القائمة الرئيسية

الصفحات

معالم الانتظار الباب الاول

 














معالم الانتظار

القواعد العقائدية والآداب الروحية من كتاب الغيبة للنعماني رحمه الله

الباب الاول




باب (١)

ما روي في صون سرِّ آل محمّد (عليهم السلام) عمَّن ليس من أهله، والنهي عن إذاعته لهم واطِّلاعهم

 

الحديث الاول

[١/١] أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ النَّاشِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ جَبَلَةَ، عَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِي عُمَيْرَةِ عَنْ مَعْرُوفِ اِبْنِ خَرَّبُوذَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام):

«أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ وَرَسُولُهُ؟ حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، وَأَمْسِكُوا عَمَّا يُنْكِرُونَ».

 

 

 

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث الأول

 

قاعدة: "التكلم بالعلم المعروف وترك المجهول والمكذوب".

اي العبرة بالصدق مع الناس في نقل الدين، وعدم الإخلال بحقيقة الرسالة.

قاعدة: "الصدق في نقل الأحكام الشرعية والعقائدية واجب على كل مسؤول عن الدعوة".

اي حفظ قدسية النصوص الإلهية وتجنب نشر ما يكذب الله ورسوله، أي ما يُسيء إلى العقيدة أو النصوص الشرعية.

قاعدة: "التفريق بين المعقول والمكذوب في النقل العقائدي".

الالتزام بمعايير التعرف على الصواب والقبول، وترك ما يخالف الفطرة أو العقل أو النقل الصحيح.

 

 

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث

قاعدة  "الإيمان يتجلّى في ضبط اللسان، وحماية الدين من التشويه، والمشاركة في نشر الحق".

الحديث يربط بين القول والعمل والحق، ويعلّم أن المؤمن لا يشارك في نشر الأكاذيب أو الشبهات، بل يتحلى باليقين والضبط الأخلاقي.

 

 

 

 

 

 

 

 

الحديث الثاني

[٢/٢] وَحَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاوَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ المُقْرِئُ السَّقَطِيُّ بِوَاسِطٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَلَفٌ الْبَزَّازُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «لَا تُحَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا لَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ وَرَسُولُهُ؟».

 

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث الثاني

 

قاعدة: "ترك نقل ما لا يعرفه الناس أو لا يُثبَت بالنقل الصحيح".

قاعدة: "الالتزام بالصدق في النقل حماية لكلمة الله وكرامة الرسالة".

معيار الحديث: ما يعرفه الناس أو ما ثبت بالعلم الصحيح.

 

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث

الحرص على نقاء اللسان وسلامة الدعوة:

المؤمن مسؤول عن نقاء كلامه، وعدم نشر الأخبار أو الأحكام المكذوبة التي قد تشوه الدين أو تضل الناس.

درس: "نقاء القول هو جزء من العبادة، وحماية الدين تتطلب التثبت قبل الكلام".

 

 

 

 

 

 

الحديث الثالث

[٣/٣] وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الْجُعْفِيُّ أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِالله جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عليه السلام): «يَا عَبْدَ الْأَعْلَى، إِنَّ احْتِمَالَ أَمْرِنَا لَيْسَ مَعْرِفَتَهُ وَقَبُولَهُ، إِنَّ احْتِمَالَ أَمْرِنَا هُوَ صَوْنُهُ وَسَتْرُهُ عَمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، فَأَقْرِئْهُمُ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ الله - يَعْنِي الشِّيعَةَ -، وَقُلْ: قَالَ لَكُمْ: رَحِمَ اللهُ عَبْداً اسْتَجَرَّ مَوَدَّةَ النَّاسِ إِلَى نَفْسِهِ وَإِلَيْنَا بِأَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ مَا يَعْرِفُونَ، وَيَكُفَّ عَنْهُمْ مَا يُنْكِرُونَ».

ثُمَّ قَالَ: «مَا النَّاصِبُ لَنَا حَرْباً بِأَشَدَّ مَئُونَةً مِنَ النَّاطِقِ عَلَيْنَا بِمَا نَكْرَهُهُ».

 

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث الثالث

قاعدة: " الاحتِمال الحقيقي لأمر أهل البيت (عليهم السلام) ليس مجرد المعرفة والاعتقاد، بل يتجاوز ذلك إلى مرتبة الالتزام العملي بالصون والستر. ".

قاعدة: " صَون أمر أهل البيت (عليهم السلام) وكتمانه عمن لا يطيقه أو لا يستحقه جزء لا يتجزأ من العقيدة الصحيحة والولاء الحق.

قاعدة: " من لوازم الولاء الحقّ لأهل البيت (عليهم السلام) استجلاب مودّة الناس لهم ولأنفسنا بإظهار ما يوافق معارفهم وكفّ ما ينكرونه، فيتحقق الجمع بين صيانة العقيدة وحسن التبليغ.

قاعدة: "الناطق بما نكره  أشد ضرراً من المعادي المسلح، والرد يكون بالحكمة والبيان".

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث

الحكمة والرحمة في نقل المعرفة:

المؤمن مطالب بنقل ما يعرفه من الحق، وإخفاء ما لا يعرفه أو قد يؤدي إلى الفتنة، مع توجيه الناس بالرحمة.

درس: "القوة الحقيقية في الدعوة ليست بالعنف، بل بالحكمة واللين وحفظ الدين عن التشويه".

اللسان مسؤولية عظيمة:بيان الإمام هنا أن القول بما يُكذب أو يُنكر على أهل البيت أعظم ضرراً من الحرب المادية.

درس: "احذر أن يكون قولك سبباً للفتنة أو تشويه الدين، فاللسان سلاح لا يقل عن السيف".

 

 

الحديث الرابع

[٤/٤] وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الله جَعْفَرُ اِبْنُ عَبْدِ الله مِنْ كِتَابِهِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ اِبْنِ فَضَّالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ هَذَا الْأَمْرُ مَعْرِفَةَ وَلَايَتِهُ فَقَطْ حَتَّى تَسْتُرَهُ عَمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَبِحَسْبِكُمْ أَنْ تَقُولُوا مَا قُلْنَا، وَتَصْمُتُوا عَمَّا صَمَتْنَا، فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ مَا نَقُولُ وَسَلَّمْتُمْ لَنَا فِيمَا سَكَتْنَا عَنْهُ فَقَدْ آمَنْتُمْ بِمِثْلِ مَا آمَنَّا بِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ [البقرة: ١٣٧]، قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليهما السلام): حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، وَلَا تُحَمِّلُوهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ فَتَغُرُّونَهُمْ بِنَا».

 

 

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث الرابع

قاعدة: "المؤمن يجب أن يحفظ سرّ ولاية الإمام عمن ليس أهلاً لها، فهذا من أصول المعرفة والولاية".

التكرار في هذا الحديث يؤكد أن السرّ ليس مجرد حماية لمعلومة، بل هو صون للولاية والحقّ.

قاعدة: "قول الشيعة بما قاله الأئمة وسكوتهم عما سكتوا عنه، دليل على اعتقادهم الصحيح وموافقتهم لإيمان الأئمة".

الطاعة بالنقل عن الإمام والسكوت عن ما سكت عنه:

يستند إلى الآية: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ [البقرة: 137].

 

قاعدة: "ينبغي أن يُحدَّث الناس بما يعرفون، وأن لا يُحمّلوا ما لا يطيقون، حتى لا يضلوا أو يغتروا".

والمعنى هو التدرج في التعليم ونقل المعرفة حسب قدرة المتلقي

قاعدة: "الاتفاق مع الأئمة في القول والسلوك، وحفظ أسرارهم، هو مقياس الثقة والاعتقاد الصحيح".

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث

الاعتقاد بالمعصوم يتجلى بالقول والفعل والسكوت

المؤمن الحق ليس فقط من يعرف الحقيقة، بل من يلتزم بما أمر به الأئمة وينقل المعروف ويكتم الممنوع.

والإيمان العملي يشمل التوافق مع الأئمة في النقل والسلوك، وعدم تجاوز حدود علمهم.

التدرج في الدعوة والتوجيه بمعنى تعليم الناس بحسب طاقتهم ومعرفتهم يحميهم من الغرور والفتنة.

درس: "الرحمة في التعليم والموعظة هي طريقة لحفظ الدين وإرشاد الناس للهداية الصحيحة".

 

 

 

 

 

 

 

الحديث الخامس

[٥/٥] وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ المَوْصِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام): «إِنَّ احْتِمَالَ أَمْرِنَا لَيْسَ هُوَ التَّصْدِيقَ بِهِ وَالْقَبُولَ لَهُ فَقَطْ، إِنَّ مِنِ احْتِمَالِ أَمْرِنَا سَتْرَهُ وَصِيَانَتَهُ عَنْ غَيْرِ أَهْلِهِ، فَأَقْرِئْهُمُ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ الله - يَعْنِي الشِّيعَةَ -، وَقُلْ لَهُمْ: يَقُولُ لَكُمْ: رَحِمَ اللهُ عَبْداً اسْتَجَرَّ مَوَدَّةَ النَّاسِ إِلَيَّ وَإِلَى نَفْسِهِ، يُحَدِّثُهُمْ بِمَا يَعْرِفُونَ، وَيَسْتُرُ عَنْهُمْ مَا يُنْكِرُونَ».

ثُمَّ قَالَ لِي: «وَالله مَا النَّاصِبَةُ لَنَا حَرْباً أَشَدَّ مَئُونَةً عَلَيْنَا مِنَ النَّاطِقِ عَلَيْنَا بِمَا نَكْرَهُهُ...» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.

 

 

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث الخامس

قاعدة: "احتمال أمر الأئمة لا يقتصر على التصديق والقبول، بل يشمل الصون والستر عن غير أهله".

أي أن السرّ جزء من الالتزام بالعقيدة الصحيحة.

قاعدة: "يُحدّث الناس بما يعرفون، ويُستر عنهم ما ينكرون".

هذا يحقق التوازن بين الصدق في النقل وحماية الناس من ما لا يطيقونه.

قاعدة: "الذي يجذب محبة الناس لنفسه وللأئمة بنقل ما يعرفون وستر ما ينكرون، هو محبوب لله وللأئمة".

قاعدة: "أشدّ أذى على الأئمة ليس النواصب بل الناطقون بما يُنكَر عليهم".

 

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث

الإيمان العملي شامل للقول والفعل والسكوت وبعبارة الإيمان بالأئمة يشمل قول الحق لمن يعرفه، والسكوت عما يُنكر فالسكوت أحياناً أداة حماية للحقّ والولاية.

المسؤولية في نقل العلم:

كل من يعلم شيئاً عن الأئمة ملزم أن ينقل المعلوم بموازين الحكمة والقدرة على الاستيعاب.

درس: "الصدق مع الله والناس يقتضي الحذر فيما يُقال وما يُكتم".

 

 

 

 

الحديث السادس

[٦/٦] وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْحَسَنِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِيحَمْزَةَ الْبَطَائِنِيِّ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْخَزَّازِقَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «مَنْ أَذَاعَ عَلَيْنَا حَدِيثَنَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَحَدَنَا حَقَّنَا».

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث السادس

القاعدة: تعزز ما سبق من أحاديث حول الستر والاحتياط في نقل المعرفة، وتؤكد قدسية السرّ في العقيدة.

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث

احترام حدود العلم الشرعي هو جزء من الإيمان والتقوى.

نقل الحديث دون تمييز بين أهل العلم والناس العاديين قد يؤدي إلى انحراف في فهم الدين واعتداء على حقوق الأئمة.

 

الحديث السابع

[٧/٧] وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ السَّرِيِّ(قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «إِنِّي لَأُحَدِّثُ الرَّجُلَ الْحَدِيثَ فَيَنْطَلِقُ فَيُحَدِّثُ بِهِ عَنِّي كَمَا سَمِعَهُ فَأَسْتَحِلُّ بِهِ لَعْنَهُ وَالْبَرَاءَةَ مِنْهُ».

تعليقة النعماني رحمه الله :يريد (عليه السلام) بذلك أنْ يُحدِّث به مَنْ لا يحتمله ولا يصلح أنْ يسمعه.

ويدلُّ قوله على أنَّه (عليه السلام) يريد أنْ يطوي من الحديث ما شأنه أنْ يُطوى ولا يظهر.

 

 

 

 

 

 

 

 

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث السابع

القاعدة حديث الإمام المعصوم (عليه السلام) قد يكون أمانة مخصوصة لبعض أصحابه بحسب قابليتهم واستعدادهم، ولا يجوز لهم نقله إلى من ليس بأهل له؛ ومن تجاوز هذا الحدّ كان مستحقًا للبراءة واللعن.

القاعدة أن النقل عن المعصوم ليس شأنًا روائيًا فقط، بل مسؤولية عقائدية تترتب عليها أحكام الولاء والبراءة.

 

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث

المؤمن الصادق يعيش الرقابة الدائمة على لسانه وقلمه حين يتعامل مع كلام المعصوم (عليه السلام)، فيجعل النقل عبادة، والأمانة في الحديث قربى، ويحذر من أن يكون سببًا في انحراف أو لعنة.

وهذه القاعدة الروحية تجعل الباحث أو الراوي أو المستمع في مقام الخشية والورع، فتتحول رواية الحديث من مجرد نقل علمي إلى عبادة مسؤولة.

 

 

 

 

 

 

 

 

الحديث الثامن

[٨/٨] وَبِهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ الصَّيْرَفِيِّ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «قَوْمٌ يَزْعُمُونَ أَنِّي إِمَامُهُمْ، وَالله مَا أَنَا لَهُمْ بِإِمَامٍ، لَعَنَهُمُ اللهُ كُلَّمَا سَتَرْتُ سِتْراً هَتَكُوهُ، أَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُونَ: إِنَّمَا يَعْنِي كَذَا وَكَذَا، إِنَّمَا أَنَا إِمَامُ مَنْ أَطَاعَنِي».

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث الثامن

القاعدة :الإمامة ليست دعوى تُنتحل بالانتساب اللفظي، بل هي ولاية حقيقية مشروطة بالطاعة للمعصوم والانقياد له.

القاعدة:كشف أسرار المعصوم (عليه السلام) وتأويل كلامه بغير إذنه خروج عن خط الإمامة، ويُعدّ خيانة لعهد الولاية، يستوجب اللعن والبراءة.

القاعدة :الإمام المعصوم (عليه السلام) لا يكون إمامًا على الإطلاق، بل هو إمام لمن أطاعه والتزم بأمره ونهيه؛ فالإمامة علاقة تكليفية عملية لا مجرّد تشريفية شكلية.

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث

الولاء الصادق لأهل البيت (عليهم السلام) يورّث المؤمن خُلُق الطاعة والستر، فيحفظ لسانه عن التأويل بغير علم، ويكفّ قلبه عن الادعاء الباطل، ويجعل طاعته برهان صدقه.

هذه القاعدة تربي المؤمن على الورع في النقل، والصدق في الانتماء، والالتزام العملي بالإمام، بدل الاكتفاء بالشعار والدعوى.

 

 

 

 

 

 

 

 

الحديث التاسع

[٩/٩] وَبِهِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ كَرَّامٍ الْخَثْعَمِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «أَمَا وَالله لَوْ كَانَتْ عَلَى أَفْوَاهِكُمْ أَوْكِيَةٌ لَحَدَّثْتُ كُلَّ امْرِئٍ مِنْكُمْ بِمَا لَهُ، وَالله لَوْ وَجَدْتُ أَتْقِيَاءَ لَتَكَلَّمْتُ، وَاللهُ المُسْتَعانُ».

يريد بـ(أتقياء) أي من يستعمل التقيَّة.

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث التاسع

القاعدة: الإمام يوضح أنه لو كانت لدى كل شخص القدرة على تلقي المعرفة المناسبة لما امتنع عن تعليم كل واحد ما يصلح له.

القاعدة: التقيّة هنا هي عامل أساسي لقبول ما يبلغه الإمام؛ أي أن من لا يستعمل التقيّة قد لا يكون أهلاً لسماع بعض أسرار الإمامة فالتقيّة ليست مجرد أمان اجتماعي، بل شرط شرعي وعقائدي لقبول العلم الإلهي من الإمام..

 

 

 

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث

الإمام يعتمد على القدرة الروحية والأخلاقية للمتلقي في الإفصاح عن علمه.

على الشيعة استعمال التقيّة وحسن الانصياع في التعامل مع علوم الإمام.

الالتزام بالتقيّة يحمي الإمام والمتلقي من التعرض للخطر والفتنة.

 

 

 

 

 

 

الحديث العاشر

[١٠/١٠] وَبِهِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ: «سِرٌّ أَسَرَّهُ اللهُ إِلَى جَبْرَئِيلَ، وَأَسَرَّهُ جَبْرَئِيلُ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَأَسَرَّهُ مُحَمَّدٌ إِلَى عَلِيٍّ، وَأَسَرَّهُ عَلِيٌّ إِلَى مَنْ شَاءَ اللهُ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ، وَأَنْتُمْ تَتَكَلَّمُونَ بِهِ فِي الطُّرُقِ».

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث العاشر

 

القاعدة: سرّ العلم الإلهي يُسرَّ من الله إلى النبي، ومن النبي إلى الإمام، ثم إلى من يشاء الله بحسب قدرته وأهليته، وليس كل أحد مخوَّلاً بنقله..

القاعدة:الإفشاء لا يكون مطلقاً، بل واحداً تلو الآخر بحسب أهلية المتلقي وهذا يوضح أهمية ولاية الإمام في حفظ العلم ونقله، ويدل على الضوابط الإلهية في إفشاء المعرفة السرية.

 

القاعدة: المعرفة الإلهية ليست متاحة للجميع بنفس الدرجة، وإنما بحسب الاختيار الإلهي والقدرة على الاستيعاب والتقوى.

القواعد الروحية المقرّرة في الحديث

القاعدة الاولى: حفظ سرّ أهل البيت (عليه السلام ) من آداب الولاء ومراتب الإيمان؛ فمن صان السرّ ارتقى في مقامات القرب، ومن أذاعه ابتُلي بالبعد والسقوط.

هذه القاعدة تربي الموالي على أن بعض المعارف ليست للنشر العام، بل للأهل والخواص، فيجعل من كتمانها عبادة وصيانة للولاية..

القاعدة الثانية: المؤمن الحقّ يزن كلامه بميزان الحكمة، فلا يجعل ما تلقّاه من تراث أهل البيت (عليه السلام) حديث طرقات وأسواق، بل يضع كل معرفة في موضعها، ويصونها عن الابتذال.

وهذه القاعدة تؤدب الموالي على الانضباط اللساني والفكري، فيتعلم أن الولاء ليس صخبًا باللسان، بل أمانة تُحفظ بحكمة.

 

الحديث الحادي عشر

[١١/١١] وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامِ بْنِ سُهَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ الْعَلَاءِ المَذَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ زِيَادٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ شُيُوخِنَا، قَالَ: قَالَ المُفَضَّلُ: أَخَذْتُ بِيَدِكَ كَمَا أَخَذَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام) بِيَدِي، وَقَالَ لِي: «يَا مُفَضَّلُ، إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَيْسَ بِالْقَوْلِ فَقَطْ، لَا وَالله حَتَّى يَصُونَهُ كَمَا صَانَهُ اللهُ، وَيُشَرِّفَهُ كَمَا شَرَّفَهُ اللهُ، وَيُؤَدِّيَ حَقَّهُ كَمَا أَمَرَ اللهُ».

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث الحادي عشر

القاعدة: أمر أهل البيت ليس مجرد معرفة قولية، بل هو مسؤولية حفظه وصيانته وتشريفه وأداء حقّه كما أراده الله.

القاعدة: التأكيد على أن المسألة تتجاوز مجرد الكلام أو الإقرار بالولاية، فهي تشمل حفظ السر، ورعاية المعارف الإلهية، وتأدية الحقوق الشرعية.

القواعد الروحية المقرّرة في الحديث

يحث الشيعة على الاحتراز عند التعامل مع علم أهل البيت ونقل الحديث.

يحث على التطبيق العملي لما يُعرف من أمر الأئمة وعدم الاكتفاء بالعلم النظري.

 

 

 

 

 

 

 

الحديث الثاني عشر

[١٢/١٢] وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ نَسِيبٍ فُرْعَانَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَيَّامَ قَتْلِ المُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ مَوْلَاهُ، فَقَالَ لِي: «يَا حَفْصُ، حَدَّثْتُ المُعَلَّى بِأَشْيَاءَ فَأَذَاعَهَا فَابْتُلِيَ بِالْحَدِيدِ، إِنِّي قُلْتُ لَهُ: إِنَّ لَنَا حَدِيثاً مَنْ حَفِظَهُ عَلَيْنَا حَفِظَهُ اللهُ وَحَفِظَ عَلَيْهِ دِينَهُ وَدُنْيَاهُ، وَمَنْ أَذَاعَهُ عَلَيْنَا سَلَبَهُ اللهُ دِينَهُ وَدُنْيَاهُ. يَا مُعَلَّى، إِنَّهُ مَنْ كَتَمَ الصَّعْبَ مِنْ حَدِيثِنَا جَعَلَهُ اللهُ نُوراً بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَرَزَقَهُ الْعِزَّ فِي النَّاسِ، وَمَنْ أَذَاعَ الصَّعْبَ مِنْ حَدِيثِنَا لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعَضَّهُ السِّلَاحُ، أَوْ يَمُوتَ مُتَحَيِّراً».

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث الثاني عشر

القاعدة : حفظ الحديث الصعب عن أهل البيت (عليه السلام) صيانة للدين والدنيا في هذا العالم، ومن حفظه نال الحفظ والسكينة والاحترام في محيطه الدنيوي.

 

القاعدة: من يحفظ الحديث بحقّ ينال حفظ الله لنفسه ودينه ودنياه ومن يذيع الحديث على غير أهله يُبتلى، وقد يؤدي به إلى الموت أو الضياع.

القاعدة: يشير إلى حساسية بعض الأخبار الشرعية وخطر نشرها بلا وعي.

القواعد الروحية المقرّرة في الحديث

يحث على التقيّة في التعامل مع العلم الشرعي الحساس.

ضرورة تمييز ما يُعرف وما يُنكَر، وما يجوز بيانه وما يجب ستره.

 

 

 

 

خلاصة قواعد القواعد 

القاعدة الأولى:الإيمان بأمر أهل البيت (عليهم السلام) ليس مجرّد معرفته وقبوله، بل هو صونه وستره عن غير أهله.

القاعدة الثانية:حديث الناس يكون على قدر عقولهم، فما أنكرته عقولهم وجب الإمساك عنه، لئلا يكون سبباً لتكذيب الله ورسوله وأوليائه.

القاعدة الثالثة:إذاعة أحاديث الأئمّة (عليهم السلام) في غير مواضعها بمنزلة جحد حقّهم وإنكاره.

القاعدة الرابعة:الخطر على خطّ الإمامة من المفرّطين في إذاعة الحديث أعظم من خطر الناصبين العداء صراحة.

القاعدة الخامسة: علوم الأئمّة (عليهم السلام) أسرار إلهيّة متسلسلة، لا تصلح أن تُذاع في الطرقات، بل تُعطى لأهلها واحداً بعد واحد.

القاعدة السادسة:من كتم الصعب من حديثهم رزقه الله نوراً وعزّة ورِفعة، ومن أذاعه ابتلي بالذلّ وفُتن في دينه ودنياه.

القاعدة السابعة:الإمام (عليه السلام) إمامٌ لمن أطاعه في أمره ونهيه، لا لمَن ادّعى ولايته وهو يهتك ستره.

القاعدة الثامنة: التقيّة شرطٌ لحفظ الدين ونشر العلم؛ فلو وُجد المتّقون لزاد الأئمّة في بيان علومهم.

 

الخلاصة الجامعة للباب الأوّل:

القاعدة الكلّية: الإيمان بالإمامة ليس علماً فقط، بل التزام عملي بحفظ سرّهم وصونه، والحديث بما يفيد ويُحتمل، والكفّ عمّا يوجب التكذيب أو الفتنة. الكتمان شرط في النصرة من صان الحديث نال نوراً وعزّة، ومن أذاعه كان خطره أعظم من أعداء المذهب..

الثمرات العملية (للمؤمن)

١. الحذر في النشر: المؤمن المعاصر يجب أن يميّز بين ما يُقال للعامة (الخطاب التربوي البسيط) وبين ما يُتداول في الدوائر الخاصة (البحوث الدقيقة، الأسرار المهدوية، المعارف العميقة).

٢. التقيّة ليست ضعفاً بل حفظاً للدين: الصادق (عليه السلام) قال: "لو وجدت أتقياء لتكلمت"؛ أي لولا فقدان الستر ما مُنع العلم.

٣. ميزان الطاعة للإمام: الإمام (عليه السلام) قال: "إنما أنا إمام من أطاعني". فالإمامة ليست دعوى بالانتساب، بل التزام بحفظ أمرهم وصونه.

٤. أخطر من الأعداء: المتهوّر الذي يذيع ما لا يُحتمل أخطر على خط أهل البيت من الناصب الصريح.

٥. البركة في الكتمان: كتمان الصعب نور وعزّة ورزق، والإذاعة حرمان واضطراب.


تعريف بالكاتب والكتاب.. - 5 -

المؤلف الشيخ أبي عبد الله النعماني.. - 5 -

قيمة الكتاب: الغيبة. - 6 -

تميز الكتاب بـ: - 6 -

أقوال العلماء فيه. - 6 -

غرض التأليف.. - 7 -

المنهجية. - 8 -

باب (١) - 9 -

ما روي في صون سرِّ آل محمّد (عليهم السلام) عمَّن ليس من أهله، والنهي عن إذاعته لهم واطِّلاعهم

الحديث الاول. - 9 -

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث الأول. - 10 -

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث.. - 11 -

الحديث الثاني.. - 12 -

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث الثاني.. - 12 -

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث.. - 13 -

الحديث الثالث.. - 14 -

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث الثالث.. - 15 -

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث.. - 16 -

الحديث الرابع. - 17 -

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث الرابع. - 18 -

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث.. - 19 -

الحديث الخامس... - 21 -

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث الخامس... - 22 -

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث.. - 23 -

الحديث السادس... - 24 -

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث السادس... - 24 -

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث.. - 24 -

الحديث السابع. - 25 -

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث السابع. - 26 -

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث.. - 26 -

الحديث الثامن. - 28 -

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث الثامن. - 28 -

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث.. - 29 -

الحديث التاسع. - 30 -

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث التاسع. - 30 -

القاعدة الروحية المقرّرة في الحديث.. - 31 -

الحديث العاشر... - 32 -

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث العاشر... - 32 -

القواعد الروحية المقرّرة في الحديث.. - 33 -

الحديث الحادي عشر... - 34 -

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث الحادي عشر... - 34 -

القواعد الروحية المقرّرة في الحديث.. - 35 -

الحديث الثاني عشر... - 36 -

القواعد العقائدية المستخلصة من الحديث الثاني عشر... - 36 -

القواعد الروحية المقرّرة في الحديث.. - 37 -

خلاصة قواعد القواعد. - 38 -

الخلاصة الجامعة للباب الأوّل: - 39 -

الثمرات العملية (للمؤمن). - 40 -


 

أنت الان في اول موضوع

تعليقات