من كتيب فرحة الزهراء عليها السلام بين الولاء والبراء تأملات وقراءات في رواية فرحة الزهراء
فرحة الزهراءعليها السلام
بين الولاء والبراءة
"تأملات وقراءات في رواية فرحة الزهراء"
عباس عزيز الحلفي
متن الرواية
عن الشيخ الفقيه علي بن مظاهر
الواسطي، بإسناد متصل عن محمد بن علاء الهمداني الواسطي، ويحيى بن جريح البغدادي،
قالا: تنازعنا في أمر ابن الخطاب، فاشتبه علينا أمره، فقصدنا جميعا أحمد بن إسحاق
القمي صاحب العسكري (عليه السلام) بمدينة قم، وقرعنا عليه الباب، فخرجت إلينا من
داره صبية عراقية، فسألناها عنه؟ فقالت: هو مشغول بعياله، فإنه يوم عيد. فقلنا:
سبحان الله! الأعياد عند الشيعة أربعة: الأضحى، والفطر، ويوم الغدير، ويوم الجمعة.
قالت: فإن أحمد يروي عن سيده أبي الحسن علي بن محمد العسكري (عليهما السلام) أن
هذا اليوم يوم عيد، وهو أفضل الأعياد عند أهل البيت (عليهم السلام) وعند مواليهم.
قلنا: فاستأذني لنا بالدخول عليه، وعرّفيه بمكاننا، فدخلت عليه و أخبرته بمكاننا،
فخرج علينا وهو متّزر بمئزر له، محتضن لكسائه يمسح وجهه، فأنكرنا ذلك عليه. فقال:
لا عليكما، فإني كنت اغتسلت للعيد. قلنا: أوَهذا يوم عيد؟! وكان يوم التاسع من شهر
ربيع الأول. قال: نعم! ثم أدخلنا داره، وأجلسنا على سرير له. وقال: إني قصدت
مولانا أبا الحسن العسكري (عليه السلام) مع جماعة من إخوتي بسر من رأى كما قصد
تمانى، فاستأذنا بالدخول عليه في هذا اليوم، وهو يوم التاسع من شهر ربيع الأول.
وسيدنا (عليه السلام) قد أوعز إلى كل واحد من خدمه أن يلبس ما له من الثياب الجدد،
وكان بين يديه مجمرة وهو يحرق العود بنفسه. قلنا: بآبائنا أنت وأمهاتنا يا ابن
رسول الله! هل تجدد لأهل البيت فرح؟! فقال: وأي يوم أعظم حرمة عند أهل البيت من هذا
اليوم؟! ولقد حدثني أبي (عليه السلام) أن حذيفة بن اليمان دخل في مثل هذا اليوم -
وهو التاسع من شهر ربيع الأول - على جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)،
قال: فرأيت سيدي أمير المؤمنين مع ولديه الحسن والحسين (عليهم السلام) يأكلون مع
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ورسول الله يتبسم في وجوههم ( عليهم السلام
). ويقول لولديه الحسن والحسين (عليهما السلام): كُلا هنيئا لكما ببركة هذا اليوم،
الذي يقبض الله فيه عدوه وعدو جدكما، ويستجيب فيه دعاء أمكما. كُلا! فإنه اليوم
الذي فيه يقبل الله تعالى أعمال شيعتكما ومحبيكما. كلا! فإنه اليوم الذي يصدق فيه
قول الله: (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا). كلا! فإنه اليوم الذي تكسر فيه شوكة
مبغض جدكما. كلا! فإنه اليوم الذي يفقد فيه فرعون أهل بيتي وظالمهم وغاصب حقهم.
كلا! فإنه اليوم الذي يعمد الله فيه إلى ما عملوا من عمل فيجعله هباء منثورا. قال
حذيفة: فقلت: يا رسول الله.. وفي أمتك وأصحابك من ينتهك هذه الحرمة؟! فقال (صلى
الله عليه وآله وسلم): يا حذيفة.. جبت من المنافقين يترأس عليهم، ويستعمل في أمتي
الرياء، ويدعوهم إلى نفسه، ويحمل على عاتقه درة الخزي، ويصد الناس عن سبيل الله،
ويحرّف كتابه، ويغيّر سنتي، ويشتمل على إرث ولدي، وينصب نفسه علما، ويتطاول على من
بعدي، ويستحل أموال الله من غير حله، وينفقها في غير طاعته، ويكذّب أخي ووزيري،
وينحي ابنتي عن حقها، فتدعو الله عليه، ويستجيب دعاءها في مثل هذا اليوم. قال
الحذيفة: فقلت: يا رسول الله.. فلم لا تدعو ربك عليه ليهلكه في حياتك؟! فقال: يا
حذيفة.. لا أحب أن أجترئ على قضاء الله تعالى، لما قد سبق في علمه، لكني سألت الله
أن يجعل اليوم الذي يُقبض فيه له فضيلة على سائر الأيام ليكون ذلك سنة يستن بها
أحبائي وشيعة أهل بيتي ومحبوهم، فأوحى إليّ جل ذكره، أن يا محمد! كان في سابق
علمي، أن تمسّك وأهل بيتك محن الدنيا وبلاؤها، وظلم المنافقين والغاصبين من عبادي،
من نصحتَهم وخانوك، ومحضتَهم وغشّوك، وصافيتَهم وكاشحوك، وصدقتَهم وكذّبوك،
وأنجيتَهم وأسلموك. فأنا آليت بحولي وقوتي وسلطاني لأفتحنّ على روح من يغصب بعدك
عليا حقه ألف باب من النيران من أسفل الفيلوق، ولأصلينه وأصحابه قعرا يشرف عليه
إبليس فيلعنه، ولأجعلن ذلك المنافق عبرة في القيامة لفراعنه الأنبياء وأعداء الدين
في المحشر، ولأحشرنّهم وأولياءهم وجميع الظلَمَة والمنافقين إلى نار جهنم زرقا
كالحين أذلة خزايا نادمين، ولأخلدنّهم فيها أبد الآبدين. يا محمد.. لن يرافقك وصيك
في منزلتك إلا بما يمسه من البلوى من فرعونه وغاصبه الذي يجتري عليَّ، ويبدل
كلامي، ويشرك بي ويصد الناس عن سبيلي، وينصب من نفسه عِجلا لأمتك، ويكفر بي في
عرشي.
إني قد أمرت سبع سماواتي لشيعتكم ومحبيكم أن يتعيّدوا في هذا اليوم الذي أقبضه فيه إليّ، وأمرتهم أن ينصبوا كرسي كرامتي حذاء البيت المعمور، ويثنوا عليّ، ويستغفروا لشيعتكم ومحبيكم من ولد آدم، وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق كلهم ثلاثة أيام من ذلك اليوم، ولا يكتبون شيئا من خطاياهم كرامة لك ولوصيك. يا محمد.. إني قد جعلت ذلك اليوم عيدا لك ولأهل بيتك، ولمن تبعهم من شيعتهم، وآليت على نفسي بعزتي وجلالي وعلوي في مكاني لأحبونَّ من يعيّد في ذلك اليوم محتسبا ثواب الخافقيْن، ولأشفعنّه في أقربائه، وذوي رحمه، ولأزيدنَّ في ماله إن وسع على نفسه وعياله فيه، ولأعتقنَّ من النار في كل حول في مثل ذلك اليوم ألفا من مواليكم وشيعتكم، ولأجعلنَّ سعيهم مشكورا، وذنبهم مغفورا، وأعمالهم مقبولة. قال حذيفة: ثم قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أم سلمة، فدخل. ورجعت عنه، وأنا غير شاك في أمر الشيخ، حتى ترأس بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعاد الكفر، وارتدّ عن الدين، وشمّر للملك، وحرّف القرآن، وأحرق بيت الوحي، وأبدع السنن، وغير الملة، وبدّل السنة، ورد شهادة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكذّب فاطمة (عليها السلام)، واغتصب فدكا، وأرضى المجوس واليهود والنصارى، وأسخط قرة عين المصطفى ولم يرضهم، وغيّر السنن كلها، ودبّر على قتل أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأظهر الجور، وحرم ما أحلّ الله، وأحلّ ما حرّم الله، وألقى إلى الناس أن يتخذوا من جلود الإبل دنانير، ولطم حر وجه الزكية، وصعد منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غصبا وظلما، وافترى على أمير المؤمنين (عليه السلام) وعانده وسفّه رأيه. قال حذيفة: فاستجاب الله دعاء مولاتي ( عليها السلام ) على ذلك المنافق، وأجرى قتله على يد قاتله رحمه الله، فدخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) لأهنئه بقتله ورجوعه إلى دار الانتقام. فقال لي: يا حذيفة.. أتذكر اليوم الذي دخلت فيه على سيدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا وسبطاه نأكل معه، فذلك على فضل ذلك اليوم الذي دخلت عليه فيه؟ قلت: بلى يا أخا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فقال: هو والله هذا اليوم الذي أقرّ الله به عين آل الرسول، وإني لأعرف لهذا اليوم اثنين وسبعين اسما. قال حذيفة: قلت: يا أمير المؤمنين! أحب أن تسمعني أسماء هذا اليوم؟ فقال (عليه السلام): هذا يوم الاستراحة، ويوم تنفيس الكربة، ويوم الغدير الثاني، ويوم حط الأوزار، ويوم الخيرة، ويوم رفع القلم، ويوم الهدو، ويوم العافية، ويوم البركة، ويوم الثارات، ويوم عيد الله الأكبر، ويوم اجابة الدعاء، ويوم الموقف الأعظم، ويوم التوافي، ويوم الشرط، ويوم نزع السواد، ويوم ندامة الظالم، ويوم انكسار الشوكة، ويوم نفي الهموم، ويوم القنوع، ويوم عرض القدرة، ويوم التصفح، ويوم فرح الشيعة، ويوم التوبة، ويوم الإنابة، ويوم الزكاة العظمى، ويوم الفطر الثاني، ويوم سيل الشعاب، ويوم تجرع الريق، ويوم الرضا، ويوم عيد أهل البيت، ويوم ظفر بني اسرائيل، ويوم قبول الأعمال، ويوم تقديم الصدقة، ويوم الزيارة، ويوم قتل النفاق، ويوم الوقت المعلوم، ويوم سرور أهل البيت، ويوم الشهود، ويوم القهر للعدو، ويوم هدم الضلالة، ويوم التنبيه، ويوم التصريد، ويوم الشهادة، ويوم التجاوز عن المؤمنين، ويوم الزهرة، ويوم التعريف، ويوم الاستطابة، ويوم الذهاب، ويوم التشديد، ويوم ابتهاج المؤمن، ويوم المباهلة، ويوم المفاخرة، ويوم قبول الأعمال، ويوم التبجيل، ويوم إذاعة السر، ويوم النصرة، ويوم زيادة الفتح، ويوم تودد، ويوم المفاكهة، ويوم الوصول، ويوم التزكية، ويوم كشف البدع، ويوم الزهد، ويوم الورع، ويوم الموعظة، ويوم العبادة، ويوم الاستسلام، ويوم السلم، ويوم النحر، ويوم البقر. قال حذيقة: فقمت من عنده، وقلت في نفسي: لو لم أدرك من أفعال الخير وما أرجو به الثواب إلا فضل هذا اليوم لكان مناي. قال محمد بن العلاء الهمداني، ويحيى بن جريح: فقام كل واحد منا وقبّل رأس أحمد بن إسحاق بن سعيد القمي، وقلنا: الحمد لله الذي قيّضك لنا حتى شرّفتنا بفضل هذا اليوم. ثم رجعنا عنه، وتعيّدنا في ذلك". (بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج31 ص125 عن زوائد الفوائد ومحتضر الشيخ حسن بن سليمان).
التقديس الإلهي للوقت وارتباطه
بأهل البيت عليهم السلام
اليوم التاسع من ربيع الأول ليس مجرد
تاريخ، بل هو يوم مقدس مُبارك بمحبة أهل البيت وولاية النبي وأوليائه والزمن في
الرواية يكتسب قداسة من ارتباطه بالولاية والمكانة الإلهية للأهل، ويصبح أداة
لإظهار الحق والبراءة من الظالمين.
الاحتفال باليوم يربط الولاء لأهل
البيت بالارتباط بالقداسة الإلهية، ويجعل كل فعل فيه ذا أبعاد روحية وغيبية.
البراءة من أعداء أهل البيت
وأثرها الكوني
الرواية تؤكد أن الله يهلك أعداء أهل
البيت ويثبت محبة شيعتهم، وتصف المنافقين الذين يبدلون دين الله ويغتصبون الحقوق وهناك
حساب إلهي محدد للظالمين والمنافقين، والولاء لأهل البيت هو معيار البراءة والحق والاعتراف
بالعدو الحقيقي واجب عقائدي، والتمكين الإلهي للحق بعد الابتلاء هو سنّة إلهية
دائمة.
اليوم كعيد شامل للثواب والغفران
والشفاعة
هذا اليوم يقبل الله فيه أعمال شيعة
أهل البيت، ويغفر الذنوب، ويعتق من النار، ويضاعف الثواب لمن يعمل صالحًا والاحتفال
ليس مجرد شعور وجداني، بل عبادة معترف بها إلهيًا، تُفضي إلى رضا الله وشفاعة
الأهل.
السنّة الإلهية في الانتقام من
الظالمين والعدالة
العدالة الإلهية تتجلى في موازنة
الخير والشر، وتمييز المحبين من المبغضين، وهذا يرتبط مباشرة بولاء الأمة للحق والله
يكشف ويهلك المنافقين بعد الابتلاء، ويجعلهم عبرة للمؤمنين في القيامة، بينما يشمل
شيعة أهل البيت بالرحمة والالتزام بالولاية وأعمال الخير يجعل المؤمن مشاركًا في
دائرة العدالة الإلهية، والاعتراف بالعدو الحقيقي واجب عقائدي لمعرفة الحق.
البُعد الوجداني للعيد
اليوم له أسماء متعددة تعكس الفرح،
رفع الكربة، قبول الأعمال، نصر المظلومين، التوبة، الشفاعة، رفع الخطايا اليوم
يمثل صلة مباشرة بين العالم الغيبي والواقع الإنساني، فالفرح به ليس شعورًا سطحيًا
بل تجربة عرفانية شاملة الاحتفال بهذا اليوم يرسخ العلاقة الوجدانية مع أهل البيت،
ويجعل الولاء سببًا للنماء الروحي والمعنوي، ويُظهر كيف أن الطاعات والفرح المخصص
مرتبط بعالم الغيب والتقدير الإلهي.
وإنِّي لأعرف لهذا اليوم اثنين
وسبعين اسما
قال أمير الؤمنين عليه السلام وإنِّي
لأعرف لهذا اليوم اثنين وسبعين اسما
[1] هذا يوم الاستراحة،
[2] هذا يوم تنفّس الكُرْبَة،
[3] والعيد [الغدير ] الثاني
[4] ويوم حط الأوزار،
[5] ويوم الحبوة،
[6] ويوم رَفْعِ القلم،
[7] ويوم الهُدُوِّ،
[8] ويوم العافية،
[9] ويوم البَرَكَة،
[10] ويوم الثارات ،
[11] ويوم عيد الله الأكبر،
[12] ويوم يُستَجابُ فيه الدعاء،
[13] ويوم الموقف الأعظم،
[14] ويوم الشرط،
[15] ويوم التوافي،]
[16] ويوم نزع السواد [ ولبس
البياض]،
[17] ويوم ندامة الظالم،
[18] ويوم انكسار الشوكة،
[19] ويوم نَفْي الهموم،
[20] ويوم القنوع
[21] ويوم عَرْضِ القُدرَة،
[22] ويوم الصَّفْح،
[23] ويوم فَرَح الشيعة،
[24] ويوم التوبة،
[25] ويوم الإنابة،
[26] ويوم الزكاة العُظمى،
[27] ويوم الفطر [الثاني]
[28] ويوم سَيْل النغاب،
[29] ويوم تجرُّع الريق،
[30] ويوم الرضا،
[31] وعيد أهل البيت عليهم السلام
[32] ويوم ظفرت [به] بنو إسرائيل،
[33] ويوم يَقْبَلُ الله أفعال
الشيعة،
[34] ويوم تقديم الصدقة،
[35] ويوم الزيارة
[36] ويوم قتل المنافق،
[37] ويوم الوقت المعلوم،
[38] ويوم سُرُورِ أهل البيت عليهم
السلام،
[39] ويوم المشهود،
[40] ويوم الْقَهرِ على العَدُوِّ،
[41] ويوم محو الضلالة،
[42] ويوم يَعَضُّ الظالم على
يَدَيْهِ ]
[43] ويوم التنبيه،
[44] ويوم التبشير،
[45] ويوم الشهادة،
[46] ويوم التجاوز عن المؤمنين،
[47] ويوم الزهرة،
[48] ويوم العُرف،
[49] ويوم المستطاب [به]،
[50] ويوم ذَهَابِ سُلطانِ المنافق،
[51] ويوم العُذُوبَة، ]
[52] ويوم التسديد
[53] ويوم يستريح [فيه] المؤمن،
[54] ويوم المباهلة،
[55] ويوم المفاخِرَة،
[56] ويوم قبول الأعمال،
[57] ويوم التبجيل،
[58] ويوم إذاعة السر،
[59] ويوم نَصْرِ المظلومِ،
[60] ويوم الزيادة،
[61] ويوم التَّوَدُّد،
[62] ويوم التَّحَبُّبِ،
[63] ويوم الوُصُولِ،
[64] ويوم التزكية،
[65] ويوم كَشْفِ البِدَعِ،
[66] ويوم الزُّهدِ في الكبائِرِ ،
[67] ويوم التَّزاور
[68] ويوم العِبَادَة،
[69] ويوم الموعِظَةِ،
[70] ويوم الاستسلام،
[71] ويوم النَّحْرِ ،]
[72] ويوم البَقرِ .]
"الفقهاء والعيد الأكبر في التاسع من ربيع"
• قال الشيخ المفيد رضوان الله عليه: "وفي اليوم التاسع منه يوم العيد
الكبير وله شرح كبير في غير هذا الموضع، وعيّد فيه النبي (صلى الله عليه وآله) وأمر
الناس أن يعيّدوا فيه". (مستدرك الوسائل ج2 ص522 عن مسار الشيعة للمفيد).
• قال شيخ الفقهاء صاحب الجواهر رضوان الله عليه: "وأما الغسل للتاسع
من ربيع الأول فقد حكي أنه من فعل أحمد بن إسحاق القمي بأنه يوم عيد، لما روي ما اتفق
فيه من الأمر العظيم الذي يسر المؤمنين ويكيد المنافقين (...) وقد عثرت على خبر مسندا
إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في فضل هذا اليوم وبركته وأنه يوم سرور لهم (عليهم
السلام) ما يحير فيه الذهن، وهو طويل، وفيه تصريح باتفاق ذلك الأمر فيه، فلعلّنا نقول
باستحباب الغسل فيه بناء على استحبابه لمثل هذه الأزمنة، وسيما مع كونه عيدا لنا ولأئمتنا
عليهم السلام". (جواهر الكلام ج5 ص43).
• قال السيد رضي الدين ابن طاووس – الابن أو المثنّى
- (رضوان الله عليه) في روايته الحديث الشريف بإسناده: "نقلته من خط محمد بن علي
بن محمد بن طي رحمه الله، ووجدنا في ما تصفّحنا من الكتب عدة روايات موافقة لها فاعتمدنا
عليها، فينبغي تعظيم هذا اليوم المشار إليه وإظهار السرور فيه". (بحار الأنوار
ج31 ص129 عن زوائد الفوائد للسيد رضي الدين علي بن طاووس).
• ونقل الشيخ الكفعمي (رضوان الله عليه) في مصباحه (ص270) أنه يوم شريف عظيم
الفضل يرجح التعيّد فيه والإنفاق على المؤمنين والتوسعة على العيال والتطيّب ولبس الجديد
من الثياب والشكر والعبادة.
• وعدّ السيد الطباطبائي اليزدي (رضوان الله عليه) يوم التاسع من ربيع الأول
من جملة الأعياد والمناسبات الشريفة التي يستحب فيها الغسل. وتبعه على ذلك جمهرة فقهائنا
وكل من علّق على العروة في الحاشية من المراجع الكرام. (العروة الوثقى ج2 ص152).
• قال السيد رضي الدين ابن طاووس – الأب - رضوان الله
عليه: "اعلم أن هذا اليوم وجدنا فيه رواية عظيمة الشأن، ووجدنا جماعة من العجم
والإخوان يعظّمون السرور فيه، ويذكرون أنه يوم هلاك بعض من كان يهون بالله جل جلاله
ورسوله صلوات الله عليه ويعاديه، ولم أجد في ما تصفّحت من الكتب إلى الآن موافقة أعتمد
عليها للرواية التي رويناها عن ابن بابويه تغمده الله بالرضوان، فإن أراد أحد تعظيمه
مطلقا لسر يكون في مطاويه غير الوجه الذي ظهر فيه احتياطا للرواية، فكذا عادة ذوي الرعاية".
(إقبال الأعمال ج3 ص113).
قال الميرزا الملكيّ: (اليوم التاسع:
ورد فيه رواية واحدة فاخرة في كونه يوم هلاك عدو الله، وفي فضله وفضل الفرح فيه،
وأنّه يوم السرور لشيعة آل محمَّد (صلوات الله عليهم أجمعين)، واشتهر بين الشيعة
بذلك، وإنْ كان لا يساعده سائر الروايات، ولكنْ يمكن أنْ تكون التقيّة اقتضت تغيير
الوقت، ومع ذلك لا يبعد أنْ يكون لهذا جهة انطباق بوجهٍ من الوجوه، وكيف كان ينبغي
لموالي آل محمَّد ولو تعبُّداً لهذه الرواية إظهار السرور، لهلاكه في ذلك اليوم).
[المراقبات ص46].
وقال المحدِّث الشيخ عبَّاس القمِّي
(رحمه الله): (اليوم التاسع: عيدٌ عظيم، وهو عيد البَـقْر، وشرحه طويل مذكور في
محلِّه، وروي: أنَّ من أنفق شيئاً في هذا اليوم غُفرتْ ذُنوبه، وقيل: يُستحب في
هذا اليوم إطعام الإخوان المؤمنين وإفراحهم والتوسُّع في نفقة العيال ولبس الثياب
الطيِّبة، وشكر الله تعالى وعبادته، وهو يوم زوال الغُموم والأحزان، وهو يوم شريف
جدَّاً. واليوم الثامن من الشهر كان يوم وفاة الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام)
فهذا اليوم يكون أوَّل يومٍ من عصر إمامة صاحب العصر أرواح العالمين له الفداء،
وهذا ممّا يزيد اليوم شرفاً وفضلاً). [مفاتيح الجنان ص335].
واجاب السيد محمد صادق روحاني رحمة
الله عليه
ما هي الروايات الواردة في اعتبار
عيد فرحة الزهراء (عليها السلام) في اليوم التاسع من ربيع الأوّل؟
*
باسمه جلت أسماؤه: بحسب ما وصلنا
هناك روايةٌ واحدة مرتبطة بعيد الصدّيقة الطاهرة (عليها السلام)، نقلها المحدّث
النوري (قدس سره) في المستدرك، وهي رواية أحمد بن إسحاق القمّي، والرواية وإن كانت
ضعيفة السند، إلاّ أنّ ذلك لايضرّ بها; باعتبار أنّ مضامينها من المستحبّات التي
تجري فيها قاعدة التسامح في أدلّةِ السنن، وكذا لايضرّ بها وجودُ بعض الفقرات التي
لايمكن العملُ بها، كالفقرة الدالّة على رفع القلم في ذلك اليوم; إذ أنّ المختار
لدينا هو إمكان التبعيض في الحجّيّة.
ما هو المقصود من يوم فرحة الزهراء
(عليها السلام)؟
*
باسمه جلت أسماؤه: هو اليوم الذي قتل
فيه مَن اعتدى عليها، وتسبّب في إسقاط جنينها وشهادتها.
(اجوبه المسائل في الفکر و العقيده و
التاريخ و الاخلاق ص:144.)
الرواية محفوفة بقرائن تورث
الاطمئنان النوعي
لكن ما يبدو أن هذه الرواية محفوفة
بالقرائن، ومن المعلوم أن من مصاديق الحجة في باب الروايات كون الرواية محفوفة
بقرائن تورث الاطمئنان النوعي أو الشخصي بصدورها أو بصدور مضمونها من المعصوم. ومن
القرائن المطمئنة التي تحفّ هذه الرواية:
1/ إن السيد ابن طاووس نفسه ـ هو من
أهل الخبرة في هذا المجال، وله كتاب كبير في الرجال لخصه وحرره صاحب المعالم وسماه
(التحرير الطاووسي) ـ قد وصف هذه الرواية بكونها (عظيمة الشأن).
2/ كما نسبها السيد ابن طاووس أيضاً
إلى «عمل جماعة»، وهذا أيضاً مما يعمل به لأجله جمهرة من الفقهاء، أي يجبرون جهالة
السند بعمل جماعة من الفقهاء. 3/ وقال السيد ابن طاووس أيضاً إنه وردت ـ موافقة
لهذه الرواية ـ عدة روايات رويناها عن الصدوق رحمه الله.
ونحن لم نجد في كتب الصدوق التي بين
أيدينا تلك الروايات التي أشار إليها السيد ابن طاووس، ولكن مجرّد ما وصلنا من قول
السيد ابن طاووس أنه كانت روايات للصدوق بهذا المضمون يكفي للدلالة على وجود مثل
تلك الروايات، لأن السيد ابن طاووس ثقة معتبر نقله.
أما عدم وصول تلك الروايات إلينا،
فلعل الشيخ الصدوق نفسه لم ينقلها في كتبه مراعاة لبعض الجوانب السياسية أو أن
الكتب التي نقلها فيها كانت ضمن الكتب التي أحرقت، فهناك عشرات الكتب من الصدوق لم
تصلنا إلا أسماؤها، أما هي فقد تلفت مع ما تلف من الكتب في جرائم حرق المكتبات
التي طالت التراث الشيعي الضخم، ولعل من أبرز كتب الشيخ الصدوق التي أتلفت ولم
تصلنا كتابه المشهور (مدينة العلم).
4/ لقد عمل مشهور الفقهاء ـ أو ما
يقرب من المشهور ـ بهذه الرواية في باب الأغسال، حيث ذكروا أن من الأغسال المستحبة
غسل التاسع من ربيع الأول. وهذا يعني أنه قد عمل بها في الفقه أيضاً إجمالاً.
فإذا ضممنا هذه القرائن مع بعض، لا
يبعد حصول الاطمئنان النوعي بصدور هذه الرواية عن المعصوم.
( من تقرير كلمتين لسماحة المرجع
الشيرازي دام ظله، ألقاهما بمناسبة عيد التاسع من ربيع الأول، سنة 1426 و1430
للهجرة.).
تعليقات
إرسال تعليق