القائمة الرئيسية

الصفحات

ما معنى ان الامام المهدي عجل الله فرجه انه سفينة النجاة

 








السَّلامُ عَلَيكَ يا سَفينَةَ النَّجاةِ،

مقتطع من كتاب 

هذا يوم الجمعة

 وهو يومك المتوقع فيه ظهورك

شرح زيارة صاحب الزمان عجل الله فرجه يوم الجمعة

 

عباس عزيز الحلفي

المقام السادس: السَّلامُ عَلَيكَ يا سَفينَةَ النَّجاةِ،

 

سفينة النجاة الإلهية

إنّ الإمامة التي جعلها الله عز وجل في عترة نبيّه صلى الله عليه وآله ليست مجرد موقع ديني أو شأن اجتماعي، بل هي سفينة النجاة التي صاغتها يد القدرة الإلهية لتكون ملاذًا للخلق أجمعين. هذه السفينة ليست كبقية المراكب التي يصنعها البشر، بل هي عملٌ رباني خالص، صنيعة الله عز وجل، ولذلك فهي كاملة لا نقص فيها، نورانية لا ظلمة فيها، مطهّرة لا عيب يطرأ عليها أبدًا.

 

وعلى جبين هذه السفينة الإلهية مكتوب بحروف من نور: "النجاة والنجاح"، فمن ركبها فاز، ومن أعرض عنها غرق في لجج الضلال، كما قال جدّهم المصطفى صلى الله عليه وآله: «مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك».

بحار الحياة وأمواجها

البحر رمز الدنيا: يمتلئ بالعجائب والمخاطر والمهالك التي لا تُحصى.

جزره وجباله: ترمز إلى شدائد تُذيب شجاعة الأقوياء وتُغيب الناس من مسرح الحياة.

أصله ومصدره: ناشئ من ظلمة الجهل، ومستقره في أودية الغافلين.

 

أمواجه: هي الآمال الكاذبة التي تعصف بسفن العمر فتفنيها.

جباله: هي الهموم الثقيلة التي تمنع تفتح الأحلام والآمال.

أفاعيه: هي المعاصي المهلكة التي تقتل بسمومها الكثيرين.

حيتانه: هي الصفات المذمومة التي تبتلع الناس وتهلكهم.

ماؤه: هو محبة الدنيا المالحة والمرّة التي تعمي الأبصار وتسلب النور.

عاقبة الغرق فيه: أن يخرج المرء من هذا البحر إلى أطباق الجحيم والعذاب الأليم.

الدنيا ليست طريقًا هادئًا مستقيمًا، بل بحر متلاطم الأمواج، أمواجه تتنوع وتتكاثر:

موج الجهل الذي يعصف بالعقول ويعمي الأبصار.

الموج الإبليسي الذي يسعى لإغواء الإنسان وإخراجه من الصراط.

موج الشهوة الذي يبتلع النفوس في لذّة عابرة.

موج الشبهة الذي يحيط بالفكر فيلبسه بالالتباس والاضطراب.

وهناك أمواج أخرى لا تُحصى، في الدنيا والبرزخ، بل حتى في مسير الإنسان يوم القيامة.

وفي مقابل هذا الطوفان العاتي، يقف الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف وأئمة الهدى عليهم السلام كسفينة النجاة، تحفظ كل من اعتصم بها، وتهدي كل من ركبها، وتمضي به آمنًا مطمئنًا نحو شاطئ الكمال والرضوان.

خصائص السفينة الإلهية

هذه السفينة ليست محدودة بأفق ضيق، بل تسع العوالم بأجمعها: عالم الدنيا، وعالم البرزخ، وأيام الرجعة، وساحات القيامة.

أبوابها مشرعة لكل طالب حق، وقلوب ركابها لا يمسها نصب ولا تعب ولا لغوب. فهي سفينة رحيمة، واعية، عاقلة، عطوفة، كما أن قادتها هم مظاهر الرحمة الإلهية واللطف الرباني.

ولو اجتمعت كل سفن الأرض، وصيغت بأجمل صورة بشرية، فإنها لا تساوي لمعة نور واحدة من أنوار هذه السفينة المقدسة. ذلك لأنّها ليست نتاج عقل بشري ناقص، بل هي تدبير إلهي محكم، ونظام رباني متكامل، رسمه الله لحفظ عباده.

الامام المهدي عليه السلام سفينة النجاة

وإذا كان الأنبياء والأئمة السابقون هم سفن نجاة في عصورهم، فإنّ المهدي عليه السلام هو سفينة النجاة في عصرنا، وسفينة الختام التي لا تبقى نجاة إلا بركوبها. هو الأمل الموعود، وهو باب الرحمة، وهو المرفأ الذي يأوي إليه كل متحيّر في ظلمات هذا العالم.

فمن تمسّك بولايته، وصدق في انتظاره، وعمل بأمره، كان في أمان مهما عصفت به الأمواج. ومن أعرض عنه، فقد اختار الغرق بيديه، وإن كان يملك ألف زورق وملجأ.

في زيارة ال ياسين : أشهد أن بولايتك تقبل الأعمال، وتزكى الافعال، وتضاعف الحسنات وتمحى السيئات، فمن جاء بولايتك واعترف بإمامتك قبلت أعماله، وصدقت أقواله وتضاعفت حسناته، ومحيت سيئاته، ومن عدل عن ولايتك، وجهل معرفتك، واستبدل بك غيرك، كبه الله على منخره في النار، ولم يقبل الله له عملا ولم يقم له يوم القيامة وزنا.

الامام سفينة النجاة ليس مجرّد استعارة بلاغية، بل هو حقيقة وجودية، وتجسيد لرحمة الله بالخلق، ولطفه بهم عبر أوليائه المعصومين. فكما لا يمكن لسفينة نوح أن تُشبه بأي مركب آخر، كذلك لا يمكن أن يُقاس الإمام بأي قائد أو زعيم.

إنها سفينة الله في بحر الوجود، وآخر محطاتها على أيدي مهدي آل محمد صلوات الله عليهم، فمن ركبها نجا، ومن تخلف عنها هوى، فطوبى لركابها، وهنيئًا للثابتين على شاطئها.

 

ثمار عملية للركوب في سفينة النجاة

الركوب في سفينة النجاة ليس مجرد شعار، بل هو سلوك عملي وآثار واقعية في حياة المؤمن، ومن أبرز ثمارها:

التمسّك بالولاية: أن يكون الإمام هو القائد والقدوة في الفكر والعمل، لا الهوى ولا الشهوة.

تهذيب النفس: فالسفينة لا تحمل الغافلين بلا جهد، بل تربي ركابها على الطهارة من الداخل.

الثبات في زمن الغيبة: أعظم موج اليوم هو طول الانتظار، والركوب يعني الثبات والصبر حتى الظهور.

البصيرة أمام الشبهات: من ركب السفينة لا تضلله الدعايات ولا تغرقه التيارات الفكرية.

الأمان الروحي: الاطمئنان أن اليد الإلهية ترعى المسير، فلا خوف مع الإمام وإن تلاطمت الأمواج.

النجاة في العوالم كلّها: الدنيا، والبرزخ، ويوم القيامة؛ لأن السفينة ممتدة بامتداد الرحلة الإنسانية كلها.

قصة تظن أن إمامك ليس مطلعاً على حاجتك؟

قصة العابد الصالح التقي السيد محمد العاملي رحمه الله إبن السيد عباس سلمه الله "آل العباس شرف الدين" الساكن في قرية جبشيت من قرى جبل عامل في لبنان وكان من قصته أنه رحمه الله لكثرة تعدي الجور عليه خرج من وطنه خائفاً هارباً من شدة فقره، وقلة بضاعته، حتى أنه لم يكن عنده يوم خروجه إلا مقدرارا لا يسوى قوت يومه، وكان متعففاً لا يسأل أحداً.

وساح في الأرض برهة من دهره، ورأى في أيام سياحته في نومه ويقظته عجائب كثيرة، إلى أن إنتهى أمره إلى مجاورة النجف الأشرف على مشرِّفها الآف التحية و والإكرام، وسكن في بعض الحجرات الفوقانية من الصحن المقدس وكان في شدة الفقر، ولم يكن يعرفه بتلك الصفة إلا قليل وتوفي رحمه الله في النجف الأشرف بعد مضي خمس سنوات من يوم خروجه من قريته.

وكان أحياناً يراودني، وكان كثير الهفة والحياء يحضر عندي أيام إقامة التعزية، وربما إستعار مني بعض كتب الأدعية لشدة ضيق معاشه، حتى أنه كثيراً ما لا يتمكن لقوته إلا "على" تميرات، يواظب الأدعية المأثورة لسعة الرزق حتى كأنه ما ترك شيئاً من الأذكار المروية والأدعية المأثورة.

وإشتغل بعض أيامه على عرض حاجته على صاحب الزمان (عليه سلام الله) الملك المنان أربعين يوماً وكمان يكتب حاجته، ويخرج كل يوم قبل طلوع الشمس من البلد من الباب الصغير الذي يخرج منه إلى البحر، ويبعد عن طرف اليمين مقدار فرسخ أو أزيد بحيث لا يراه أحد ثم يضع عريضته في بندقة من الطين ويودعها أحد نوابه سلام الله عليه، ويرميها في الماء إلى أن مضى عليه ثمانية أو تسعة وثلاثون يوماً.

فلما فعل ما يفعله كل يوم قال: كنت في غاية الملالة وضيق الخلق وأمشي مطرقاً رأسي، فالتفتُ فإذا أنا برجل لحق بي من ورائي وكان في زي العرب، فسلم عليّ فرددت عليه السلام بأقل ما يرد، وما التفتُ إليه لضيق خٌلقي فسايرني مقداراًوانا على حالي، فقال بلجهة أهل قريتي: سيد محمد ما حاجتك؟ يمضي عليه ثمانية أو تسعة وثلاثون يوماً تخرج قبل طلوع الشمس إلى المكان الفلاني وترمي العريضة في الماء تظن أن إمامك ليس مطلعاً على حاجتك؟

قال: فتعجبتُ من ذلك لأني لم أطلع أحداً على شغلي، ولا أحد رآني، ولا أحد من أهل جبل عامل في المشهد الشريف لم أعرفه،وخصوصاً أن لبسه ليس مرسوماً في بلادنا. فخطر وصولي إلى المطلب الأقصى، وفوزي بالنعمة العظمى، وأنه الحجة على البرايا، إمام العصر عجل الله تعالى فرجه.

وكنت سمعت قديماً أن يده المباركة في النعومة بحيث لا يبلغها يد أحد من الناس، فقلتُ في نفسي: أصافحه فإن كان يده كما سمعت أصنع ما يحقُ بحضرته فمددت يدي وأنا على حالي لمصافحته، فمدّ يده المباركة فصافحته، فإذا يده كما سمعت، فتيقنتُ الفوز والفلاح، فرفعتُ رأسي، ووجهت له وجهي، وأردت تقبيل يده المباركة فلم أر أحداً.


تعليقات