الحروف الفاطمية وخريطة الدولة المهدوية
قراءة في حديث أمير المؤمنين عليه
السلام
الأسماء في التصور القرآني والعرفاني
ليست مجرد ألفاظ، بل هي حقائق تكوينية تنبئ عن الغيب الإلهي، وتشير إلى مقامات
ومراحل. ولذا ورد عن الإمام الصادق عليه السلام:"لفاطمة تسعة أسماء عند الله
عز وجل" (معاني الأخبار، ص64).
فهي أسماء عند الله، لا عند الناس،
أي أنها ليست صناعة بشرية أو اختيارًا عفويًا، وإنما هي تنزيل إلهي وحقيقة غيبية.
ومن أبرز ما ورد في هذا السياق ما
رواه الصدوق في معاني الأخبار (ص43) عن أمير المؤمنين عليه السلام في تفسير حروف
اسم فاطمة عليها السلام:
الفاء: فرج من أبواب الفرج، وفوج من
أفواج النار.
الألف: آلاء الله.
الطاء: طوبى للمؤمنين وحسن مآب.
الميم: ملك الله يوم لا مالك غيره.
التاء: تمام الأمر بقائم آل محمد.
هذا التفسير العلوي الشريف يفتح لنا
بابًا لفهم اسم الزهراء عليها السلام كـ خريطة غيبية ترتبط مباشرة بـ الدولة
المهدوية وظهور القائم عجل الله فرجه الشريف.
الحروف الفاطمية والدولة المهدوية
المرحلة
الأولى: الفاء ـ الفرج والنقمة
"فرج من أبواب الفرج" =
إشارة إلى ظهور المهدي عجل الله فرجه، حيث ينكشف الغطاء وينفتح الفرج للأمة بعد
طول الغيبة والشدائد.
"وفوج من أفواج النار" =
في المقابل، نزول العذاب على أعداء الله وأعداء أهل البيت عليهم السلام، فيتحقق
وعد الله بنصرة أوليائه وإهلاك أعدائه.
الفاء إذن يفتتح زمن الظهور بالفرج
والانتقام، فهي بداية الدولة المهدوية.
المرحلة
الثانية: الألف ـ آلاء الله
الألف ترمز إلى "آلاء
الله"، أي النعم الكبرى التي تُستعلن بعد تحقق الفرج: التوحيد الخالص، إقامة
العدل، نشر القسط، إحياء السنة، وبسط الخير في الأرض.
هذا هو زمن إظهار البركات الكونية
التي وُعد بها المؤمنون في القرآن:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا
وَاتَّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ} (الأعراف: 96).
المرحلة
الثالثة: الطاء ـ طوبى للمؤمنين
الطاء ترمز إلى "طوبى للمؤمنين
وحسن مآب"، وهي ثمرة الصبر والانتظار والمرابطة في زمن الغيبة.
بهذا الحرف تُشير فاطمة إلى المؤمنين
الذين ثبتوا على الولاء ولم يتزلزلوا رغم قسوة الغيبة وطولها، فكان نصيبهم طوبى
و"حسن مآب".
المرحلة
الرابعة: الميم ـ ملك الله
الميم: "ملك الله يوم لا مالك
غيره".
في زمن الظهور يظهر ملك الله
بالفعلية، فيتجسد معنى قوله تعالى: {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ
الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} (غافر: 16).
الملك في عصر المهدي عجل الله فرجه
ليس مجرد سيادة سياسية، بل هو بسط الحاكمية الإلهية حيث يُزال كل سلطان طاغوتي
وتظهر حاكمية الله الخالصة.
المرحلة
الخامسة: التاء ـ تمام الأمر
التاء: "تمام الأمر بقائم آل
محمد".
هنا يُختم المسار، فيكتمل المشروع
الإلهي بيد القائم عجل الله فرجه، وتتحقق الدولة الإلهية الكريمة التي بشّر بها
النبي صلى الله عليه وآله والأئمة الطاهرون.
تمام الأمر ليس بمعنى اكتمال الدولة
فحسب، بل اكتمال الحجة الإلهية على الأرض، حيث لا يبقى موضعٌ لشك ولا التباس،
وتستعلن حقيقة الحق.
النتيجة
بذلك نرى أن حروف اسم فاطمة عليها
السلام ليست حروفًا جامدة، بل هي خريطة غيبية للدولة المهدوية:
الفاء: بداية الفرج وهلاك الأعداء.
الألف: فيض الآلاء والبركات بعد
الفرج.
الطاء: ثمرة الصبر والانتظار = طوبى
للمؤمنين.
الميم: تحقق ملك الله بالفعلية.
التاء: تمام الأمر وخاتمة المشروع
الإلهي.
فكان اسمها الشريف رسالة إلهية
للمنتظرين: أن الصلة بالزهراء عليها السلام هي صلة بالظهور، وأن الانتظار لا يكتمل
إلا بالارتباط بها وبحروف اسمها، فهي أمّ الدولة المهدوية كما هي أمّ الأئمة
الطاهرين. ([1]).رَسَائِلُ
سَيِّدَة نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ÷ إلَى الْمُنْتَظِرِين الرسالة الاولى .
تعليقات
إرسال تعليق