليست بالأصالة ، وإنما يصله هذا الفيض من عالم غيب الغيوب ويبقى هو وجودا ممكنا مخلوقا فاز بالرئاسة الكلية للعوالم بسبب قابلية المحل ، وقد وصله هذا الفوز من فيض الفياض المطلق ..)

4- معنى ان الامام عين الله أي ان الله ينظر بالامام نظر رحمة والنعمة فبولاية اهل البيت عليهم السلام ينالون الرحمة وبمخالفتهم ينالون النقمة كما ورد عن امير المؤمنين عليه السلام صباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) - الميرجهاني - ج 3 - ص 260(...فأما عين الله فأنا عينه على المؤمنين والكفرة...).

5- معنى عين الله ان الامام مصنوع لله سبحانه وتعالى وهو الكاشف عن عظمة الله سبحانه قال تعالى ( ولتصنع على عيني ) أي على عين الله وبمراى من الله سبحانه مكلوء بكلائته مصونا بحفظه ورعايته كما صنع الله موسى عليه السلام . وغيرها من المعاني الاخرى .

بقيت مسالة اخرى وهي ان كون الامام عليه السلام عين الله سبحانه فيه اشارة مهمة ولطيفة ذكرها في مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي النمازي الشاهرودي - ج 3 - ص 376

قال (روايات الشريفة الدالة على أن الدنيا ممثلة للإمام كفلقة الجوزة ، والمعنى أن جميع الدنيا حاضرة عند علم الإمام يعلم ما يقع فيها وينظر إليها ، لأنه عين الله الناظرة في خلقه كنصف جوزة في يد أحدكم ينظر إليها .)كما انها كذلك واكثر لله سبحانه وتعالى والامام بذلك يكون الانسان الكامل الذي اوجده الله سبحانه في ارضه.

 

 

6- أنه (عليه السلام) عينُ الله النابعة والمفيضة معجب على الخلق، والذي يؤيده ما ورد في نفس الزيارة من قول: السلام عليك يا عين الحياة. 

7- أنه (عليه السلام) عينُ الله الذهب، التي يَنظر إليها جميعُ الخلق، ويتأملون منها كلَ خير ومعروف.

8- أنه (عليه السلام) المستحق للاحترام والاحترام من قبل الخلق؛ كونها تمثل العين الإلهية في الخلق. 

الخلاصة

إنّ الإيمان بأن الإمام هو عين الله في خلقه يورث أثرًا عميقًا في النفوس، يمكن تلخيصه في المحاور التالية:

حفظ الدين والهوية الإيمانية:

رؤية الإمام عينًا لله تعني أنّه الحافظ لدين الله، الواقف على مصالح العباد، والمرشد لعقولهم ونفوسهم. وهذا يغرس في المؤمن الشعور بالثقة في الهداية، ويحثّه على الالتزام بالشريعة بوعي ومسؤولية.

الشعور بالرعاية الإلهية المستمرة:

إضافة الإمام إلى «العين» تربية للمؤمن على أن يعيش تحت عين الله ورعايته عبر ولاية الإمام، فيرتدع عن المعصية ويطمئن في الطاعة، كما يحافظ الإنسان على عينه من كل سوء.

المراقبة الأخلاقية الدائمة:

كون الإمام شاهدًا على الأعمال يجعل المؤمن يعيش وازعًا داخليًا قويًا، فيستحي من عرضه السيئ على وليّ الله، فيزكو ضميره وتصفو سريرته، وتتحول مراقبة الإمام إلى دافعٍ عمليٍّ للورع والتقوى.

 

 

 

منبع الرحمة والنعمة:

الإمام عين الله الرحيمة، به يتنزل الخير، وبدونه ينقطع الفيض. هذا يربّي المؤمن على أن يكون موصولًا برحمة الله عبر التمسك بالولاية، فيتذوّق الطمأنينة الروحية ويستشعر عظمة الانتماء.

الكشف عن العظمة الإلهية:

الإمام مظهر لصنع الله وكاشف لعظمته، ما يعلّم الإنسان أن ينظر إلى الإمام لا كشخصٍ منفصل، بل كآية إلهية تُجسّد عظمة الخالق في خلقه، فيزداد إيمانه وولاؤه.

الإحاطة الشاملة والوعي الكوني:

الإمام بما أُفيض عليه من العلم كأنّه يرى العالم كله حاضرًا أمامه، فيغدو المؤمن أمام وعيٍ كونيٍّ أكبر يذكّره بأن أعماله مهما صغرت مرئيةٌ عند الإمام، وأنّ عليه أن يكون مسؤولًا في كل تفاصيل حياته.

الإمام عينُ الله النابعة، وعينُ الحياة، وعينُ الذهب التي تتطلّع إليها الأبصار؛ هذا يربّي الإنسان على أن يتخذ الإمام مرآةً لصفاء القيم، فيستلهم منه معاني النقاء والكرامة والعظمة الروحية.

 

مسالة روحية

نعترف بمراقبة الإمام الدائمة لنا وللآخرين، ومن الجلي أن هذه المراقبة الدائمة من الإمام ستؤدي إلى عناية دائمة من جانبنا. هذه العناية، التي تُعتبر من أركان السلوك الأخلاقي، تدفعنا إلى الامتناع عن التصرف والقول بدافع الأنانية ومخالفة رضى إمام الزمان، الذي هو رضى الله تعالى، والالتزام بأداء الفرائض الإلهية واجتناب المحرمات والمعاصي. إذا استمر هذا، سيؤدي تدريجيًا إلى تطهير داخلي وروحي، وستحل المسؤولية محل التهرب من المسؤولية في جميع مجالات الفرد والأسرة والمجتمع. ومن الواضح أن هذا العامل الداخلي أقوى بكثير من العوامل الخارجية في السيطرة على الفرد والمجتمع وتأديبهما، وهذه نعمة أخرى من نعم نمط الحياة المنتظر.

ثمرة تربوية

إنّ الاعتقاد بالإمام كـ عين الله ليس مجرد مبحث عقائدي، بل هو مدرسة تربوية تجعل الإنسان يعيش دائم المراقبة، دائم الارتباط، دائم التزكية. فيتربّى على الحياء من الإمام، والاستقامة على شرع الله، والتمثل بالولاية كطريقٍ إلى الرحمة الإلهية. وبذلك يتحول هذا اللقب الشريف إلى مصدرٍ للرقابة الباطنية العميقة، التي تُثمر حياةً أخلاقية نقية ومسؤولية عملية راسخة.

 

 

 

قصة ونظر إلىّ من طرف عينه

آية اللّه الشيخ مجتبى القزويني احد علماء اهل المعنى في مشهد، رايت له كرامات بعيني. وقد نقل هذه الواقعة، فقال:كان سيّد محمّد الباقري من اهل (دامغان) ومقيمًا في مشهد، وهو من العلماء الذين تتلمذوا على المرحوم آية اللّه الميرزا مهدي الاصفهانىٍّّ، وصحبوه طويلا. وقد اءُصيب سنوات مديدة بمرض السلّ، في زمن كان فيه هذا المرض غير قابل للعلاج، فيئس من علاجه الجميع، وغدا نحيفًا شديد الضعف.

واقبل إ لينا في احد الايام، فرايناه مَرِحًا مشافىً نشيطًا لا اثر للمرض عليه، فَدُهشنا جميعًا، وساءلناه عن سرّ شفائه.

فقال:خرج من فمي ذات يوم كثير من الدم.. ويئس منّي الاطبّاء. فقصدت استاذي آية اللّه الميرزا مهدي الاصفهانىّ، وذكرت له حالتي.

جلس استاذي الموقّر على ركبتيه، وقال بحزم عجيب:الستَ سيّدًا؟! فلماذا لاتطلب من اجدادك علاج مرضك؟! لماذا لاتذهب الى الامام بقيّة اللّه الاعظم (عليه السّلام) وتطلب منه حاجتك؟ او ما تعلم انهم اسماء اللّه الحسنى؟ اما قراتَ في دعاء كميل:يا من اسمه دواء وذكره شفاء؟ لو انّك سيّد، لو انّك شيعىّ.. لنلت شفاءك من بقيّة اللّه (ارواحنا فداه) في هذا اليوم! وهكذا كان يتكلم معي كلامًا مثيرًا مُحَفِّزًا.. حتّى بكيت وقمت، كاءنّما اروم الذهاب الى الا مام بقيّة اللّه. كنت اذرف الدموع دون ان ادري. وكنت اقول مع نفسي:

يا حجة ابن الحسن ادركني! اتّجهت صوب الصحن المقدس للامام علىّ بن موسى الرضا (عليه السّلام). ولمّا وصلت الى الصحن العتيق.. رايت ثمّة وضعًا آخر! كان الصحن خاليًا تمامًا.. إ لاّ من بضعة افراد كانوا ذاهبين يتقدّمهم سيّد، اءُلقي في رُوعي اءنّه الا مام ولىّ العصر (عجّل اللّه تعالى فرجه). قلت في سرّي:قبل ان يذهب.. اناديه واطلب منه شفاء مرضي. وما ان مرّ هذا الخاطر ببالي.. حتّى رايته (عليه السّلام) قد رجع، ونظر إ لىّ من طرف عينه.

شعرت بالعرق البارد يبلّل بدني. ثمّ فجاءةً رايت الصحن المقدّس على حالته الماءلوفة، ولم يعد لهؤ لاء الافراد من اثر. كان الناس في الصحن يذهبون ويجيئون، كما هي سيرتهم العاديّة.

اذهلتني الدهشة. وفي هذه الاثناء فطنت الى انّه لم يبق فىٍّّ اثر من مرض السلّ، فرجعت الى المنزل، وتركت حُمْيَتي عن الاطعمة. ولقد شَفِيت وعوفيت الى حدّ انني لااستطيع السّعال حتّى لو تعمّدت ذلك.

بكى المرحوم الشيخ مجتبى القزويني -وهو يروي الواقعة -وقال:

نعم، هذه كانت قضيّة سيد محمد باقر الدامغاني. ولسنوات طويلة كنت اراه فيما بعد على حالة حسنة جدًّا.. وحتى انه قد سمن سمنة بيّنة! من نظرةٍ منك.. تغدو التُّرْبُ من ذهبٍ-----هلاّ عطفتَ.. ولو في لمحةِ البَصَر! لو انّ اهل العلم والسادة يتوجّهون قلبيًا الى الامام.. كما لو كانوا جندًا له وخدمًا، فيغدون اشدّ اقترابًا اليه.. لزاد توجّهه (صلوات الله عليه) اليهم، ولمنحهم حياة ماديّة ومعنويّة.. على افضل ما يكون.

ولكنّهم لو كانوا -لاقدّر اللّه -ياءكلون اموال سهم الامام -الى جوار انهم لا يتوجّهون صوب وجوده المقدّس، ولا يخاطبونه خطاب مناجاة، ولا يُفردون ساعة واحدة -في الاقل -من يومهم يتشوقون فيها اليه، بل انهم ربّما سخروا من محبّي الامام وعشاقه.. لو فعلوا ذلك لكانوا موضع غضب ولىّ الله هذا، ولصارت كلّ اوضاعهم الماديّة والمعنويّة كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف. والتجربة برهان صدّقَ هذه الحالة.. وما يزال!((ملاقات إمام الزمان سيد حسن ابطحي ص37 39))


تعليقات