تعدد القراءات في حديث
الكساء
تعددت القراءات لحديث الكساء كل منهج
تناوله بحسب رؤيته وقد استكشفت المسائل والقواعد والفوائد كل حسب طاقته وان كان المبحوث في كتابات
وكلمات العلماء إشارات وعبارات مستعجلة ونحن هنا نحاول ان نشير الى الإشارات
المهدوية التي حواها حديث الكساء.
عقائدية وفقهية واخلاقية واجتماعية
وسياسية وتربوية وأسرية وغيرها
القراءة التعبدية
((عَنْ جَابِرٍ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ،
عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ
(عليها السلام) بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ |. (قالت) دَخَلَ عَلَيَّ أَبِي رَسُولُ
اللهِ | فِي بَعْضِ الأَيَّامِ))
التعبد بما نحن عبيد لله عزوجل فما
علينا الا الامتثال لأؤمره والتسليم له المقصود حصول المأمور به على أي وجه اتفق. -
كقوله اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه إذ نعلم أن الغرض انغسال الثوب فقط من
دون نظر إلى قصد الغاسل.
القراءة العقائدية
((فقال الله عزّوجلّ يا ملائكتي ويا سكّان
سماواتي إنّي ما خلقت سماء مبنيّة، ولا أرضاً مدحيّة، ولا قمراً منيراً، ولا شمساً
مضيئة، ولا فلكاً يدور، ولا بحراً يجري، ولا فُلكاً يسري إلاّ في محبّة هؤلاء
الخمسة الذين هم تحت الكساء.))
ذكر الفضائل والابعاد والدلالات
ان ذكر الفضائل من المستحبات التي
دعت لها الشريعة وحرضت لها لما لها من الاهمية في عرض السيرة وبيان الكمالات
للمعصومين عليهم السلام وتكون واجبة احيانا إذا ترتب عليها بيان العقيدة من جهة
ودفع الاخطار من جهة.
أولا: ان ذكر الفضائل بيان للعقيدة
والاطلاع على كتاب فضائل هو في الحقية دورة عقائدية مركزة وهذا ظاهر في أدني تامل
فكتاب مدينة المعاجز للسيد البحراني رحمة الله عليه من أعظم الكتب العقائدية فله
صولات وجولات في اثبات امامتهم ^ وعصمتهم وأفضليتهم على من سواهم وفيه سعة علمهم
وولايتهم التكوينية والتشريعية وامور اخرى كلها صيغت بطريقة القصة والكرامة
والمعجزة. ثانيا: ذكر الفضائل نوع تلقين للنفس بمقامات اهل البيت ^ ونحن نعلم ان
كثرة التردد على شيء يكون ملكة للإنسان وإذا استحصلت الملكة لدى الانسان من الصعب
زوالها من النفس حيث عرفت الملكة في بعض تعريفاتها هي حالة من صعب انفكاكها من
النفس فتصير شأنا من شونها وهذا من أعظم الاكتساب الانسانية، بل غاية الانسان
المؤمن الوصول الى الملكات بعد الاحوال وهذا البحث له حديث طويل يبحث في محله.
ثالثا: ان ذكر الفضائل خلق الالهي ونبوي وقراني فنحن بأدنى تتبع نجد الله
عزوجل في الأحاديث القدسية والآيات القرآنية لا يفتأ عن ذكر فضائل اهل البيت ^ في
كل مناسبة تجد ذكرهم ^ وانا اذكر هنا لا اريد ان استقصي لك ذلك لان الحديث طويل
جدا جدا، ولكن من باب المثال فهذه الصلاة التي نصليها هي جاءت وفرضت حتى لا ننسى
ذكر محمد صلوات الله واله
فعن هشام ابن الحكم قال: سألت أبا
عبد الله × عن علة الصلاة فان فيها مشغلة للناس عن حوائجهم، ومتعبة لهم في
أبدانهم، قال: فيها علل، وذلك أن الناس لو تركوا بغير تنبيه ولا تذكير للنبي | بأكثر
من الخبر الاول، وبقاء الكتاب في أيديهم فقط، لكانوا على ما كان عليه الاولون.
فانهم قد كانوا اتخذوا دينا ووضعوا كتبا ودعوا اناسا إلى ما هم عليه، وقتلوهم على
ذلك، فدرس أمرهم، وذهب حين ذهبوا، وأراد الله تبارك وتعالى ألا ينسيهم أمر محمد |،
ففرض عليهم الصلاة يذكرونه في كل يوم خمس مرات، ينادون باسمه، وتعبدوا بالصلاة،
وذكروا الله لكيلا يغفلوا عنه، فينسوه فيندرس ذكره (1).
نعم ((وأراد الله تبارك وتعالى ألا ينسيهم
أمر محمد صلى الله عليه واله)) والحج والصيام والامر بالمعروف والعبادات
والاعتقادات انما جاءت لبيان فضل محمد وال محمد صلوات الله عليهم.
اذن ذكر الفضائل هو في الحقيقة تخلق بأخلاق
الله.
نعم إن هذا المقطع المبارك يبين
المنزلة العظيمة لهؤلاء الأنوار بحيث أن الكون وما يحويه من أفلاك وأجرام وشموس
وأقمار وبحار قد خلقت من أجلهم وسخرت لهم فأي عظمة نالوها وبأي عمل حصلوا عليها
أيمكن أن يسخر الله هذا الكون بما يحويه لأناس قد يخطئون ويعصون وتصدر منهم ما
يسخط الخالق العظيم والعادل الحكيم والذي لا يظلم أحدا من خلقه أبدا.. فهل من عدله
وحكمته وفضله وإحسانه أن يولي الكون لأناس تصدر منهم ولو مثقال ذرة من ظلم؟
القراءة الأخلاقية
ثُمَّ أَتَيْتُ نَحْوَ الكِسَاءِ
وَقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَتَاهُ يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ واله، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَكُوْنَ مَعَكُمْ تَحْتَ الْكِسَاءِ؟ قَالَ:
وَعَلَيْكِ السَّلامُ يَا ابْنَتِي وَيَا بِضْعَتِي، قَدْ أَذِنْتُ لَكِ
فَدَخَلَتُ تَحْتَ الكِسَاءِ.
مجالسة العائلة
«جلوس المرء عند عياله أحب إلى الله
تعالى من اعتكاف في مسجدي هذا» (8).
فما أعظم عبادة الاعتكاف باعتبارها مساحة وقتية
ومكانية مقدسة يخلو فيها العبد بربه ويناجيه، ولكن الرسول (|) يريد أن يبين
المردود العظيم من جلوس الأب أو الأم بين العيال، وتبادل العواطف والآداب
والمعارف.
أدب الحوار
ومن النكات اللطيفة في أدب الحوار،
هو ما يستفاد من خلال المحاورة الأخيرة التي جرت بين رسول الله الأكرم (|) وأمير
المؤمنين (×)، حيث كان سيدا شباب الجنة موجودين في المجلس، إلا أنهما ولرفعة
شأنهما وعظمة أخلاقهما كانا يشعران بعظمة أبيهما أمير المؤمنين (×) فيتوقفان حتى
عن إبداء السؤال لرسول الله (|)، حيث كان التبادل لأطراف الحديث بين النبي الأكرم
(|) ووصيه الأمير (×). "وبحسب التتبع نجد أن هناك مجموعة حوارات أسرية نقلها
لنا القرآن الكريم، جرت بين مختلف الأشخاص في الأسرة كالحوار بين الإخوان، أو الأب
وأبنائه، أو الخال وابن أخته، أو الأولاد مع أبيهم، وغيرها، لكنها تختلف في نوعها
وهدفها.. فنذكر بعض أنواع الحوارات: الأول: حوار الاهتمام والتفقد: قوله تعالى:
{قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ
اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}. حيث تتحدث الآيات عن حوار بين
زكريا ومريم التي تربطه بها رابطة الخؤولة. حيث تميز الحوار بالثقة حول الفاكهة
التي في غير زمانها حيث لم يبدأ متهماً لها بأي تهمة كما أتهمها قومها عندما أتتهم
تحمل ولدها عيسى (×) {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً} فالمربي حين يشاهد في أسرته
شيئاً غريباً يسترعي الانتباه فعليه أن يتعرف عليها من خلال الحوار فإنه سيقف على
كثير من الفوائد. الثاني: حوار المبادئ: قوله تعالى: {إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ
الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ
إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ...}.
فيحاور الأب أبنائه موجهاً لمبادئهم
توجيها صحيحاً ودقيقاً، فالقيم على الأسرة لا بد له من المتابعة الحثيثة لأسرته
بأحسن الأساليب. الثالث: حوار العقل والبرهان: قوله جل من قائل: {إِذْ قَالَ
لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ}.
إشعار الطفل في التنشئة الاجتماعية
بطعم المحبة والفرح وإبعاده عن التعب والغضب.
3- نخلق فيهم روح الثقة بالنفس ونجعلهم يفكرون
بأوضاعهم العاطفية لكي يستطيعوا أن يقيموا سلوك الأخرين ويميزون الأعمال السليمة
من غيرها
4- مراقبة المحيط الاجتماعي من
صديقات، مدرسة، وتوجيه هذا التأثير الخارجي الذي له الأثر الكبير في عواطف البنت.
5- الحذر كل الحذر من تفرقة التعامل بين
الأبناء، أو مقايسة الآخرين بهم.
أ. الاستئذان: الذي بدا من أقطاب
الأسرة المباركة قبل دخولهم البيت، علمًا أنّ هذا البيت بيتهم، فالمفهوم هنا أنّ
للبيوت حرمة يجب مراعاتها، وهذا ما أكد عليه المعصومون ^، وورد عن الإمام الصادق (×):
“الاستئذان ثلاثة: أولاهن يسمعون، والثّانية يحذرون، والثّالثة إنْ شاءوا
أذنوا وإنْ شاءوا لم يفعلوا، فيرجع المستأذ.
ب. السّلام والاحترام: إنّ ورود
تحيّة الإسلام الراقية المتبادلة بين أفراد الأسرة الزكيّة، والاحترام المتبادل
فيما بينهم؛ عندما نادى النبيّ (| ) ابنته الزهراء (÷) أجابته: “يا أبتاه”، هذه الكلمة المفعمة بالحب والحنان، يبيّنان لنا أهميّة السّلام
والاحترام في المجتمع، والوَقْع الإيجابي في النّفس الإنسانيّة، والذي يؤدّي إلى
إزالة الحواجز بين الطبقات الاجتماعيّة، ويبعث الطمأنينة بين النّاس، وما صدح به
صادق آل محمد (× ) يُعتبر القمّة في تبيان رأي الإسلام في مسألة السّلام
والاحترام: “يُسلّم الصغير على الكبير والمار على القاعد.
ج. إعلان كلّ واحدٍ من أفراد العائلة
مودته للآخر وإشادته بخصائصه: عندما تخاطب الزهراء (÷) كلًّا من ولديها: “يا ولدي ويا قرة عيني، وثمرة فؤادي”، وخطاب
الإمام الحسين مع جدّه: “السّلام عليك يا جداه، يا من اختاره الله”، فيرد (| )
“وعليك السلام يا ولدي ويا شافع أمتي”،
ومناداتها سلام الله عليها لزوجها أمير المؤمنين (× ) “يا أبا
الحسن”، ولم تناده باسمه، وجوابه الذي يُناغي روحها الطاهرة “يا بنت رسول الله”، ولم يُناديها باسمها إجلالًا لقدرها، حتى قال(× ) عنها: “فوالله ما أغضبتها ولا أغضبتني ولا عصت لي أمرًا.
القراءة السياسية
: اللهُمَّ
إِنَّ هؤلاء أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي وَحَامَّتِي، لَحْمُهُمْ لَحْمِي
وَدَمُهُمْ دَمِي، يُؤْلِمُنِي مَا يُؤْلِمُهُمْ، ويُحْزِنُنِي مَا يُحْزِنُهُمْ،
أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَهُمْ، وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَهُمْ، وَعَدُوٌّ لِمَنْ
عَادَاهُمْ، وَمُحِبٌّ لِمَنْ أَحَبَّهُمْ، إِنَّهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ
إنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُم،
وحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُم، وولِيٌّ لِمَنْ والاكُمْ، وعَدُوٌّ لِمَنْ عاداكُمْ،
(سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُم، وحَربٌ
لِمَنْ حارَبَكُم) متى يَتحَقَّقُ هذا المعنى؟ باَنَّنا سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَهُم وحَرْبٌ
لِمَنْ حارَبَهُم، لا يَتحَقَّقُ بِشِكلِهِ الكامل اِلّا في زمن الإمام، اِلّا في
المشروع المهدَوي.
التوحيد سلم داخلي وثبات واطمئنان: إذا
دققنا في حديث القرآن عن التوحيد والطرق المؤدية إليه، نجد القرآن يفصل بين أمرين
في الهداية إلى التوحيد والارتباط به، ويفرّق بين ماله ارتباط بالتوحيد، وماله
ارتباط بالموحد. وليتضح ذلك نستعين بالقرآن الكريم:
فيما يخص ماله ارتباط بالتوحيد
النظري نفسه، يقول تعالى: {أرباب مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ
الْقَهَّارُ (39) سورة يوسف
سيدي ومولاي، إنني لا أُحبّك فحسب،
بل أحبّ كلّ من يُحبُّك. وناصر الإمام المهدي أيضاً يُحبّ الناس عاطفياً ويصادقهم
عملياً. فلو اختلف المنتظر شخصياً مع أحد يتغاضى عن حقه وإن كان الحق معه. فهو
يحتمل المظلومية، ولكنه يُصادق المؤمنين. فالمنتظر لا نظير له في علاقاته
الاجتماعية مع الآخرين.
أسهل وأفضل وبحيوية أكبر. علماً بأن
هذا هو بداية الطريق ولا ينبغي التوقف عند هذا الحدّ.
تعليقات
إرسال تعليق