عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري c «وَالله لَيَغيبَنَّ غَيْبَةً لا يَنجُو فيها مِنَ التَّهلكَةِ
إِلاّ مَنْ يُثَبِّتُهُ الله عَلَى الْقَولِ بِإِمامَتِهِ، وَوَفَّقَهُ لِلدُّعاءِ
بِتَعجيلِ فَرَجِه» ([1]).
(أكد) التأكيد لغة في التوكيد،
ومعناه التقوية، وهو عند النحاة نوعان: لفظي وهو إعادة الأول بلفظه نحو جاء زيد
زيد، ومنه قول المؤذن الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر.
ومعنوي نحو جاء زيد نفسه وفائدته رفع
توهم المجاز لاحتمال مجيء غلامه.
والتاكيد ات في الحديث عجيبة (وَالله
) القسم (لَيَغيبَنَّ) لام التوكيد (لَيَغيبَنَّ غَيْبَةً) الفعل المضارع والمفعول
المطلق.
كل هذه التوكيدات لأجل قضية مهمة وهي
مسالة خطورة التهلكة والنجاة منها .
والحديث يؤكد وجود الغيبة ويبين
خطورتها والخلاص منها ونحن نبينها ان شالله.
مراتب مفهوم الغيبة، مرتبتان
ماديتان، ومرتبتان معنويتان، ومرتبة خامسة مشتركة بين المراتب المادية والمعنوية
.. وكما يلي:
أولاً: الغيبة المادية: وتنقسم إلى مرتبتين: هما:
المرتبة الأولى: الغيبة
في مقابل الحضور، مثل (لا تَقْتُلُوا
يوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَةِ الْجُبِّ)،
فالغائب في هذه المرتبة يكون غائباً عن المكان المعين وغير حاضراً فيه.
المرتبة الثانية: الغيبة في مقابل الظهور، فالغائب عندها يكون حاضراً في ذلك المكان
المعين ولكنه غير ظاهراً للحواس أو غير مدروك من قبلها. مثل حضور الملائكة معنا في
كل زمان ومكان ولكنهم غير مدركين من قبلنا.
ثانياً: الغيبة المعنوية:
وتنقسم إلى مرتبتين أيضاً:
المرتبة الأولى: غياب الهوية والعنوان، أي إن الغائب يكون حاضراً وظاهراَ ولكنه نكرة
عند الآخرين وغير معروف عندهم أو معروفاً بغير صفته الحقيقية.
المرتبة الثانية: غياب الماهية أو غياب المعرفة الحقيقية، فالغائب قد يكون حاضراً
وظاهراً ومعروف الهوية ولكنه غير معروف المنزلة والأهمية والمكانة والقدر التي
يتحلى بهما، فيكون بمنزلة الغائب عنهم، ومن ذلك ما كان يخاطب به رسول الله d علي
بن أبي طالب j (يا علي لم يعرفك إلا الله وأنا)، فالإمام كان معروف عند الآخرين بأنه علي بن أبي طالب ولكنهم لا
يدركونه حق إدراكه. والناس أعداء ما جهلوا .. !
أما المرتبة المشتركة بين القسم المادي والمعنوي، هو
ما كان علمه عند الله (جل وعلا)، فهناك غيباً
لا يظهر منه الله (جل وعلا) إلا بمقدار محدود
ولأناس محدودين أيضاً Pتِلْكَ مِنْ
أَنبَاءِ الْغَيبِ نُوحِيهَا إِلَيكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَO.
وهناك مرتبة
ثالثة في ودي أن أضيفها إلى القسم المعنوي من أقسام الغيبة أعلاه، وهي الغيبة في
مقابل الوظيفة، بمعنى إن الغائب ليس غائباً عن المكان ولا غائباً بالعنوان ولا
بالحواس ومعروف المنزلة والمكانة ولكنه لم يعط الوظيفة والمكانة التي تليق به، فهو
مبعد عنها ويكون عند ذلك غائباً بالغيبة المعنوية عن تلك الوظيفة.
فهذه حالات
ومراتب ستة للغيبة، عند وقوعها في شيء وانطباقها عليه يمكنه ان يكتسب صفة الغائب،
أما الصفات الأخرى التي يجب أن تتوفر لاكتساب الصفة الحقيقية والكاملة لمعنى
الغيبة فهي صفتان: هما:
الأولى: أن
لا تكون الغيبة وبإحدى مراتبها السابقة صفة ثابتة له.
الثانية: أن
تكون هناك حاجة وضرورة تدعوا إلى الخروج من مرتبة الغيبة وبأسرع وقت ممكن.
أما الأولى:
فنقصد بها إن بعض حالات الغيبة السابقة تكون حاله مستمرة ودائمة وغير طارئة أو
مكتسبة .. وللتوضيح نضرب المثاليين التاليين:
المثال الأول: إن
الملائكة لدينا وهم رقيب وعتيد غير غائبين وان انطبقت عليهم المرتبة الثانية من
القسم المادي للغيبة، وذلك لان خلقتهم التكوينية هي هكذا بحيث لا يمكن إدراكها من
قبل حواسنا ... أما ذكرهم كمثال في شرح المرتبة هو لغرض التوصيف فقط، أما الإنسان
إذا استطاع أن يكتسب هذه الصفة ويكون موجوداً في مكان معين ولكن لا يمكن رؤيته
فيمكن أن نقول عليه غائباً بالغيبة المادية من المرتبة الثانية.
المثال الثاني: إن طالب المرحلة الدراسية
المتقدمة لا يمكن أن يسجل غائباً في المرحلة المتأخرة لان ليس من شأنه الحضور فيها
وإنما يعتبر له الحضور والغياب في مرحلته.
أما الثانية: فهي وان
كانت الحالة التي يقع فيها ذلك الشيء حالة طارئة، وانه من شأنه أن يخرج إلى ما
يقابلها ولكنه يحتاج إلى حاجة وضرورة للخروج من تلك الحالة التي هو فيها وان كانت
طارئة .. فمثلاً هنالك أشخاص يمكنهم الحضور في بعض التجمعات العلمية والندوات
السياسية .. الخ .. وان عدم الحضور أو الحضور بيده، ولكن حضوره وعدم حضوره لا يعني
شيء لذلك التجمع لا سلباً ولا إيجاباً فهو كما يقال (إن حضر لا يعد وان ذهب لا
يفتقد)، فمثل هذه الحالة يكون فاقداً لصفة الغيبة الحقيقية عند عدم الحضور وفاقداً
لصفة الحضور الحقيقية عند عدم الغيبة.
إذن .. إذا أردنا أن نقول إن س غائبة
عن ص .. فعلى س ان تتصف بما يلي:
¦ أن تتخذ
إحدى حالات ومراتب الغيبة الستة السابقة.
¦ أن تكون
س قادرة على الخروج من حالتها السابقة وان حالتها الحالية هي الصفة الطارئة لها.
¦ أن يكون
حضور س ذو حاجة وضرورة بالنسبة ل ص أو بالعكس أو كلاهما.
وإلا لا يمكن أن تكون س مكتسبة للصفة
الحقيقية والكاملة للغيب وان سميت غائبة بعد أن بينا أهمية معرفة غيبة الإمام
المهدي f
والاهتمام بها، وبينا بعض الطرق والمصاديق الخاصة بطبيعة ذلك الاهتمام.
ثم
انتقلنا إلى بحث خاص بمعنى الغيبة على وجه العموم وبينا مراتبها وحالاتها وشرائط
انطباقها، أردنا هنا أن نبحث ونتمعن في غيبة الإمام f فيما يخص تحديد مرتبتها ومقدار
انطباق الشرائط عليها، وهذا كما قلنا نوع من أنواع الاهتمام بهذه القضية المباركة.
بحثنا هنا لا يستدعي جهدا كبيراً،
وإنما كل ما هو مطلوب محاولة تطبيق الغيبة الخاصة بالإمام على كل مرتبة من المراتب
السابقة وملاحظة درجة انطباقها، معتمدين في ذلك على الأحاديث الواردة والقواعد
الإسلامية المسلُمة.
فما كان ينطبق نأخذ به ويرقى إلى
درجة الاحتمال وإلا فلا يمكننا أن نقول باحتمال شمول الغيبة الخاصة به f إلى ذلك الأسلوب من الغيبة.
لذا سنبدأ إن شاء الله تعالى بتعداد
المراتب وتطبيق غيبة الإمام f
عليها.
المرتبة الأولى: وهي
الغيبة المقابلة للحضور المكاني.
إن
مكان الإمام f الذي نعنيه هنا في حالة تطبيق هذه المرتبة هو المجتمعات البشرية
الموجودة على الأرض والأماكن المأهولة بالسكان بغض النظر عن اللون والمعتقد ...
ولعدم الحضور في هذه المجتمعات شكلان:
الشكل الأول: أن يكون
الإمام f غير
موجود على وجه الأرض إطلاقاً، أي مرفوعاً إلى السماء أو في كوكب آخر أو ما شاكل
ذلك، ويكون حاله كحال سيدنا عيسى j وعلى
نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام.
وهذا الشكل أيضاً له حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون
الرفع عن الأرض مستمراً وبصورة دائمية خلال فترة الغيبة.
الحالة الثانية: أن يكون
منقطعاً وتتخلله فترات نزول إلى الأرض.
أما الحالة الأولى فغير محتملة
إطلاقاً وذلك لـ:
1) غير واردة المعنى في الروايات
الخاصة بغيبته f.
2) متعارض مع الروايات التي تشير إلى
تواجده مع الناس في موسم الحج وروايات قيامه ببعض التكاليف وقضاء الحوائج واخبار
المشاهدة.
3) مخالف للعقيدة الراسخة بأن الأرض لا تخلوا من حجة وإنها لو
خلت لساخت بأهلها.
أما الحالة الثانية: فمرفوعة
الاحتمال أيضاً لانطباق النقطتان الأولى والثالثة عليها في رد احتمال الحالة
الأولى ... فانظر.
الشكل الثاني: أن يكون f موجوداً على الأرض ولكنه منزوياً ن المجتمعات البشرية والأماكن
المأهولة بالسكان وانه موجود في مكان غير متوقع العيش فيه.
وهذا الشكل أيضاً له حالتان:
الحالة الأولى: استمرارية
الانزواء.
الحالة الثانية: تخلل ذلك
الانزواء فترات اختلاط بالناس.
أما الاستمرارية فمنقوضة بإخبار
المشاهد واخبار حضور الموسم وغيرها مما لا يمكن الشك فيه.
وأما الحالة الثانية
فمحتملة وغير متعارضة مع ما ذكرناه بل تؤيدها بعض الأخبار والتي منها:
1) من كلام للإمام المهدي f لمحمد بن إبراهيم بن مهزيار حين قابله: يا بن المازيار: أبي عهد
الي أن لا أجاور قوماً غضب الله عليهم ولعنهم ولهم الخزي في الدنيا والآخرة ولهم
عذاب اليم، وأمرني أن لا اسكن من الجبال إلا وعرها، ومن البلاد إلا عفرها .... الخ
كلامه f.
2) ما ورد في دعاء الندبة الذي ينسب
إليه j ما
يدل على هذا الاحتمال (لَيتَ شِعْري أَينَ
اسْتَقَرَّتْ بِكَ النَّوى؟ بَلْ أي أَرْض تُقِلُّكَ أو ثَرى؟ أَبِرَضْوى أو
غَيرها أَم ذي طُوى؟ ... ).
وعندما تجتمع هذه الأخبار مع الأخبار
الدالة على اختلاطه في المجتمعات البشرية مثل اخبار المشاهدة أو حضور الموسم أو
قضاءه لبعض الحوائج التكاليف. نستطيع عندها أن نحتمل الحالة الثانية من الشكل
الثاني من المرتبة الأولى من أقسام الغيبة المادية والتي هي (للإمام f سكنى في مناطق وأماكن منزوية عن المجتمعات البشرية ولكن يتخلل هذا
الانزواء خروج ولبث في بعض المناطق المأهولة بالسكان).
إذن نلخص هذه المرتبة.
إن هناك شكلان من الغيبة المادية
المقابلة للحضور ولكل شكل حالتان. فيكون الناتج أربعة أقسام:
1) مرفوعاً عن الأرض بصورة مستمرة
... وقد أبطلناه.
2) مرفوعاً عن الأرض بصورة متقطعة
.... وقد أبطلناه أيضاً.
3) منزوياً في الأرض بصورة مستمرة ..
وهذا ما قلنا ببطلانه.
4) منزوياً في الأرض بصورة يتخللها
خروجاً ولبثاً في بعض المناطق، وهو احتمال قائم ومنسجم مع الأحاديث الواردة.
المرتبة الثانية: وهي الغيبة المقابلة للظهور.
وعندها يكون الإمام f لا يمكن رؤيته أو النظر إلى جسده الشريف رغم حضوره وتواجده في
المكان. وهو ما يعبر عنه بـ (خفاء الشخص).
وهذه المرتبة أيضاً لها حالتان محتملتان هما:
الحالة الأولى:
الاستمرارية: أي استمرار حالته هذه خلال غيبته.
الحالة الثانية:
الانقطاع: أي تارة يكون غير مرئي وتارة أخرى يكون مرئي. أو التقطع يكون بالنسبة
للرائي، أي شخص يراه وشخص لا يمكنه أن يراه رغم تواجده أمامهم معاً.
أما الاستمرارية فغير متوقعة،
لمعارضتها لأخبار المشاهدة. وأما الانقطاع، فيمكن توقعه إذا أخذنا بنظر الاعتبار
أخبار المشاهدة الدالة على اختفاءه في بعض الحالات وبصورة غير طبيعية عند انتهاء
المقابلة وذلك حفظاً على نفسه وبالتالي على المهمة الموكول بها، ومن هذه الأخبار،
الخبر الذي يقول بأنه f ظهر
لعمه جعفر الكذاب مرتين خلال الغيبة الصغرى ثم اختفى من دون أن يعلم أين ذهب. أو
الأخبار التي تدل على رؤيته من شخص دون آخر.
المرتبة الأولى: خفاء
العنوان، وعندها يكون الإمام f يعيش
في المجتمعات البشرية (وقد يكون بالحالتين المنقطعة أو المستمرة) ولكن ليس بعنوانه
الحقيقي، أي ليس بعنوان انه الإمام المهدي الموعود، وإنما يتخذ لنفسه عنواناً آخر
وهوية مغايرة كان قد اكتسبها f بين
الناس.
واحتمال هذا النوع من الغيبة قوي جداً ومن جوانب عديدة:
1) ينسجم وقسم من الأخبار التي تشير
إلى معنى مقارب من هذا المعنى والتي منها خبر العمري: والله إن لصاحب هذا الأمر
ليحضر الموسم كل سنة يرى الناس ويعرفهم ويرنه ولا يعرفونه أو الروايات التي تشير
إلى عدم تسميته باسمه.
2) كونها أسهل أداءً من قبله f، باعتباره إنساناً من ناحية يحتاج إلى مجتمع، وباعتباره إماماً
منوطة به بعض التكاليف التي هي على مستوى الغيبة.
3) لهذا الأسلوب في حالة الإيمان به
من قبل القواعد الشعبية الأثر النفسي والتربوي الروحي من جانب وما ستؤثر عليه تلك
التربية على تصرف الموالي من جانب آخر. حيث إن المؤمن حينما يتوقع أن يكون هذا
الشخص أو ذاك هو الإمام المهدي f،
سيكون عندها تعامله معه أكثر انضباطاً مما لو كان هذا التوقع غير موجود وهذا قريب
من التعاليم التربوية الإسلامية التي تشير إلى التحذير من الإساءة إلى أي شخص أو
احتقار ضعيف لاحتمال كونه ولياً من أولياء الله (جل وعلا).
4) المصاديق التي دلت عليها أخبار
المشاهدة الخاصة وبالعناوين الثانوية التي يتقلدها f عندما يلتقي بشخص معين أو يقضي حاجة أخرى، فتارة يرتدي العقال
العربي على اختلاف أشكاله وأخرى بزي أهل البادية أو يرتدي زياً مهيباً أو فلاحاً
يحمل المسحاة أو سيد جليل من رجال الدين، وقد يركب الفرس أو الجمل أو يكون ماشياً
أو قد يتكلم بلغات مختلفة ... الخ
المرتبة الثانية: غياب
الماهية، بمعنى ان الإمام f ذو
حقيقة مختفية عن الناس، والحقيقة هي المقام والرفعة والمستوى والشرف والمنزلة
والقرب الإلهي والوظيفة الربانية التي يتصف بها الإمام، وهذه الغيبة لمن يدقق
موجودة عند جميع الأئمة والأنبياء والأولياء، وما خطاب الرسول الأعظم d لعلي
j بأنه لا يعرفه إلا الله والنبي إلا إشارة لهذه الغيبة.
وهذا
النوع من مراتب الغيبة تارة يكون متعمداَ من قبل الغائب نفسه، أي يخفي مستواه
ومنزلته ومرتبته للآخرين لأسباب مختلفة، كأن تكون تواضعاً أو حفاظاً على النفس أو
حفاظاً على الآخرين أو ما شاكل ذلك، وتارة أخرى يكون منشئها قصور الغائب عنه أو
تقصيره.
أي قد يكون الإنسان الجاهل للإنسان
الآخر ليس بمستوى معرفة ذلك الإنسان وقيل كنهه، وأخرى قد يكون مقصراً وكسولاً عن
استقصاء الحقائق والتعرف على بعض الذين يستحقون المعرفة.
وهذا النوع من مراتب الغيبة يعتبر من
أخطر المراتب على الإطلاق بالإضافة إلى كونه سبباً في كثير من الأحيان لتهيأت
أسباب مراتب الغيبة الأخرى، فبه يظلم الناس، وبه يحرم الذين هم بأشد الحاجة إلى من
هم أهلاً للاحترام والقيادة، ويحرم الذين هم بأشد الحاجة إلى القيادة وإرشادات
وتوجيهات وبركات أصحاب المقامات العالية
فهذه المرتبة متحققة ويتصف بها
الإمام f.
المرتبة الثالثة: غياب الوظيفة: وهذا أوضح من الشمس وأبين من الأمس،
ويشترك f في
هذه المرتبة مع آبائه b
كالمرتبة السابقة، حيث وبعد أن فارق الرسول d الحياة وبعد أن بلغ ما بلغ من القرآن الكريم وأوصى ما أوصى إلى
الخليفة بعده وحدد مواصفاته وعين اسمه ورسمه وشكله، بل اخذ البيعة له على رؤوس
الأشهاد، وبعد كل ذلك وغيره انحرفت الأمة وأزالت الحق عن أهله ووضعت الأمور في غير
موازينها فبات الخلفاء الحقيقيون والأئمة الهادون هم الطريدون وهم المشردون وهم
الخارجون ... !
فلم يأخذوا دورهم الحقيقي في قيادة
الأمة، وليت شعري لو كان كذلك، ولعمري لو تحقق ما أراده الله ورسوله ماذا نكون
الآن وأين سنكون غدا.!
هذا النوع من الغيبة بسببه اندرس
الإسلام وانمسخت ملامحه، هذه الغيبة تفرق بسببها المسلمون وقتل بعضهم بعضا.
إذن هذه الغيبة واقعة وحادثة وجارية
الحدثان لشديد الأسف.
أما المرتبة المشتركة بين القسم
المادي والمعنوي، والتي تنسب إلى الله ، فأن
الإمام المهدي f وحسب
الأخبار الواردة هو من أوضح مصاديقها.
فعن الإمام الصادق j في قوله تعالى Pالَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِO قال: من آمن بقيام القائم j انه حق.
وعن يحيى بن ابي القاسم قال: سألت
الصادق j عن
قوله تعالى: Pالم * ذَلِكَ
الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ
بِالْغَيْبِO؟ قال المتقون شيعة
علي j
والغيب: فهو الحجة الغائب، وشاهد ذلك قول الله Pوَيَقُولُونَ
لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ
فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَO.
وعن الإمام الباقر j، بأن لغيب هو البعث والنشور وقيان القائم والرجعة.
بعد أن حددنا مراتب الغيبة وبينا ما
يمكن أن ينطبق على الإمام f وإلا
يمكن ذلك، ندرج الآن ما نرشّحه أن يكون احتمالاً علمياً قائماً حول شكل غيبة
الإمام وبعضها يكون مجتمعاً فيه f وكما
يلي:
1) خفاء الشخص وبصورتيه المنقطعة.
2) خفاء المكان وبصورته المنقطعة.
3) خفاء العنوان
4) خفاء الماهية
5) غيبة الوظيفة
6) انتسابه إلى غيب الله .
أما الشرطان اللذان حددناهما بضرورة
اتصاف الغائب بهما:
¦
إمكانية وشأنية ترك حالة الغيبة.
¦ حاجة
وضرورة ترك حالة الغيبة.
فهما متحققان، فإنه ليس من شأنه ان
يكون غير مرئي أو غير مدرك من قيل الحواس كونه بشر، ولنفس السبب ليس من شأنه ان
يكون منزوياً عن الأوساط الاجتماعية كون الإنسان اجتماعي الطبع. بالإضافة إلى
إمكانية إبراز العنوان وتوضيح الماهية، وامتلاكه لأهلية قيادة المجتمعات البشرية
على وجه المعمورة.
أما حاجة المجتمع إلى ظهور شخصه
وعنوانه وماهيته وقرب مكانه واتخاذ وظيفته الحقيقية فهو الخيار الذي لا خيار معه
وخاصة في ظروف الأرض الجارية.
وكذلك بالنسبة إلى الغيبة المنسوبة
إلى الله جل وعلا، فتحتاج إلى توفيقات خاصة من قبل الإنسان للاطلاع عليها
والاستفادة من بركاتها.
إذن الإمام f وحسب ما احتملناه غائباً عنا بأكثر من غيبة، وترك الغيبة أو
الغيبات تلك ممكنة بل وضرورة ملحة للبشر بل للكون .
الغيبة الكبرى للإمام المهدي f غَيبة شخص أم غيبة تشخيص؟
أقول وهناك قراءة أخرى ينبغي
الالتفات اليها في بيان الغيبة
هناك نظريّتان في تفسير غيبة الإمام
المهدي: هل هي خفاء ذاته و غيبة شخصه أم هي غيبة عنوانه وخفاء تشخيصه؟!، فبعد
الاتفاق والتسليم على أنّ الإمام المهدي حيٌ يرزق، لكنّه غائب، و وقع
الكلام في حقيقة هذه الغيبة على تفسيرين:
التفسير الأول- وهو الرأي الشائع بين علماء الشيعة،
ويفيد أنّ غيبة الإمام المهدي j تعني ظهور شخصه وخفاء هويته، وغياب عنوانه، فيراه الناس، لكنّهم
لا يعرفونه، ومعنى ذلك أنّه منظور لهم، لكنّه غير مشخّص من قبلهم بوصفه الإمام
الثاني عشر الذي يملأ الأرض قسطا وعدلاً، وهذا يقتضي بأنّ تخفي الإمام يتمّ عبر
التمويه واتخاذ بعض الاجراءات الاحترازية التي يتخذها المطاردون عادة من شأنها أن
تخفي التشخيص مثل: تغيير المكان، واستخدام الاسماء الحركيّة ..، ويمكن مقاربة هذا
المنحى في تفسير الغيبة بما وقع لموسى مع فرعون، فقد كان موسى حاضر الذات، وشاخص
العين أمام فرعون بل يعيش معه في قصره، لكنّ خفي على فرعون تشخيص موسى، و غاب عنه
عنوانه.
التهلكة:
ليس المراد بالتهلكة الانتحار أو القاء بنفسه في صفوف الأعداء عازما على القتل، بل
التهلكة والهلاكة إنما يصدق في مورد يكون الانسان حيا لكنه صار كلا حي كالتاجر
يفلس فيصير هالكا والانسان يرتكب أمرا عظيما يؤل أمره إلى الهلاك شرعا في الآخرة
أو حكما عرفيا في الدنيا كما نص معاجم اللغة أن التهلكة هي كل ما عاقبته
الهلاك.".
إن التهلكة مصدر بمعني الهلاك وهو كل
ما يصير عاقبته إلي الهلاك وأصل الهلاك الضياع وهو مصير الشيء بحيث لا يدري أين هو
ومنه يقال للكافر هالك وللميت هالك.
أقول الاحاديث كثيرة ونذكر حديثا
واحدا لبيان شدة الامتحات في زمن الغيبة.
عن مولانا ابي جعفر محمد بن علي
الباقر j
يقول: " لتُمحّصُّنَّ يا شيعة آل محمد تمحيص الكحل في العين وإنَّ صاحبُ
العين يدري متى يقع الكحل في عينه ولا يعلم متى يخرج منها، وكذلك يصبح الرجل على
شريعة من أمرنا ويمسي وقد خرج منها ويمسي على شريعة من أمرنا ويصبح وقد خرج
منها"([2]).
شرح الرواية:
هذا الحديث متداول جداً وينقل
باستمرار على ألسنة الناس، ولكن قد يحمله البعض على غير معناه الصحيح، أن الشيعي
يكون على ملّة أهل البيت في الصباح وفي المساء يمسي على غير ملّة.
أما من يتمعّن في معاريض كلام أهل
البيت، تظهر الرواية معنى آخر، المقصود من الرواية هو الموالي ضعيف العقيدة، غير
المتنوِّر بنور العلم، سيكون مهزوزاً غير واثقاً فيتعرّض في زمن الغيبة الى اختبار
معيّن في عمله أو مجتمعه، وإذ به تأخذه التضليلات الفكرية أو الإعلامية أو
العقائدية فيتأثّر بمنهج آخر بعيداً كليّاً عن منهج أهل البيت b في فكره أو تصرّفاته فيُطلق تقييماً وأحكاماً على الأمور لا تُرضي
صاحب الزمان، فأيّ هبوب ريح بالفتنة ينقله من ضفّة الى أخرى ومن منهج الى آخر. إذن
فتن زمن الغيبة لا يصمد فيها إلا صاحب اليقين والثابت القدم المتسلّح بسلاح العلم
والعمل الصالح والصبر والإيمان والهدف لخدمة الإمام المهدي.
ملاحظة رواية: عندما يتكلّم أهل
البيت عن الفتن والإختبارات لا يقصدون إلا الشيعة، لأنّ الشيطان كان قد انتهى من
الآخرين.
القول بإمامته هو الاعتقاد الصحيح
الموافق للتعاليم الالهية وكما في الزيارة [السلام عليك سلام من عرفك بما عرفك به الله، ونعتك ببعض نعوتك التي
انت اهلها وفوقها] ([3]).
ما معنى القول بإمامته.
القول هو الاعتقاد بإمامته وانه
الثاني عشر من الائمة b فلا
يكفي الاعتقاد ببعضهم دون البعض الاخر كالفرق الضالة المنحرفة من الزيدية
والواقفية اخزاهم الله.
والاعتقاد بالأئمة الاثني عشر يتفرع
على الاعتقاد بالنبوة والاعتقاد بالنبوة يتفرع على الاعتقاد بالتوحيد وهذه من
المسلمات.
والاعتقاد بإمامته له مراتب ومنها
انه منصوب من قبل الله مفترض الطاعة وأفضل أهل زمانه.
الاعتقاد بالشيء يستلزم الاعتقاد
بلوازمه (و إلاّ لانتفت الملازمه بينه و بينها)
وقال
النبي d: هم خلفائي يا جابر، و أئمّه المسلمين من بعدي، أوّلهم عليّ بن
أبي طالب، ثمّ الحسن والحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في
التوراة بالباقر، و ستدرکه يا جابر، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام، ثمّ الصادق
جعفر بن محمّد، ثمّ موسي بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسي، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ عليّ
بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليّ، ثمّ سميّي و کنيّي حجّه اللّه في أرضه، و بقيّته في
عباده، إبن الحسن بن عليّ، ذاك الّذي يفتح اللّه تعالي ذکره علي يديه مشارق الأرض
و مغاربها، ذاك الّذي يغيب عن شيعته و أوليائه غيبهً لا يثبت فيها علي القول
بإمامته إلاّ من امتحن اللّه قلبه للإيمان؛ الخبر ([4]).
ففي هذا الزمن الّذي کثرت فيه
الأفکار والآراء المضلّه، وفي هذا الدور الّذي هو دور التمحيص والتخليص، علي المرء
أن يستغيث بالله طلباً للثبات علي العقيده الصحيحه، وأن يداوم علي هذا الدُّعاء:
«يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلِّبَ القلوب ثَبِّت قلبي علي دينِك» ([5]).
وفي
حديث احمد بن إسحاق (قلت: يا ابن رسول الله d وإن غيبته لتطول ؟
قال j: إي وربي حتى يرجع عن هذا
الأمر أكثر القائلين به، ولا يبقى إلا من أخذ الله عهده لولايتنا وكتب في قلبه الإيمان وأيده بروح، منه يا أحمد بن
إسحاق هذا أمر من أمر الله وسر من سر الله وغيب من غيب الله فخذ ما آتيتك واكتمه
وكن من الشاكرين تكن معنا غذاً في عليين([6]).
وكذلك أن يستحضر دائماً عقائده، وأن
يودعها عند ربِّ العالمين بقراءه هذا الدعاء المنقول عن فخر المحقّقين e:
«اللّهمَّ يا أرحَمَ الراحمين، إنّي قَدْ أودَعتُك يَقيني هذا وثَبات
ديني وأنتَ خيرُ مُستَودَعٍ، وقد أمرتَنا بحِفظِ الوَدائعِ فَرُدَّهُ عليَّ وقتَ
حُضور مَوْتي». المحدّث القمّي، مفاتيح الجنان.
ومن جمله الأدعيه لحفظ الدين وکمال الإيمان، الدعاء المنقول في المفاتيح أيضاً عن
الشيخ الطوسي (عليه الرحمه) عن الإمام الصادق j والّذي يُقرأ بعد کلّ صلاه واجبه([7]).
إنّ جوهره الاعتقاد بالله وبالرسول
والأئمّه
إجمالاً، إنّ جوهره الاعتقاد بالله
وبالرسول والأئمّه b لا
تضاهيها ولا تساويها جوهره في الکمال والغلاء، فلو أنّ الإنسان فَقَد الدنيا بما
فيها وحافظ علي عقيدته، فلا ضَير عليه، وأمّا إذا فقد عقيدته فقد خسر الدنيا
والآخره مهما کان عنده، ومن ثمَّ نجد المحتالين والقراصنه والسرّاق قد نصبوا
شباکهم لاختلاس هذه الجوهره النفيسه. في هذا القسم، نلاحظ أنّ الإمام j قد دعا للسيّد عبد العظيم بتثبيت الله إيّاه علي القول الثابت في
الحياه الدنيا والآخره، وهذا الدعاء مقتبس ومأخوذ من قوله تعالي:
Pيُثَبِّتُ
اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاهِ الدُّنْيَا وَفِي
الآخِرَهِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُO([8]).
والّتي يستفاد منها أنّ الله تعالي
يُثبّت إيمان المؤمنين علي القول الثابت - والّذي هو بحسب بعض الروايات، کلمه التوحيد، وفي کلام الإمام هنا هو کلّ هذه
الأقوال الثابته - في الحياه الدنيا وفي الآخره.
ويظهر من کلمات البعض، أنّ أحد
مصاديق أو أهمّ مصاديق التثبيت علي القول الثابت، هو في حاله الاحتضار والنزع
وظهور سکرات الموت، وهي حالٌ خطيره جدّاً، نعوذ بالله من هولها.
فينبغي علي المؤمن أن يطلب من الله
حُسنَ العاقبه والموت بإيمان خالصٍ. ومن الطبيعيّ أنّ المواظبه علي الطاعات
والعبادات وترك المحرّمات، ومجالسه الأخيار، والمواظبه علي قراءه القرآن والتأمّل
في الآيات وسائر الأعمال النافعه، مؤثّره بأجمعها ساعه الاحتضار، وأنّ خواتيم
الاُمور مرتبطه بنحوٍ مّا بسوابقها الحسنه.
فعلي المؤمن السالك طريق الشرع أن
يواظب في کلّ الجهات وأن يحذر سوء الخاتمه، وأن يداوم علي قراءه الأدعيه المفيده
لحسن العاقبه والنجاه من العدول عن العقائد الحقّه.
کما أنّه يستحبّ لذوي الميّت أن
يلقّنوه الشهادتين والعقائد الحقَّه في حال احتضاره، وخاصّهً کلمه التوحيد، ([9]) وکما ورد في الخبر:
«لَقِّنوا مَوتاکُم لا إلهَ إلّا الله» ([10]).
وأمّا الثبات علي العقيده في الآخره،
فقد ورد في جمله تفاسيره أنّه الثبات حال سؤال منکرٍ ونکير، عند ما يسألونه: من
ربُّک؟ ما دينُک؟ من نبيُّک؟ من إمامُک؟.
إن المواظبة على الدعاء للإمام
المهدي روحي فداه والاهتمام بهذا الجانب أمر مهم جداً في النجاة من الفتن
والاختلافات في عصر الغيبة، فقد روي في بعض النصوص أن الأمة بعد الغيبة الكبرى
ستختلف في شأن المهدي f ومن
أهم الأمور التي تكون عاملاً مساعدا للنجاة من تلك الفتن هو الدعاء للإمام f والمواظبة على ذلك، وطلب العون من الله تعالى على عدم التراجع
والخذلان.
ما روي عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ
قَالَ: (قَالَ أَبُو عَبْدِ
اَللَّهِ j: لاَ بُدَّ لِلْغُلاَمِ مِنْ غَيْبَةٍ قُلْتُ وَ لِمَ قَالَ
يَخَافُ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إلى بَطْنِهِ وَ هُوَ اَلْمُنْتَظَرُ وَهُوَ
اَلَّذِي يَشُكُّ اَلنَّاسُ فِي وِلاَدَتِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ حَمْلٌ وَ
مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَاتَ أَبُوهُ وَ لَمْ يُخَلِّفْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ
وُلِدَ قَبْلَ مَوْتِ أبيهِ بِسَنَتَيْنِ قَالَ زُرَارَةُ فَقُلْتُ وَمَا
تَأْمُرُنِي لَوْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ اَلزَّمَانَ قَالَ اُدْعُ اَللَّهَ بِهَذَا
اَلدُّعَاءِ اَللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي
نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْكَ اَللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَبِيَّكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ
تُعَرِّفْنِي نَبِيَّكَ لَمْ أَعْرِفْهُ قَطُّ اَللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ
فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي: قَالَ أَحْمَدُ
بْنُ اَلْهِلاَلِ سَمِعْتُ هَذَا اَلْحَدِيثَ مُنْذُ سِتٍّ وَ خَمْسِينَ سَنَةً )([11]).
يقول الإمام الصادق j في كلام مهم له حول أثر الدعاء بالفرج في التقدير الإلهي لنجاة
المجتمع وقرب الظهور: «فَلَمَّا طَالَ
عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الْعَذَابُ ضَجُّوا وَبَكَوْا إِلَى اللَّهِ أَرْبَعِينَ
صَبَاحاً، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى وَهَارُونَ يُخَلِّصُهُمْ مِنْ
فِرْعَوْنَ فَحَطَّ عَنْهُمْ سَبْعِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ
اللَّهِ j: هَكَذَا أَنْتُمْ لَوْ فَعَلْتُمْ لَفَرَّجَ اللَّهُ عَنَّا
فَأَمَّا إِذْ لَمْ تَكُونُوا فَإِنَّ الْأَمْرَ يَنْتَهِي إِلَى مُنْتَهَاهُ.» ([12]).
حول التأثير القطعي للدعاء
بالفرج
يقول آية
الله الشيخ البهجة e حول
التأثير القطعي للدعاء بالفرج: «كم ينبغي أن نفكّر في الإمام الغائب f وأن ندعو بتعجيل فرجه؟! الدعاء بتعجيل فرج الإمام مؤثر لا محالة،
ولكن لا بلقلقة اللسان وقول (وعَجِّل فرجه) بصورة جامدة كورد يُقرأ في آخر المنابر على الدوام من أجل أن يقوم
الناس. الدعاء بتعجيل الفرج عمل مستحب كصلاة النافلة، أي أن نسأل الله بجدّ وصدق
وهمّ وغمّ أن يزيل المسافة التي طالت ألف عام ونيّف بين الناس وبين واسطة الفيض.
والدعاء الصادر من الناس لم يتقرن بحالة من الحزن والأسى والتأثر القلبي، وإلّا
لتغيّرت الأوضاع لا محالة.»
فقد روي عن الإمام الصادق j أنه قال: (من دعا إلى الله
تعالى أربعين صباحا بهذا العهد كان من أنصار قائمنا فان مات قبله اخرجه الله تعالى
من قبره واعطاه بكل كلمة ألف حسنة ومحا عنه الف سيئة وهو هذا الدعاء: (اللهم رب النور العظيم والكرسي
الرفيع... الخ) ).
تقول فاطمة
طباطبائي، زوجة السيد أحمد الخميني: «من المسائل التي كان يوصيني بها الإمام في
أواخر أيام حياته هي قراءة دعاء العهد. وكان يقول: حاولي أن تقرأي دعاء العهد في
كل صباح، لأنه يؤثر في مصير الإنسان([13]).
التمسك
بالدعاء لامام الزمان f
والتوصية به والتمسك بالادعية التي امرونا بها.
الاعتقاد
الصحيح المستسقى من القران الكريم وكتب الحديث والادعية والزيارات وفهم العلماء
المتخصصين .
تحصين
الأرواح والقلوب بالطاعة والابتعاد عن المعصية والذنوب بالقدر الممكن الذي يستطاع
به الحفاظ على العقيدة .
أقول
والحديث في الغيبة والامتحان والهلكة والنجاة طويل جدا وبهذا ننهي حديثنا والحمد
لله رب العالمين .
تعليقات
إرسال تعليق