من كتاب وفهرس بيانات معرفية في السيفية العقائد المنصورية
للشيخ
محمد بن الحارث المنصوري الجزائري
من
اعلام القرن العاشرالهجري
الشيخ عباس عزيز الحلفي
قال المصنف قدس سره: أنه لابد للمكلف أن يعلم ان له خالقا، لأنه
يعلم قطعا انه وجد بعد أن لم يكن ولا يمكن كون وجوده ذاتيا وإلا لكان أزليا، ولا
يجوز كونه موجدا لنفسه، لاستحالة تأثير الشيء في نفسه بالو جود، فلابد من خالق
أوجده بعد إذ لم يكن.
أقول ان الأدلة على وجود
الله
كثيرة وقد ذكرت في الكتب الكلامية والفلسفية وغيرها وقد ذكرت بعنواين منها (برهان
الإمكان والوجوب )و( برهان الحركة والحدوث) و(برهان الإمكان الفقريّ) و(برهان
الصدّيقين) و(برهان النظم) و (برهان المعجزة) و (
برهان التجربة الدينيّة) و (البراهين الأخلاقيّة) و (برهان الفطرة) وغيرها
وكما يعلم المتخصصون في هذا المجال ان بعض الأدلة
تحمل في طياتها ما تحمل من حيث لاتورث اليقين والقطع مع الإشكالات التي ترد
عليها وبعضها ناقصة ليست قادرة على اثبات وجود الله بجميع صفاته واسمائه وبعض غير
واضحة للجميع وانما تختص بشريحة خاصة من المفكرين نعم بعض هذه الأدلة تثبت اصل
موجد لهذا العالم ومن ثم يبحث في باقي الأدلة لكي تثبت الحيثيات الأخرى لهذا
الموجد واما الأدلة النقلية التي هي
مبتنية على مقدمات عقليه وفطرية تثبت كل الحيثيات والشوؤن المرجوة في الباب .
واما المصنف قدس سره فقد
ذكر دليلين على اثبات وجود الله
عزوجل اما الدليل الأول وهو الذي في هذا
المتن ونحن هنا نقف على ما يحتاج الى بيان ونحلل كلامه حتى يتضح بأجلى بيان .
من المقطوع به اننا لم نكن
أي مسبوقين بعدم وهذا لاشك ولاشبه فيه.
وكل من سبق وجوده العدم فهو
في حقيقته عدم لاشيئية له لا اثر له ولا تأثير.
كل موجود سبق وجوده العدم
وجوده من غيره وجوده غير مسبوق بعدم.
فيثبت اننا لنا موجد وخالق
وجوده ذاتي ازلي ابدي غير مسبوق بعدم وهو المطلوب.
اقول وقد يستفاد ان هذا
الدليل مستسقى من كلام اهل البيت ^
والشاهد على ذلك هذا الحديث المروي في
عيون أخبار الرضا عليه السلام عن حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي
الله عنه)، قال: حدثنا سعد ابن عبد الله، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن علي بن
معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) أنه دخل
عليه رجل، فقال له: يا بن رسول الله، ما الدليل على حدوث العالم؟ قال: أنت لم تكن
ثم كنت، وقد علمت أنك لم تكون نفسك، ولا كونك من هو مثلك ([1]).
وفي حديث اخر : وروى الشيخ
الصدوق بالإسناد عن محمد بن عبد الله الخراساني خادم الرضا (عليه السلام)، قال:
دخل رجل من الزنادقة على الرضا (عليه السلام) وعنده جماعة، فقال له أبو الحسن
(عليه السلام):... قال الرجل: فما الدليل عليه؟ قال أبو الحسن (عليه السلام): إني
لما نظرت إلى جسدي فلم يمكني فيه زيادة ولا نقصان في العرض والطول، ودفع المكاره
عنه، وجر المنفعة إليه، علمت أن لهذا البنيان بانيا، فأقررت به،..([2]).
ويقول معلقا الشيخ الوحيد
الخرساني K
في بيان هذا الدليل:إذا نظر الانسان إلى نفسه وما يصل إليه إدراكه ، ولاحظ أجزاءه
وذراته ،وجد أن عدم أي جزء منه ليس بمحال ، وأنه بذاته ليس بضروري الوجود ولا
بضروري العدم ، وكل ما أمكن وجوده وعدمه فهو محتاج إلى سبب يوجده ، نظير كفتي
الميزان المتساويتين ، لا يمكن أن ترجح إحداهما على الأخرى إلا بعامل من الخارج ،
نعم الممكن إنما يحتاج إلى السبب في وجوده ، وأما عدمه فبعدم ذلك السبب .
وبما أن كل جزء من أجزاء
العالم محتاج في وجوده إلى سبب يعطيه الوجود ، فمعطي الوجود له ، إما هو نفسه ، أو
مثله من سائر الموجودات ، أما نفسه فالمفروض أنه فاقد للوجود ، فكيف يكون معطيا
لما يفقده ، وأما مثله فكذلك ، لا يمكنه أن يعطي الوجود لنفسه ، فكيف يعطيه لغيره
، وهذا الحكم الجاري على كل جزء من أجزاء العالم ، يجري على كل العالم أيضا . وكما
أن ضياء الفضاء الذي ليس له نور في ذاته دليل على وجود مبدأ لذلك الضياء يكون
الضوء ذاتيا له ، وإلا لما أضاء ذلك الفضاء ، لأن ما كان مظلما في ذاته يستحيل أن
يضئ نفسه ، فضلا عن غيره .
ومن هنا كان وجود الكائنات
وكمالات الوجود - كالحياة والعلم والقدرة - دليلا على وجود مبدأ يكون وجوده وحياته
وعلمه وقدرته ذاتيا له غير مستند إلى غيره { أم خلقوا من غير شئ أم هم الخالقون }
([3]) .
عن أبي الحسن علي بن موسى
الرضا ( عليه السلام ) أنه دخل عليه رجل فقال له : يا ابن رسول الله ما الدليل على
حدوث العالم ؟ فقال : " أنت لم تكن ثم كنت وقد علمت أنك لم تكون نفسك ، ولا
كونك من هو مثلك " ([4]) .
قال المصنف :ويجب أن يعلم ان
خالقه واجب الوجود لذاته، بمعنى ان وجوده اولى من عدمه: أولوية ذاتية لا يمكن معها
العدم، لأنه لو كان ممكنا لكان محدثا، فيحتاج الى محدث غيره، فكذلك المحدث إن كان
واجبا، فهو المطلوب. وإن كان ممكنا اخر افتقر إلى غيره، فإن انتهى إلى موجد أوجب
الوجود، فهو المطلوب، وإلا اشتركت تلك الموجودات فى الحدوث.
والمحدث لا وجود له من نفسه،
و لاوجود لغيره عنه، فلو لم ينته إلى واجب أوجدها، لزم أن لا يو جد أصلا، مع أنها
موجودة، فيكون الواجب تعالى موجودا. وهو المطلوب.
أقول ذكر المصنف دليلا اخر
وهو مايسمى ببرهان الإمكان والوجوب وقد تم تقرير هذا البرهان بتقريرات عديدة ونحن
نقتصر على ما ذكره المصنف وهو مبتني على مقدمات .
أنّ الشيء الضروريّ الوجود
هو واجب الوجود، وأنّ الشيء الذي يكون عدمه ضروريًّا هو ممتنع الوجود، والشيء الذي
لا تثبت له ضرورة الوجود ولا ضرورة العدم هو ممكن الوجود .
إذا نظرنا إلى الأشياء
الموجودة والمتحقّقة في الخارج، ومنها موجودات عالم الطبيعة، فسوف نلاحظ أنّ
وجودها ليس ضروريًّا وكذلك عدمها، والشاهد الذي يؤكِّد هذا المُدرَك هو ملاحظة
الحدوث والفناء الذي يطرأ على عددٍ كبيرٍ منها. ولو كان الوجود ضروريًّا لها لمَا
كانت مسبوقة بالعدم، ولو كان عدمها ضروريًّا لما جاز عليها الوجود فيكون بحسب
الاصطلاح من المقدمة الأولى ممكنا لاواجبا ولاممتنعا.
المقدمة الثالثة:بطلان الدور و التسلسل
اما بطلان الدور : وهو أن
يكون المعلول علّة لعلّته بواسطة أو غير واسطة، والمتأخّر من حيث هو متأخّر
متقدّماً على متقدّمه من تلك الحيثيّة فيكون المعلول متوقف على نفسة وهو محال
لتقدمه وتاخره ووعدمه ووجوده ولوازم أخرى .
اما بطلان التسلسل : فرض
تسلسل الممكنات مع عدم انتهائه الى الواجب «تعالى شأنه» انما يوجب كثرة الاحتياج
لا الاستغناء اذ كلما ازدادت السلسلة طولا ازداد فقراً وحاجة،ثم ان الاظهر في
تقرير بطلان التسلسل، ان يقال: فرض تسلسل الممكنات مع عدم انتهائه الى الواجب «تعالى
شأنه» انما يوجب كثرة الاحتياج لا الاستغناء اذكلما ازدادت السلسلة طولا ازداد
فقراً وحاجة،ضرورة انّ ضمّ فقير الى فقير لايوجب الا كثرة الحاجة لاالغنى ورفع
الحاجة.
وهنا لابد من ذكر ان التسلسل
إنّما يكون مستحيلاً إذا اجتمع هناك ثلاثة شروط:
الأوّل: أن تكون أجزاء
السلسلة موجودة بالفعل، فلو كان بعض الأجزاء موجودة بالقوة كبعض مراتب العدد فليس
بمستحيل لأنّ الموجود منه متناه دائماً.
الثاني: أن تكون الأجزاء
مجتمعة في الوجود فلو كانت موجودة بالفعل لكنّها غير مجتمعة في الوجود كالحوادث
الزمانية بعضها معدومة عند وجود بعض لااستحالة لها، لتناهي ما هو الموجود منها
دائماً.
الثالث: أن تكون الأجزاء
مترتبة بعضها على بعض، فلو كانت موجودة بالفعل مجتمعة في الوجود لكن لاترتب بينها
كعدد غير متناهي من موجودات لا علّية ولا معلولية بينها، ليست بمستحيل.
أقول وبعد إيضاح هذه
المقدمات فينتج انه لابد من وجود الواجب تعالى وهو المطلوب.
وخلاصة هذا الدليل كما ذكر
في التجريد (الموجود إن كان واجبا وإلا استلزمه لاستحالة الدور والتسلسل)([5]).
[1] / عيون أخبار
الرضا عليه السلام ١: ١٣٤ / ٣٢، التوحيد: ٢٩٣ / ٣، الاحتجاج: ٣٩٦، بحار الأنوار ٣:
٣٦ / 11.
[2] / التوحيد: 250 /
3.
[3] / سورة الطور : 35
.
[4] / التوحيد للصدوق
ص 293 باب إثبات حدوث العالم ، ح 3 .
[5] / تجريد الاعتقاد
الصفحة 392 .
نهر عنتر في عهد
الشيخ محمّد بن الحارث المنصوري الجزائري
إجازات الشيخ محمّد
بن الحارث المنصوري الجزائري
نصُّ إجازة الشيخ
محمّد بن الحارث للشيخ محي الدين الجامعي
ما هو المراد من
التقليد المحرّم في المسائل الاعتقادية؟
المقدمة الثالثة:بطلان
الدور و التسلسل
الصفات الذاتية
والفعلية والفرق بينهما
الثاني لقوله تعالى:
((قل هو الله أحد)).
الثالث: لزم التركيب
مما به المشاركة والممايزة.
الرابع: ولأنه يلزم
فساد نظام الوجود
أحاديث أهل البيت
^
: مبيّنة بأنّ صفات الله عين ذاته
موارد العدل بالنسبة
إلى اللّه تعالي
الفصل الثانى: فى
النبوة والإمامة
الثانية: نبوع الماء
من بين أصابعه
الثالثة:إشباع الخلق
الكثير من الزاد اليسير
النص من الله تعالى
على امامة علي ×
النص من النبي d على امامة علي ×
الثالثة: سبعة وعشرون معني لكلمة المَوْلَي
القرائن الصارفة
للمعاني الغير مقصودة
المَوْلَي في حديث الغدير بمعني الاَوْلَي
القرائن الحالية
الدالة على المعنى المقصود
وجوب الأمر بالمعر
وف والنهي عن المنكر
شروط الامر بالمعروف
والنهي عن المنكر
تعليقات
إرسال تعليق