القائمة الرئيسية

الصفحات

انتظروه عجل الله فرجه قبل ان يولد

 

 

 





انتظروا

    قبل ان يولد #


 

     عبد الحميد الواسطيّ

                    رضوان الله عليه

 

 

 

 

 

 

 

    Y

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق اجمعين واله الاطيبن الاطهرين

 

                                                        تمهيد

الإنتظار كيفية نفسانية

 

{الانتظار هو كيفية نفسانية ينبعث منها التهيؤ لما تنتظره، وضده اليأس فكلما كان الانتظار أشد كان التهيؤ آكد ألا ترى أنه إذا كان لك مسافر تتوقع قدومه ازداد تهيؤك لقدومه كلما قرب حينه، بل ربما تبدل رقادك بالسهاد لشدة الانتظار، وكما تتفاوت مراتب الانتظار من هذه الجهة، كذلك تتفاوت مراتبه من حيث حبك لمن تنتظره، فكلما اشتد الحب ازداد التهيؤ للحبيب، وأوجع فراقه بحيث يغفل المنتظر عن جميع ما يتعلق بحفظ نفسه، ولا يشعر بما يصيبه من الآلام الموجعة والشدائد المفظعة.
فالمؤمن المنتظر لقدوم مولاه كلما اشتد انتظاره ازداد جهده في التهيؤ لذلك بالورع والاجتهاد، وتهذيب نفسه عن الأخلاق الرذيلة، واقتناء الأخلاق الحميدة حتى يفوز بزيارة مولاه ومشاهدة جماله في زمن غيبته كما اتفق ذلك لجمع كثير من الصالحين الأخيار، ولذلك أمر الأئمة الطاهرون ?،فيما سمعت من الروايات وغيرها بتهذيب الصفات، وملازمة الطاعات.} ([1]).

 

مراتب الإنتظار ومظاهره

 

{للانتظار مراتب ومظاهر مختلفة وهذه المراتب والمظاهر المختلفة ناشئة من اختلاف كل من المنتظر والمنتظر فاذا كان المنتظر إنسانا عاديا لا يتمتع بالوزن الثقيل اجتماعا او علميا او ماليا يختلف انتظاره عمن كان عالما او وجيها اجتماعيا او ثريا غنيا.

فانتظار العالم يختلف عن انتظار الجاهل وانتظار العالم يختلف عن انتظار الحاكم او الامير من حيث القوة والمظاهر.

 انتظار العالم له مظاهره الدينية وانتظار الامير والمؤسول الحكومي يعني تزيين الطرقات وتعليق اليافطات الترحيبية ..

فكل شخصية يتلون انتظارها بما يتناسب مع صبغتها وجوهرها.}([2]).


بيان مراتب الإنتظار بالنسبة للمنتظرين

{فالمنتظر له مراتب مختلفة بمقدار فهمة و دركة لمفهوم الانتظار و هذه المراتب عبارة عن:

المرتبة الاولى: انتظار الرسل و الانبياء الالهيين عليهم السلام : ان جميع الانبياء و الرسل الالهيين ?قبل بعثة النبي الاكرم و خاتم الانبياء  صلى الله عليه واله كانوا ينتظرون ظهور خاتم الانبياء صلى الله عليه واله  و خاتم الاوصياء صلى الله عليه واله كما تثمر رسالتهم و تحقق غاياتهم في جميع ابعادها ومختلف المستويات الفردية والاجتماعية.

المرتبة الثانية: انتظار رسول الاسلام المعظم صلى الله عليه واله:النبي الاكرم صلى الله عليه واله ينتظر ايضا تحقق الغاية من رسالة الانبياء السابقين عليهم السلام في جميع ابعادها و ظهور ثمرة اعمالهم ومساعيهم في اخراج الناس من الظلمات الى النور.

المرتبة الثالثة: انتظار الائمة الاطهار عليهم السلام : فهؤلاء الانوار الالهية ينتظرون ايضا ان تتحقق الغالية من رسالة النبي الاكرم صلى الله عليه واله و الانبياء السابقين عليهم السلام على جميع المستويات و الصعد.

المرتبة الرابعة: انتظار العلماء و الفقهاء و المراجع العظام: و هؤلاء ايضا يعيشون حالة الانتظار و قلوبهم زاخرة بالامل و التوقع لظهور خاتم الاوصياء عليه السلام لكي تتحقق الثمرة و الغاية من ارسال الرسل و الانبياء الالهيين عليهم السلام في اجواء المجتمعات البشرية.

المرتبة الخامسة: انتظار الناس العاديين: فهم ايضا ينتظرون بقية الله الاعظم صلى الله عليه واله فبظهور الامام المهدي عجل الله فرجه تتجسد امال الائمة المعصومين عليهم السلام  والانبياء الالهيين عليهم السلام على ارض الواقع العملي.} ([3]).

 

                                                    عبد الحميد الواسطيّ

 

لقد تركنا أسواقنا إنتظارا لهذا الأمر

 

عن عمر بن أبان، عن عبد الحميد الواسطيّ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهماالسلام قال: قلت له: أصلحک اللّه، لقد ترکنا أسواقنا إنتظارا لهذا الأمر فقال عليه السلام: يا عبدالحميد، أَتري مَن حبس نفسه علي اللّه عزّوجلّ لا يجعل اللّه له مخرجاً، بلي واللّه ليجعلنّ اللّه له مخرجا، رحم اللّه عبدا حبس نفسه علينا، رحم اللّه عبدا أحيا أمرنا، قال: قلت: فإن متّ قبل أن أدرک القائم؟ قال: القائل منکم أن لو أدرکت قائم آل محمّد عليهم السلام نصرته، کان کالمقارع بين يديه بسيفه، لا بل کالشهيد معه ([4]).

 

 

بيان(( ترك الأسواق))

الأول:

لمّا كان الأئمّة عليهم السلام  أبهموا الأمر على شيعتهم لمصلحة، كانوا يرجون أن يكون ظهور دولة الحقّ والخروج بالسيف على يد غير الإمام الثاني عشر، ولا يزالون منتظرين لذلك.

الثاني:

لعلّ ترك الأسواق لتهيئتهم للحرب، واشتغالهم بما يوجب ممارستهم فيها.

الثالث:

  لقوّة رجائهم وتقريبهم هذا الأمر، فتركوا المكاسب؛ لغفلتهم بعدم احتياجهم إليها بعد ظهور هذا الأمر،

الرابع:

لاهتمامهم بطلب العلم وهداية الحقّ، وعدم اعتنائهم بالتجارة رجاءً لما ذكر.

الخامس:

 المراد من ترك الأسواق هو ترك ما لا يليق بالمنتظر

السادس:

وقال الفاضل الأمين:كأنّه ناظر إلى ما نطقت به الأحاديث من أنّ اللَّه تعالى قدّر أوّلًا أن يكون ظهور الأمر على يد الصادق (عليه السلام)، ثمّ قدّر تقديراً آخر أن يكون على يد المهدي، فهذه الجماعة كانوا غافلين عن التقدير الآخر، فاشتغلوا بأخذ السلاح وتعلّم آداب الحرب وما أشبه ذلك. 

و قوله: (حَبَس نفسَه على اللَّه) أي على طاعته، أو حبس نفسه في الطاعة متوكّلًا على اللَّه.

ويحتمل كون «على» بمعنى اللّام؛ أي حبس للَّه طاعته.

 

إنَّ الانتظار مخرج من المهلكات، وباب رزق _ معنوي ومادّي _ من الله تعالى، وهو موجب لرحمة الله

 

 

من أقبل على العبادة وترك التجارة

عن علي بن عبد العزيز قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: " ما فعل عمر بن مسلم ؟ قلت: جعلت فداك أقبل على العبادة وترك التجارة فقال: ويحه أما علم أن تارك الطلب لا يستجاب له دعوة؟! أن قوما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله لما نزلت: " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب " أغلقوا الأبواب وأقبلوا على العبادة وقالوا: قد كفينا، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فأرسل إليهم فقال: ما حملكم على ما صنعتم؟! قالوا: يا رسول الله تكفل الله عز وجل بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة فقال: إنه من فعل ذلك لم يستجب الله له، عليكم بالطلب، ثم قال: إني لأبغض الرجل فاغرا فاه إلى ربه يقول: ارزقني و يترك الطلب "([5]).

عن أسباط بن سالم قال: دخلت على أبي عبدالله (عليه السلام) فسألنا عن عمر بن مسلم ما فعل؟ فقلت: صالح ولكنه قد ترك التجارة، فقال أبو عبدالله (عليه السلام): عمل الشيطان ثلاثا، أما علم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) اشترى عيرا أتت من الشام، فاستفضل فيها ما قضى دينه، وقسم في قرابته، يقول الله عزّوجلّ (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله)  إلى آخر الاية، يقول القصاص: إن القوم لم يكونوا يتجرون، كذبوا، ولكنهم لم يكونوا يدعون الصلاة في ميقاتها، وهم أفضل ممن حضر الصلاة ولم يتجر.

 

سأل بعضهم الإِمام الصّادق(عليه السلام): ما تقول في رجل موال للأئمّة(عليهم السلام) وينتظر ظهور حكومة الحق، ثمّ يموت وهو على هذه الحال؟!

فقال الإِمام الصادق(عليه السلام): هو بمنزلة من كان مع القائم في فسطاطه. ثمّ سكت هنيئة، ثمّ قال: هو كمن كان مع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)([6])

وهذا المضمون نفسه ورد في روايات متعددة بتعابير مختلفة:

إِذ جاء في بعضها: بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله.

وفي بعضها: كمن قارع مع رسول الله بسيفه.

وفي بعضها: بمنزلة من كان قاعداً تحت لواء القائم.

وفي بعضها: بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله.

وفي بعضها: بمنزلة من اسُتشهد مع رسول الله.

 

 

 

 

إنّ انتظار المصلح، « العالمي»

 معناه الإِستعداد الكامل فكرياً، وأخلاقياً، مادياً ومعنوياً، الإِستعداد لإِصلاح العالم كلّه.




[1] / مكيال المكارم ج 2 ميرزا محمد تقي الأصفهاني.

[2] / الامام المهدي مظهر الخلافة الالهية علي عبدالكريم آل محمد.

[3] / بحوث في المهدوية. اية الله الشيخ محمد جواد الفاضل اللنكراني.

[4] / کمال الدين: 644 ح 2.

[5] / من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق - ج ٣ - الصفحة ١٩٢.

[6] / محاسن البرقي، طبقاً لما ورد في البحار، الطبعة القديمة، ج 13، ص 136.


تعليقات