من كتاب شرح زيارت ايام الاسبوع شرح زيارة يوم الخميس
متن
الزيارة
السَّلامُ عَلَيكَ يا وَليَّ الله السَّلامُ عَلَيكَ يا حُجَّةَ الله وَخالِصَتَهُ، السَّلامُ عَلَيكَ يا إمامَ المُؤمِنينَ، وَوارِثَ المُرسَلينَ، وَحُجَّةَ رَبِّ العالَمينَ. صَلّى اللهُ عَلَيكَ وَعَلى آلِ بَيتِكَ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ، يا مَولايَ يا أبا مُحَمَّدٍ الحَسَنَ بنَ عَليٍّ، أنا مَولىً لَكَ وَلآلِ بَيتِكَ، وَهذا يَومُكَ وَهُوَ يَومُ الخَميسِ، وَأنا ضَيفُكَ فيهِ وَمُستَجيرٌ بِكَ فيهِ، فَأحسِن ضيافَتي وَإجارَتي بِحَقِّ آلِ بَيتِكَ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ.
الزيارات
كنوز ذات أبعاد متعددة
الزيارات في مدرسة أهل البيت عليهم
السلام ليست مجرد تلاوات تُقرأ أو ألفاظ تُردَّد، بل هي مناجاة واعية، وكنوز
ربانية تحمل مفاتيح الفلاح وأسرار الصلاح. فهي نصوص معصومة تربط القلب بالولاية،
وتغذّي العقل بالعقيدة، وتزكّي النفس بالسلوك، وتفتح للروح آفاق القرب من الله عبر
باب أوليائه. ومن هنا فإن الوقوف عند أبعادها العقائدية والروحية والتربوية
والسلوكية يكشف لنا كيف تتحول الزيارة من كلمات على اللسان إلى حياة نابضة
بالإيمان والولاء.
فحينما نقرأ في زيارات الأسبوع:
«السلام عليك يا وليّ الله، السلام عليك يا حجة الله، السلام عليكم أئمة
الهدى...»، فإنّ السلام هنا ليس مجرّد تحيّة لفظية، بل هو ميثاق عهد نُعلنه مع
الإمام وأوليائه. فالمعنى العقائدي للسلام لا يقف عند حدّ الدعاء للإمام بالسلامة،
بل يمتدّ ليشمل التسالم مع خطّه، والوفاء لعهده، وحفظ حرمة شيعته ومحبيه. فكلّ من
سلّم على الإمام حقًّا، لزمه أن لا يؤذيه بذنبٍ أو تقصير، ولا يؤذي أولياءه ببغضٍ
أو إساءة. ومن هنا يصبح "السلام" بوّابة العقيدة، ورباط الولاء الذي
يربطنا بالإمام في الدنيا والآخرة.
البُعد
العقائدي والمعرفي
زيارات الأسبوع ليست مجرد نصوص
دعائية أو عاطفية، بل هي في حقيقتها بيانات عقائدية تعرِّفنا بالمعصومين عليهم
السلام، وتؤصِّل أركان الولاء، وتربطنا بجذور التوحيد والإمامة. ففي كل زيارة
نكتشف عقيدة ناصعة، ومعرفة دقيقة بمقام النبي وأهل بيته، وبهذا تصبح الزيارة مدرسة
إيمانية تُربي فينا الوعي بحقيقة الدين.
فكل زيارة تعرّفنا بمقام من مقامات
النبي وآله، وترسّخ في وجداننا حقيقة الإمامة وولاية الحق. حينما نزورهم، نحن لا
نقرأ أدعية وحسب، بل نتعلّم منهم أصول الدين وفروعه، ونكتشف كيف يكون الولاء
طريقًا إلى التوحيد الخالص.
البُعد
الروحي والوجداني
الزيارة ليست خطابًا من طرف واحد، بل
هي لقاءٌ حيٌّ مع المعصوم، يفيض على الزائر بالطمأنينة والنور. حينما نقول:
"السلام عليك" فإننا لا نردّد كلمات، بل نطرق بابًا للوصال الروحي،
نستشعر به حضورهم المبارك، ونغتذي من أنوارهم. بهذا يتحول قلب الزائر إلى ساحة
أنسٍ بالله عبر وسائطه المصطفاة.
ومن أعجب ما يميز زيارات الأسبوع
مسألة الضيافة؛ إذ يُستقبل الزائر كضيف في رحاب النبي أو الإمام، وهذه خاصية قلّ
أن نجدها في نصوص أخرى. فالزيارة هنا ليست مجرّد إلقاء سلام، بل دخول إلى دار
الكرم المحمدي العلوي الحسيني، حيث لا يخرج الضيف إلا محمَّلًا بالعطاء: عطاء
العلم، وعطاء النور، وعطاء التربية. وبهذا يتحوّل الزائر من مجرد محبّ إلى متربّي
في مدرسة آل محمد، يتغذّى أخلاقًا وسلوكًا، ويُؤهَّل ليكون من أنصار إمام زمانه.
خذ
واكتم
روى أبو هاشم أنّه ركب أبو محمد
العسكري (عليه السلام) يوماً إلى الصحراء فركبت معه، فبينما يسير قدّامي، وأنا
خلفه، إذ عرض لي فكر في دَين كان عليّ قد حان أجله فجعلت أفكر في أيّ وجه قضاؤه،
فالتفت (عليه السلام) إلي وقال: «الله يقضيه».
ثم انحنى (عليه السلام) على قربوس
سرجه فخطّ بسوطه خطّة في الأرض، فقال: «يا أبا هاشم انزل فخذ واكتم»، فنزلت وإذا
سبيكة ذهب، قال: فوضعتها في خفّي وسرنا.
عرض لي الفكر، فقلت: إن كان فيها
تمام الدين وإلاّ فإنّي أُرضي صاحبه بها، ويجب أن ننظر في وجه نفقة الشتاء، وما
نحتاج إليه فيه من كسوة وغيرها، فالتفت (عليه السلام) إليّ ثم انحنى ثانية فخطّ
بسوطه مثل الأولى ثم قال: «انزل وخذ واكتم»، قال: فنزلت فإذا بسبيكة فجعلتها في
الخفّ الآخر وسرنا يسيراً ثم انصرف إلى منزله وانصرفت إلى منزلي.
فجلست وحسبت ذلك الدَين، وعرفت مبلغه، ثم وزنت سبيكة الذهب فخرج بقسط ذلك الدَين ما زادت ولا نقصت، ثم نظرت ما نحتاج إليه لشتوتي من كل وجه فعرفت مبلغه الذي لم يكن بد منه على الاقتصاد بلا تقتير ولا إسراف ثم وزنت سبيكة الفضة فخرجت على ما قدرته ما زادت ولا نقصت(لثاقب في المناقب: ص217)
البُعد
التربوي والأخلاقي
الزيارات الأسبوعية منهاج عملي
لتربية النفس والسلوك. فهي لا تكتفي بترسيخ العقيدة أو إثارة الوجدان، بل ترسم لنا
خُطّةً أخلاقية، إذ تذكّرنا بمكارم صفاتهم، وتدعونا إلى التشبّه بهم، والاقتداء
بسيرتهم في حياتنا اليومية. وبذلك تصبح الزيارة تربية أسبوعية متجددة، تغذّي
الفكر، وتحيي القلب، وتُصلح العمل.
كل "السلام عليك" في
زيارات الأسبوع هو نداء يذيب الحواجز بين الأرض والسماء. إنها لحظة تواصل حيّ،
يستشعر فيها الزائر أن المعصوم يسمع ويرى ويجيب، فيمتلئ القلب بالأنس والسكينة. إن
هذه الزيارات ليست تلاوة باردة، بل حضور وجداني حيّ، تفيض منه الدموع وتنبعث فيه
الطمأنينة.
السَّلامُ عَلَيكَ يا وَليَّ الله السَّلامُ
الولاية
في اللغة والقران :
يقول الشيخ جواي املي :الولاية التي
هي القرب تعد في اللغة من المفاهيم الإضافية لو وضع شيء جانب شيء يقال وليه أي
اقترب منه وبما انه لو كان شيء قريباً من
شخص او شيء ما فذلك الشيء او الشخص سيقتربان من ذلك الشيء ايضاً، فبناء عليه
الولاية كمثل الأخوة، اضافة متوافقة الأطراف لأن طرفي هذه الإضافة متساويان بخلاف
الأبوة والنبوة ونظائرها، اذ حيث ان طرفيها مختلفان مع بعضهما تسمى متخالفة
الأطراف .
على هذا الأساس فإذا صار الانسان ولي
الله فالله ايضاً وليه، كما انه اذا كان الله ولي شخص اي كان قريباً منه فهو ايضاً
سيكون ولي الله. وهذا مقتضى الإضافة المتوافقة الطرفين.
لكن الولاية المطروحة في القرآن قرب
خاص من الممكن ان يكون حاصلاً من طرف واحد ولا يكون حاصلاً من الطرف الآخر بل يكون
هناك بعد من جهته مثلا الله سبحانه قريب من الكافر والمؤمن بنفس المستوى ونحن أقرب
إليه من حبل الوريد ) ولكن من تلك الجهة
فالمؤمن وبسبب إتيانه بالأعمال المقربة والعبادات قريب إلى الله، أما الكافر وبسبب
ترك الأعمال المقربة وارتكاب الأعمال اللامرضية فبعيد عن الله (أولئك ينادون من
مكان بعيد)
بناء على هذا فلو كان هناك تفاوت فهو
من جهة العبيد لا من جهة الله ، لأن الله تعالى قريب للجميع لكن الجميع لا يملكون
هذا القرب بالنسبة الى الله بل بعضهم قريب وبعضهم بعيد .
1 - الولاية بين الله وعباده ذات طرف
واحد اي انه في الحقيقة الولاية هي من جهة الله والناس مولى عليهم والله هو الوالي
والولي .
٢ - كل عمل قربي يكون باعثاً على
الولاية .
3- كل عمل يكون قربه اكثر يكون
موجباً لحصول ولاية ازيد .
٤ - من يكون ولياً لله فهو يسير من
الظلمات الى النور إما دفعاً
كالمعصومين (عليهم السلام) او رفعاً
كسائر الناس الآخرين .
ه - اتيان الأعمال الصالحة لوجه الله
بالشكل الذي يكون كلا من الحسن والفاعلي ملحوظين يدل على ان الإنسان تحت ولاية
الله، اما لو كان الإنسان محروماً من اتيان الأعمال القربية كأولئك الذين يرون
الإنفاق غرامة او كان يأتي بالأعمال القريبة لغير وجه الله فليعلم انه تحت ولاية
الشيطان (ولاية الانسان في القران).
الامام
العسكري عليه السلام ولي الله
الولاية هنا نسبةٌ وجوديّة: السلام
على الإمام بصفة «وليّ الله» يحدّد موقعه بوصفه واسطة الفيض والهداية في أمّة
النبي ﷺ؛ ومظهراً للأسماء الإلهيّة في مقام الهداية، لا مجرد عبدٍ صالح.......
تعليقات
إرسال تعليق