القائمة الرئيسية

الصفحات

مصائب الامام علي عليه السلام

من كتاب مصائب المعصومين عليهم السلام 







مصائب

 امير المومنين علي عليه السلام 

 

 

 

 

 

أنتَ أوَّلُ مَظلومٍ، وَأوَّلُ مَغصوبٍ حَقَّهُ

 

زيارة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام  ) الرابعة

رابعها: ما رواه الكلينيّ عن أبي الحسن الثالث الإمام علي بن محمّد النقي ×  قال: تقول عند قبر أمير المؤمنين × السَّلامُ عَلَيْكَ يا وَلِيَّ اللَّهِ أَنْتَ أَوَّلُ مَظْلُومٍ وَأَوَّلُ مَنْ غُصِبَ حَقُّهُ صَبَرْتَ وَاحْتَسَبْتَ حَتّى أَتاكَ اليَقِينُ فَأَشْهَدُ أَنَّكَ لَقِيْتَ اللَّهَ وَأَنْتَ شَهِيدٌ عَذَّبَ اللَّهُ قاتِلَكَ بِأَنْواعِ العَذابِ وَجَدَّدَ عَلَيْهِ العَذابَ

العلامة المحقق إسماعيل الانصاري الزنجاني الخوئيني

كان أمير المؤمنين عليه السلام مظلوما منذ ولادته، وبلغ مظلوميته بعد رسول الله |  إلى حدّ صار أول مظلوم في العالم؛ فغصبوا حقه وضيّعوا قدره وهجموا على بيته وأهانوه في حريمه وألقوا الحبل على عنقه وقادوه إلى البيعة ونسوا غديره، ولم يوجد أو لم يقدر أحد في المسلمين أن ينصره ويقوم للدفاع عن حقه حتى أنه بنفسه لم يقدر على الدفاع عن حقه، وكان في وطنه كالمغترب، ليس له ناصر ومدافع. فأصبح تجاه المنافقين والغاصبين لحقوقه ولم يوجد على وجه الأرض وتحت السماء أحد يعينه في أخذ حقه ويدفع الضيم عنه وعن حريمه إلا واحد من أهل بيته، وهي ابنة عمه وزوجته بنت رسول الله الصديقة الكبرى ÷، ولكن هذه كانت تقابل كل أهل المدينة، بل تقابل دفاعها عن علي عليه السلام آلاف مدافع، بل كل أهل العالم. نعم، فاطمة ÷ نصرت وأعانت ودافعت عن علي عليه السلام على حد تحمل كل المشكلات والظلامات والأذى والضرب والجرح وكسر الضلع وتورّم العضد واسوداد المتن والظهر واحمرار العين وسقط الجنين ومواقف عسيرة أخرى، وحتى أضحت نفسه واستشهدت في سبيل الدفاع عن بعلها وإمامها أمير المؤمنين ? ([1]).

ما زلت مظلوما منذ قبض الله نبيه

روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: إنه لم يقم مرة على المنبر إلا قال في آخر كلامه قبل أن ينزل: " ما زلت مظلوما منذ قبض الله نبيه "

الإمام علي (عليه السلام): ما زلت مظلوما مذ كنت ([2]).

لقد ظلمت عدد المدر والوبر

عن المسيب بن نجبة: بينا علي يخطب إذ قام أعرابي فصاح: وامظلمتاه! فاستدناه علي (عليه السلام)، فلما دنا قال له: إنما لك مظلمة واحدة، وأنا قد ظلمت عدد المدر والوبر.

وفي رواية عباد بن يعقوب: إنه دعاه فقال له: ويحك، وأنا والله مظلوم أيضا، هات فلندع على من ظلمنا ([3]).

 

هذا الشيخ المظلوم المضطهد حقه

عن الحافظ ابن مردويه عن داود بن أبي عوف قال: حدثني معاوية بن ثعلبة الليثي قال: ألا أحدثك بحديث لم يختلط؟ قلت: بلى، قال: مرض أبو ذر فأوصى إلى علي  فقال بعض من يعوده: لو أوصيت إلى أمير المؤمنين عمر كان أجمل لوصيتك من علي، قال: والله لقد أوصيت إلى أمير المؤمنين، والله إنه الربيع الذي يسكن إليه، ولو قد فارقكم لأنكرتم الأرض  قال: قلنا: يا أبا ذر إنا لنعلم إن أحبهم إلى النبي (| ) أحبهم إليك  قال: هذا الشيخ المظلوم المضطهد حقه يعني علي بن أبي طالب ([4]).

 

لم يبق بيت من العرب إلا وقد دخلت مظلمتي عليهم

الخرائج والجرائح: إن أعرابيا أتى أمير المؤمنين (عليه السلام ) وهو في المسجد، فقال: مظلوم! قال: ادن مني. فدنا، فقال: يا أمير المؤمنين مظلوم! قال: ادن.

فدنا حتى وضع يديه على ركبتيه، قال: ما ظلامتك؟ فشكا ظلامته. فقال: يا أعرابي أنا أعظم ظلامة منك؛ ظلمني المدر والوبر، ولم يبق بيت من العرب إلا وقد دخلت مظلمتي عليهم، وما زلت مظلوما حتى قعدت مقعدي هذا ([5]).

الغارات عن عبد الرحمن بن أبي بكرة: سمعت عليا (عليه السلام) وهو يقول: ما لقي أحد من الناس ما لقيت! ثم بكى ([6]).

الإمام علي (عليه السلام ): لقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها، وأصبحت أخاف ظلم رعيتي ([7]).

 

قتل أمير المؤمنين ×

قبض سلام اللّه عليه ليلة احدى وعشرين من شهر رمضان سنة اربعين، ضربه ابن ملجم الملعون بالسيف المسموم على رأسه في مسجد الكوفة، وقت التنوير ليلة الجمعة لتسع عشرة ليلة مضين من الشهر فبقي يومين الى نحو الثلث الأول من الليل ثم قضى نحبه شهيداً ولقي ربه تعالى مظلوماً وله يومئذ ثلاث وستون سنة.

قال المسعودي في مروج الذهب في ذكر مقتله: وفي سنة اربعين اجتمع بمكة جماعة من الخوارج، فتذاكروا الناس وما هم فيه من الحرب والفتنة، وتعاهد ثلاثة منهم على قتل عليّ (عليه السلام ) ومعاوية وعمرو بن العاص وتواعدوا واتفقوا على ان لا ينكص رجل منهم عن صاحبه الذي يتوجه اليه، حتي يقتله او يقتل دونه: وهم عبد الرحمن بن ملجم، (لعنه اللّه) وكان من تجيب.

وكان عدادهم في مراد فنسب اليهم، وحجاج بن عبد اللّه الصريمي ولقبه البرك، وزادويه مولى بني العنبر، فقال ابن ملجم: أنا اقتل علياً وقال البرك: انا اقتل معاوية وقال زادويه انا أقتل عمرو بن العاص. واتَّعدوا ان يكون ذلك ليلة  تسع عشرة من شهر رمضان، وقيل، ليلة احدى وعشرين، فخرج عبد الرحمن بن ملجم المرادي الى عليّ (عليه السلام) فلما قدم الكوفة اتى قطام بنت عمه وكان عليّ (عليه السلام ) قتل اباها واخاها يوم النهروان وكانت أجمل أهل زمانها فخطبها

فقالت: لا اتزوج حتى تسمي لي قال: لا تسأليني شيئاً الا اعطيته، فقالت: ثلاثة آلاف، وعبداً وقينة وقتل عليّ (× )، فقال: ما سألت هو لك مهر، الا قتل عليّ (× ) فلا اراك تدركينه، قالت: فالتمس غرته فان اصبته شفيت نفسي ونفعك العيش معي، وان هلكت فما عند اللّه خير لك من الدنيا، فقال: والله ما جاء بي الى هذا المصر، وقد كنت هارباً منه الا ذلك، وقد اعطيتك ما سألت وخرج من عندها وهو يقول: ثلاثة آلاف وعبد وقينة*** وقتل علي (عليه السلام) بالحسام المصمم

فلا مهر اغلى من علي وان علا*** ولا فتك الا دون فتك ابن ملجم

فلقيه رجل من اشجع، يقال له شبيب بن بجرة من الخوارج، فقال له: هل لك في شرف الدنيا والآخرة، فقال: وما ذاك قال: تساعدني على قتل علي قال: ثكلتك امك، لقد جئت شيئاً إدّاً قد عرفت عناءه في الإِسلام وسابقته مع النبي (| ) فقال ابن ملجم: ويحك اما تعلم انه قد حكَّم الرجال في كتاب اللّه وقتل اخواننا المصلين فنقتله ببعض اخواننا، فأقبل معه حتى دخل على قطام وهي في المسجد الأعظم، وقد ضربت كلة بها، وهي معتكفة يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة مضت من شهر رمضان، فاعلمته ان مجاشع بن وردان بن علقمة قد انتدب لقتله معهما، فدعت لهما بحرير وعصبتهما واخذوا أسيافهم وقعدوا مقابلين لباب السدة التي يخرج منها عليّ (× ) للمسجد، وكان عليّ يخرج كل غداة اول الأذان للصلاة وقد كان ابن ملجم مر بالاشعث وهو في المسجد فقال له: فضحك الصبح فسمعها حجر بن عدي فقال: قتلته يا اعور قتلك اللّه، وخرج علي (× ) ينادي: ايها الناس الصلاة فشد عليه ابن ملجم واصحابه، وهم يقولون: الحكم للّه لا لك، وضربه ابن ملجم على رأسه بالسيف في قرنه، واما شبيب فوقعت ضربته بعضادة الباب واما ابن وردان فهرب، وقال عليّ (× ) لا يفوتنكم الرجل وشد الناس على ابن ملجم يرمونه بالحصباء ويتناولونه ويصيحون، فضرب ساقه رجل من همدان برجله، وضرب المغيرة بن نوفل الحرث بن عبد المطلب وجهه فصرعه، واقبل به الى الحسن (× ) ودخل شبيب بين الناس فنجا بنفسه، وهرب، حتى أتى رحله، فدخل عليه عبد اللّه بن بحرة، وهو احد بني ابيه فرآه ينزع الحرير عن صدره، فسأله عن ذلك فخبّره خبره، فانصرف عبد اللّه الى رحله واقبل اليه بسيفه فضربه حتى قتله.

وقيل : ان عليّاً (عليه السلام× ) لم ينم تلك الليلة، وانه لم يزل يمشي بين الباب والحجرة، وهو يقول: واللّه ما كذَبت ولا كُذبت وانها الليلة التي وعدت، فلما صرخ بط (كان للصبيان) صاح بهن بعض من في الدار فقال عليّ (عليه السلام× ): ويحك دعن فانهن نوائح.

وقال المسعودي: أنه (عليه السلام) قد خرج الى المسجد وقد عسر عليه فتح باب داره، وكان من جذوع النخل فاقتلعه، وجعله ناحية، وانحل ازاره فشده وجعل ينشد:

أشدُدْ حيازيمك للموت فان الموت لاقيكا*** ولا تجزع من الموت إذا حل بواديكا([8])

 

يأتيني امر اللّه وانا خميص

وروى الشيخ المفيد انه لما دخل شهر رمضان كان امير المؤمنين (× ) يتعشى ليلة عند الحسن، وليلة عند الحسين، (^ )، وليلة عند عبد اللّه بن العباس، وكان لا يزيد على ثلاث لقم فقيل له ليلة من تلك الليالي في ذلك، فقال: يأتيني امر اللّه وانا خميص انما هي ليلة او ليلتان فاصيب اخر الليل([9]).

 

 

إني رأيت رسول اللّه (| ) في منامي، وهو يمسح الغبار وجهي

ورُويَ عن ام موسى خادمة عليّ (× ) وهي حاضنة فاطمة ابنته، قالت: سمعت عليّاً (عليه السلام) يقول لابنته ام كلثوم: يا بنية اني أراني قلَّ ما أصحبكم، قالت: وكيف ذلك يا أبتاه، قال: إني رأيت عن رسول اللّه (| ) في منامي، وهو يمسح الغبار وجهي، ويقول: يا عليّ لا عليك قضيت ما عليك. قال(3): فما مكثنا الا ثلاثاً حتى ضُرب تلك الضربة، فصاحت ام كثلوم، فقال: يا بنية لا تفعلي فانّي أرى رسول اللّه (| ) يشير الي بكفه ويقول: يا عليّ هلم الينا فان ما عندنا هو خير لك([10]).

 

فضربه بالسيف على ام رأسه، فوقع على ركبتيه

وروى صاحب قرب الاسناد عن جعفر بن محمد عن ابيه (^ ) ان علي بن أبي طالب (×عليه السلام ) خرج يوقظ الناس لصلاة الصبح فضربه عبد الرحمن بن ملجم (لعنه اللّه) بالسيف على ام رأسه، فوقع على ركبتيه واخذه فالتزمه، حتى أخذه الناس، وحُمل عليّ حتى افاق ثم قال للحسن والحسين (^ ): احبسوا هذا الاسير واطعموه واسقوه وأحسنوا آثاره، فان عشت فانا اولى بما صنع بي، ان شئت استقدت وان شئت عفوت، وان شئت صالحت، وان مت فذلك اليكم، فان بدا لكم ان تقتلوه فلا تمثلوا به([11]).

 

وقد علت صفرة وجهه على تلك العصابة

وروى ابن شاذان عن الاصبغ قال: لما ضرب امير المؤمنين (عليه السلام ) الضربة التي كانت وفاته فيها، اجتمع اليه الناس بباب القصر وكان يراد قتل ابن ملجم، لعنه اللّه، فخرج الحسن (عليه السلام× ) فقال: معاشر الناس ان ابي اوصاني ان اترك امره الى وفاته، فان كان له الوفاة، وإلا نظر هو في حقه فانصرفوا يرحمكم اللّه، قال: فانصرف الناس ولم أنصرف، فخرج ثانية وقال لي: يا اصبغ اما سمعت قولي عن قول امير المؤمنين (× )، قلت: بلى ولكني رأيت حاله فاحببت ان انظر اليه، فاسمع منه حديثاً، فاستأذن لي رحمك اللّه، فدخل ولم يلبث ان خرج، فقال لي: ادخل فدخلت فاذا امير المؤمنين (× ) معصب بعصابة، وقد علت صفرة وجهه على تلك العصابة، واذا هو يرفع فخذاً ويضع اخرى، من شدة الضربة وكثرة السم، فقال لي: يا اصبغ اما سمعت قول الحسن عن قولي قلت: يا امير المؤمنين ولكني رأيتك في حالة فاحببت النظر اليك، وان أسمع منك حديثاً، فقال لي: اقعد فما أراك تسمع مني حديثاً بعد يومك هذا، اعلم يا اصبغ اني أتيت رسول اللّه (| ) عائداً كما جئت الساعة، فقال: يا ابا الحسن اخرج فناد في الناس الصلاة جامعة واصعد المنبر وقم دون مقامي مرقاة وقل للناس ألا من عق  والديه، فلعنة اللّه عليه، ألا من ابق من مواليه، فلعنة اللّه عليه ألا من ظلم اجيراً اجرته، فلعنة اللّه عليه، يا اصبغ، ففعلت ما أمرني به حبيبي رسول اللّه (| )، فقام من اقصى المسجد رجل فقال: يا ابا الحسن تكلمت بثلاث كلمات وأوجزتهن فاشرحهن لنا فلم ارد جواباً حتى أتيت رسول اللّه (| ) فقلت ما كان من الرجل، قال الاصبغ: ثم اخذ بيدي وقال ابسط يدك فبسطت يدي، فتناول اصبعا من اصابع يدي وقال: يا اصبغ كذا تناول رسول اللّه (| ) اصبعا من اصابع يدي، كما تناولت اصبعا من قال الاصبغ: ثم اغمي عليه ثم افاق فقال لي: اقاعد انت يا اصبغ قلت: نعم يا مولاي قال: ازيدك حديثاً آخر، قلت: نعم زادك اللّه من مزيدات الخير، قال: يا اصبغ لقيني رسول اللّه (| ) في بعض طرقات المدينة و أنا مغموم قد تبين الغم في وجهي، فقال لي: يا ابا الحسن أراك مغموماً ألا احدثك بحديث لا تغتم بعده ابداً؟ قلت: نعم، قال: اذا كان يوم القيامة نصب اللّه منبراً يعلو منابر النبيين والشهداء ثم يأمرني اللّه، اصعد فوقه، ثم يأمرك اللّه ان تصعد دوني بمرقاة، ثم يأمر اللّه ملكين فيجلسان دونك، بمرقاة، فاذا استقللنا على المنبر، لا يبقى احد من الاولين والآخرين الا حضر فينادي الملك الذي دونك بمرقاة، معاشر الناس، ألا من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فانا اعرفه بنفسي: انا رضوان خازن الجنان الا ان اللّه بمنه وكرمه وفضله وجلاله، أمرني ان ادفع مفاتيح الجنة الى محمد (| )، وان محمداً (| ) أمرني ان ادفعها الى علي بن ابي طالب (× ). فاشهدوا لي عليه، ثم يقوم ذلك الذي تحت ذلك الملك بمرقاة مناديا، يسمع اهل الموقف: معاشر الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فانا اعرفه بنفسي: انا مالك خازن النيران الا ان اللّه بمنه وفضله وكرمه وجلاله، قد أمرني ان ادفع مفاتيح النار الى محمد (| ) وان محمداً (| ) قد أمرني ان ادفعها الى علي بن أبي طالب (× ) فاشهدوا لي عليه، فاخذ مفاتيح الجنان والنيران ثم قال: يا عليّ فتأخذ بحجزتي واهل بيتك يأخذون بحجزتك وشيعتك يأخذون بحجزة اهل بيتك، قال (× ) : فصفقت بكلتا يدي والى الجنة يا رسول اللّه، قال: اي وربّ الكعبة قال الاصبغ: فلم اسمع من مولاي غير هذين الحديثين ثم توفي صلوات اللّه عليه([12]).

 

 

قد وصلت ضربته الى أم رأسك

قال ابو الفرج ثم جمع له اطباء الكوفة فلم يكن منهم اعلم بجرحه من اثير بن عمرو بن هاني السلولي، وكان متطبباً صاحب الكرسي، يعالج الجراحات وكان من الاربعين غلاما الذين كان ابن الوليد اصابهم في عين التمر فسباهم، فلما نظر أثير إلى جرح امير المؤمنين (× )، دعا برئة شاة حارة، فاستخرج منها عرقاً ثم نفخه، ثم استخرجه واذا عليه بياض الدماغ، فقال: يا امير المؤمنين اعهد عهدك فان عدو اللّه قد وصلت ضربته الى أم رأسك([13]).

 

أنت يا حسن وصيّي والقائم بالامر بعدي، وانت يا حسين شريكه في الوصية

روى الشيخ يوسف بن حاتم الشامي في الدر النظيم عن الاصبغ بن نباتة قال: دعا أمير المؤمنين الحسن والحسين (^ ) لمّا ضربه ابن ملجم (لعنه اللّه) فقال: اني مقبوض في ليلتي هذه ولاحق برسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم)، فاسمعا قولي، وعياه: أنت يا حسن وصيّي والقائم بالامر بعدي، وانت يا حسين شريكه في الوصية، فانصت ما نطق وكن لامره تابعاً ما بقي، فاذا خرج من الدنيا فأنت الناطق بعده والقائم بالامر، وعليكما بتقوى اللّه الذي لا ينجو الا من اطاعه، ولا يهلك الا من عصاه، واعتصما بحبله، وهو الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، ثم قال للحسن (× ): انك ولي الأمر بعدي، فان عفوت عن قاتلي فذاك، وان قتلت فضربة مكان ضربة، واياك والمثلة، فان رسول اللّه (| ) نهى عنها ولو بكلب عقور، واعلم ان الحسين وليّ الدم معك، يجري فيه مجراك وقد جعل اللّه تبارك وتعالى له على قاتلي سلطاناً كما جعل لك وان ابن ملجم ضربني ضربة فلم تعمل فثناها فعملت، فان عملت فيه ضربتك فذاك، وان لم تعمل فمر اخاك الحسين، وليضربه اخرى بحق ولايته، فانها ستعمل فيه فان الإِمامة له بعدك وجارية في ولده الى يوم القيامة، واياك ان تقتل بي غير قاتلي، فان اللّه عز وجل يقول: ولا تزر وازرة وزر اخرى (الوصية)([14]).

 

احملا مؤخر السرير فانكما تكفيان مقدمه

روى الشيخ المفيد وغيره عن مولى لعلي بن أبي طالب (× ) قال لما حضرت امير المؤمنين (× ) الوفاة قال للحسن والحسين (^ ): اذا أنا مت فاحملاني على سريري ثم اخرجاني، ثم احملا مؤخر السرير فانكما تكفيان مقدمه ثم اتيا بي الغريّفانكما ستريان صخرة بيضاء تلمع نوراً فاحتفرا فيها فانكما تجدان فيها ساجة، فادفناني فيها، قال فلما مات (صلوات اللّه عليه) اخرجناه وجعلنا نحمل مؤخر السرير ونكفى مقدمه وجعلنا نسمع دويا وحفيفاً حتى اتينا الغريين فاذا صخرة بيضاء تلمع نورها فاحتفرنا فاذا ساجة مكتوب عليها هذه مما ادخرها نوح لعلي بن ابي طالب (× ) فدفناه فيه وانصرفنا، ونحن مسرورن باكرام اللّه تعالى لأمير المؤمنين (× )، فلحقنا قوم من الشيعة لم يشهدوا الصلاة عليه، فاخبرناهم بما جرى وباكرام اللّه لامير المؤمنين (× )، فقالوا نحب ان نعاين من امره ما عاينتم فقلنا لهم ان الموضع قد عفى أثره بوصية منه (× )، فمضوا وعادوا الينا فقالوا انهم احتفروا فلم يجدوا شيئاً. ورُوى عن جابر بن يزيد، قال: سألت ابا جعفر محمد بن عليّ الباقر (× ) اين دفن امير المؤمنين (× )، قال: دفن بناحية الغريين ودفن قبل طلوع الفجر، ودخل قبره الحسن والحسين ومحمد بنو عليّ (^ ) وعبد اللّه بن جعفر، (رضي اللّه عنهما)([15]).

 

ولم يزل قبره مخفيا حتى دل عليه جعفر بن محمد ×

وفي البحار ولم يزل قبره مخفيا حتى دل عليه جعفر بن محمد ^  في أيام الدولة العباسية، وقد خرج هارون الرشيد يوما يصيد، وأرسل الصقور والكلاب على الظباء بجانب الغريين فجادلتها  ساعة ثم لجأت الظباء إلى الأكمة فرجع الكلاب والصقور عنها فسقطت في ناحية، ثم هبطت الظباء من الأكمة فهبطت الصقور والكلاب ترجع إليها، فتراجعت الظباء إلى الأكمة فانصرفت عنها الصقور والكلاب، ففعلن ذلك ثلاثا، فتعجب هارون وسأل شيخا من بني أسد: ما هذه الأكمة: فقال: لي الأمان؟ قال: نعم، قال: فيها قبر الإمام علي بن أبي طالب × ، فتوضأ هارون وصلى ودعا، ثم أظهر الصادق ×  موضع قبره بتلك الأكمة  ([16]).

 



[1] / الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء سلام الله عليها، ج 11، ص:115.

[2] / موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ - محمد الريشهري - ج ٩ - الصفحة ٤١٥

[3] / شرح نهج البلاغة: ٤ / ١٠٦؛ المناقب لابن شهر آشوب: ٢ / ١١٥ نحوه إلى " الوبر " وراجع الشافي:

٣ / ٢٢٣.

[4] / غاية المرام - السيد هاشم البحراني - ج ١ - الصفحة ٧٧.

[5] / الخرائج والجرائح: ١ / ١٨٠ / ١٣، الصراط المستقيم: ٣ / ٤١ نحوه.

[6] / الغارات: ٢ / ٥٨٣؛ شرح نهج البلاغة: ٤ / ١٠٣.

[7] / نهج البلاغة: الخطبة ٩٧، الإرشاد: ١ / 277.

 

[8] / الأنوار البهية - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٧٣.

[9] / الارشاد للمفيد: 7.

[10] /بحار الانوار / جزء 42 / صفحة [225].

[11] /بحار الانوار / جزء 42 / صفحة [206].

[12] / الروضة:22 و 23.

[13] / بحار الانوار / جزء 42 / صفحة [234].

[14] / نهج السعادة - الشيخ المحمودي - ج ٨ - الصفحة ٣٩٨.

[15] / فرحة الغري - السيد ابن طاووس - الصفحة ٦٦.

[16] / بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٢ - الصفحة ٢٢٤.


تعليقات