أثر اسم النبيّ محمد ﷺ
الآثار الشرعية، الآثار التكوينية،
الآثار الأخروية.
أثر اسم النبيّ محمد ﷺ: دراسة في النصوص والروايات
المقدّمة
الاسم في الثقافة الإسلامية ليس مجرد
رمز لفظي، بل هو حامل للهوية والبركة والمعنى. وقد اختصّ اسم النبيّ الأكرم محمد ﷺ
بقداسة خاصّة، حيث وردت في مصادر الحديث الشيعية والسنية طائفة من الروايات التي
تشير إلى آثاره الدنيوية والأخروية، وإلى استحباب التسمية به، بل والتحذير من تركه
أو الإساءة إلى من يحمل هذا الاسم الشريف.
هذا البحث يستعرض الأبعاد المتعددة
لاسم النبي ﷺ وفق ثلاثة محاور: الآثار الشرعية، الآثار التكوينية، الآثار
الأخروية.
أولًا: الآثار الشرعية
استحباب التسمية به
عن الإمام الصادق (عليه السلام ):
«لا يولد لنا ولدٌ إلا سميناه محمدًا، فإذا مضى سبعة أيام فإن شئنا غيرناه وإلا
تركناه» (وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ٢١ - الصفحة ٣٩٢).
يدلّ على تأكّد استحباب الابتداء
باسم محمد في المولود، وجعله عنوانًا للبركة.
الاستحباب في التكريم
قال رسول الله ﷺ: «إذا سميتم الولد
محمدًا فأكرموه، وأوسعوا له في المجلس، ولا تقبحوا له وجهًا» (عيون أخبار الرضا،
ج1، ص32).
وهذا يثبت أنّ للاسم حرمة في
المعاشرة الاجتماعية، ووجوب إكرام من يحمله.
النهي عن السبّ والضرب
عن الإمام الصادق (عليه السلام ):
«لا تسبّه، ولا تضربه، ولا تسئ إليه، وأعلم أنّه ليس في الأرض دار فيها اسم محمد
إلا وهي تُقدّس كل يوم» (بحار الأنوار، ج30، ص17).
مبغوضية ترك التسمية
قال رسول الله ﷺ: «من وُلد له ثلاثة
بنين ولم يسم أحدهم محمدًا فقد جفاني» (مكارم الأخلاق، ج1، ص474).
ثانيًا: الآثار التكوينية
التحصين من الشيطان
عن الإمام الباقر (عليه السلام ) لمن
سمّى ابنه محمدًا وكنّاه بعلي: «لقد احتظرت من الشيطان احتظارًا شديدًا، إنّ
الشيطان إذا سمع مناديًا ينادي: يا محمد أو يا علي؛ ذاب كما يذوب الرصاص» (الكافي
- الشيخ الكليني - ج ٦ - الصفحة ٢٠).
زيادة البركة في البيت
قال الإمام الرضا (عليه السلام ):
«البيت الذي فيه محمد يصبح أهله بخير ويمسون بخير» (عيون أخبار الرضا، ج1، ص32).
وقال النبي ﷺ: «ما من بيت فيه اسم
محمد إلا أوسع الله عليهم الرزق» (مجموعة ورّام، ص 26.).
القداسة في المجالس والمشورة
عن النبي (صلى الله عليه وآله) «ما
من قوم كانت لهم مشورة فحضرها من اسمه محمد أو أحمد فأدخلوه في مشورتهم إلا كان
خيرًا لهم» (وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ٢١ - الصفحة ٣٩٤).
عن النبي (صلى الله عليه وآله) «وما
من مائدة نُصبت وحضر عليها من اسمه محمد أو أحمد إلا قدّس ذلك البيت في كل يوم
مرتين» (وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ٢١ - الصفحة ٣٩٤).
ثالثًا: الآثار الأخروية
الشفاعة والنجاة
قال رسول الله ﷺ: «من وُلد له مولود
فسمّاه محمدًا حبًا وتبركًا باسمي كان هو ومولوده في الجنة» (أخرجه ابن عساكر،
وذكره المناوي في فيض القدير 6 ص 237، والحلبي في السيرة النبوية 1 ص 89.).
استحياء الله من معذّب يحمل اسمه
في الخبر: «يؤتى بالرجل يوم القيامة
واسمه محمد، فيقول الله: أما استحييت أن تعصيني وأنت سميّ حبيبي؟ وأنا أستحي أن
أعذبك وأنت سمي حبيبي» (جامع أحاديث الشيعة - السيد البروجردي - ج ٢١ - الصفحة ٣٣٧).
الدعوة الخاصة يوم القيامة
عن الإمام الصادق (عليه السلام):
«إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: ألا ليقم كل من اسمه محمد فليدخل الجنة لكرامة
سميّه محمد ﷺ» (وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج ٢١ - الصفحة ٣٩٥).
تجلي الجمال الملكوتي
في حديث يوسف (عليه السلام) قال لها
: يا زليخا ما الذي دعاك إلى ما كان منك ؟ قالت حسن وجهك يا يوسف، فقال : كيف لو
رأيت نبيا يقال له محمد يكون في آخر الزمان، أحسن مني خلقا واسمح مني كفا ؟ قالت
علمت انى صدقت ؟ قالت لأنك حين ذكرته وقع حبه في قلبي . فأوحى الله عز وجل إلى
يوسف : انها قد صدقت، واني أحببتها، لحبها محمد صلى الله عليه وآله فامر الله
تبارك وتعالى : ان يتزوجها . (قصص الانبياء للجزائري ص 208).
الخاتمة
يتضح من خلال هذه الروايات أنّ اسم
النبي محمد ﷺ ليس مجرد هوية لفظية، بل هو سرّ تكويني وملكوتي.
في الدنيا: يحصّن من الشيطان، يجلب
البركة، يوسّع الرزق.
في الشرع: يستحب التسمية به، ويجب
الإكرام لمن يحمله.
في الآخرة: يكون سببًا للشفاعة،
وللنجاة، وللتكريم عند الله عز وجل.
ولعلّ هذا يفسّر لماذا كان الأئمة
(عليهم السلام) يحرصون على تسمية مواليدهم بهذا الاسم المبارك، ويؤكدون على الأمة
التعلق به.
إنّه اسمٌ اختاره الله عز وجل قبل
خلق آدم، وكتبه على العرش، ليكون مفتاحًا للبركة في الدنيا والآخرة.

تعليقات
إرسال تعليق